الغرور وعقدة النقص ... نظرة تحليلية ...

الغرور وعقدة النقص ...نظرة تحليلية ...

# الاخصائى النفسى : علاء عبدالله عياش

ترتبط مشكلة الغرور بعقدة النقص ارتباطا وثيقا ,لذلك علينا ان نلقى الضوء على معنى الغرور ,حتى يتسنى لنا بعد ذلك ان نستكشف صلته بعقدة النقص ,فنجد ان الشخص المغرور يتصف بخصائص معينه وهى :
الشعور بالتفوق على الاخرين ,فهو يكون حائزا مواهب ومزايا ,لا تتوفر له ,وينظر من الزاوية التى يمتاز فيها ,ويتفوق بازائها على اقرانه ويغض النظر عن الزوايا التى يتفوق عليه الاخرون بازائها عليه ,لذلك ينحو الى التعاظم والتعالى عليهم ,واحتقاره لهم .كما انه ينتحل لنفسه مزايا ليست فيه يتخيلها ويتخيل احداثا ووقائع ومغامرات زائفه ,ابلى فيها بلاء حسنا ,مما يبرهن على جبروته , وقوة شكيمته ,كما وانه صيد سهل للوصوليون بما يبدونه له من احترام وتبجيل ,حيث ان هؤلاء المخادعون يعرفون جيدا ما لدى المغرور من استعدادات للوقوع فى مخالبهم ,وقضاء وطرهم ,اذا هم احاطوه بهالة من التبجيل والتقدير والاحترام .فهو يصدق انه شخصية عظيمة , خليقة بذلك التقدير و الاحترام ,مع ان الواقع ان ما يبديه اولئك المخادعون ,عبارة عن طعم يضعونه فى شباكهم لايقاعه فيها ,فيقتنصونه فعلا برضاه وبرغبته و اشتياقه .كما انه يحيط نفسه بالعظمة و الابهة ,ويقيم حاجزا بينه وبين الاشخاص العاديين ,لاعتقاده انه يعلو عنهم منزلة , فيكون بذلك خليقا بكل انواع الحفاوة والاحترام ,وان تعاملهم معه يجب ان يختلف عن تعاملهم مع الناس العاديين . وقبل ان نتفحص العلاقه بين الغرور وعقدة النقص ,فانه يجب علينا ان نلقى الضوء على عقدة النقص .فنجد ان عقدة النقص هى التعبير المقلوب عن خبرات الفشل اللاشعوريه لما تركته الخبرات المحبطة من رواسب فيه .فمن كان مستذلا فى طفولته ,يبدى الشراسة والعدوانية ,بعد ان يشب عن الطوق ,لا لانه قد اكتسب صفه الشجاعة ,بل لانه يحاول اخفاء خوفه وذله الدفين .فهذه العقوبات التى كانت توقع على المرء فى طفولته ,تجعله يسقط مخاوفه على الاطفال وذلك بالترفع عليهم , وكراهيتهم وايذائهم .لذلك تظهر الاعراض السلوكية للغرور وصلتها بعقدة النقص .فتجد المغرور يتردد بين الترفع الشديد والكبرياء الزائد ,وبين التواضع الشديد والشعور بالضعه .فتجده فى وقت ما يتحاشى مخاطبة زملائه .بينما تجده فى وقت اخر يمازحهم ويتقرب اليهم ,ويعترف لهم بادق اسراره الشخصية .ونظرا لافتقاده التكامل النفسى لا يتمتع بالتعاون والتازر بين الفكر و الارادة و العاطفه ,بل تكون متصفه بالتفكك فيما بين هذه المقومات الثلاثة,فالفكر يعمل فى اتجاه ,والعاطفه تعمل فى اتجاه ثانى , و الارادة تعمل فى اتجاه ثالث .وقد يحدث تضارب بين هذه الاتجاهات الثلاثه عند الشخص المغرور , ويكون ذلك نتيجة اعتمال العقدة النفسية فى قوامه .وايضا يكون عاجزا عن التوافق الاجتماعى ,فهو لا يستطيع ان يقيم علاقة سوية مع الناس من حوله .لما يثير الكثير من المشاكل معهم ,ولا يستطيع ان يلتقى بهم فى منتصف الطريق فى اى نقاش ينشا بينه وبينهم ,بل يصر على ارائه ,ولا يستطيع ان يتنازل عن راى يذهب اليه ,او عن اى موقف يتخذه .كما انه دائم التشكك فى نيات الاخرين ,خصوصا فى مواقفهم منه ,فهو يعتقد ان كل من حوله لا يحبونه ,بل ويضمرون له الشر ,ويحيكون له المكائد ,ويرتبون له الورطات التى لا يتسنى له التخلص من براثنها .لذلك يكون عرضه لمهاجمة للكوابيس و الاحلام المزعجه عليه فى اثناء نومه ,كما انه يكون معرضا لمشاهدة الاحلام المزعجة باستمرار.