المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الوهج الشّخصي للفنّان التّشكيلي اللبناني



حسين أحمد سليم
25/12/2012, 03:54 PM
الوهج الشّخصي للفنّان التّشكيلي اللبناني
بقلم: حسين أحمد سليم

الثّقافة الفنّيّة ومدى سعتها المعرفيّة, والحسّ الفنّي ومدى إستشعاره الذّاتيّ, والطّبيعة الفاتنة المشهديّات الموحية للخلق والإبتكار والإبداع, والمناخ الملائم لتجويد تقنيّة المواد والألوان, جميعها لها الدّور الأبرز في تشكيل الوهج الشّخصي للفنّان التّشكيلي اللبناني... وعليه فهناك عدد يتزايد يوما عن يوم من الفنّانين التّشكيليين اللبنانيين, يعمل جاهدا على البدء بتلمّس توهّجه الشّخصي من خلال إعتماد فرادة فنّيّة محدّدة, ويتعاطى الفنّ التّشكيلي ضمن مفاتيح تشكيليّة تستوعب تنويع إيقاعاته التّقنيّة واللونيّة, ممّا يمنح النّتاج الفنّي التّشكيلي إنطباعا من البهجة اللونيّة والنّضارة التي تطغى على طبيعة النّتاج الفنّي التّشكيلي اللبناني... ولعلّ هذا الولع اللوني يعود أصلا إلى تلك الثّقافة الفنّيّة وذلك الحسّ الفنّي اللوني الرّفيع عند الفنّان التّشكيلي اللبناني, إضافة لفعل تراكم تكرار التّجارب الفنّيّة وإختمار وصقل المهارة, ناهيك عن الدّور البارز للطّبيعة والمناخ والواقع والمشهديّات, التي تمنح الفنّان التّشكيلي اللبناني المزيد من فعل الإبداع والإبتكار من اللوحات والمشهديّات الطّبيعية من اللون والضّوء...
يعتبر الفنّان التّشكيلي اللبناني بحكم وجوده في هذه الطبيعة الفاتنة التي منّ بها الله على هذا الوطن ملوان بالفطرة, وحسّاس لمسألة التّناغم الهارموني بين الضّوء واللون, ممّا حدا بالفنّان التّشكيلي اللبناني أن يلعب في أدوات تقنيّته الفنّيّة بحرّيّة وطلاقة على إشتقاقات النّغم اللوني الأساسي والألوان المتمّمة له, فالفنّانيّة اللونيّة سواء أكانت تجريديّة أو إنطباعيّة أو من إشتقاقات مدرسة أخرى, هي سمة للفنّ التّشكيلي اللبناني اليوم... إضافة إلى هذه الميزة المحلّيّة والسّمة للهويّة الفنّيّة, للولع اللوني والتي تعود ماهيته للمناخ المسيطر والطّبيعة القائمة والمزاج الشّخصي والحسّ المرهف والثّقافة العرفانيّة, هناك ظاهرة لافتة بدأت بالبروز مؤخّرا ترتبط بأسبابها المكانيّة والزّمانيّة, هي حركة فعل النّزوع نحو القيم الفنّيّة الشّرقيّة الرّوحيّة التّاريخيّة, أي الحسّ التّجريدي الصّوفي, والميل نحو منمنمات الزّخرفة الهندسيّة التي إستهوت العديد من الفنّانين التّشكيليين اللبنانيين, نتيجة تعمّق الوعي الفنّي التّاريخي الرّوحي منذ الخمسينات, كردّ فعل لا بدّ منه على حالات الإغتراب الرّوحي, الذي رافق مدارس ومذاهب وقوالب الحداثة الغربيّة المنسوخة نسخاً, وكنوع من إثبات الذّات الشّرقيّة بروحيّة فنّيّة معاصرة... لذلك برزت محاولات إستعادة القيم الجماليّة الرّوحيّة القديمة, المتنوّعة المعالم بين البيزنطيّة والإسلاميّة, مع فارق أن الفنون آنذاك كان لها الدّور الطّقوسي والشّعائري المرتبط بالدّين والعبادة, أمّا اليوم فهي تبرز وتسطع بإنفصال إلى حدّ ما عن الشّعائريّة والطّقوسيّة, نظرا لسيادة مبدأ الفنّ للفنّ في هذا العصر, ونظرا لإختلاف المكان والزّمان والمادّة والتّقنيّة وطبيعة الإدراك البشري لها ومدى ملامستها لإرتعاشات الرّوح وإدهاشها لومضات العين...