مرجعية الاتجهات الاخراجية

مرجعية الاتجاهات الاخراجية المعاصرة

تقوم تجربة الاخراج المسرحي علي امتزاج عناصر الادب بفنون العرض الحي بمعني تضافر النص الدرامي والاداء التمثيلي وتشكيل الفراغ والموسيقي والضؤ بشكل ارادي واع .
ولما كانت هذه العناصر الممتزجة لا تملك قوة ذاتية تمكنها من التحول التلقائي من حالة السكون الي حالة من الحياة والحركة لذا كان لابد من وجود شخصية تقف خلف هذه العناصر يناط بها هذا الامتزاج ومعاييره وصياغة التكوين العام للعرض وقد أطلق علي هذه الشخصية تعبير المخرج .

واذا كانت أقل مهامه هي تنسيق وتنظيم أليات العرض المسرحي فإن أكبر مهامه وأعقدها هي التفسير المبدع للعمل الفني باعتباره القيادة الفكرية والفنية اذ يعتمد العرض المسرحي في خطابه الايديولوجي علي التعبير الذاتي الصادر عن شخصية المخرج ومفهومه العام .

لقد مر المجتمع الانساني بمجموعة من المتغيرات الحضارية التي لا يمكن تجاهلها لأنها أثرت بشكل مباشر علي المسرح باعتباره انعكاسا للتجربة التاريخية للإنسان ولعل أهم هذه المتغيرات الحضارية هي تطور العلوم وظهور الأكتشافات الحديثة والثورة الصناعية .
وقد انعكست علي مستوي الفن المسرحي سواء علي مستوي الأدب أو مستوي العرض المسرحي ذاته وتجلت هذه المتغيرات بشكل واضح في أعمال تشيكوف وابسن أولا ثم في أعمال بيراند يللو وسترندبرج .

وقد بلغ التعبير عن المتغيرات الحضارية الجديدة ذروته في مسرح ما بعد الحرب العالمية الثانية خاصة في اتجاهات المسرح الوجودي والمسرح البريختي الملحمي .
ثم في المسرح الطقسي والمسرح الانتقائي متعدد الأساليب والذي ساء في الثلث الأخير من القرن العشرين .
ولقد تميزت المسرحية المكتوبة والمعروضة علي خشبة المسرح بسمات حملت في ثناياها ما فرضه الواقع الإنساني الجديد من قضايا هامة مثل :
1- سيادة فكرة اغتراب الإنسان وشعوره بالعزلة في خطاب النص والعرض المسرحي عن طريق تصويره عاجزا عن التعامل مع واقعه الجديد رافضا له .
2- فقدان اللغة الأدبية لدورها التعبيري كوسيط أساسي للتواصل بين البشر وقد أدي هذا الفقد الي ظهور اسلوب جديد يعتمد علي استخدام لغة الحياة اليومية والصمت .
3- الاهتمام الشديد الواعي بالتعبير الجسدي والحركة والدلالات الاشارية البليغة لحركة الجسد الانساني كرد فعل طبيعي لفقدان اليقين في الدور التعبيري للغة الادبية المكتوبة .
4- التأثر بمفاهيم علم النفس وظهور فكرة الواقعية السيكولوجية علي يد ستانسلافسكي والتي تحاول تجسيد المشاعر الذاتية الداخلية الي سلوك صوتي ومرئي خارجي .
5- التأثر بمفاهيم النظرية النسبية التي امتدت سطوتها الي الادب بما أدخلته من مفاهيم نسبية الزمان والمكان وبالتالي نسبية النشاط العقلي والروحي للإنسان .