لغة التخاطب: دولة رئيس الوزراء
الأخوة الاعزاء.
سألني صديق عن لقب "دولة" عندما ينسب إلى رئيس وزراء (حكومة) في بعض البلدان العربية. لم أستطع الأجابة على سؤاله. هل هذا اللقب اختصار لـــ "صاحب الدولة"، كما نجده في التراث العربي، أم ماذا؟ ولا يتعلق سؤالي بألقاب أخرى مثل "فخامة" أو "سعادة" ...إلخ.
مودتي.
د. دنحا
دولتلو ... صاحب الدولة ...
دولتلو ... صاحب الدولة ... :emo_m17:
الأستاذ الدكتور الفاضل دنحا حفظه الله،
من المعروف أن معظم الرسائل الموجهة لأعلى المقامات الرسمية أيام الدولة العلية العثمانية كانت تبدأ دائما بعبارة (دولتلو ...) ومعناها صاحب الدولة، وقد نقلها المترجمون العرب واختصروها بعبارة (دولة ...) لهذا السبب.
من جهة أخرى يمكننا القياس على مخاطبتنا لصاحب الفخامة بـ (فخامة ...)، وصاحب المعالي بـ (معالي ...)، وصاحب العطوفة بـ (عطوفة ...)، وصاحب السعادة بـ (سعادة ...) فنخاطب (صاحب الدولة) أيضا بـ (دولة ...) قياسا على ذلك.
وإن كانت مفاهيم العدل والمساواة والإنسانية تقتضي إلغاء مثل هذه الألقاب ...
والله أعلم ...
منذر أبو هواش
:good:
حول تأصيل مصطلحات المخاطبة ...
الأستاذ الفاضل د. دنحا
منذ أن انتقلت الخلافة من العرب إلى العثمانيين كانت معرفة اللغة العربية بالنسبة إلى الأتراك، ومعرفة اللغة التركية بالنسبة إلى العرب شرطا أساسيا وحيويا من شروط الدخول في سلك الحكومة، والترقي في المناصب الرسمية والسياسية والدينية، وبسبب العاطفة الدينية حافظت اللغة العربية زمن الحكومات العثمانية المتعاقبة على مكانتها الرفيعة جنبا إلى جنب مع اللغة التركية، وكان لدى العثمانيين ولع كبير بتعريب لغتهم التركية وتطعيمها بكثير من المفردات، وحتى ببعض القواعد اللغوية المستمدة من العربية، مما أدى بالتالي إلى اقتراض كثير من المفردات وانتقال كثير من المصطلحات العربية إلى اللغة التركية العثمانية.
من جانب آخر فقد ظهر ميل كبير من قبل خلفاء المسلمين وقادتهم وأفراد عائلاتهم – وخاصة في الفترة الأيوبية – لاتخاذ الألقاب والأسماء المقرونة بـ (الدولة) مثل: عضد الدولة، وركن الدولة، وبهاء الدولة، وجلال الدولة، وسلطان الدولة، ومعز الدولة الخ. لذلك أرى أن حدسك قد يكون في محله لأن الاحتمال قوي جدا في أن يكون قادة الدولة العثمانية قاموا بتقليد من سبقهم من قادة العرب في هذه العادة.
هناك ألقاب عثمانية كثيرة أخرى تم اشتقاقها على المنوال موضوع البحث مثل فضيلتلو (صاحب الفضيلة)، وعزتلو (صاحب العزة)، وسعادتلو (صاحب السعادة) وغير ذلك.
إن اللاحقة (لو) في اللغة العثمانية (لي) في اللغة التركية الحديثة إذا أضيفت إلى اسم ما أو لقب ما يكون معناها (صاحب) ذلك الاسم أو اللقب. ونظرا لكثرة المفردات العربية المستخدمة في اللغة العثمانية فقد كان العثمانيون يكتفون بإضافة اللاحقة (لو) إلى الاسم من أجل تتريكه من دون الاضطرار إلى تغيير أصله أو تتريكه بسبب حبهم لمفردات اللغة العربية لكونها لغة القرآن الكريم.
بيد أنني لست متأكدا من أصالة أو صحة استخدام ألقاب المخاطبة العربية الحديثة بصيغ مثل جلالة الملك، وسمو الأمير، ودولة الرئيس، وفخامة الرئيس، وسيادة الرئيس، ومعالي الوزير، وعطوفة الوكيل، وسعادة السفير، وجناب المدير ويبدو لي أنها محدثة، في حين لا أرى أي خطأ لغوي أو اشتقاقي في الألقاب العربية القديمة المبدوءة بصاحب.
نعم أستاذي الفاضل، الاحتمال كبير في أن تكون هذه الطريقة قد انتقلت من العرب إلى العثمانيين ثم عادت مرة ثانية إلى العرب بشكل غير معياري. ويمكن للباحثين من فقهاء اللغة أن يساعدونا في نفي أو تأكيد هذه المعلومة.
دمتم بخير، والله أعلم.
منذر أبو هواش
:emo_m17: