المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عن أيّ سلف يتحدّثون؟



سامح عسكر
03/01/2012, 04:48 PM
عن أيّ سلف يتحدّثون؟
محمود صالح عودة

كثير ما تمّ استخدعلماء والمجتهدين الذين سبقوهم، سواء كانوا منام مصطلح "السّلف الصالح" على يد علماء المسلمين قديمًا وحديثًا لوصف ال الصحابة أم التابعين أو غيرهم، ولكن المفهوم الغالب للسلفيّة ظلّ لوصف الصحابة والتابعين من المسلمين حتى آخر القرون الثلاثة الأولى منذ بعثة سيّدنا محمّد (ص).

لقد تصدّر مشهد السلفيّة - مع احترامي لهم ولغيرهم - حديثًا أصحاب فهم محدّد للإسلام، وبالرغم من أنّه شمل بعض التنوّعات والاختلافات البسيطة، إلاّ أنّه في معظم الحالات تبيّن أنّه كان لأصحابه وأتباعه تصوّرًا سطحيًّا للإسلام، ركّز على المظاهر دون المقاصد، وعلى النقل دون العقل، وأغلق باب الاجتهاد والتفكير المفروضان على المسلم بصريح القرآن. وقد حدّد أولئك - مع غيرهم - شروطًا طويلة عريضة للاجتهاد العقليّ الموجود فطرة مع الإنسان وكان من أوّل ما نزل في القرآن، ممّا ساهم بشكل مباشر في تحويل كثير من المسلمين إلى مجرّد إمّعات وقوم تبّع.

ما أثارني للكتابة حول الموضوع هي التناقضات المريبة في الدولة الوحيدة التي تتبنّى المنهج السلفيّ بشكل رسميّ، وهي المملكة العربيّة السعوديّة.

إذ جاء في خطاب وليّ العهد السعوديّ الأمير نايف بن عبد العزيز، خلال افتتاحه ندوة "السلفيّة منهج شرعيّ ومطلب وطنيّ"، أنّ المنهج السلفيّ في بلاده "مصدر عزّ وتوفيق ورفعة للمملكة، كما أنّه مصدر لرقيّها وتقدّمها لكونه يجمع بين الأصالة والمعاصرة". ولم يكتف بذلك وأضاف أنّ المنهج الذي تتبعه بلاده "منهج دنيوي يدعو إلى الأخذ بأسباب الرقيّ والتقدّم والدعوة إلى التعايش السلميّ مع الآخرين واحترام حقوقهم".

فأيّ "عزّ وتوفيق ورفعة" يمكن أن نجد في بلد قراره ليس بيده، بل بيد من يملك عشرات القواعد العسكريّة التي تدنّس أرض الجزيرة العربيّة الإسلاميّة - المسمّاة زورًا باسم عائلة احتكرت البلاد والعباد - بلاد الحرمين ومنبع رسالة الإسلام، الذي أصبح يستخدمه ألدّ أعداء الإسلام كقاعدة اعتداء وتجسّس على المسلمين؟

وأيّ "أخذ بأسباب الرقيّ والتقدّم" في بلد يدمّر آثار الحضارات الإنسانيّة القديمة ومعالم إسلاميّة، وأيّ "تعايش سلميّ مع الآخرين واحترام حقوقهم" في بلد تقطع فيه الأيدي والرقاب في الوقت الذي ينتشر فيه الفقر والبطالة - رغم ما أنعم الله على هذه البلاد من موارد طبيعيّة تكفي لسدّ حاجات كلّ المسلمين - وتعتبر فيه المرأة في القرن الحادي والعشرين مجرّد "عورة" لا تملك حقّ التجوّل بنفسها، أو قيادة سيّارتها، ويسجن فيه كلّ صاحب رأي مخالف وضمير حيّ، بل يُعدم ويُنفى لمجرّد التفكير في تغيير حالة الركود العفنة؟

وأين علماء البلاط ومشايخ السّوء الذين يُصدرون الفتاوى الجهنميّة التي تحرّم مقاومة المحتلّ والخروج على الحاكم الظالم وتحرّم الثورة المحقّة تحت ذريعة "الفتنة"، أين أولئك من شعار "لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله"؟ وأين "كلمة الحقّ" في وجه "حامي الحراميّة" (كما لقّبه صديقي) الذي يحمي لصوص البلاد وكبار الفاسدين المفسدين من زين العابدين "حرامي تونس" إلى علي "حرامي اليمن" في مكّة والمدينة؟ وعن أيّ "وحدة" يتحدّث "حامي الحراميّة" وهو يخوّن أبناء وطنه؟

تاريخ المملكة العربيّة السعوديّة ومنهجها الحاليّ يفتحان الباب على مصراعيه للتساؤل حول "التاريخ" ذاته الذي ينسب هؤلاء أنفسهم إليه، وعن مدى "حقيقة" و"صدق" ذلك التاريخ، في ظلّ واقع الكذب والتزوير الذي يقومون به باسم الدّين. فعن أيّ إسلام يتحدّثون؟ وعن أيّ سلف يتحدّثون؟.