" أحوالنا ... تغني عن مقالنا ! " / عز الدين الغزاوي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

* الموضوع : قراءة متأنية، في البرنامج التلفزيوني " قسمة و نصيب Perfect Bride "
الذي تقدمه منذ أكثر من شهرين، القناة الفضائية اللبنانية

لعل موجة البرامج التي تحمل في طياتها المتعة و التنافس، سارية في التكرار و التنوع
و ليس غريبا على قناة فضائية متألقة، كالقناة الفضائية اللبنانية أن تكون رائدة في مثل هذه البرامج
لكننا و من باب القراءة المتأنية في برنامج " قسمة و نصيب "، يدفعنا لطرح عدة تساؤلات:

ما هي القيمة المضافة، التي تستفيدها مجتمعاتنا العربية
من مثل هذه البرامج ؟
ما هي المتعة التي تجعل العديد من الفئات من مجتمعنا - خاصة النساء -
تجدها في هذا البرنامج ؟
ثم، ما هي الأبعاد السوسيو-نفسية التي نجنيها، و تظهر نتائجها على أفراد المجتمع العربي ؟

و للاحاطة بهذا الموضوع، و الذي عنونته ب" حالنا ... يغني عن مقالنا !"
اسمحوا لي بإدراج هذه المداخلة آملا في فتح حوار هادف و نقاش إيجابي، نسعى من ورائها الإفادة و الإستفادة
الملاحظة الأولى و الأساسية، هي متابعة هذا البرنامج و بانتظام من طرف شريحة عريضة من مجتمعنا
خاصة النساء منهم
و لعل من أهم السباب التي تجعل المتتبع، عفوا المتتبعة للبرنامج تنشغل به عن مهام لها الأولوية، هو
تعاقب الأحداث، و الصراع المفتعل داخل المجموعات
لا يمكن أن نقول: " إن للبرنامج قيمة مضافة " و ذلك للأسباب التالية :


تقديم مصطنع للوجه الآخر من نماذج العلاقات الإجتماعية
فراغ واضح للجانب الأخلاقي و الذي تتحكم فيه المرجعيات الدينية
عدم تكافىء في المجموعات
خلل واضح في البحث عن الإنسجام، من أجل إفراز " الزوج المثالي "
إظهار بعض الجوانب السلبية عند الفرد، خلال تواجده وسط الجماعة


و رغم كل هذا فهناك من الإيجابيات ما لا يمكن إغفاله :

الإستفادة من آراء المتخصصين في عدة ميادين هامة في الحياة: التربية الأسرية،
اللياقة البدنية ،التربية الغذائية، المساعدة النفسية إلخ ...
هناك تفاعل إيجابي مع المتخصصين، و بالتالي فإن كل فرد من المجموعة تمكن من تحسين نظرته للحياة
اقحام المشاركات و المشاركين في تجربة الوقوف أمام عدسات الكاميرا بالصوت و الصورة
التعود على مواجهة الجمهور في حفل ساهر، يتابعه الملايين من الجماهير العربية
هناك محاولة لا بأس بها للتقارب بين الأديان مثلا: زواج المسيحي بالمسلمة


كما أن مشاركة الجمهور و بشكل مؤثر، في التصويت على الأفراد المتميزين خلال الأسبوع، زاد في الفرجة
اعطاء الفرصة لسيدات البيت اللواتي قضين زهرة الحياة في رعاية أسرهن، كي يعبرن على نفسياتهن بل
و يصبحن بطلات في البرانامج ( و لو أن ذلك كان على حساب بيوتهن ...!)
اعطاء صورة بعيدة عن الواقع، لربات البيوت المتحررات شيئا ما ...!
و حتىتكون القراءة متأنية، و إلى حد ما شبه شاملة فإن استقصاء آراء الجيل الحاضر من فتيات المجتمع
( المجتمع المغربي ) لم يبرز ذلك الاهتمام المبالغ فيه، ربما لكون البرانامج يستهدف فئات من العازبات و العزاب
من الشباب العربي الذين هم على أهبة الزواج
و أخيرا و ليس آخرا، إن تمضية أكثر من شهرين في ضيافة " القناة الفضائية اللبنانية " هو كسب في حد
ذاته، و هي متعة لم تتأتى للأفراد الذين تم اختيارهم
ملاحظة أخيرة، أرى بأن اقحام رأي الجمهور في التصويت قد تكون له سلبيات أكثر ...
هذه مجموعة من الملاحظات التي اسقرأتها انطلاقا من القراءة المتأنية لهذا البرنامج
و حتى لا أنسى برنامجا مماثلا كان يعرض على" القناة الفضائية المغربية"، تحت عنوان
"للآلة العروسة" حيث كان يجمع بين "الممتع و المفيد" في إطار إجتماعي متحضر و محافظ في نفس الوقت،
و رغم أنه لا يصل للمستوى الفني و الإعتمادات المالية التي خصصت لبرنامج "قسمة و نصيب"
أملي أن نشهد ميلاد برامج أخرى هادفة، تفيد جميع شرائح المجتمع العربي، و محافظة لا تضرب
"عرض الحائط" بقيمنا و مرجعياتنا التي هي الأساس في كل تقدم فيه خير الدنيا و جزاء الآخرة
أتمنى أن أفتح بهذا الموضوع، عدة نوافذ للمناقشة و الحوار
و أهيب بكل أعضاء المنتدى كي يفغلوا هذا المتصفح بمشاركاتهم،
و الله ولي التوفيق

* صادق مودتي / عز الدين الغزاوي