البيت المعمور .... ليس إلا الأرض التي استعمرنا الله فيها

البيت المعمور ....
ليس إلا الأرض التي استعمرنا الله فيها
وبيت العزة لا وجود له

الإعمار : إدامة الشيء صالحًا بإدامة الوجود فيه والعناية به؛
: { مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله {17} التوبة.
: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ {18} التوبة.
لقد أدام العبادة لله في مساجد الله من كان يؤمن بالله واليوم الآخر.
وإدامة صلاح الأرض للزراعة بإدامة التعهد لها والعمل بها والعيش فيها.
: {كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا {9} الروم.
وإدامة حياتنا مستمرة في الأرض؛ جعل الأرض كاملة مستعمرة من الناس بما نشر الله تعالى في كل انحائها من الشعوب والقبائل والأمم.
: { هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا {61} هود.
ولما كانت الأرض هي الجرم الوحيد العامر بالحياة؛ فهي البيت الوحيد المعمور في هذا الكون، ولا نعرف أن هناك جرم آخر معمور لا بعلمنا، ولا بعلم الله تعالى لنا، غير الجنة التي لا نعرف مكانها.
: { وَالطُّورِ {1} وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ {2} فِي رَقٍّ مَّنشُورٍ {3} وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ {4} وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ {5} وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ {6} إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ {7} الطور.
في هذه الآيات من سورة الطور؛ ذكر السقف المرفوع، ومجمع على تفسيره بالسماء، ووجوبًا أن تذكر الأرض معه، والسقف يجعل فوق المكان العامر أو الذي أعد ليكون عامرًا، فلهذين السببين لا بد أن يكون البيت المعمور هو الأرض.
وقد وردت السماوات في القرآن : (190) مرة.
ووردت السماء مفردة في القرآن : (120) مرة،
ووردت الأرض معها جميعًا بلا استثناء؛ مصرحًا بها في الآية نفسها، أو في الآية التي قبلها أو بعدها، أو بفاصل بينهما في موضوع متصل، أو بما يدل على الأرض وجوبًا؛ وسنبين ذلك بالتفصيل.

وهذا بيان إحصائي بأن الأرض تذكر دائمًا مع السماوات بلا استثناء ؛

: { السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } : (133) مرة
: { مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ } : (28) مرة
: { مَن فِي السَّمَاوَات وَمَن فِي الأَرْضِ } : (4) مرات
: { فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ } : (4) مرات
: { الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ {48} إبراهيم، {4} طه.
: {ماذا خلقوا من الأَرْضِ أم لهم شرك في السَّمَاوَات {40} فاطر، {4} الأحقاف.
: { في السَّمَاوَات أو في الأَرْضِ {16} لقمان.
: { في السَّمَاوَات وفي الأَرْضِ {3} الأنعام.
: { السَّمَاوَات السبع وَالأَرْضِ {44} الإسراء.
: {خلق سبع سَمَاوَات ومن الأَرْضِ مثلهن {12} الطلاق.
: {تكاد السَّمَاوَات يتفطرن منه وتنشق الأَرْضُ {90} مريم.
: {خلق السَّمَاوَات بغير عمد ترونها وألقى في الأَرْضِ رواسي{10} لقمان.
: {والأرض جميعًا قبضته يوم القيامة وَالسَّمَاوَات..{67} غافر..
: {تكاد السَّمَاوَات يتفطرن ... والملائكة يسبحون .. ويستغفرون لمن في الأَرْضِ {5} الشورى.
: {رب السَّمَاوَات ورب الأَرْضِ {36} الجاثية
: {رفع السَّمَاوَات بغير عمد ترونها {2} وهو الذي مد الأَرْضِ {3} الرعد.
: {قل لمن الأَرْضُ..* سيقولون لله ..{84} قل من رب السَّمَاوَات السبع ..{86} المؤمنون.
: { فقال لها وللأَرْضِ ائتيا ...{11} فقضاهن سبع سَمَاوَات {12}فصلت.
: {..ابن لي صرحًا (( على الأرض)) لعلي أبلغ الأسباب {36} أسباب السَّمَاوَات {37} غافر.
: {وكم من ملك في السَّمَاوَات لا تغني شفاعتهم ((لمن في الأرض)) شيئًا {26} النجم.
: { سبع سَمَاوَات طباقًا [مطبقات على أنفسهن وعلى الأَرْضِ]{3} الملك، {15} نوج.

 

وهذا بيان إحصائي بذكر الأرض والسماء في الآية نفسها ؛

: {من السَّماءِ } : (51) مرة؛ "مِنْ" ابتداء غاية، وانتهاؤها في الأرض.
: {إلى السَّماءِ } : (5) مرات؛ "إلى"؛ انتهاء غاية، وابتداؤها كان من الأرض.
: {في السَّماءِ} : (19) مرة؛ والمراقب والمتعلق لما في السماء هو من في الأرض.

ذكر السماء والأرض في آية واحدة؛

: {في الأَرْضِ ولا في السَّماء } : (4) مرات
: { وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ {84} الزخرف.
: { الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء{22} البقرة.
: { مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاء عَلَيْهِم مِّدْرَارًا{6} الأنعام.
: { وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي {44} هود.
: { اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاء بِنَاء {64} غافر.
: { يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الْأَرْضِ {5} السجدة.
: { وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ {65} الحج.

ذكر السماء والأرض في آيتين متتاليتين أو بفاصل آيات في موضوع متصل؛

: { وَالسَّمَاء ذَاتِ الرَّجْعِ {11} وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ {12} الطارق.
: { وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا {5} وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا {6} الشمس.
: { إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ {1} وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ {2} وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ {3} الانشقاق.
: { أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا {27} ... {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا{30} النازعات.
: {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا {8}.... {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا {10} الجن
: { وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً {14} ... {وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ {16} الحاقة.
: {وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ{7} .... {وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ{10} الرحمن.
: { فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء ... {11} وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا {12} القمر
: { وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ {47} وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ {48} الذاريات.
: { وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ {22} فَوَرَبِّ السَّمَاء وَالْأَرْضِ {23} الذاريات.
: { يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاء كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ {104} وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ {105} الأنبياء.

ذكر السماء مع الجبال وهي جزء من الأرض

: { وَفُتِحَتِ السَّمَاء فَكَانَتْ أَبْوَابًا {19} وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا {20} النبأ.
: { وَإِذَا السَّمَاء فُرِجَتْ {9} وَإِذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ {10} المرسلات.
: { يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاء كَالْمُهْلِ {8} وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ {9} المعارج.
: { يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاء مَوْرًا {9} وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا {10} الطور.

ذكر السماء وما يدل على وجود الأرض وجوبًا؛

: { يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم [في الأرض] مِّدْرَارًا {52 } هود، {10} نوح.
: { كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ [في الأرض] وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء {24} لإبراهيم.
: { وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ {1} وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ {2} النَّجْمُ الثَّاقِبُ {3} الطارق.
ثاقب؛ أي مار في السماء من أعلاها إلى أسفلها، فواصل إلى الأرض؛ لأن الثقب ينفذ من طرف إلى الطرف الآخر.
: { إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ {1} وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ {2} وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ {3} وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ {4} الانفطار. [ذكر مع السماء مما لا يكون إلا في الأرض من البحار والقبور].
: { وَإِذَا السَّمَاء كُشِطَتْ [من فوق الأرض] {11} التكوير.
: { إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا [الأقرب وجوبًا إلى الأرض] بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ{6} الصافات.
: { وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا [الأقرب إلى الأرض] بِمَصَابِيحَ..{12} فصلت.
: { وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا [ الأقرب إلى الأرض] بِمَصَابِيحَ{5} الملك.
: { فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ {37} ... {فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ {39} الرحمن. [انشقت السماء فوق أهل الأرض الذين لا وجود لهم دونها].
: { فَارْتَقِبْ [يا ساكن الأرض] يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ {10} الدخان.
: { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاء بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنزِيلًا [على الناس في الأرض] {25} الفرقان.
: { أَلَمْ يَرَوْاْ [الناس في الأرض] إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاء مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللّهُ {79} النحل.
: { وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا [فوق الناس في الأرض] مَّحْفُوظًا {32} الأنبياء.
: { إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا [من أهل الأرض] لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء{40} الأعراف.

: { وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا {1} فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا {2} فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا {3} فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا {4} إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ {5} وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ {6} وَالسَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ {7} الذاريات.
فبعد القسم بما يحدث في الأرض ...وصدق ما يوعد الناس في الأرض ... كان القسم بالسماء ذات الحبك.
: { فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا {17} السَّمَاء مُنفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا {18} المزمل.
السماء منفطر باليوم الذي يجعل الولدان شيبًا من هول ما يحدث للناس في الأرض يوم القيامة.
: {وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ {1} وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ {2} وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ {3} البروج.
البروج الظهور للجميع، ومن صفة السماء أنها تظهر ما فيها وما بعدها لأنها غاز شفاف، فهي ذات البروج، وسيأتي يومًا تظهر يوم القيامة الموعود بما يحل بالأرض والناس من أحداثها، وينكشف يومها كل شيء بالشاهد والمشهود.
أما البروج المعروفة فهي مجموعات نجمية تظهر في السماء في أوقات محددة من السنة، ولولا شفافية السماء ما رأيناها.

هذه الروايات عن طريق قتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة هي أصح الروايات بيانا لما رآه النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة المعراج

صحيح البخاري (4/ 109)
3207 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ح وقَالَ لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، وَهِشَامٌ، قَالاَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بَيْنَا أَنَا عِنْدَ البَيْتِ بَيْنَ النَّائِمِ، وَاليَقْظَانِ - ...... فَأَتَيْتُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِكَ مِنَ ابْنٍ وَنَبِيٍّ، فَرُفِعَ لِي البَيْتُ المَعْمُورُ، فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ، فَقَالَ: هَذَا البَيْتُ المَعْمُورُ يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، إِذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ، وَرُفِعَتْ لِي سِدْرَةُ المُنْتَهَى، فَإِذَا نَبِقُهَا كَأَنَّهُ قِلاَلُ هَجَرَ وَوَرَقُهَا، كَأَنَّهُ آذَانُ الفُيُولِ فِي أَصْلِهَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ نَهْرَانِ بَاطِنَانِ، وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ، فَقَالَ: أَمَّا البَاطِنَانِ: فَفِي الجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ: النِّيلُ وَالفُرَاتُ، "
__________
صحيح البخاري (5/ 52)
3887 - حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِهِ: " بَيْنَمَا أَنَا فِي الحَطِيمِ، - وَرُبَّمَا قَالَ: فِي الحِجْرِ - مُضْطَجِعًا إِذْ أَتَانِي آتٍ، ........ فَلَمَّا خَلَصْتُ فَإِذَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ: هَذَا أَبُوكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، قَالَ: فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ السَّلاَمَ، قَالَ: مَرْحَبًا بِالِابْنِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، ثُمَّ رُفِعَتْ إِلَيَّ سِدْرَةُ المُنْتَهَى، فَإِذَا نَبْقُهَا مِثْلُ قِلاَلِ هَجَرَ، وَإِذَا وَرَقُهَا مِثْلُ آذَانِ الفِيَلَةِ، قَالَ: هَذِهِ سِدْرَةُ المُنْتَهَى، وَإِذَا أَرْبَعَةُ أَنْهَارٍ: نَهْرَانِ بَاطِنَانِ وَنَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَانِ يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: أَمَّا البَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالفُرَاتُ، ثُمَّ رُفِعَ لِي البَيْتُ المَعْمُورُ، "
__________
صحيح مسلم (1/ 149)
264 - (164) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، لَعَلَّهُ قَالَ: عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ، رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ قَالَ: قَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بَيْنَا أَنَا عِنْدَ الْبَيْتِ بَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ، ..... قَالَ: «ثُمَّ انْطَلَقْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ، فَأَتَيْتُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ»، وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ: وَحَدَّثَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، " أَنَّهُ رَأَى أَرْبَعَةَ أَنْهَارٍ يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِهَا نَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، وَنَهْرَانِ بَاطِنَانِ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ، مَا هَذِهِ الْأَنْهَارُ؟ قَالَ: أَمَّا النَّهْرَانِ الْبَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ: فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ، ثُمَّ رُفِعَ لِي الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ، فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا؟ قَالَ: هَذَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ، إِذَا خَرَجُوا مِنْهُ لَمْ يَعُودُوا فِيهِ آخِرُ مَا عَلَيْهِمْ، .. [

وهذه الرواية عند مسلم وغيره مخالفة للرواية السابقة

صحيح مسلم (1/ 145)
259 - (162) حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ، .... فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، وَإِذَا هُوَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ، ثُمَّ ذَهَبَ بِي إِلَى السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى، "

هناك فرق بين "رفع له البيت المعمور" فيكون البيت المعمور منفصل عنه وبعيدًا عنه
وبين "مسندًا ظهره إلى البيت المعمور" بما يدل على صغره وشدة قربه والتصاقه به.

راوي هذا الحديث المخالف هو حماد بن سلمة عند مسلم وغيره

وإذا كان أنس بن مالك لم يسمعه إلا من قريبه مالك بن صعصعة فالحديث منقطع
والبيت المعمور في بعض رواياته في السماء السابعة في مسند أحمد،
وفي بعضها في السماء الرابعة في مسند بن حميد،
ومنهم من جعله في السادسة، ومنهم من جعله واحدًا من (15) بيتًا في الأرض وفي السماء،
وتسرب من أهل الكتاب أن اسمه الصراح أو الضراح ... في أقوال منسوبة إلى علي او ابن عباس رضي الله عنهم
وفي الروايات الصحيحة أنه رفع البيت المعمود للنبي عليه الصلاة والسلام بعد تجاوز السابعة.

حماد مُقيَّم عند أهل الحديث بأنه ثقة
لكنه ليس من رجال البخاري
له فيما يرويه مخالفات كثيرة لروايات هي أصح مما رواه،
وروى غرائب كثيرة وبعضها مناكير
روى (19) ألف حديث ... فهو مكثر ، وبسبب هذه الكثرة اتهم باختلاط الروايات عنده.
وأختلط حديثه آخر عمره
ولهذا لم يجعله البخاري من رجاله
وفوق ذلك فإن فيه طبعًا مخالفًا لطبع البخاري
فالبخاري لم يتزوج إلا أم عبد الله .. امرأة صالحة تقية
عاتبته مرة بأن الرجال يتزوجون مثنى وثلاث ورباع ..
وأنت حبست نفسك عليَّ ...
فوهبت له أجمل جواريها لتحل له ..
فما كان من البخاري بعد شكر أم عبد الله والدعاء لها ..
أن توجه إلى الجارية وقال لها : اذهبي فأنت حرة لوجه الله.
فهو لا يريد أن يشغله شاغل عن العلم وحديث النبي صلى الله عليه وسلم..
أما حماد بن سلمه فإنه قد تزوج 70 امرأة ولم يرزق بولد .
ولو قلت لك بأنه تزوج فلانه بنت فلان وجلس معها ثلاثة أشهر ثم طلقها،
ثم تزوج فلانة بنت فلان وجلس معها سنة ثم طلقها ..
ثم تزوج فلانه بنت فلان ....وجلس معها ...
فلا تطيق أن أعدد لك كل زوجاته ... لكثرة عددهن ..
فما بالك بانشغاله هو بالزواج منهن ..
وكثرة الزواج تدل على أمرين؛
إما أن فيه طبعًا لا تطيقه النساء فيكون سببًا في طلاقهن
وإما أنه لم يرض بقضاء الله بحرمانه من الولد فأكثر من الزواج لعل واحدة منهن تحمل منه
فكان هذا الأمر مقلق له .. فأكثر من العبادة والتسبيح والدعاء ... وعرف ذلك عنه
وأثر ذلك على ضبطه للأحاديث وإن بدأ خفيًا ..
وأرى أن البخاري تجنب الرواية عنه لهذه الأسباب

مكان البيت المعمور من السماء

أما ذكر البيت المعمور فليس البيت المعمور إلا الأرض، وليس هناك جرم في الكون عمره الله تعالى سوى الأرض، ولما كان من يريد العروج في السماء يتجه في الغالب باتجاه الشرق، وكان هذا الحدث (المعراج) قبيل الفجر، والأرض مظلمة، فإن المناطق الشرقية من الأرض تكون قد أشرقت عليها الشمس وظهرت، فلما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم الأرض مضاءة ومعلقة في الفضاء في منظر لم يشهد مثله من قبل سأل جبريل عليه السلام: ما هذا ؟ فأجاب بأنه البيت المعمور، وهو أفضل وصف للأرض من الفضاء ، يميزها عن بقية أجرام الكون قاطبة.
وأما الأقوال التي قيلت بأن مكان البيت المعمور في السماء قبالة الكعبة فأقل ما يقال فيها؛ أنه ليس منها شيء صحيح مرفوع للنبي صلى الله عليه وسلم.
ولكن المنشغلين في الإعجاز العلمي في القرآن والسنة رددوها كثيرًا ... فظهرت كانه ثابت في السنة ..
وثانيًا لو صح القول في ملازمة البيت المعمور فوق الكعبة لدل ذلك على أنها تدور مع دوران الأرض حول نفسها حتى تحافظ على مكانها فوق الكعبة، وإلا لكان اختل مكانها من الكعبة، وثباتها فوق الكعبة لو صح لدل ذلك على أن السماء السابعة جزء من الغلاف الغازي،
وأما دخول سبعين ألفًا من الملائكة البيت المعمور كل يوم، ثم لا يعودون، فما هذا العدد إلا عدد يسير من عدد الملائكة المكلفين في الأرض بكتابة أعمال الإنس والجن، وعدد الملائكة على أقل تقدير في زمننا الحاضر؛ أكثر من 28 مليارًا؛ إذا قدرنا أن لكل إنسان قرينًا من الجن، ولكل فرد من الجن والإنس ملكان يكتبان أعماله... فكيف بمن يحصي ورق الأشجار وغير ذلك من الأعمال التي لا تحصى، فمنهم من تنتهي مهمته بموت من وكل بكتابة عمله، ويغادر الأرض، ومنهم من يأتي لمهام جديدة في الأرض.
والقرآن الذي هو قطعي الثبوت لا يساويه في ثبوته أكثر الأحاديث ... في روايتها أو دقة تعبيرها .. فلا يمكن أن يسقط حديث أو مجموعة أحاديث آية من آيات القرآن ولو كانت الآية كلمة واحدة.

فسر الحسن البصري البيت المعمود بالبيت الحرام
والبيت الحرام معمور من أول يوم تم رفع قواعده
ولكن ما يقابل السماء هي الأرض،
وأي بيت لله في الأرض وعلى رأسها البيت الحرام،
إنما يقابل جزءًا من السماء
ومقابلة الأشياء لبعضها يكون فيما يماثلها نوعًا أو حجمًا أو سعة
وما يناسب مقابلة السماء هي الأرض فقط
وقد بينا أنه مع ذكر السماء بالإفراد أو الجمع يكون ذكر الأرض مع كل ذكر لها.

إذا ذكر البيت في الآيات الأخرى معرفًا وغير مضاف شيء إليه؛ فهو بيت الله الحرام.

وقد جاء ذكره في القرآن (15) مرة؛
"البيت" (12) مرة
: {البيت {125} ، {127}، {158} البقرة، {97} آل عمران، {35} الأنفال، {26} الحج، {4} الطور، {3} قريش.
: {البيت الحرام {2}، {97} المائدة.
البيت العتيق {29}، {33} الحج.
: {طهرا بيتي {125} البقرة، {وطهر بيتي{26} الحج.
: {بيتك المحرم {37} إبراهيم.
بالإضافة "أهل" إلى البيت في موضعين؛
: {رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت {73} هود، بيت إبراهيم عليه السلام
: {ليذهب عنكم الرجس أهل البيت {33} الأحزاب، بيت محمد صلى الله عليه وسلم.
بيت بغير تعريف
: {أول بيت وضع للناس للذي ببكة {96} آل عمران؛ البيت الحرام.
: {هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم{12} القصص؛ بيت أم موسى عليه السلام
: {فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين {36} الذاريات؛ بيت لوط عليه السلام.
بيت معرف بالإضافة ؛
: {كما أخرجك ربك من بيتك بالحق{5} الأنفال. بيت النبي عليه الصلاة والسلام.
: {ومن يخرج من بيته مهاجرًا {100} النساء بيت نكره للعموم.
: {وراودته التي هو في بيتها {23} يوسف؛ بيت امرأت العزيز.
: {ولمن دخل بيتي مؤمنًا{28} نوح؛ بيت نوح عليه السلام
: {كمثل العنكبوت اتخذت بيتًا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت {41} العنكبوت.
: {قالت رب ابن لي عندك بيتًا في الجنة{11} التحريم. دعاء امرأت فرعون. .

يمتاز البيت بعدة صفات هي سبب تسميته بالبيت؛
انه ظاهر معلوم، معروف صاحبه.
أنه مخصص لصاحبه أو مستعمليه للعبادة.
أنه ثابت في مكانه لا يتحول عنه.
أن أصحابه كلما خرجوا منه وابتعدوا عنه لا يعودون إلا إليه.
وليس لأهل الأرض بيتًا غير الأرض

استعمل الفعل "بات" في المدح
و"بيَّت" في النكث والهلاك

خروج الإنسان من بيته يخلطه بغيره من الناس ويشاركهم فيما هم فيه،
والتراجع عن الخروج لا يكون إلا بالعودة إلى البيت، المأوى الدائم له،
وإشغال نفسه فيه بالسجود والقيام علامة على الثبات على الدين والتفرغ له،
: {والذين يبيتون لربهم سجدًا وقيامًا {64} الفرقان

والمنافق يعود إلى ما هو ثابت عليه من النفاق، فينكث عهده ويغير قوله؛
: {فإذا برزوا من عندك بيَّت طائفة منهم غير الذي تقول {81} النساء.
: {والله يكتب ما يبيِّتون {81} النساء.
: {وهو معهم إذ يبيِّتون ما لا يرضى من القول {108} النساء.

أما التبيت له من غيره؛ فيعنى أنه يلزمه البيت، فلا يخرج منه بعدها أبدًا،
فكانت علامة للقتل والهلاك.
: {قالوا تقاسموا بالله لنبيِّتنه وأهله ثم نقول لوليه ما شهدنا مهلك أهله{49} النمل..
وهو بياتًا في الليل لا قيام بعده إذا كان الهلاك من الله عز وجل.
: {فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون{4} الأعراف.
: {أن يأتيهم بأسنا بياتا أو هم قائلون {97} الأعراف.
: {أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتًا أو نهارًا {50} يونس.

حقيقة بيت العزة

روى النسائي في سننه والحاكم في مستدركه وابن أبي شيبة في مصنفه والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق حسان بن حريث بن أبي الأشرس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: فصل القرآن من الذكر فوضع في بيت العزة من السماء الدنيا فجعل جبريل ينزل به على النبي صلى الله عليه وسلم. صححه الحاكم ووافقه الذهبي.

وذكر السيوطي في الإتقان قال وأخرج الطبراني والبزار عن ابن عباس قال: أنزل القرآن جملة واحدة حتى وضع في بيت العزة في السماء الدنيا ونزله جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم. وأخرج ابن أبي شيبة من وجه آخر عنه قال: دفع إلى جبريل في ليلة القدر جملة واحدة فوضعه في بيت العزة ثم جعل ينزله تنزيلا.

معرفة حقيقة بيت العزة لا يعرف إلا بوحي من الله تعالى في كتابه أو على لسان نبيه،
وليس في ذلك أي شيء من الوحي،
وما قاله ابن عباس رضي الله عنهما يحتمل أن يكون اجتهادًا منه في فهم النزول،
أو مقارنة بما عند أهل الكتاب مما كان يشيعة مسلمة أهل الكتاب، أو مقارنة بنزول التوراة دفعة واحدة،
أو سماع من النبي عليه الصلاة والسلام أو من الصحابة عنه، فلم يبلغنا،
فلما لم يرفعه إلى النبي، فليس من الوحي في شيء.

وفهم النزول جملة واحدة لا يكون في كل شيء.
فنقول نزل المطر إذا ابتدأ أوله في الوصول إلى الأرض،
وقد يستمر نزوله بعد ذلك بساعات أو أيام.
فابتداء نزول القرآن كان في ليلة القدر في رمضان،
واستمر نزوله في (23) سنة بعدها.
وما نزل من القرآن كان وحيًا مسموعًا وليس وحيًا مكتوبًا،
فعند من سيحفظ هذا الوحي ..
ويكون له منزلة فوق منزلة جبريل عليه السلام؟!.
وإنما كتب القرآن بعد نزوله.بأيدي الصحابة رضي الله عنهم.
فبيت العزة هذا لا دليل على وجوده لا في كتاب الله ولا سنة نبيه. .