المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في الميزان



أ. زيناء ليلى
22/01/2011, 09:52 PM
في الميزان

أ. زيناء أنس ليلى
استيقظت ولا أدري لماذا بعد كلِّ هذا الوقت قررت النهوض و الخروج من ذاك القبر الذي دُفنت فيه ، وتيقنت عندها أنني متُّ وانتهيت من ذاك الصراع الدامي بين الأخوة بعضهم للحصول على الولاية ، حيث يقّتل المرء أخاه وتتآمر القبائل على بعضها في الخفاء لتحقيق غاية ما مع الأغراب من أهلل الملل أو الحاقدين ويتخذ كل رئيس من بطانته ضعفاء النفوس وحديثي النعمة المتاجرين بالدين ليطلقوا فتاوى ما أنزل الله بها من سلطان مخدرةًً عقول العوام مبررة كافة التنازلات لحفظ الأمان وحقن الدماء ويصبح مرتع خيول الجهاد مكاناً يعربد فيه ضيوفنا الكرام وتطير كلمات العيب والحرام لتصل إلى رئيس القبيلة فيرد إكرام الضيف من قيم الإسلام ،تعلو الأصوات وينهض أهل العلم بصوت الحق في زمن لا يحترم الآراء ولا يقدر العلماء ولايدري المعترض بأي زمن سيكون وأيُّ عصرٍ جيولوجي تنتمي إليها الحفرة التي رُميّ فيها بعد أن أصابه سهمٌ طائش .
على كلٍّ حال لقد مرّ على هذا الكلام زمن طويل ،فالمقبرة امتلأت أناس حتى قبري شاركني فيه اثنان . والعمران يضاهي السماء والأبنية تصافح السحاب زمنٌ متقدمٌُ على مرأى عيني وصحون طائرة على الأسقف وإضاءاتٌ ملونةُ تسطع في كل اتجاه أظنّ إنها الحضارة التي حلمت بها في الزمن الماضي والتي رغبت مشاهدتها حيث ينصف المظلوم من الظالم ويقدر العالم وتزال الأكمام عن الأفواه وينادى كلُّ شخص باسمه ويحترم المرء لعلمه ونستضيف بأراضينا من يحترم فكرنا وينصف قضيتنا ونتحد كأخوة في الإسلام لنحقق القوة والسلام .
جلبة كثيرة تصل إلى سمعي أصوات تتعالى ،هتافات ،كلمات التشجيع والحماس ،أصوات المزامير والطبول ألوان صفراء وأعلام مخططة وأبنية مكتسية بأقمشة متعددة الألوان والأشكال الأصوات تعلو وحشدٌ من الشبان يقترب مني حاملين أعلاماً بلون واحد ربما كان أحد انواع الإعتصام شئ مثيرٌ للإهتمام سأدخل معهم كابن هذا الزمان ،"جينا والله جينا حققنا أمانينا وفرنسا غلبت اسبانيا والمونديال هو لينا "تتسارع الخطوات لتدخل أزقة ضيقة مزينة بأعلام مختلفة على أكتف بعضهم يعتلي الشبان وتنكس بعض الاعلام ويصفق بحرارة للبطل الهمام تعبت من المسير ولا أدري المكان لندخل في شوارع عريضة فيها جوامع عديدة ودكاكين كثيرة وروائح أطعمة غريبة وحدائق فيها أشجار خضراء بدون ثمار ومقاعد خشبية وأخرى رخامية والأقمشة المزركشة لا تغيب عن العيان ،حشدٌ من الناس يقابلنا ويحمل أعلاماً مخالفة لأعلامنا وبتحدٍ غريب وثقة كبيرة وصوت جهور "ايطاليا إيطاليا إيطاليا" ويعلو الصوت من عندنا "فرنسا فرنسا "وأسمع كلمة الله أكبر وانظر الى السماء إنه موعد اذان العصر لقد مشينا مهللين ومصفقين لأكثر من ثلاث ساعات لدولٍ لا ننتمي إليها ولاتفكر بنصرتنا نتقاتل لاجلها نحقد على بعضنا وأظن بل أُؤكد ان قسماً منهم لا يعرفنا إلا بألسن أعدائنا ،أدخل الجامع لأقضي صلاتي ويلحق بي بعض الشباب إلى مكان الوضوء فيغسلوا وجوههم ويطفؤا لهيب جوفهم بماء مثلج ثم يقولوا أسرعوا قبل أن تسبقنا جماعات أخرى في التشجيع .ورجل نظرته حائرة متربعاً في المسجد وبقربه علم أخضر مركون جانباً أساله لماذا لم يعلق هذا العلم كبقة الأعلام ؟ تبسم وقال :من أين انت ؟ لم ينتظر الإجابة وأردف سؤاله أكيد من غير هذا الزمان
ثم نهض وفتح العلم لتظهر كلمة لا إله إلا الله ثم طواه بين يديه وهو يقول هذا علم السعودية وقد خسرت في المونديال لذلك ينكس علم الخاسر ويزال من كلّ الأماكن ويرفرف علم الفائز حتى إن حوى صليباً أو مايشابه ، صعقت وضاعت من حنجرتي كل المفردات وتجحظت عينايّ وبرد جسدي وكأن الدم قد سحب منه ونطقت بتلعثم المصدوم المتفاجئ أهيّ حرب فا زفيها الفرس والروم أمسك بيدي وقد بدأ الجامع يكتظ بالمصلين شباباً ورجالاً وعجائز ونظر إليّ ودمعة حائرة تسبح في مقلتيه وابتسامة غريبة رافقتها سترى العجب العجاب.
عندها اعتزمت أن أخوض في هذا الزمان وأقارن الأيام .