المئذنة واتصال الأرض بالسماء

المئذنة واتصال الأرض بالسماء

تعتبر المئذنة من أهم عناصر العمارة الإسلامية وشاهدًا على تطورها وكانت المساجد الأولى في الإسلام بسيطة خالية من الزخارف ولم تكن تحتوي على مئذنة كمسجدي "البصرة" و"الكوفة" بالعراق، وجامع "عمرو بن العاص" بمصر.
وكان الأذان يتم من أعلى أسطح المنازل المجاورة أو من على أسطح المساجد؛ حيث كان يتم الصعود إلى سطح المسجد عن طريق سلم يركب بأركان المسجد ويؤدي إلى سطحه.
وظل الحال على هذا المنوال حتى أمر الخليفة " معاوية بن أبي سفيان " واليه على مصر " مسلمة بن مخلد الأنصاري " عام ثلاثة وخمسين للهجرة بإضافة المئذنة، فبنى أربعة أبراج في جامع " عمرو بن العاص " تشبه تلك المقامة بأركان جامع " محمد علي" بالقاهرة، ولكنها كانت من الآجر.
وفيما بين عامي ثمانية وثمانين، وستة وتسعين للهجرة أقيمت على أبراج المعبد الوثني بدمشق مآذن الجامع الأموي والتي أثرت على مآذن المغرب والأندلس، وأقدمها مئذنة جامع "القيروان" بتونس المؤسس عام مائة وخمسة للهجرة وهي أعلى المآذن الأثرية بارتفاع مائة وستة أمتار، و بناها " بشر بن صفوان ".
وهذه المئذنة الملوية بجامع " سامراء " بالعراق والمؤرخة عام مائتين وأربعة وثلاثين للهجرة، حلزونية الشكل يلتف مطلعها حول بدنها من الخارج، وقد أثرت على مئذنة الجامع الطولوني بمصر المؤرخ عام مائتين وثلاثة وستين للهجرة، والتي تم إعادة بنائها في عهد السلطان المملوكي " حسام الدين لاجين " في عام ستمائة وستة وتسعين للهجرة.
كما أُعيد بناء " الجوسق " أي قمة المئذنة بمعرفة الأمير المملوكي " سيف الدين سالار" على شكل المبخرة المضلعة، وهو الشكل السائد في العمارة الأيوبية وبداية الدولة المملوكية.
وتعتبر مآذن الحاكم بأمر الله بالقاهرة أقدم المآذن الفاطمية، وهي المآذن الوحيدة المحاطة بغلاف يشبه الهرم الناقص؛ لتدعيمها من الزلازل.
وقد تم بناء جوسقها بمعرفة الأمير " بيبرس الجاشنكير" في العصر المملوكي بعد حدوث الزلزال الذي أسقط معظم رؤوس المآذن المملوكية، وهذا الجوسق يسمى بالمبخرة المضلعة، وقد أخذ هذا الشكل من مئذنة المدرسة الصالحية التي ترجع إلى عام ستمائة وواحد وأربعين للهجرة.
أما مئذنة المنصور " قلاوون " المؤرخة عام ستمائة وأربعة وثمانين للهجرة، فقد احتوت على البدن المربع المتأثر بالمآذن الشامية، إلا أن زخارف هذه المئذنة قد تأثرت بالطراز الأندلسي.
وقمة هذه المئذنة أعيد بناءها بمعرفة الناصر " محمد بن قلاوون " صاحب المئذنة المجاورة الدقيقة الصنع، والتي تشبه في زخارفها زخارف الدانتيل، والتي جمعت بين الزخارف الكتابية بالخط النسخي، والزخارف النباتية المعروفة بالأرابيسك.وكذلك الزخارف الهندسية الدقيقة والخط الكوفي بالإضافة للبائكات الزخرفية، ويتحول البدن المربع إلى مثمن عن طريق المقرنصات أي التجاويف الرأسية.
وللسلطان "محمد بن قلاوون" نفسه جامع آخر ظهرت في مئذنتيه بداية ظهور الطراز المملوكي في قمم المآذن والمعروف بالقلة المقلوبة إلا أنه متأثر بالخوذة المضلعة في تضليع بدن القلة.
ويظهر طراز القلة المقلوبة بوضوح والذي يستمر خلال العصر المملوكي في مئذنة السلطان " حسن بن الناصر محمد بن قلاوون " وهي أعظم مدارس الشرق الأثرية والتي ترجع إلى القرن الثامن الهجري، وهذه المئذنة تعتبر ثاني أعلى المآذن بمصروثالث المآذن من حيث الارتفاع على مستوى الشرق بعد مئذنة "القيروان" بتونس، ومئذنتي جامع " محمد علي " بالقاهرة، وهي بارتفاع واحد وثمانين مترًا وخمسة وسبعين سنتيمترًا.
ولهذه المدرسة مئذنة أخرى بارتفاع واحد وسبعين مترًا والتي أتمها بشير أغا أحد أمراء السلطان " حسن " بعد وفاته بعامين، وأعلى باب زويلة بالقاهرة أقام السلطان المملوكي " المؤيد شيخ " مئذنتين متماثلتين في الشكل والزخرفة والارتفاع بدقة معمارية وزخرفية؛ تدلل على مهارة المعماري في هذا العصر.
وفي نهاية العصر المملوكي نجد المئذنة ذات الرأسين في مدرسة الأمير" قانيباي الرماح " التي ترجع إلى بداية القرن العاشر الهجري، وكذلك مئذنة السلطان الغوري التي ألحقها بالجامع الأزهر الشريف؛ حيث يحتوي الجامع الأزهر على ثلاث مآذن مملوكية أشهرها مئذنة السلطان الغوري ذات الرأسين طراز القلة المقلوبة، وتنفرد مدرسة السلطان الغوري بالقاهرة بمئذنة ذات خمسة رؤوس طراز القلة المقلوبة.
وتسقط الدولة المملوكية، ويبدأ الطراز العثماني في المآذن حيث تكون المئذنة اسطوانية البدن.. مدببة " الجوسق " تشبه القلم الرصاص، فهذا جامع " سليمان الخادم " المعروف بجامع " سارية الجبل " والمؤرخ في عام ألف وخمسمائة وسبعة وعشرين للميلاد، تظهر مئذنته العثمانية متأثرة بالطراز المملوكي؛ لاحتوائها على شرفتين بعكس المآذن العثمانية الطراز ذات الشرفة الواحدة.
وتتنوع المآذن بين مملوكية وعثمانية، فهذا جامع " المحمودية " المؤرخ في عام ألف وخمسمائة وسبعة وستين للميلاد، وتظهر مئذنته العثمانية ذات الشرفة الواحدة والقمة المدببة.
وتعتبر مئذنتا جامع " محمد علي " بالقاهرة من أجمل المآذن العثمانية ذات البدن المضلع الممشوق والقمة المدببة، وهما ثاني أعلى المآذن الأثرية بارتفاع أربعة وثمانين مترًا، ولا يسبقهما إلا مئذنة جامع " القيروان "
المآذن في دول الخليج
وتنتشر المآذن في كافة الأقطار الإسلامية، فهذا مسجد " الخميس " بالبحرين " ، وهذا مسجد " نسوى " بعُمان، ومسجد " الخليفة " بالكويت، وهذا مسجد " فاطمة سليطي " بقطر، ومسجد " القبلتين " بالمدينة المنورة، الذي صلى فيه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم باتجاه القدس الشريف، وباتجاه الكعبة المشرفة.

الاستاذ الصديق ابراهيم
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
كان عمر الخليفة الراشد رضي الله عنه وعن سائر الصحابة اجمعين يقول لبناة المساجد :
((أكـــنـّـــــــــــوا الناس المطـــــــــــر ،، لا تصـفـّـروا ولا تحـمـّـــروا ))
وليتنا نعود للبساطة
وموضوع المئذنة اظن ان الضرورة العمرانية قد افرزته
دمت بود .....

أستاذي و صديقي الدكتور محمد فتحي الحريري
عيد مبارك.. دائماً تسعدني بتشريفك و إثرائك لما كتبت بإضافتك القيمة.. صدقت فالمئذنة تسمي أيضاً منارة و قد بنيت عدة مآذن و رباطات علي شاطئ النيل من جنوب مصر لتصل إلي القاهرة و كانت تخدم في الإنذار بأي هجوم من مملكة البجة المسيحية في السودان و حلفائها من الأحباش.. دمت و دام علمك الفياض.