المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله بن بريك
مرحباً بالأخت الأستاذة "هبة الله عوض".
في البداية، أبشّركِ بكونِك ممّن يملكون المادة الخام و اللغة الرصينة من أجل النجاح الإبداعي.
فموهبتك السردية ظاهرةٌ من خلال قدرتِك على التخييل و على رصْد الجزئيات و القضايا التي
تطفو على سطح الذات و المجتمع. و لغتك العربية سليمة لا يشتكي منها مفعول و لا منسوخ.
الجمع بين الصفتين نادرٌ جدّاً بين الناس ، فهناك مَن تتوفر لديه اللغة النظيفة و المعرفة الأدبية
(و منهم نقّادٌ كبارٌ) لكنهم عاجزون (دون تعميم) عن التأليف القصصيّ و الروائيّ رغم ما
يملكون مِن ثقافةٍ سردية تهِمّ الأجناسَ و خصائصَها و الاتجاهاتِ و أصحابها و تاريخ النوع
السرديّ و تغيّراتِه ...و هناك مَن يملك الموهبة التأليفية لكنه يشكو من ضعف الأسلوب أو
من فساد اللغة (و هذا النوع من الكتاب يستعين بمصححين أو بعلماء لغة قبل نشر ما يبدع).
إذا عُدنا إلى قصتك"قهـــــر" سيتضح أن الملاحظات التالية تفرضُ تفسها:
*على مستوى "الحدث":شخصٌ ساديٌّ يمارس قهره على أنثى فتمرض و تهزل و في الأخير
يتهمها بالجنون ، فيتركها بحثاً عن ضحية أخرى.
* الشخوص: تعرف القصيصة شخصيتين تم رسمهما نفسيّاً (القسوة و الخضوع) و اجتماعيّاً
(علاقة بين الطرفين لمدة معينة) مع إغفال الاسم و الوصف الجسديّ و اللباسيّ وفقاً لِما تنصّ
عليه مقتضيات هذا النوع السرديّ.
*المكان :مبهمٌ ،تقلّ مؤشراته أو تنعدم.
*الزمان: نفسيّ أكثر مما هو فيزيائيّ.
*العمق الفكريّ: تناقش القصيصة(في اقتصادٍ) موضوعاً مهماً هو العلاقة غير السوية بين
الرجل و المرأة من خلال التسلط الذي يقابله الضعف و الاستسلام.
*المغزى أو الرهان:إدانة الظلم و القهر،و كذا الضعف و الخنوع.
*الاختزال اللغويّ: عانت القصة من بعض الترهّل(ألفاظ و عبارات لم يكن لها مِن دورٍ سوى
الحشو) بينما تلحّ الق.ق.ج. على الاحتفاظ بالمفردات الأساس فحسب .من ذلك(نحلتْ/هزلتْ)
(المرضية) =الاكتفاء ب ساديته.العنوان تكرّر في المتن،.
*الإضمار:أضعف حلقة في قصتك،فالمعنى واضحٌ جدّاً يفهمه كلّ القراء بطريقة واحدة و لا
يترك أيّ مجالٍ للتأويل و تناسل القراءات(و هذا هو المطلوب)
*طبيعة السرد:اختارت القصة السرد الخطّيّ التعاقبيّ (من البداية إلى النهاية)و خلتْ من أنواعٍ
أخرى (الاسترجاع .الاستباق).
وثيرة السرد: سريعة جدّاً (كلماتُ قليلة استغرقت زمناً طويلاً)
التركيب:حافظ النّصّ على الترتيب التقليديّ للجملة العربية (دون تجديد) .
القفلة: لم تكنْ مدهشة بالشكل الكافي ،فالقارىء لا يفاجئه بحثُ الرجلِ عن ضحية جديدةٍ.
أرجو أنْ تجِدي في هذه القراءة المختزلة ما يفيدك و يشجعكِ على خوض مغامرة الكتابة
بإيمانٍ و إصرارٍ.كما أرجو لك مساراً مُوفقاً في حياتك الأدبية.
تحياتي و مودتي ،أختي الأستاذة "هبة الله عوض".
لا تتردّدي في مناقشتي و مناقشة غيري ،فكلّنا ما زلنا نتعلّم دائماً.