عن الدراما السورية وبراعم القطرية

سيد أمين
لا اخفيكم سرا أنني منذ فترة بعيدة انصرفت عن مشاهدة السينما والدراما المصرية واعتقدت ان الفن بهذه الصورة لا يمكن ان يساهم في تطوير المجتمعات بل قد يكون له تاثير سلبي ربما لا يصلح فيه ترميم ولا اصلاح.
وتأتي خطورة الاعلام عموما والاعمال الدرامية خصوصا مع ما يتعرض له المشاهد اثناء استرخائه وهي الفترة المثلي للتقبل اليسير والسهل للافكار المطروحة عبر استخدام
تكنيكات تهدف الي الاقناع مثل التكرار والتجاهل والتضخيم والتهوين.
وادركت ان اساءة استعمال الفن - وهو ما يحدث بالفعل الأن - قد خلق مشكلة قومية كبري يعد الصمت عليها جريمة نكراء لكونه يعبث في المكون الفكري والتوعوي للانسان المصري ولا يتركه الا حطاما يملك بقايا انسان بحيث يصرفه بل يغيبه عن طرح ومناقشة اهم قضاياه التي تمثل له قضايا حياة أو موت ويلقي به في جب عميق من التراهات والتفاهات والاسفاف والتبلد والاستكانة.
بصراحة اعتقدت ان كل الأعمال الفنية في منطقتنا العربية تجري بنفس المنطق التغييبي والهزلي وذات المنوال الذي يدار به الامر في مصر فاقررت حكما متسرعا يصورالفن والفنانين كابواق تخدم المخططات الاستعمارية المرادة لبلداننا - بقصد او بدون - ولكن كان لزوجتي الفضل في ان تصوب لي الامر واخبرتني ان هناك من يقدمون فنا فعالا يخدم المجتمع وينقل الواقع وينشد الفضيلة وان متعة المشاهدة قد تجعلك لا تفارق الشاشة الا مضطرا بسبب انتهاء العرض.
في الحقيقة كانت هذه هي المرة الاولي التي اشاهد فيها عملا دراميا سوريا ووجدتني امام "باب الحارة" اجد فنا يقاس فيه العرض بالثانية والكلام بالكلمة دون مط او تطويل اوحشو فارغ ويرسم صورة ابداعية في غاية السمو والرقي ولم اتوقف عن متابعة هذا المسلسل الا بعد مشاهدة اجزائه الثلاث ورحت اتابع بعد ذلك الدراما السورية بشكل عام فوجدت فيها ضالتي.
انا في الواقع لم اشأ ان اعقد مقارنة بين الفن المصري والسوري وذلك لانني لا أؤمن اساسا بوجود الحدود الشعبوية القطرية الاستعمارية.
ولكن المقياس عندي يدور في الاجابة حول سؤال : هل هذا الفن او ذاك فنا ايجابيا يخدم الشعب والثقافة العربية أم لا ؟ وهل هو يناصر قضايا الواقع والتحرر والتنوير ام انه فن اظلامي سلبي لا ينقل الواقع ولكنه يحلق منفردا لخلق واقع وهمي يدور في خيال هذا المخرج الشاذ او ذلك الفنان عديم الثقافة أو ذاك المأجور وهم الذين استحلوا قسرا تنصيب انفسهم كمعبرين عن الثقافة المصرية رغم انهم هم الاكثر مناقضة واساءة لها .
لقد لفتت زوجتي نظري الي امر غاية في الخطورة حينما قالت لي ان الدراما المصرية لا تظهر فيها امرأة محجبة مطلقا مع ان معظم نساء المجتمع المصري محجبات بل ان الاعمال التاريخية والدينية في الدراما والسينما المصرية تظهر نساءا ربما كن صحابيات وهن غير محجبات بل قدموهن كمطربات كما حدث في فيلم الشيماء.
ليس ذلك فحسب بل انه حينما قدموا مسلسلا عن صلاح الدين الايوبي عرضوه بصورة قد يفهم منها انه "زير" نساء وليس بطلا اسلاميا تاريخيا اضفي عليه الناس نوعا من القداسة من فرط استبساله.
درسنا في كلية الاعلام ان الوظيفة الرئيسية من الفن هو التنوير والارشاد ثم الاعلام ثم الترفيه لكن علي ما يبدو ان الاوضاع انقلبت رأسا علي عقب في مصر فصارت الوظيفة الاولي للفن هي الترفية المبتزل ثم نقل مخيلة المنتج أوالمؤلف والمخرج "بوصفها الحقيقة التي لا تقبل جدل" دون المرور بالتنوير والارشاد.
لقد غاص الفن المصري في متناقضين اساسيين اما الافراط في "التعري"و"الجنس"و"الخيانة" تحت دعوي" الحب " و" الشباب"و"الحرية" او الافراط في"القتل" تحت "دعوي" الواقع" و"المخدرات" و"العشوائيات" والمؤسف ان لا هذا ولا ذاك يعبر عن المجتمع المصري.
ربما قد تكون السينما التجارية استطاعت ان تقنع قطاعا من الشباب "فاقد الهوية" لتقليدها ولكن سرعان ما يدرك هؤلاء الشباب انهم وقعوا ضحية لفن ساقط جعلوا منه مرجعيتهم ولم يفيقوا الا مع الاصطدام بقسوة الواقع ومغايرته لخيال الأفلام وهنا يجب التنويه ان هذا القطاع يمثل نسبة ضئيلة للغاية من الشباب المصري الذي تشوبه نار الفقر والبطالة.

قناة "براعم" القطرية


كما استطاعت قناة "الجزيرة" القطرية أن تصبح منبرا عربيا مميزا يقف في صف المقاومة العربية في العراق وفلسطين ولبنان وحتي الصومال وهي المقاومة التي خذلتها معظم النظم الرسمية , استطاعت قناة"براعم" القطرية ايضا ان تجمع اطفال العرب حولها لتقول ان هناك من لا يزال يقاوم تغريب النشء والعبث بثقافتهم العربية .
لقد تمكنت تلك القناة بحق ان تؤكد للجميع ان اللغة العربية الفصحي هي ام اللغات وأكثرها جمالا وابداعا
وأفضلها تعبيرا واسلسها نطقا وكتابة عبر برامج مدروسة بعناية شديدة تربط ماضي الطفل بحاضره ومستقبله وتجعل من مهمة تثقيفه امرا يسيرا بحيث تخلق منه شابا عربيا صالحا.
albaas10@gmail.com
albaas.maktoobblog.com

شكرا اخي سيد
نحن بحاجة الى طرح متوازن بعيد عن القطرية والتقوقع
هناك دراما مصرية رائعة لمن بحث عنها مثل تلك الاعمال الفنية التي تتحدث عن السيرة وعن المجتمع المصري
او عن بعض الاعلام الكبار
وهناك اعمال رائعة جزائرية ولبنانية
لكن الانظار دائما تتجه الى الفن المصري والسوري باعتبارهما الاصل والاساس لكل فن عربي
ومسلسل باب الحارة نجح في تقديم صورة مقاربة للمجتمع الشامي الدمشقي خلال فترة ما ،
واعمالنا في مصر وسورية وغيرهما تقارب الوجدان اذا ابتعدت عن السلطان !
دمت بود واحترام اخي المكرم والله يرعاكم مع زوجتكم الطيبة ...

الاخ الكريم سيد
سعيد جدا بمقالتك الموضوعية والتي تطرقت لقطاع مهم جدا
استغل سلبا لا إيجابا..