ما مدى صحة قولهم: كل عام وأنتم بخير ؟
كل عام وأنتم بخير
1- هذه العبارة مقتبسة مما يُدعى اليوم بالعربية المعاصرة، ومعروف أن المدعوّة "العربية المعاصرة"
لا تلتزم بما تلتزم بع الفصحى من القواعد النظامية فهي تغترف من الفصحى ومن العامية أحيانا
2- وبناء عليه فليست الفصحى مسؤولةً عن نوع الانحراف الذي يعتري كثيرا من العبارات المعاصرة
3- "كل عام وأنتم بخير" أو "كل سنة وأنتم طيبون"... عبارات لها من الشيوع والانتشار على ألسنة المُهنِّئين
ما جعلها تُطلَق من دون النظر في سلامتها التركيبية أو بنائها على القياس اللغوي الفصيح، فهي عبارة تحكمها
المواضعاتُ الاجتماعية والأعراف المُتداوَلَة
4- إذا فحصنا العبارة لننظر مدى استجابتها لنمط الجملة العربية الفصيحة، فسنجد أن كلمةَ "كُلّ" ينبغي أن تكونَ
منصوبَةً هكذا "كُلَّ" لأنها نائبة عن ظرف الزّمان (عام)، أما الشقّ الآخَر من العبارة (وأنتم بخير) فالواو زائدة لا معنى لها (ليست للحال ولا العطف ولا الاستئناف)
بدليل ورود نمط مشابه لهذه العبارة في شواهد فصيحة، نحو قولِه تعالى ( يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْن)ٍ
وإعراب الآيَة : "كلّ" اسم نائب عن ظرف الزمان منصوب بالفتحة متعلّق بما تعلَّقَ به الجارّ والمجرور "في شأن" أي متعلّق بخبر محذوف للضمير "هو"، والضمير "هو" ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ مؤخَّر
وعلى هذا القياس فالصحيح أن نقول : (كُلَّ عامٍ أنتم بخير)، أي "أنتم بخير كُلَّ عامٍ"
والله أعلم
"وأنتم بخير" جملة حالية واجبة الواو لأن صدرها ضمير منفصل ...
"وأنتم بخير" جملة حالية واجبة الواو لأن صدرها ضمير منفصل ...
[لا تقربوا الصلاةَ وأنتم سُكارى[ (النساء 4/43)
الأستاذ الفاضل عبد الرحمن محمد بودرع،
قرأت مثل هذا الكلام في كتاب معجم المناهي اللفظية لبكر بن عبد الله أبو زيد حيث قال:
اقتباس:
كُلُّ عامٍ وأنتم بخير : بضم اللام من ( كل ) : مبتدأ لا خبر له ، ولو قيل : الخبر محذوف تقديره ( يمر ) ؛ لقيل : هذا من المواضع التي لا يحذف فيها الخبر . وعليه : فهو لحن لا يتأدَّى به المعنى المراد من إنشاء الدعاء للمخاطب ، وإنَّا يتأدَّى به الدُّعاء إذا فتحت اللام من ( كل ) ظرف زمان – لإضافتها إلى زمان – منصوب نعت لخير . أنتم : مبتدأ . بخير : متعلق بمحذوف ، خبر ، والمعنى ( أنتم بخير دائم ) أو ( أنتم بخير في كل عام ) . وهذا شيبه بقوله تعالى : { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [ الرحمن: من الآية29] أي : هو في شأن كل يوم . ولذا فعلى الدَّاعي به عدم اللحن . والله أعلم .
لكن يبدو لي - كما يبدو للكثيرين والله أعلم - أن الخبر هنا محذوف تقديره ( يمر ), إذ إن المؤلف المذكور لم يدعم قوله بدليل يؤكد ادعاءه بأن هذا الموضع من المواضع التي لا يحذف فيها الخبر. وفي اعتقادي أن السبب الرئيس للحذف هنا هو كثرة الاستعمال مثلما نحذف خبر لا النافية للجنس في عبارة "لا إله إلا الله"، ومثل قولنا: الجار قبل الدار. أي: تخير الجار قبل الدار. وقولنا: بسم الله. أي: أبدأ بسم الله. إلخ ...
من أجل ذلك كله أعتقد أن الواو في "وأنتم بخير" ليست زائدة بل واجبة، وأنها "واو الحال" أو "واو الحالية"، والمعروف أن الجملة إذا وقعت موقع الحال وجب أن يربطها ضميرٌ و/أو واو.
[سافر خالدٌ محفظتُه بيده]
[سافرت والشمسُ طالعةٌ].
[أَقْبَل زهيرٌ ويدُه على رأسه].
تجب الواو قبل الجملة الحالية إذا كان صدر الجملة ضميراً منفصلاً، نحو:
[جاء زهيرٌ وهو يضحك].
[لا تقربوا الصلاةَ وأنتم سُكارى[ (النساء 4/43)
كما تجب الواو قبل الجملة الحالية إذا خلت من ضمير رابط.
[لئن أكله الذئب ونحن عصبةٌ إنّا إذاً لخاسرون[ (يوسف 12/14)
هذا ما بدا لي، ودمتم بكل خير، والله أعلم،
منذر أبو هواش
:emo_m1:
كل عام بخير ... وأنتم بخير ...
أخي الأستاذ الفاضل عبد الرحمن محمد بودرع،
كل عام بخير ... وأنتم بخير ...
كل عام وأنتم ... بخير
وأما التصحيح المتعلق بلحن العوام في عبارة "كل عام وأنتم بخير"، ووجوب نصب كلَّ لأنها نائبة عن ظرف الزّمان (عام) والذي سبقت الإشارة إليه والتنبيه عليه في كتاب معجم المناهي اللفظية لبكر بن عبد الله أبو زيد فهو صحيح ولا اعتراض عليه.
لكن الجديد والغريب في الأمر الذي لم يسبقكم إليه فصيح قبل اليوم هو ادعاؤكم بكون الواو في عبارة (وأنتم) زائدة، ولا معنى لها! فضلا عن اعتراضكم على تلمسنا للحقيقة، وتفسيركم له على أنه تلمس للصواب في كلام عامي، وأنه تأويل بلا مسوغ، وأنه لزوم ما لم يلزم!
أقول هذا لأنني ما زلت أرى أن العبارة سليمة من حيث التركيب، بل إنها عبارة عربية فصيحة مبنية على القياس اللغوي الفصيح، ولا يعتريها ضعف ولا انحراف، ولا علاقة لها بكلام العوام من قريب أو من بعيد بدليل استخدامها بكثرة من قبل الفصحاء من دون أن يعترض على تركيبها فصيح قبلكم!
وأما الآية الكريمة التي استندتم إليها في قياسكم فقد استند إليها مؤلف معجم المناهي اللفظية من أجل تصحيح اللحن في الشق الأول من العبارة "كلّ عام"، لكن لا وجه للمقارنة والقياس بينها وبين كامل العبارة أو بينها وبين الشق الثاني منها، ويخيل إلي – والله أعلم – أنكم قد ارتكبتم خطأ في تشبيهكم لهذه الآية بتلك العبارة.
الآية 29 من سورة الرحمن "... كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ" تدل على التفرق والاختلاف، ولا علاقة لها بالتهنئة أو بالتمني أو بالدعاء، وإن نحن قمنا بالقياس وأسقطنا معنى الآية الكريمة على عبارة "كل عام أنتم بخير" التي اقترحتموها فإن معنى العبارة يصبح: كل يوم أنتم في خير غير ما في سابقه ولاحقه من الخير، فلا يتكرر خير أنتم فيه مرتين، ولا يماثل خير أنتم فيه خيرا آخر، وإنما يكون الخير في كل سنة على غير مثال سابق. ولا يخفى عليكم بعد هذا المعنى عن المعنى المقصود في العبارة الأصلية.
لذلك فإن تركيب عبارة التهنئة الشهيرة "كل عام وأنتم بخير" يبدو في نظري أكثر سلامة من تركيب عبارتكم المبتورة المعنى "كل عام أنتم بخير" أو "أنتم بخير كل عام".
ولأننا نبحث عن الصواب فإننا نعيد التفكير في عبارة "كل عام وأنتم بخير"، ونعيد تركيبها بطريقتكم ونقول: "أنتم وكل عام بخير"، ونقول: "أنتم بخير وكل عام بخير"، ونقول "كل عام بخير وأنتم بخير"، ونختصرها ونقول "كل عام وأنتم بخير" وكلها عبارات سليمة التركيب وصحيحة لغويا حتى لو لم ينطق بها عربي فصيح قبل اليوم!
أنا بخير وأنت بخير ... أنا وأنت بخير ... وكل عام وأنت بكل خير ...
والسلام عليكم،
منذر أبو هواش
:emo_m17: