الباب الحادي عشر
الدور الأمريكي
الفصل الأول
بداية اكتشاف النفط السوداني أو كارثة العالم العربي
لأننا لا نحسن استخدامه واستغلاله!
بدأ استشكاف النفط في السودان في الستينيات من القرن الماضي، وتركز البحث في البداية على منطقة البحر الأحمر ولم يسفر البحث عن وجود كميات يعتدّ بها، إلا أن الحدث الهام كان العثور على الغاز في منطقة /سواكن/ عام 1976 عن طريق شركة /شيفرون/ الأمريكية، واستمرت عمليات التنقيب بعد ذلك وفي عام 1980 - 1982 عثرت الشركة سابقة الذكر على النفط في عدة مناطق في جنوب السودان وبالقرب من مدينتي /ملكال/ و/بونتو/.
وقد برزت عدة مشاكل لهذا الاكتشاف، وكانت أول هذه المشاكل مسألة الحدود بين الشمال والجنوب، ووفقاً لاتفاقية أديس أبابا المعقودة عام /1972/ فالمناطق المتنازع عليها ثلاث وهي:
1 - منطقة حفرة النحاس.
2 - منطقة بانتيو.
3 - منطقة شالي والكرمك.
وتعد هذه المناطق الثلاث ذات إمكانيات اقتصادية عالية، فمنطقة حفرة النحاس والتي كانت منذ وقت طويل يجري فيها استكشاف النحاس، وقد حاول المستعمرون أن يجعلوا منها منطقة خالية من السكان لتكون حاجزاً خالياً من السكان بين الشمال والجنوب وذلك لإيقاف المد الثقافي العربي الإسلامي جنوباً.
بانتيو:
أما منطقة /بانتيو/ فهي المنطقة التي أشارت إليها شركة /شيفرون/ الأمريكية التي نقبت عن النفط، وحيث قالت إنَّها تعد أغنى مناطق النفط التي تمَّ التوصل إليها لغاية الآن.
شكل ظهور وتدفق النفط حدثاً مهماً كبيراً أوحى لهم (إلى المتمردين) أنَّ بقدرتهم الآن إقامة دولة مستقلة لهم في الجنوب، ومن هذا الفهم الخاطئ المغري من الغرب وكنائسه المتصهينة دعوا إلى إنشاء خط أنابيب لنقل النفط من منطقة /بانتيو/ إلى ميناء /ممباسا/ الكيني وذلك عبر الجنوب السوداني، بدلاً من إيصاله إلى ميناء السودان الكبير /بور سودان/ إنهم يريدون أن يكون النفط تحت سيطرتهم التامة، ومن هنا تركزت هجمات المتمردين على منطقة /بانتيو/.
شالي والكرمك:
انطلاقاً من صلة هاتين المنطقتين بالجنوب وانتماءات ساكنيها فإنَّ صلتها بالجنوب أكثر عمقاً من صلتها بالوسط الذي تقع فيه، ومن هنا صعدت إلى السطح مشكلة مصفاة النفط في منطقة /كوسني/ وقط ظهرت هذه المشكلة في عام 1981 بعد أن تقرر أنَّ تكون /كوسني/( ) موقعاً لمصفاة النفط، إلاَّ أنَّ مجلس الشعب الإقليمي للجنوب طلب من رئيس الجمهورية التدخل لوقف قرار وزير الطاقة والمعادن وإدارة شركة شيفرون الأمريكية، وقد تركزت دعوى مجلس الشعب الإقليمي للجنوب على أنَّ منطقة /بانتيو/ هي أصلح منطقة لقيام مثل هذه المصفاة إلاَّ أنَّه تم رفض هذا الاقتراح لأنَّ الغرض منه هو حصر تكرير النفط في منطقة الجنوب التي يعدها المتمردون لأن تكون دول مستقلة، وهكذا تم إنشاء المحطة في /كوسني/.
أدى اكتشاف النفط إلى تشجيع التمرد والدعوة إلى الانفصال إذ شعرت المجموعات المتمردة أنها إذا استأثرت بمخزون النفط والمعادن ستكون لها الدولة الموعودة، ولقد زاد ذلك من إذكاء النار المشتعلة في منطقة الجنوب.