الوزيران الجحش والكلب.
قصة قصيرة
حسين فيلالي
أعلن عن أوصاف الرجل في الصحف، والتلفزيونات، ورسمت له صورة افتراضية، وعلقت على جدران المدينة.حلقت الطائرات في الجو، وألقت صورته على القرى والمد اشر.
قال بعض الكهنة،ورؤساء الأحزاب،والانتهازيين إن النساء لن يلدن مثله،وستهلك المدينة إن لم تتوجه ملكا عليها.
وقال بعض المنجمين، والأثرياء: إن النجوم أخبرتهم بما لا يسر إن لم يعثروا عليه قبل انتصاف الشهر.
أعلن عن جوائز قيمة لمن يعثر عليه.
حرص كل واحد على الظفر به قبل غيره. .كانت الجائزة مغرية، تزرع الحسد بين الوالد وولده، وتمنعهما من الاتحاد. خرجت المدينة، وتدفق مع الأودية خلق كثير، ومنهم من صعد التلال والجبال ،وفجأة جاء الضابط يلهث يتعثر في خطاه :سيدي، سيدي،أعتقد أننا وجدناه.
أمر القائد رجاله بألا يزعجوا النائم،وان ينتظروا حتى يستفيق من نومه.مالت الشمس إلى الغروب والرجل لم يستيقظ، وحماره وكلبه يستظلان بشجرة طلح علق على احد أغصانها زاد الرجل. استيقظ الرجل فوجد امة تحيط به،فرك عينيه ،تأمل الوجوه تأكد أنها لا تشبهه في شيء،وجوه ممتلئة، نياشين وبدلات أنيقة،وأحذية تلمع،فزع وظن انه حل بأرض غير أرضه، نزع قبعته فقفز أكبرهم رتبة بعد أن تفقد الأوصاف:هي ،هي.أصلع، نهض الرجل مستعينا بعصاه فتبين عرجه،صاح القائد،إنه هو إنه هو: الرجل الأصلع الأعرج الذي يحكم المدينة بعد خرابها.
زغردت النساء و صاح الرجال: عاش ،عاش سيدينا.
تقدم القائد وبأدب مبالغ فيه قال: سيدي الرئيس ها هي المدينة تخرج، وتطلب إمرتك عليها.
التفت الرجل الأصلع الأعرج إلى جحشه الهزيل وكلبه،وشويهاته.كرر الرجل آيات الطاعة والولاء، والاحترام لكن الرجل الأعرج لم يلتفت إليه. أطرق ببصره إلى الأرض عدل من هيئته، سوى قبعته،ولف عمامته. اقترب الحمار والكلب من صاحبهما وقفا عن يمينه، قال الأعرج: أنا لست الرجل الذي تطلبون. أخرج القائد الصورة الافتراضية من جيبه تفحصها،ثم أعادها إلى جيبه وقال : هو،هو ثم أردف: أعلم أنك تخاف من ثقل المسؤولية لكننا سنكون إلى جانبك.
قال الرجل الأعرج بعد أن تأكد من خبث نواياهم: بشرط أن آخذ معي وزيريي.انزعج القائد، لكن مساعده اقترب منه وأسر في أذنه اليسر حديثا. حك القائد قفاه ثم قال:قبلنا. تقدمت سيارة فاخرة، أشار الرجل الأعرج، الأصلع إلى الكلب، والجحش ،شعرت المدينة بالحرج في البداية ثم ما لبثت أن حملت الكلب والجحش برفق ولين، وأدخلتهما في السيارة.
نصب الرجل خيمته وسط ساحة قصر الحكومة وأوصى بكلبه وجحشه وشويهاته خيرا. انزعج القائد واستشاط غضبا: هل يريد هذا الراعي الأعرج أن يعيدنا إلى القرون الوسطى؟
أمر رجاله بحرق الخيمة وبمن فيها لكن مساعده نصحه بانتظار الليل.
تسلل الرجال إلى الخيمة ليلا لتنفيذ أوامر القائد لكنهم اندهشوا،وفزعوا، وولوا مدبرين حين رأوا الخيمة ممتلئة بالرجال،عدوهم كان عددهم اثنين وعشرين، يتوسطهم العربي بن مهيدي وهو يمسك بيده خريطة جغرافية قديمة قسمت إلى خمس مناطق، غرس في كل منطقة علم جزائري صغير، وكان الرجل الأعرج يروي بحسرة ما أحدثه الخلف بالعهد،و بالمدينة بعد رحيلهم.
