الذاكرة القوية تخزين جيد واسترجاع فوري

:mh09:

الذاكرة القوية
تخزين جيد واسترجاع فوري

من تقديم الأستاذ أحمد أبو عبد الله
مؤسس ورئيس مجلس ادارة مؤسسة المحبة للتنمية البشرية-الجزائر

من عجائب القدرة الإلهية في الخلق والتقدير هذه -الذاكرة – البالغة التعقيد والمتناهية الدقة والمترامية الشمو ل, وما يجعلها مذهلة حقا كونها لا يوجد لها مكان محدد في المخ توضع فيه الملفات وت خزن فيه الأرشيفات ولا أثر البتة لترتيب على شكل أرقام ولا وجود لفهرسة على هيئة حروف أبجدية أو غيرها من طرق التبويب والترتيب, حتى أصبح البحث في مكان تخزين الذكريات أمرا غير عملي, وكل ما أكده الباحثون أن معظم الذكريات منتشرة بالتساوي عبر اللحاء, وهو ما يفسر بقاء التذكر الجيد عند إنسان فقد 20بالمائة من اللحاء.و ذكروا أن الأصوات مخزنة في اللحاء السمعي, بينما الأسماء تخزن في لحاء الفص الصدغي, وتسجل الأحداث الانفعالية الخفية السالبة في لوزة المخيخ, أما الأحداث المتسلسلة والمترابطة فهي في المخيخ إلى آخر ما ذكروه في هذا المجال, ويبقي الأمر العملي متمثلا في الجهد المكرس في كيفية عمل الذاكرة.
فكيف تعمل الذاكرة في تقديرك؟
وقبل أن نتطرق إلى الكيفية التي تشتغل بها الذاكرة يحسن بنا التعرف على معنى الذاكرة وماهيتها.
معنى الذاكرة:-

ترى طائفة من علماء النفس أن الذاكرة هي:-عملية عقلية يتم بها تسجيل وحفظ واسترجاع ما حدث في الماضي من مدركات وأفكار و ميول وسلوك وحركات.


طريقة عمل الذاكرة:-

يؤكد عالم الأعصاب د. "دانيال شاكتر" أن النظم والمواقع المتعددة في المخ هي المسئولة عن التعلم والتذكر. وهو ما يعني اختلافا في طرق تخزين المعلومة و استدعاءها. غير أن عملية استدعاء المعلومات كما يؤكد الباحثون هي ما ينشط الخلايا العصبية الخامدة ويحفزها. كما يؤكدون على استحالة الفصل بين الذاكرة والاستدعاء لقوة التلازم بينهما.
ويأتي الاستدعاء ناجحا, عندما يتم تنشيط وتلاحم عدد أكبر من الخلايا العصبية.
وعليه يمكن تنشيط مجالات كثيرة من الخلايا العصبية كنمط أكبر من أنماط التذكر:-
فلو ذكرت على سبيل المثال كلمة "ثورة التحرير" أمام مجاهد (حقيقي) فإنك تثير في مخه ما يشبه "العاصفة الرعدية", فتجول في خاطرة جملة من الأمور, وهذا مرده إلى وجود خبرات سابقة وترابطات كثيرة بين الخلايا العصبية , وكذلك لأن لها معنى عميق عنده, وعلى هذا الأساس ظهرت النظرية التي تعتبر الذكريات أنماطا جامدة تنتظر الإشارة الملائمة للظهور, وفي هذا الصدد يقول عالم الأعصاب "وليام كالفين" (1996) :- (إن ذكرياتنا مخزنة في أمخاخنا في انتظار حدوث استدعاء ملائم لها, و تتعاقب طلبات الاستدعاء بصورة متوالية إلى أن يفتح الباب السحري للذاكرة ويتم استدعاء الفكرة أو الذكرى المخزنة).
الذاكرة الواضحة والذاكرة الخفية:-

توجد عدة تصنيفات للذاكرة مثل:( ذاكرة طويلة المدى, قصيرة المدى, تصريحية وغير تصريحية,......وغيرها).
لكننا سنركز على الواضحة والخفية لاعتبار أهميتهما.
أ)- الذاكرة الواضحة هي:-
ما تمّ تعلمه بجهد واع وهي تشمل (الذاكرة القصيرة المدى-من 5إلى 20ثانية, والذاكرة العاملة- من3إلى 4أشياء)
وهي نوعان:
-1) دلالية وتشمل (الكلمات, الرموز, الأفلام, الكتب, القصص المكتوبة, المواد الدراسية, الكمبيوتر).

-2)التسلسلية:- وتشمل (الأماكن, الأحداث, الظروف).





ب)- الذاكرة الخفية:-

وهي نوعان أيضا.
1) إجرائية:- وتشمل (المهارات البدنية والتعلم بالتجربة والحركات واستخدام الأيدي).

2) انعكاسية:- وهي تشمل (التعلم التلقائي اللاشعوري).



هكذا نفهم طريقة عمل المخ مع المعلومات:-

يقوم المخ بتنظيم وتخزين المعلومات على حسب تواجدها في السياق أو المحتوى أو التسلسل.
فعندما تتواجد المعلومات في المحتوى يتم تعلمها عن طريق الحفظ والاستظهار, وتحتاج إلى جهد وبروفة حتى يتم تخزينها جيدا واسترجاعها, غير أنها صعبة الاستظهار لمجيئها في غير سياق, ولكونها صارمة الحدود, ناقصة المعنى, وهو السرّ في أننا ننسى الكثير مما تعلمناه من المقررات الدراسية.
على العكس تماما من ذلك عندما تتزامن المعلومات بعوامل أخرى كالفضول و الابتكار و خبرات الحياة والتوقعات فيتم تخزينها على شكل خريطة موضوعية شاملة لأنها أدرجت في سياق معين, وخاصة إذا أشركت أكبر قدر من الحواس" السمع, البصر, الشم, اللمس, التذوق" (المدخلات الحسية).
أما عندما تتسلسل المعلومات فهنا تنشأ ذاكرة قوية وبسرعة ولا يلزمها أي مجهود, وتستخدم بطريقة طبيعية, وتكفي أي حركة أو رائحة أو صوت حتى تنشطها.

عشرون فكرة
للتمتع بذاكرة قوية


إليك – أخي القارئ- سواء كنت أستاذا أم طالبا أو تلميذا و كلنا "تلاميذ في مدرسة الحياة" هذه الأفكار العلمية والطرق العملية لتحفيز التذكر عندك وتسهيل عملية الاسترجاع الفوري للمعلومة.

1)- اربط المعلومات بقصة, بصور خيالية.

2) استخدم التشبيه كأداة ربط أيضا بين المعلومات السابقة واللاحقة.

3)- صمم أنشطة لربط المشاعر والانفعالات القوية بالمعلومات الجديدة.

4)- راجع معلوماتك خلال عشرة دقائق بعد دراستك لها, ثم بعد 48ساعة ثم بعد أسبوع ثم بعد ثلاثة أسابيع لبناء ذاكرة طويلة الأمد.



5)- حول المعلومات إلى أعمال فنية ومجسمات إن أمكن ذلك.



6)- يمكنك تمثيل المعلومات على شكل أداء دور تمثيلي.



7)- كوّن عبارات مختصرة, ومعادلات لما تتعلمه.

8)- استعن برسومات ملونة وتعليقها على الجدار إن أمكن.



9)- أوجد الروابط بين المعلومات القديمة والجديدة.



10)- استفد من المعلومات في حياتك الشخصية وحياتك العامة.



11)- لخّص المادة على شكل خريطة ذهنية.

تم تصغير هذه الصورة. إضغط هنا لمشاهدة الصورة كاملة. الصورة الأصلية بأبعاد 818 * 615 و حجم 138KB.



12)- أوجد سياقا لمعلوماتك كرحلة ميدانية, أو استضافة زملاء في البيت أو لقاء في حديقة لمناقشتها أو تجسيمها بشكل ملموس.

تم تصغير هذه الصورة. إضغط هنا لمشاهدة الصورة كاملة. الصورة الأصلية بأبعاد 1115 * 746 و حجم 57KB.



13)- ابحث عن الفائدة من وراء هذه المعلومات لتعميق المعنى وزيادة الدافعية.



14)- ابدأ حصتك الدراسية بشيء مثير, أو غير مألوف, أو مختلف, فهذا ما ينتبه له المخ بقوة.




15)- استعن بقوة التكرار للتحقق من الإتقان.



16)- أدرج مشكلات حياتية بالدرس, لتأكيد المحتوى.



17)- أجر مناقشة مع زملائك بشكل دوري كلما تلقيت معلومات جديدة.



18)- استعن بكتابة مذكرات لدروسك.



19)- وفر وقتا للراحة لتدعيم وتعزيز عملية التعلم النشط.



20)- تخيّر نظام غذائي غني وصحي.


معلومات قوية فيما يتعلق بالذاكرة

1)- يتعامل ويتفاعل الإنسان مع ما حوله في حياته وبيئته بمثلث ذي ثلاث أضلاع( إدراك, تفكير, تذكر) والإدراك يمثل الحاضر, والتذكر يتعلق بالماضي, أما التفكير فهو يتعلق بالمستقبل وهو يتناول الحقائق المدركة, وهذه القوى المعرفية تعمل بصورة تكاملية في الذهن لسد احتياجات الإنسان الخاصة بالذاكرة القوية. لأن الذاكرة القوية هي:-(إدراك واعي و تفكير صحيح وتذكر دقيق ), فاحرص على سلامة الأضلاع من أجل ذاكرة فولاذية قوية لا يصيبها الصدأ.



2)- التنفس العميق + الاسترخاء الجسدي

+ تسجيل المعلومة= التذكر الجيد.

3)- ليس السّرّ في الذاكرة القوية وإنما السّرّ في تقوية الذاكرة, لأن الذاكرة عضلة ذهنية تقوى بالتدريب وتضمر بالإهمال, والعضلة التي لا تعمل تؤول إلى ضعف, ولا توجد ذاكرة قوية وذاكرة ضعيفة وإنما توجد ذاكرة مدربة وذاكرة غير مدربة.

4)- حب التعلم والتمتع به هو ما يصنع ذاكرة فوتوغرافية.

5)- التوتر العدو الأول للذاكرة والأخطر, وقد ثبت علميا أن التلميذ إذا تعرض لتهديد حقيقي لا يستوعب المعلومات لثلاثة أيام, اليوم الذي تلقى فيه التهديد ويومان بعده.


6)- الاسترجاع الفوري للمعلومة يتم في"جزء من مائة جزء من الثانية, وحتى يعمل جهاز الاسترجاع الفوري بطريقة قوية عليك أن تؤسس له بخمس خطوات رئيسة وهي: (الاسترخاء, الاهتمام, الانتباه) وهذه الخطوات الثلاث هي التي تأتي بالخطوتين اللاحقتين(التخزين الجيد,والحفظ الجيد للمعلومة).


7)- مبدأ" البداية والنهاية والمنتصف" يفيد ما يلي:-
أن الإنسان يتذكر ما يتم شرحه من المعلومات في البداية لتأصل عامل الحداثة في البدايات, ثم يتذكر المعلومات النهائية لعامل التفريغ الانفعالي في النهايات, ثم يتذكر ما يقدم في المنتصف بدرجة أقل, وتفسير هذه الظاهرة هو تحفيز التغييرات الكيميائية في المخ التي تسهل استدعاء وتذكر المعلومة وترسخ التعلم,بسبب الحداثة والانفعالية.

8)- يحفظ الطالب بطريقة أفضل إذا اقترنت المعلومات برحلة ميدانية أو أداء تمثيلي أو مكان جديد للمذاكرة....الخ, ويمكن تلخيص ذلك بإشراك الحواس واستثارة الانفعالات من أجل تحفيز طرق أكثر للذاكرة.


9)- حداثة المعلومة, تباينها, قوتها, أهميتها, كل ذلك ما يجعلها تستحوذ على انتباه المخ, لأنه يميل بطبيعة عمله إلى الانتباه لما هو مختلف أو غير متوقع أو بالغ الأهمية.



10)- حب التعلم وعامل المتعة ودافع الفضول هو ما يجعل المرء في حالة استغراق معرفي وتركيز عالي وهو ما يحقق لك ذاكرة فولاذية وحافظة صمغية.


11)- قواك المعرفية مثلث ذو ثلاث أضلاع ( إدراك, تذكر, تفكير), فالإدراك مرتبط باللحظة الحاضرة, والتذكر متعلق بالماضي, أما التفكير فهو مرتبط المستقبل, فالمحافظة على الأضلاع الثلاثة سليمة رأس مال ضروري للتمتع بذاكرة فوتوغرافية حادة ونشطة.

أطوار تكوين الذكريات

1)-عندما نعيش تجربة (نفكر, نشعر, نتحرك) نكون بذلك قد حفزنا حواسنا.

2)- يقوم المخ بتخزين الخبرات.

3)- يتم ترتيب الخبرات حسب الأولوية والأهمية والقيمة والمعنى, والفائدة.

4)يتم تنشيط خلايا عصبية فردية.

5)- تحدث تفاعلات كهربائية وكيميائية
لنقل المعلومات من خلايا إلى أخرى.

6)- تزداد الترابطات قوة بالتكرار والراحة والانفعالات, لتصبح ذكريات دائمة.

أماكن تنشيط الذاكرة في المخ


1)- لوزة المخيخ"لحاء الفص الصدغي(للأحداث الانفعالية الخفية السلبية, واستعادة المعاني والدلالة).
2)- قرن آمون(وسيط الذاكرة الدلالية المتسلسلة).
3)- المخيخ (للتعلم الخاص بالإجراءات والخطوات والتعلم الانعكاسي والاستجابات تحت تأثير التكيف الشرطي).
4)- ذاكرة الجسم :-وهي مخزنة في جزيئات الببتايد, وهي جزيئات تجري مجرى الدم في جميع أرجاء الجسم.
5)- الناحية الجدارية الجانبية في المخ (وهي ذاكرة المدى القصير).
6)- الفص الصدغي ولحاؤه (استعادة المعاني والأدلة).
7)- الفص الأمامي (ذاكرة قصيرة المدى أيضا).

بسم الله الرحمن الرحيم
شكرا جزيلا على ما تفضّلت به من بسط نظريّ ونصائح عمليّة.
ولعلّه من المفيد أن نفكّر بجدّية في استرفاد المعارف العلمية الموصولة بالذاكرة في بناء المناهج الدراسية وتصوّر المقاربات التعليمية واختيار الطرق البيداغوجية أو ابتكارها. ويحتاج هذا العمل تكامل العديد من المختصين. وفي انتظار ذلك، لا بأس من إبداء خواطر هي سليلة تجربة متواضعة في التدريس والتكوين والإشراف البيداغوجي.
1. انطلاقا من الوعي بنظام الترابط الذي تشتغل الذاكرة بمقتضاه، يجب على المعلّم والمتعلّم سيّان أن يحرصا على إحداث الترابطات المناسبة بين المعلومة الجديدة المراد تخزينها وما يعرفه الطالب سلفا، والأفضل ألأ نكتفي برابط واحد وإنما ننوّع الترابطات ونعدّدها حتى يتواتر استدعاء المعلومة من الذاكرة بعيدة المدى وتوظيفها في مقامات شتّى.
2. الحرص على توجيه المعلومة إلى مستقرّها السليم في الذاكرة فأيّ انحراف في وجهة المعلومة سيؤدي إمّا إلى صعوبة استعادتها أوإلي نسيانها نهائيا لأن المعلمة لم تخزّن وفق الارتباطات السليمة، ويتيسّر ذلك بتنزيل المعلومة ضمن سياق مناسب.
3. العمل بمبدأ تراسل الحواس أي تكاملها في إدراك المعلومة وحفظها ويمكن التفكير بجدية في تفعيل دور مختلف القنوات الحسية لا الاكتفاء بقناة واحدة أو اثنتين في أحسن الأحوال
4. السعي إلى مساعدة المتعلمين على الوعى باستراتيجيات التذكر التي يمارسونها عفويا وعلى تعديلها وإيلافهم استراتيجيات أنجع...

اقتباس:

---

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صلاح الدين سعد الله

بسم الله الرحمن الرحيم
شكرا جزيلا على ما تفضّلت به من بسط نظريّ ونصائح عمليّة.
ولعلّه من المفيد أن نفكّر بجدّية في استرفاد المعارف العلمية الموصولة بالذاكرة في بناء المناهج الدراسية وتصوّر المقاربات التعليمية واختيار الطرق البيداغوجية أو ابتكارها. ويحتاج هذا العمل تكامل العديد من المختصين. وفي انتظار ذلك، لا بأس من إبداء خواطر هي سليلة تجربة متواضعة في التدريس والتكوين والإشراف البيداغوجي.
1. انطلاقا من الوعي بنظام الترابط الذي تشتغل الذاكرة بمقتضاه، يجب على المعلّم والمتعلّم سيّان أن يحرصا على إحداث الترابطات المناسبة بين المعلومة الجديدة المراد تخزينها وما يعرفه الطالب سلفا، والأفضل ألأ نكتفي برابط واحد وإنما ننوّع الترابطات ونعدّدها حتى يتواتر استدعاء المعلومة من الذاكرة بعيدة المدى وتوظيفها في مقامات شتّى.
2. الحرص على توجيه المعلومة إلى مستقرّها السليم في الذاكرة فأيّ انحراف في وجهة المعلومة سيؤدي إمّا إلى صعوبة استعادتها أوإلي نسيانها نهائيا لأن المعلمة لم تخزّن وفق الارتباطات السليمة، ويتيسّر ذلك بتنزيل المعلومة ضمن سياق مناسب.
3. العمل بمبدأ تراسل الحواس أي تكاملها في إدراك المعلومة وحفظها ويمكن التفكير بجدية في تفعيل دور مختلف القنوات الحسية لا الاكتفاء بقناة واحدة أو اثنتين في أحسن الأحوال
4. السعي إلى مساعدة المتعلمين على الوعى باستراتيجيات التذكر التي يمارسونها عفويا وعلى تعديلها وإيلافهم استراتيجيات أنجع...

---

حياك الله أخي صلاح لك جزيل الشكر على مرورك الكريم وتعليقك اللطيف
أنا أرحب باقترحك وأشكرك عليه
يسر الله لنا سبل التعاون على الخير
وأعتذ على التأخير في الرد وشكرا

الأستاذ أحمد أبو عبد الله حفظك الله،
كم امتعنتي هذه المعلومات والتي أرجعتني إلى عهد الجامعة، وهي ستفيدني بإذن الله في عملي الآن كمرشدة للمعلمات.
أرجو منك المزيد من هذه النوعية من المحاضرات وجعله الله في ميزان حسناتك.:mh78: