تكريم الجابري في اليوم العالمي للفلسفة وجلد الذات

هل هو قدر مثقفينا ومفكرينا أن يغردوا خارج سرب العادة ؟ أم هي عادتنا في عدم الطرب بغناء مغنينا ؟ بل مواجهتهم عندما ينالوا مرتبة أو امتيازا كونيا ؟
أسئلة تتناسل عندما يكرم اليوم الدكتور الجابري من طرف اليونيسكو إلى جانب الفيلسوفة الألمانية حنّة أرندت ضمن فعاليات الاحتفال باليوم العالمي للفلسفة التي ستحتضنها مدينة ابن رشد (مراكش) غداً وتستمر حتى 17 من الشهر الحالي. ...لكن الغريب هو سيل الانتقادات التي توالت على مواقفه وصلت بالبعض إلى مراسلة المنظمة الأممية من أجل الاحتجاج على هذا التكريم .
وعزت الجمعيات في رسالة بعثتها إلى منظمة الأمم المتحدة للعلوم الإنسانية والاجتماعية "اليونسكو" ـ حسب موقع إيلاف ـ ، أن الجابري "يعد أحد المنظرين الرئيسيين لإبادة اللغة والثقافة الأمازيغية سواء مستوى مواقفه المتكررة إلى إلى يومنا هذا والمعبرة عنها" وذكرت الجمعيات بما كتبه في "أضواء على مشكل التعليم في المغرب" في العام 1974 وما أعلنه أمام الطلبة في الجامعات مما سمته الجمعيات "ترويج مبالغ فيه للإيديولوجيا العروبية...حتى أضحى من المدافعين المتشددين عن الأنظمة العربية العنصرية الدموية حيثما وجدت إلى درجة أنه "صار محترما بالشرق يفتخر به أتباعه من المثقفين المستلبين المغاربة". وذلك نظرا لمواقفه المدافعة عن القومية العروبية .
أما من الشرق العربي فنجد البعض اعتبر ما كتبه عن القرآن في مقالاته الرمضانية في جريدة الاتحاد الإماراتتية حول القرآن الكريم أخطر من أقوال بابا الفاتيكان (جريدة الجمهورية المصرية ) . لدرجة إحياء نزعة الصراع بين المشرق والمغرب حتى قال أحدهم في نفس الصحيفة :"إن الكثير من جامعات شمال إفريقيا، وبالذات في المغرب، ارتكزت في بدايات تأسيسها على الإسرائيليات. وهذه المنطقة من عالمنا العربي هي أكثر المناطق اختلاطاً بأوروبا وأبناؤها أكثر الأجانب المقيمين في فرنسا وإسبانيا”.
فهل اعتدنا سلخ الذات عندما نحس بأنن صوتنا العلمي والفكري قد بلغ العالمية ؟ قد نختلف مع الجابري وقد نتفق معه ...بل الأكيد أننا يجب أن نعرض مقالاته للمساءلة كما فعل هو مع النصوص التراثية ، لكن أن نظل في حالة الجلد الدائم وننغص على أنفسنا فرحة تكريم أحد أعلام الثقافة العربية ـ تحت دعاوى مختلفة ـ هو من علامات زمن الهزيمة بامتياز .
والسؤال الأهم ونحن نحتضن يوم الفلسفة العالمي : هل هناك فلسفة عربية أصلا ؟ وهل هناك قارئ لهذه الفلسفة حتى نستحق التكريم ؟
هنيئا للأستاذ الجابري
كيفما كانت الردود والمواقف .... وكيفما كان رأينا في اجتهاداته ... فهو علامة مسار الفكر العربي المعاصر بالرغم من كل شيء
ودي وتحياتي

أود أن أطرح مجموعة من الأسئلة حول هذا التكريم, وكل التكريمات التي تنظمها المؤسسات الغربية لبعض المفكرين العرب:
لماذا يكرَّم الجابري عوضا عن طه عبد الرحمان؟
لماذا يكرم أركون بدلا من مالك بن نبي؟
لماذا يحتفى بكاتب ياسين ويلغى مالك حداد؟
أعتقد جازما أن التكريم مرتبط بالمواقف الفكرية أكثر منه بدرجة الإبداع الثقافي.
مجرد أسئلة لا تطعن في ذكاء الجابري وعبقريته

الأخوين النشيطين فؤاد و نذير تحية لكما..
أعتقد أن أولى مشكلات التكريمات الموسمية هي الاختيار ضمن لوائح سنوية تضم أعلاما كبارا يتعسر معها إرضاء الجميع، وإن كنا نجزم أو على الأقل نشك في نزاهة وموضوعية عدد من التتويجات في مختلف المجالات فإن مشكلتنا نحن هي غياب الاحتفاء الداخلي، أو على الأقل ضعف الاشعاع العالمي لعدد من الاحتفاءات،.. وحتى إن اختلفنا مع الجابري في عدد من قضاياه فإنه سيظل علما من أعلام الفكر العربي، وسواء تُوج طه عبد الرحمن أو لم يتوج فإنه أيضا سيظل قطبا من أقطاب الفكر والفلسفة العرب، لكني أتساءل أليست المشكلة في العمق مشكلة عقل عربي يفترض المؤامرات على الدوام؟ أليست الجوائز والتكريمات احتفاء بالاشتغال والمنهج أيضا وليست بالمضامين والمواقف فقط؟ وحتى إن افترضنا جدلا أن عددا من المؤسسات الغربية والدولية مغرضة في اختياراتها التكريمية، أليست جوائزها تعبر بصدق عن مواقفها؟ وأيننا نحن من أي احتفاء بالمبدعين والمفكرين والمثقفين؟ وهل أغلب الجوائز العربية تكرِّم وفق الاختيارات التي تعلنها؟..
وتحياتي

هنيئا للأستاذ الجابري بهذا التكريس المستحق عن جدارة بالنظر إلى مسيرة هذا الرجل الفكرية التي تتميز بالطول والعمق والخصوبة، والتي تجاوزت تكوين أجيال من رجال التعليم والمثقفين إلى وضع مصنفات والإشراف على تحقيق موروثات فلسفية، بعضها صار الآن معالم لا غنى عنها لكل متخصص في الفكر الإسلامي أو مجرد مهتم به.
بالنسبة لاختلاف وجهات النظر حول أبحاث الجابري والأطروحات التي ضمنها إياها والمناهج التي وظفها، بل وحتى بعض كتاباته التي أثارت مؤخرا زوبعة من الردود والانتقادات التي مضى بعضها إلى حد التشكيك في نوايا الرجل، وحده التاريخ سيكون حَكما فيها...
محبتي
م. أسليـم

سواء اتفقنا او اختلفنا حول الافكار والمضامين التي يأتي بها الجابري
فانه يظل واحدا من الاعلام العرب التي تستحق التكريم
والاشادة على نشاطه الفكري الكبير
وان كان العرب او من يشغل موقع المسؤولية فيهم لايكرمون مفكريهم ومبدعيهم
الا بعد ان يغيبوا وتنقطع عنا اخبارهم
لماذا نتصدى بالمعارضة لكل من يحاول ان يعترف باهمية الابداع العربي
على مختلف انواعه الفكرية والادبية والفنية ؟؟

من باب الشهادة أقول بأنني أنتمي إلى جيل، ساهم المفكر الألمعي محمد الجابري في تفتيح وعيه على ما يختزنه التراث من كنوز فكرية عميقة ..فبفضل كتابه "نحت والتراث " اكتشفنا - ونحن لا نزال بعد أحداثا-الوجه الآخر والمشرق للثقافة العربية الإسلامية ،كان موعدنا حينذاك مع فكر المعتزلة وابن رشد وإخوان الصفا.. تلقفنا ما كتبه بحماس وناقشناه بحمية ،ففتح شهيتنا للبحث والتنقيب ،بل وتأسس لدينا- نتيجة لأطرحاته العميقة- وعي متحفز ،يضع موضع نقد ومساءلة كل ما يمكن أن يصادفنا من أفكار..
بفضل الجابري -ونحن نضطرب في حمأة الأفكار الجديدة القادمة من أوربا- اكتسبنا اعتزازا بالذات باعتبار تراثنا يتضمن أفكارا نيرة وثورية تناطح مثيلاتها لدى الشعوب الأخرى.
في ما بعد تتبعت شخصيا مسيرة الكاتب الباذخة ،ولاق هواى بعض طروحاته العقلانية ،ونفرت النفس من أخرى ، قيمتها على أنها تبريرية وسياسية أكثر منها علمية وفكرية.. لكن احترامي للرجل ظل على حاله ،فلا يمكن لاختلاف في التصور أو وجهات النظر أن تنسيني أفضال الرجل علي وعلى جيلي.
لهذا ولغيره فأنني أعتبر تكريم المفكر محمد عابد الجابري - وإن جاء متأخرا- هو تكريم للعقلانية والعمل الجاد المتواصل والعميق.. فمشروعه الفكري مفخرة لنا جميعا ،واختلاف البعض معه هودليل عنفوان وحيوية،فهو نفسه من دعاة الاختلاف ،واحترام الرأي الآخر.. لكن ما يجب رفضه هو أن تنبع بعض المواقف عن حقد وشوفينية ضيقة ،أنا على يقين أنها في آخر المطاف ستنقلب على ذاتها وتلتهمها..فالمستقبل للفكر الحر والعقلاني الذي يهفو إلى التحرر من سطوة الماضي .. فالماضي ينتمي إلينا ولا ننتمي إليه ،هو ملك أيدينا نفعل به ما نشاء ،ولسنا ملك يديه يوجهنا أينما يحلو له.
مع تحياتي القلبية.

أيها الإخوة:
لا أخالفكم في كثير من آرائكم المطروحة هنا, فأنا لا أشكك في عطاءات الجابري, ولكني طرحت قضية باتت معلومة للجميع, هي أن الغرب الحضاري عوَّدنا على تكريم فئة خاصة من بني جلدتنا, وإذا كان الجابري مثالا سيئا هنا, لأنه استحق التكريم الداخلي منذ فترة طويلة, فإن بعض المجهولين عندنا لم يصبحوا معلومين لدينا إلا بعض تكريم الغرب لهم, ولنا نحن في الجزائر أمثلة عديدة لا داعي لسردها هنا.
إذا كان الجابري يمثل الفكر الفلسفي الواعي, فإن آخرين كرِّموا لأنهم أعلنوها حربا شعواء على قيمنا الذاتية.
من حق الغرب أن يكرم بعض اللذين يتبعون مناهجه حتى في تحليل كتابنا المقدس, ومن حقنا التساؤل عن خلفية كل تكريم.
والمحصلة, أن كثيرين عندنا يستحقون ألف تكريم لم يكرمهم أحد, وأن بعض الذين استحقوا ألف إدانة قام الغرب بتكريمهم.
لا أحد يمكنه أن ينكر وجود خلفيات أخرى وراء معظم الجوائز العالمية, من جائزة نوبل إلى جوائز اليونيسكو.
تحية منتحة جدا على الرأي الآخر