المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نحو تفسير اسهل/سورة الغاشية/د. عائض القرني



نبيل الجلبي
13/01/2013, 01:52 PM
نحو تفسير أسهل

الدكتور عائض القرني

سورة الغاشية

هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ (1)
هل جاءك - يا محمد - أخبار القيامة التي تغشى الأبصار بهولها، وتطم على الناس بشدتها، وتذهل القلوب بدواهيها.

وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2)
وجوه في يوم القيامة ذليلة خائبة مسودة؛ لقبح أعمالها، وسوء فعالها؛ لأنها لما شاهدت العذاب أصابتها الخيبة والندم.

عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3)
عاملة عملا متعبا مضنيا ولكنه باطل؛ لأنه خلاف الشرع، أو أنها تكلف في النار جر الأغلال ومعاناة النكال.

تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً (4)
تحرق بنار حامية تشوي جلودها، وتصهر أعضاءها، لا يخفف عنهم العذاب، ولا يخرجون من العقاب.

تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ (5)
شرابها من عين شديدة الحرارة تقطع منهم الأمعاء، ويسقط لحوم وجوههم من غليانها وشدة فورانها.

لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ (6)
ليس لهم طعام في النار يأكلونه إلا شوك يابس شديد المرارة، مرتفع الحرارة؛ زيادة في عذابهم والتنكيل بهم.

لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ (7)
لا يسمن آكله ولا يشبع من تناوله، فهو لا يرد ضعفا، ولا يدفع جوعا، ولكنه يجلب ألما ويزيد سقما.

وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (8)
وهناك وجوه مسرورة مشرقة، علاها البهاء، وجللها النور، وغشيها الحسن، وهي وجوه المؤمنين.

لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (9)
راضية بعملها الصالح في الدنيا، مطمئنة لحسن مصيرها، واجدة ثوابها، مسرورة بنعيمها، متلذذة بثوابها.

فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (10)
يدخلون جنة مرتفعة، وينزلون درجات عالية ومراتب سامية، علت مكانا وقدرا وقيمة، وسمت شرفا.

لا تَسْمَعُ فِيهَا لاغِيَةً (11)
لا يسمع أهل الجنة فيها قولا لا خير فيه، فليس فيها كلام باطل ولا حديث ساقط، ولا لغو، بل حق وصواب وسلام.

فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ (12)
في الجنة عين صافية عذبة رقراقة جارية، بماء زلال بارد يتدفق بغزارة؛ كرامة للمؤمنين.

فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَة (13)
وفي الجنة أسرّة لأهلها مرفوعة القوام، عالية المحل، وثيرة مريحة، فيها كل المتعة والأنس.

وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ (14)
وفي الجنة آنية لا عرى لها، توضع في يد من يشربها ليُسر تناولها وسهولة شربها، مع الأناقة والجمال والطهر واللذة.

وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15)
وفي الجنة وسائد صف بعضها بجانب بعض في جمال عجيب، وحسن بديع، يتكئ عليها المنعمون، وهم يتحدثون ويضحكون.

وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (16)
وفي الجنة بسط ثمينة زاهية باهية مخملية تتنقل مع الجالس في ليونة ملمس، وراحة مجلس، ووثارة وفخامة.

أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17)
أفلا ينظر الناس إلى بديع خلق الله في الإبل كيف سوى شكلها؟ وجعل فيها أوصافا ليست في غيرها من الحيوان.

وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18)
وكيف لا ينظرون في السماء ويتفكرون في هذا السقف العظيم المرفوع المتقن القائم بلا عمد، لا شقوق فيه ولا عيوب.

وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19)
وكيف لا ينظرون إلى الجبال وهي قائمة في جلال، واقفة في جمال، تثبت الأرض، كأن كل جبل سبابة مسبح يشهد لله بالوحدانية.

وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (20)
وكيف لا ينظرون إلى الأرض وقد سويت للعيش على ظهرها، ومهدت للناس، وفرشت للمخلوقات لتتم عليها الحياة.

فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21)
فذكر - أيها الرسول - بآيات القرآن، وأدلة الخلق في الأكوان، وذكر بأيادي النعم وبأيام النقم، فمهمتك التذكير.

لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (22)
لست متسلطا عليهم بسلطان حتى تجبرهم على الإيمان، إنما أنت هاد تقيم الحجة وتوضح المحجة، وتدعو إلى الهداية.

إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (23)
غير أن من تولى عن الهداية، وكفر بالرسالة، وأدبر عن الرشد، وجحد الأدلة، وكذب بالحق فقد استحق العذاب.

فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأَكْبَرَ (24)
فالله يوم القيامة يعذبه العذاب الشديد بالأغلال والحديد، في نار قعرها بعيد، وطعام أهلها الزقوم والصديد.

إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25)
إن مرجع الجميع إلى الله، ومرد الكل إليه عز وجل؛ فإليه منتهى العلوم والأعمال والناس ليوم لا ريب فيه.

ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ (26)
ثم إن علينا حساب الناس يوم الحشر، فنوفي كلا بما عمل، ونجزي كلا بما قدم من خير وشر.

عن الشرق الأوسط