دراسة في عصر النهضة في إفريقيا
يقول الكاتب السوداني جمال محمد أحمد(لم تكن الحضارة الشتيت في القارة الإفريقية علما صرفا أو تجارة بحتا ،كانت القارة فلسفات في الحياة يصدر عنها الناس في فكرهم وفي عملهم ولكننا لا نعرف إلا القليل عنها ،فهي لم تكن مدونة بالطبع ،كانت في صدور السحرة والكهان وكانت أحاديث بتناقلها الأسلاف عن أخلافهم وتراها اليوم متناثرة في كتب علم وصف الإنسان )).
القس تمبل صاحب فلسفة (البانتو)لغة الشعوب التي تعيش في أكثر بقاع وسط إفريقيا والجنوب ،درس هذا القس لغة البانتو على مدى سنين وكتب من خلال عيشه الطويل في الكونغو وتر حاله في زامبيا وزمبابوي وجنوب إفريقيا ،كثيرا مما ينير بعض ألغاز السلوك البشري في هذه المنطقة كتب الأب تمبل يخاطب أوروبا وقد شرح بشكل مقنع مكان الإنسان في الكون عند البانتو وسلطانه على الأشياء -قوة الحياة -سخر له النبات والحيوان والشجر والأرض وكل شيء يقول الأب:
وقد رأى بعينه وأحس بحسه ما لم يره ويحسه الذين أتوا القارة ،غرورا بعض الأحايين لا يعنيهم رأى أهليه وانشغالا عنه بعض الأحايين لا يعنيه منه إلا أنه أداة تحطب الصمغ وتجمع العاج :
((إن اكتشافنا الفلسفة البانتوية ينبغي أن يقلق بالنا نحن الذين نتصدى لتعليم إفريقيا وتدفعنا دفعا لنظرة جديدة لوسائلنا وأسلوبنا،مضت سنون ونحن نحسب أننا نحمل العلم والفلسفة للقارة السوداء ،فراغا نملؤه نحن ،خيل لنا نحن الذين تصدينا لتعليم الإفريقي وتحضيره إننا إزاء لوحة سوداء ما عليها من الخبرة حرف ولا من العلم أو الفن سطر:نكتب عليها ما نشاء ونختار ما نشاء ،ألقى في روعنا أننا أتينا قارة سوادها فراغها ،نعلم أطفالا كبارا لا قواعد عندهم ولا أسلوب نسوقهم سوقا إلى حضارتنا نحن وثقافتنا نحن ،ثم نعيش بينهم حينا ،كما عشت، فإذا الصورة غير الصورة،اللوحة ملأى بالرؤى والفلسفات لتقرأ ،ستقدر ،تحترم حكمتها وتعرف فلسفتها الكونية بيننا وبين الإنسان الأسود صلات ما وعيناها وكان من الخير لنا ولهم أن نعيها)).
إذن لم تكن إفريقيا فقيرة لا في المادة ولا في الروح ،وما فعلته مراكب الأوروبيين الذين أتوا القارة كان ظلما وإغراقا في تجهيل الناس بدلا من المهمة التي كانوا يدعون أنهم أتوا من اجلها ألا وهي (التنوير).
وبالتالي فان ما فعله الأوروبيون في القرن السادس عشر هو تحويل التقدم المادي والروحي للقارة الإفريقية وجهة غير الوجهة التي كانت تسير عليها .
وبما أن البيئتين الأوروبية والإفريقية مختلفتان اختلافا جذريا ،فما تنتجه أوروبا قد لا يتوفر في إفريقيا وما تنتجه إفريقيا لا يمكن أن تنتجه اروبا ،وبالتالي فإن الباحثين لم يتبينوا بالضبط الوجهة التي كانت ربما تتجهها إفريقيا لولا وجود الغزو الأوروبي.
يقول جمال محمد أحمد((من أن غزو أوروبا للقارة الإفريقية انقض على تقدم ونمو الإفريقيين ،ولن يتاح لنا أن نعرف صورتهما فقد ذهبا مع الغزو وليست لدينا سبل لنعرف أي وجهة كانت ستسير إفريقيا لو لم تكن هذه العلاقة بينها وبين أوروبا علاقة السيد والمسود لا علاقة الند والكفء)).
وقال دافدسن(( أتى الغزو الأوروبي منتصف مجرى موجة من التحول ،ضرب الغزو إفريقيا في لحظة من لحظات الاضطراب الكبير وكان الاضطراب نفسه نتيجة حوادث أخرى سبقته)).
جميع الحقوق محفوظة للمنتدى
يتبع