آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: سيد البحار خير الدين بارباروس/د.محمد موسى الشريف

  1. #1
    عـضــو الصورة الرمزية نبيل الجلبي
    تاريخ التسجيل
    28/01/2009
    المشاركات
    5,272
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي سيد البحار خير الدين بارباروس/د.محمد موسى الشريف

    سيد البحار خير الدين بارباروس

    الدكتور محمد موسى الشريف

    القسم الأول


    للمسلمين سادة وقادة بحريون مجاهدون كان لهم أثر جليل عظيم في إيقاف هجمات الصليبين في القرن التاسع والعاشر الهجريين / الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين ، على سواحل افريقيا الشمالية ، وفعلوا بالكفار الأفاعيل ، وأمنوا طرق الحجاج في البحر ، وأحيوا روح الجهاد بعد موات طويل من قِبَل المسلمين حتى استولى الصليبيون على جُل المدن الساحلية في المغرب العربي الكبير من طرابلس إلى سبتة ، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

    لكن سيد أولئك المجاهدين جميعاً كان هو البحار العثماني المجاهد خير الدين بارباروس ، وهو أشهرهم مطلقاً وأشدهم فتكاً ، وممن جمع بين الجهاد البحري والولاية والحكم ؛ فقد كان حاكماً عاماً للجزائر من قِبَل الدولة العثمانية ، ولقبه بارباروس لقبه به الأوروبيون ومعناه ذو اللحية الحمراء ، أما لقبه خير الدين فقد لقبه السلطان سليم الأول.

    ولد في جزيرة ميديلي 877/1472 ، وقد فتح السلطان العثماني محمد الفاتح هذه الجزيرة ، وبقيت تابعة مدة طويلة للسلطنة العثمانية ثم هي اليوم تابعة لليونان وتسمى لسبوس ، وكان أبوه يعقوب جندياً عثمانياً ، وتزوج امرأة من بنات الجزيرة وأنجب منها أربعة أبناء : إسحاق ، وعروج ، وخيرالدين واسمه خضر لكن شهرته بخيرالدين طغت على اسمه ، والياس ، وحُبب إلى خير الدين البحر فكان يتاجر فيه بين بعض المدن البحرية العثمانية.

    أسر أخوه عروج ، وحزن عليه كثيراً ، وحاول بكل ما استطاع أن ينقذه من الأسر فما قدر على ذلك ، لكن أخاه استطاع أن يحرر نفسه بنفسه – كما ذكرت في الحلقة الخاصة به - وتقابلا في جزيرة جربة التونسية ، وهناك قال خير الدين : " ما دام الموت هو نهاية كل حي فليكن في سبيل الله" وكانت هذه الجملة الرائعة بداية جهاد بحري طويل منظم ابتدأه الأخوان خير الدين وعروج رحمة الله تعالى عليهما ، ودخلا على سلطان تونس الحفصي وقالا له :
    "نريد أن تتفضل علينا بمكان نحمي فيه سفننا بينما نقوم بالجهاد في سبيل الله ، وسوف نبيع غنائمنا في أسواق تونس فيستفيد المسلمون من ذلك وتنتعش التجارة ، كما ندفع لخزينة الدولة ثمن ما نحوزه من الغنائم"فرحب السلطان بهذا العرض وفتح لهما أبواب بلاده ، لكنه بعد ذلك غمره التخوف منهما وعمل على منعهما من سواحل تونس ، على أن خير الدين لم يخل بشرطه مع سلطان تونس أبداً ، لكنه خاف من أن يستولي خير الدين وعروج على تونس.

    كان خير الدين ميمون النقيبة ، حسن الجهاد ، كثيره ، انتصر في معظم معاركه الحربية البحرية التي خاضها ، وحصل من الكفار على غنائم هائلة ، مما دعا بعض الأوربيين للقول :
    "لقد ظهر تركيان اسمهما عروج وخيرالدين خضر ، يجب أن نسحق هاتين الحيتين قبل أن تتحولا إلى تنين ، علينا أن نمحو اسميهما من على وجه الأرض ، إننا إذا أتحنا لهم الفرصة سوف يسببان لنا متاعب كثيرة" لكن هؤلاء الكفار لم يستطيعوا القضاء على خير الدين على كثرة الحروب التي كانت بينهم ، ولله الحمد.
    لم يكتف خيرالدين بمهاجمة سفن الكفار بل عمل ثلاثة أعمال عظيمة :

    1- خلص عشرات الآلاف من مسلمي الأندلس ونقلهم إلى سواحل الجزائر وغيرها.
    2- خلّص الجزائر من الاحتلال الإسباني.
    3- حارب الحكام الخونة في الجزائر وتونس.

    وفي مسلمي الأندلس قال خير الدين :
    "كان الإسبان يقومون بمظالم كبيرة في حق المسلمين الذين كان الكثير منهم يعبدون الله سراً في مساجد سرية قاموا ببنائها تحت الأرض ، لقد دمر الإسبان وأحرقوا جميع المساجد ، وصاروا كلما عثروا على مسلم صائم أو قائم عرضوه وأولاده للعذاب والإحراق ، خلال ذلك قمنا بحمل عدد كبير من المسلمين في السفن وإنقاذهم من أيدي الكفار ونقلهم إلى الجزائر وتونس" ، وكان يُجهد نفسه من أجل مسلمي الأندلس فإذا وصلوا إلى الجزائر قام بإسكانهم في أراض وهبها لهم ليستصلحوها ؛ فقد كانوا عمالاً مهرة.

    وأما العملان الآخران العظيمان : محاربة الحكام الخونة ، وتخليص الجزائر من الاحتلال الاسباني فقد حصلا تحت الراية العثمانية ، فقد اتصل خير الدين بالسلطان العثماني سليم الأول ، وأرسل له رسالة تبين نجاحه وأخيه في الغزوات البحرية فما كان من السلطان إلا أن رفع يديه ودعا لهما قائلاً : "اللهم بيض وجهي عبديك عروج وخير الدين في الدنيا والآخرة ، اللهم سدد رميتهما ، واخذل أعداءهما ، وانصرهما في البر والبحر" وأرسل له ولأخيه سفينتين بحريتين عظيمتين ، وسيفين محلين بالماس ، ولباسين سلطانين ، ونيشانين ، ورسالة همايونية ، فلما استلم خير الدين الرسالة قبلها سبع مرات ووضعها على رأسه ، وأرسل السلطان سليم خان رسالة إلى حاكم تونس يوصيه فيها بخير الدين وعروج ، وهكذا صار خير الدين وعروج تابعين للسلطنة العثمانية ، وألُبس خير الدين حُلَة السلطان وسيفه في احتفال عظيم بتونس ، وهذا الذي أثار خوف سلطان تونس منه ومن أخيه عروج لأنه ظن أنهما سيأخذان منه تونس ويلحقانها بالسلطنة العثمانية.

    أما الجزائر فقد عمل خير الدين وأخيه عروج على تخليصها من الاحتلال الإسباني ، وفي بجاية جاهد الأخوان جهاداً جليلاً حتى فتحوها ، وقصة فتحها بإيجاز أن خير الدين اتجه إلى بجاية في عشر سفن وألفين وثلاثة وثلاثين بحاراً ، ومائة وخمسين مدفعاً وأسرى يجدفون ، وحاصر قلعة بجاية تسعة وعشرين يوماً ، لكنه لم يتمكن من فتح القلعة ، ووصل الخبر إليه بأن قوات إسبانية كبيرة تحركت من جزيرة ميورقة تريد نصرة المحاصرين في بجاية ، فانسحب إلى جيجل يترقب سفن الإسبان ، فظهرت لهم عشر سفن كبيرة مشحونة بالأسلحة والمعدات فهجم عليها وهو وأخوه عروج وبحارتهما مهللين مكبرين وانتصر على الإسبان واستولى على السفن ، ورفع عليها الرايات الصليبية واتجه بها نحو بجاية ، وكان الإسبان في القلعة ينتظرون السفن فلما رأوها فرحوا وفتحوا أبواب القلعة ، وهنا خرج البحارة من السفن التي كمنوا فيها مهللين مكبرين ، فلما سمعهم الإسبان ولوا هاربين وفتحت القلعة ولله الحمد ، وعقب الفتح جاء شيوخ العرب وقوادهم إلى بجاية وبايعوا خير الدين ملكاً على الجزائر ، ولقد بلغ ما استولى عليه خير الدين من البارود فقط ثمانمائة برميل ، وهو قَدْر هائل جاءه على قَدَر ، فقد كان البارود الذي معه على وشك النفاد ، ولم يعد سلطان تونس يقبل بتزويده البارود بعد إعراضه عنه ، فعوضه الله تعالى خيراً.

    وفتح خير الدين كذلك قلعة تنس ، وكان حاكمها أحد العرب الخونة وكان قد استعان بفرقة إسبانية تتولى حمايته ، وقُبيل فتح القلعة هرب حاكم تنس إلى عمه سلطان تلمسان وقال : "ملك إسبانيا سينقم لي من هؤلاء الأتراك" وفي هذا يقول خير الدين رحمه الله تعالى :
    "لقد تبين لنا أن هذا الرجل لم يبق في قلبه ذرة من الإسلام ، فقد كان يظن أن الإسبان قادرون على انتزاع الجزائر من أيدينا وجعله سلطاناً عليها".

    وللأسف بعد ذلك رجع حاكم تنس إليها بمعونة الإسبان والأعراب ، ثم خلصها منه بعد ذلك المجاهد عروج ، وقتل حاكم تنس وبعض رؤساء العرب ، ووطّد الحكم العثماني في تنس.
    وقُتل عروج بعد ذلك في موقعة تلمسان رحمه الله تعالى ، فلما وصل خبره إلى خير الدين حزن عليه جداً وقال :
    "عندما وصل خبر استشهاد أخي إلى الجزائر قررت أن أعيش لغاية واحدة هي المضي في نفس الطريق الذي سار فيه أخي ، تلك الغاية التي تتمثل في التضييق على الكفار في إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط فما قيمة الحياة بعد مقتل أخي".

    وفي مقتل عروج وبقاء خير الدين قال بعض الإسبان :
    "الشكر لعيسى ؛ فقد استرحنا من البلاء الأكبر ، والآن يجب أن نتخلص بسرعة من البلاء الأصغر قبل أن يتحول الثعبان إلى تنين".

    وأرسل إليه ملك إسبانيا كارلوس – شارل الخامس أوشارلكان - رسالة يقول فيها :
    "لقد مات أخوك ، وقُتل أكثر جنوده ، فكُسر جناحك ، مَن تحسب نفسك حتى تقف في وجه أقوى ملك مسيحي بدون أخيك ؟ ماذا يمكنك أن تفعل ؟ خذ سفنك ورجالك واخرج من الجزائر فوراً ، وإياك أن تطأ قدماك أرض افريقيا مرة أخرى ، إن هذا آخر إنذار أوجه إليك ، سوف أملأ البحر بالسفن وأعود إلى الجزائر قريباً ، فإذا تمكنت منك هناك فلتعلم بأن عاقبتك ستكون وخيمة "وهذا تحذير شديد من الملك النصراني لخير الدين وقد كان والياً على الجزائر من قِبل الدولة العثمانية آنذاك ، أو بيلرباي الجزائر باللغة العثمانية ، فرد عليه خير الدين رداً قوياً في غاية الشدة ، فأرسل عقب تسلمه الرد أسطولاً كبيراً اشترك فيه ملوك نابولي وصقلية وألمانيا وهولندا وبلجيكا ، ورست سفنهم قبالة ساحل الجزائر وبدأوا بإنزال قواتهم إلى البحر ، لكن خير الدين كان قد استعد لتلك الحملة ، فاستطاع الانتصار على العسكر الكثيف ، وأسر منهم بضع مئات ، وقتل آلافاً ، وفر الباقون ، ولله الحمد والمنة.

    وهنا استقرت ولاية الجزائر للعثمانيين وصار خير الدين هو الوالي عليها ، وكان في ذلك خير ويُمن وبركة على كل الساحل الافريقي الشمالي.

    ولم يكن أمراء العرب الذين يحكمون بعض بقاع وبلاد في شمال افريقيا على قدر المسؤولية ، وكان لكثير منهم صلات مع الكفار يوالونهم ضد المسلمين ، وإنا لله وإنا إليه راجعون ، ولنعرف مقدار الخيانة الكبيرة التي كان فاشية في بعض حكام شمال افريقيا آنذاك إليكم هذا النص من خير الدين بربروس :
    "لم يكن ثمة شك في أن أكبر أعدائنا هم كفار إسبانيا ، كما كنا في حالة حرب مع أمم كافرة أخرى كالجنويين ، إلا أننا منذ استقرارنا بالجزائر كنا مضطرين إلى الانشغال بالأمراء المحليين وأشباههم في الجزائر وتونس والمغرب الذين كانوا مستائين من وجودنا ، شرع ملوك وأمراء تونس وتلمسان في التحالف مع كفار إسبانيا ، وحبك المؤمرات ضدنا سراً وعلانية ، بفضلنا استغنى التونسيون وازدهرت المدن التونسية بعد أن كانت خراباً... وبفضلنا أيضاً تخلص سلطان تونس من تسلط الإسبان والجنويين وامتلأت خزانته بالأموال نتيجة للخراج الذي كنا ندفعه له ، لقد كنا سعداء به ، والله يشهد أننا لم يكن لنا مطمع لا في مملكته ولا في أمواله ، وإلا لو كنا نريد ذلك فقد أتيحت لنا فرص كثيرة كان بإمكاننا أن نقضي عليه فيها لكننا لم نفعل... إن هذا السلطان لم يكن قادراً على مواجهتي بمفرده ، ولذلك كان يستعين بالإسبان تارة ، ويحرض الأمراء المحليين ضدي تارة أخرى ، وكان على رأس المستجيبين لتحريضه سلطان تلمسان ، لقد كان هذا السلطان تابعاً لي إلا أنه لم يكن يتردد في الاتصال بالاسبان والتحالف معهم سراً".

    عمل خير الدين على فتح تلمسان التي قتل فيها أخوه عروج – رحمهما الله تعالى – وانتهز الفرصة عندما استعان به أخو سلطان تلمسان مسعود ضد أخيه ، فهرب سلطان تلمسان وتولى مسعود عوضاً عنه ، وذلك بمساعدة كبيرة من خير الدين عسكرية ومادية ، ولما جلس السلطان مسعود على عرش تلمسان أرسل له خيرالدين رسالة قال له فيها :
    "الآن بفضل سلطاننا جلست على عرش أجدادك ، فاحذر مما كان سبباً في حرمان أخيك من عرشه وإياك وظلم المسلمين ، ولا تخالف أوامري قيد أنملة ، ولا تتأخر عن دفع الخراج السنوي يوماً واحداً ، ولا أسمع عنك أنك أقمت أي علاقة بالإسبان فهم سوف يقضون عليك عندما يتمكنون منك ، وتذكر بأن أخويك الكبيرين في وهران لاجئين عند الإسبان ، وإذا كنت لا تريد أن ترى أحداً منهما جالساً على عرشك فخذ ما يلزم من تدابير لحماية نفسك وعرشك" لكن مسعوداً لم يتعظ ولم يعتبر فشرع في ظلم الناس ونهب أموالهم ، ولما وصل إليه كتاب خير الدين مزقه !!

    وفي تلك الأثناء اتصل سلطان تلمسان المخلوع اللاجئ للإسبان في وهران بخير الدين ورجاه أن يعيده إلى حكم تلمسان فرأى خير الدين المصلحة في إعادته وساعده على أخيه بجنود واستطاعوا فتح القلعة وإعادتها إلى حكم السلطان المخلوع ، وفر مسعود في ثلة من رجاله.

    وفي تلك الأثناء وقعت في يدي خير الدين رسالة أرسلها أحد شيوخ العرب بالجزائر يُدعى ابن القاضي إلى ملك تونس يدعوه فيها للعصيان والاتحاد يداً واحدة ضد خير الدين ، فعزم خير الدين على معاقبة سلطان تونس والدخول إليها ، واستطاع ذلك بسهولة ، لكنه عفا عن سلطان تونس وكان ذلك خطأ كبيراً من خير الدين فياليته قتله ، وسيحدث هذا الخائن في أرض تونس مجزرة هائلة بالاستعانة بالصليبيين كما سأبين في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى.

    وعاد إلى الجزائر بعد ذلك ، ونجا من كمين أعده له ابن القاضي في ممر ضيق فقد فيه خير الدين 750 شهيداً من البحارة ، ثم قام ذلك الشقي بمهاجمة خير الدين بجيش كبير لكن خير الدين تمكن من هزيمة الجيش وقتل قائده ، واستتبت الأمور في الجزائر لكنه رأى أن يخرج من الجزائر ويقيم في جيجل ، ولم يستمع لرجاء الجزائريين والعلماء له أن يبقى بل قرر أن يؤدب الجزائريين ويغادر مدينتهم بعد أن كثر خروجهم عليه ومناوشتهم له.

    وبعد استقراره في جيجل خرج للغزو البحري فغنم أكثر من ثلاثين سفينة ، وغنم من الغلال والأسلحة والأموال والقماش ما لا يوصف كثرة وجودة.

    يتبع

    عن موقع التاريخ


  2. #2
    عـضــو الصورة الرمزية نبيل الجلبي
    تاريخ التسجيل
    28/01/2009
    المشاركات
    5,272
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي سيد البحار خير الدين بارباروس/د.محمد موسى الشريف/ق2

    سيد البحار خير الدين بارباروس

    الدكتور محمد موسى الشريف

    القسم الثاني


    مكث خير الدين في جيجل 3 سنوات توافد خلالها مجموعة من وجهاء الجزائر يرجونه للعودة إلى العاصمة فقد أساء حاكمها ابن القاضي لأهلها كثيراً ، وحكمهم بالعَسْف والظلم حتى أنه أمر بضرب عنق أحد المشايخ الذي رأس وفداً يرجوه ليعود خير الدين إلى الجزائر ، وصارت الوفود تأتيه كل أسبوع بعد أن مَلّ الجزائريون تماماً من ابن القاضي وتهيأت الجزائر العاصمة لاستقبال خير الدين الذي قرر الرجوع إلى الجزائر ، ورجع في اثني عشر ألف بحار ، وفي الطريق التحق به آلاف من فرسان الأرياف الجزائريين ، وعندما اقترب من الجزائر هزم قوات ابن القاضي وقتل منهم ثمانمائة ، ثم جمع ابن القاضي قواته مرة أخرى وأغار على معسكر خير الدين مراراً لكنه لم يجن شيئاً ، ثم قتل أخيراً وارتاحت البلاد من شره واستسلمت قواته ، وعفا خير الدين عن البحارة الأتراك الذين قاتلوا مع ابن القاضي ، وكان العفو عنهم صائباً فقد قاتلوا معه الصليبيين حتى قتلوا جميعاً رحمهم الله تعالى ، وعقب ذلك دخل خير الدين الجزائر واستقبله الأهالي استقبالاً حسناً.

    لم يكف خير الدين عن غزو الكفار وجهادهم بل اجتهد في ذلك اجتهاداً عظيماً ، واجتهد أيضاً في إرسال البحارة الشجعان لتخليص المسلمين المضطهدين في الأندلس ونقلهم إلى سواحل الجزائر وغيرها ، وهنا بلغ الغيظ مداه في نفس ملك اسبانيا حتى قال لقواده : "لقد جعلتموني مسخرة بين الملوك ، فليس فيكم من يستطيع التصدي لبرباروس" ، هنا تعهد القبطان المشهور أندريا دوريا بين يدي الملك بإحضار بارباروس بين بديه ، وحاول كثيراً ودخل مع جيش بارباروس في معارك لكنه أخفق فيها كلها حتى صار النصارى يلقبون الأتراك بالشيطان الضارب ، والكافر الضارب ، وكان من نتائج المواجهة آلاف الأسرى الأسبان وغنائم لا تحد ولا توصف كثرة وجودة.

    وكانت الصلة بالسلطان العثماني سليمان القانوني تتجدد مرة بعد أخرى على يد رئيس بحارة خير الدين ، وهدايا السلطان تترى ، ورسائله تتواصل تشجع خير الدين وتهنئه على انتصاراته العظيمة.

    واستمر سلطان تلمسان عبدالله في خيانته وعصيانه ، وأرسل له خير الدين رسالة يعظه بها لكنه مزق رسالة خير الدين ولم يكن وفياً له فقد كان خير الدين هو المساعد له حتى اعتلى عرش تلمسان ، ولم يجد خير الدين بداً من محاربة هذا الحاكم العاصي ، وقتله ووضع مكانه ابنه محمداً الذي حارب أباه مع خير الدين ، لكن ملك اسبانيا كارلوس – شارل الخامس - لم يترك هذا الحاكم الجديد فصار يرسل إليه الأموال الكثيرة ويمنيه بأن يكون سلطاناً على الجزائر كلها فصدق المسكين هذا ، وخان الله تعالى ورسوله r والمؤمنين وأعلن عصيانه فسيّر إليه خير الدين جيشاً اضطره إلى الفرار ، ثم أرسل هذا الخائن بعض العلماء ليشفعوا له عند خير الدين ، وجاء لمقابلته فدفع له الخراج المتأخر ومقدراه 110 آلاف دينار ، ثم جثا على ركبتيه وتشبث بقدمي خير الدين طالباً العفو ، فأجابه خير الدين إجابة فيها شدة وغلظة وقال له :
    "دع عنك هذا أيها الكافر وجدد إيمانك ، لقد قمت بموالاة أكبر أعداء ديننا والخروج علي وأنت تعلم بأني أمثل خليفة المسلمين وسلطان الدنيا فسللت سيفك في وجهي" وعلى أثر هذا الكلام أعلن حاكم تلمسان توبته ونطق بالشهادتين ، وذكر خير الدين في مذاكراته أن هذا الحاكم أظهر الندم "وجدد دخوله في الإسلام ، وأعاد العقد على زوجاته اللاتي فسد نكاحهن بسبب ردته عن الإسلام" وكلام خير الدين هذا يوضح بجلاء أن علة المسلمين دائماً كانت منهم ، وإلا لو تفرغ خير الدين لمجاهدة الكفار ولم يشغله أمثال هؤلاء الخونة لأتى بخير أكبر وأعظم.

    لما سمع الأندلسيون المقهورون في الأندلس المعتصمون بالجبال بأخبار انتصارات خير الدين شجعهم ذلك على الثورة على الاسبان ، فلما سمع خير الدين بأخبار الثورة أرسل للمجاهدين المدد في حملة هي الحادية والعشرين على بلاد الأندلس التي أرسلها خير الدين ، وفي كل حملة يُنقذ آلاف المسلمين الأندلسيين وكان يقود بنفسه أغلب تلك الحملات ، فلله دره.

    وكان خير الدين يذكر أن السلطان سليمان وأباه السلطان سليماً وجده السلطان بايزيد الثاني كانوا لا يتخلفون عن مساعدة مسلمي الأندلس ، وأن السلطان سليمان قد أرسل رسائل عديدة في هذا الشأن لخير الدين.

    تعيين خيرالدين أميراً على الاسطول العثماني :
    طلب السلطان سليمان خير الدين إلى اسطنبول فخف إليها استجابة لأمر السلطان ، وأبحر بأسطول كبير فيه ثمانية عشر رئيساً من البحارة الكبار ، ولم ينس أن يجاهد في البحر كعادته فأصاب غنائم وسفناً كثيرة دخل بها مدينة عرش العالم كما يسميها خير الدين ، وكان استقباله شيئاً مهولاً فقد اصطف لتحيته مائتا ألف من أهالي اسطنبول ، ودخلها ومعه مائتا أسير يحملون أجمل تحف أوروبا ، وثلاثون أسيراً من الأميرالات وكبار قادة جيوش أوروبا وولاتها وأعيانها وفيهم بعض أقارب الملك كارلوس – شارل الخامس أو شارلكان - ومائتا عبد يحملون على اكتافهم أكياساً ثقيلة من الذهب والفضة ، ومائتا غلام يحملون في أعناقهم الجواهر النفيسة ويحملون لفائف القماش المطرز بالذهب والفضة ، وخلفهم مائتا جارية من أجمل حسناوات أوروبا يرتدين الفساتين الجميلة والجواهر الثمينة ، ومائة راحلة محملة بالغنائم ، وقطيع من الحيوانات النادرة الثمينة كالزرافات والأسود والفهود ، وخلف كل أولئك كان خير الدين يسير مع رؤساء البحر وعدد من البحارة يلبسون ثياباً يسيرة رخيصة حتى وصل الموكب إلى قصر السلطان في توب كابي ، فما ظنكم بهذا الموكب العظيم الذي يدل على عز المسلمين العظيم آنذاك ، وأسأل الله تعالى أن يرد لنا تلك الأيام وأحسن منها بحوله وقوته وجلاله وعظمته.

    ولما دخل خير الدين ورؤساء البحر على السلطان قبلوا يده ، فاحتفى بهم وأكرمهم وعين خير الدين قبودان باشا أو قبطان داريا أي القائد العام للأسطول العثماني ، وطلب منه أن يستمر في ولاية الجزائر لكن ينيب عليها من يراه مناسباً ويتفرغ هو لإدارة الأسطول العظيم الذي كان أكبر أسطول في العالم آنذاك ، وطلب منه السلطان أن يسير إلى حلب ليقابل الصدر الأعظم – رئيس الوزراء – الذي ذهب ليقاتل الصفويين في إيران ، وأن يتباحثا معاً في كيفية ترتيب المنصبين : رئاسة الأسطول وولاية الجزائر ، فامتطى خير الدين فرسه ووصل حلباً في عشرة أيام ، وتلك مدة قصيرة بمقاييس ذلك الزمان ، وكان لا ينام في تلك المدة إلا قليلاً فلله دره ، وقابل الصدر الأعظم واتفقا ثم عاد إلى اسطنبول سريعاً ، وزار مصنع السفن في الخليج الذهبي - وكان أكبر مصنع في العالم آنذاك – وكان العمال في المصنع من الأسرى ، أما الفنيون والمهندسون فكانوا جميعاً من الأتراك ، وكان الأسرى يعملون بمقابل مادي يتمكنون به من شراء حريتهم والعودة إلى بلادهم ، وتلك خطة حكيمة ، وكان عدد العمال عشرين ألف عامل !! وكان خير الدين مندهشاً جداً من رؤية المصنع ، وطلب من الصدر الأعظم أن يغزو بسفنه العالم الجديد – أمريكا – لكن الصدر الأعظم كان يريد البقاء في البحر المتوسط لحماية بلاد الإسلام.

    وفي أول غزوة بالاسطول العثماني تحت إمرة خير الدين استولى على موانئ عديدة في ايطاليا ، وفتح ثماني عشرة قلعة وأسر ستة عشر ألف أسير ، وغنم خمسة وعشرين صندوقاً كبيراً من النفائس !!
    وحمل ذلك بعض الحساد والوشاة على القول :
    "انظروا إلى ما يفعله مولانا السلطان : لقد عين قرصاناً على رأس الأسطول العثماني برتبة قبطان داريا" وحاشا خير الدين أن يكون قرصاناً بل كان من أعظم مجاهدي الإسلام رحمه الله تعالى.

    دخل خير الدين تونس وفر سلطانها الحفصى لما علم بقدوم خير الدين ، وطلب من كارلوس – شارل الخامس أو شارلكان - ملك اسبانيا المساعدة ، وإنا لله وإنا إليه راجعون فما هذه الخيانات المتتابعة من حكام العرب !! وفعلاً خف كارلوس بنفسه على رأس أسطول كبير وجنود من اسبانيا وألمانيا وهولندا وإيطاليا وغيرها ، ووصل من برشلونة إلى تونس في سبعة عشر يوماً على رأس خمسمائة قطعة بحرية وثلاثين ألف جندي ومعه أندريا دوريا القبطان المشهور ، وأقبل ملك تونس في حملة كبيرة ليساعد كارلوس ، والتحق به وقبل قدميه!! وبدأ البدو الأعراب الذين كانوا في تونس مع خير الدين يتذمرون بل صاروا يتصلون بكارلوس يتملقونه خيانة لله تعالى ولرسوله وللمؤمنين وكان عددهم ستة آلاف ، وفتحوا سجون تونس ليهرب منها عشرة آلاف أسير نصراني !! وإنا لله وإنا إليه راجعون ، واستولى هؤلاء الأسرى على المدينة ، ووجد خير الدين نفسه في مأزق شديد فاضطر للانسحاب خاصة أن الأسطول العثماني لم يكن قد وصل بعد إلى تونس ، ولما أراد الانسحاب أغلق الأهالي باب المدينة في وجهه !! لكن خير الدين قاتل بقوة وكبر هو وجنده تكبيرات ألقت الرعب في قلوب أعدائه من النصارى والمسلمين وتمكن من الانسحاب إلى عنابة في الجزائر بفضل الله لكن بعد خسائر هائلة ، ولم تتحقق أمنية كارلوس ومن معه من الأمراء أن يظفروا به ، ولله الحمد والمنة.

    لكن انظروا إلى الكفار الأوروبيين ماذا فعلوا في تونس لما دخلوها ، وهذا عقاب إلهي لخيانة كثير منهم وتوانيه عن نصرة خير الدين ، فقد ذبحوا ثلاثين ألفاً من المسلمين ، واسترقوا عشرة آلاف امرأة وطفل ، وخربوا المساجد والمدارس والمقابر ، ونهبوا محتويات القصور ، وحرقوا آلاف المخطوطات والكتب التي كانت تزخر بها مكتبات تونس ، فقضوا بذلك على عدد من أنواع العلوم والفنون النادرة ، وذكر المؤرخ التونسي ابن أبي الضياف أن ثلث سكان تونس قد أبيدوا ، وأُسر ثلثهم ، وطمست معالم المدينة تماماً ، وذكر خير الدين أن الملك كارلوس دخل تونس بعد اثنتين وسبعين ساعة من استباحتها ، وأنه كان يخوض بخيله الدم حتى أصبحت أقدام فرسه مصطبغة باللون الأحمر من جريان الدماء في شوارع وأزقة تونس وإنا لله وإنا إليه راجعون ، ولكن تلك المجزرة كانت عقوبة من الله تعالى لأهل تونس على خيانة كثير منهم وموالاتهم الكفار ، وتواني كثير منهم عن عون خير الدين ، وسلبية كثير منهم أيضاً وعدم مبالاتهم.
    وما فعله الصليبيون من حرق آلاف المخطوطات كان جرياً على عادتهم التي كانوا يفعلونها في كل مدينة إسلامية يدخلونها ، وحرقوا بذلك مئات الآلاف الكتب ، والمصيبة كل المصيبة أنهم يتهمون المسلمين بحرق مكتبة الإسكندرية وحرق غيرها من المكتبات ، ولم يثبت أن المسلمين في كل تاريخ جهادهم أحرقوا مكتبات للصليبيين أو غيرهم ، ثم هل كان لحضارة في الأرض آنذاك واحد بالمائة من عدد الكتب التي صنفها المسلمون ؟!

    يتبع

    عن موقع التاريخ


  3. #3
    عـضــو الصورة الرمزية نبيل الجلبي
    تاريخ التسجيل
    28/01/2009
    المشاركات
    5,272
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي سيد البحار خير الدين بارباروس/د.محمد موسى الشريف/ق3

    سيد البحار خير الدين بارباروس

    الدكتور محمد موسى الشريف

    القسم الثالث



    عقب مجزرة تونس خرج خير الدين للغزو ، ولأول مرة يعبر مضيق جبل طارق ويصل إلى خليج قادز ويغير على سواحل البرتغال ، واستولى على سفينة برتغالية كبيرة مجهزة بستة وسبعين مدفعاً وعلى متنها 300 بحار ومئات الجداّفين ، وفي السفينة – وهي قادمة من الهند - بضائع قيمة وستة وثلاثون ألف دينار ذهبي ، وسحب السفينة إلى الجزائر ، وهي مسافة طويلة جداً بمقاييس تلك الأيام.
    ثم قام خير الدين بمساعدة السلطان العثماني سليمان القانوني في إحدى غزواته ضد البندقية وأسبانيا وغنم غنائم كبيرة.

    معركة بروزة (بريفيزا) :
    بعد هذا قام كارلوس – شارل الخامس أوشارلكان - بجمع أساطيل البندقية وجنوة وفلورنس ومالطا وأسطول البابوية وجعلها كلها تحت إمرة اندريا دوريا ، وكان أسطولاً ضخماً جداً مكوناً من أكثر من ستمائة سفينة ، وستين ألف جندي ، حتى كانت بعض السفن لضخامتها تحمل الواحدة منها ألفين من الجنود !! وكان لدى خيرالدين مائة واثنتان وعشرون سفينة وعشرون ألف مقاتل عدا الجَدّافين ، وكان أسطول خيرالدين متفوقاً من حيث طول مدى مدافعه وحسن تقسيمه وإدراته ، وخفة سفنه وسرعة تحركها ، ولبس بحارة أسطوله خفيف بينما كان بحارة أندريا مثقلين بالدروع ، وكان أسطول أندريا دوريا أكثر من خمسة أضعاف أسطول خير الدين لكن جنوده لا يتكلمون لغة واحدة ، ويكن بعض قادته حسداً وكرهاً لأندريا ، وفي بداية المعركة كانت الرياح الجنوبية تهب بشدة معاكسة لاتجاه سفن خير الدين ، عند ذلك قام خير الدين بعمل جليل ، فقد تضرع إلى الله - تعالى - وانكسر في ذلة وخضوع ودعاه جلّ وعز أن يلطف به ويتولاه ، وكتب في بعض الأوراق بعض آيات من القرآن العظيم ورمى بها في البحر فهدأت العاصفة قليلاً وتغير اتجاهها ، الله أكبر فلقد أدرك خير الدين سر الانتصار.

    وما جاء الليل إلا ونصف الأسطول الأوروبي في قاع البحر ، وفر أندريا دوريا بالنصف الآخر ، ودامت المعركة خمس ساعات فقط فانتهت بانتصار عظيم حفظ هيبة الأسطول العثماني في البحر المتوسط لثلث قرن قادم ، وكان ذلك سنة 944/ 1538 ، وأرسل خير الدين البشرى إلى اسطنبول في رسالة حملها ولده حسن رئيس ، وسمعها السلطان سليمان القانوني وهو واقف على قدميه في الديوان الهمايوني من شده فرحه وسروره ، وحمد الله تعالى ، وأمر بإقامة الاحتفالات في سائر أرجاء السلطنة ، ولما رجع خير الدين إلى اسطنبول وجد الأهالي قد أقاموا احتفالات كبيرة بالنصر ، ثم لقي السلطان في أدرنه وقص عليه كل تفاصيل المعركة.

    ثم أرسل خير الدين حملة بقيادة حسن باي استولت على قلعة مضيق جبل طارق وصارت تغير على الاسبان فجن جنون كارلوس – شارل الخامس أوشارلكان - وأرسل رسالة عجيبة إلى خير الدين سنة 947/1541 يقول فيها :
    "إن تنزيلك من منصبك كملك للجزائر لتكون بيلرباي عليها – والياً عثمانياً – حسبما تقضي به التقاليد العثمانية بعد إهانة بالغة لك ، وهأنذا أعرض عليك أن تتخلى عن خدمة السلطان سليمان على أن أجعلك ملكاً وحيداً على كل البلاد الافريقية الواقعة بين البحر الأحمر والمحيط الأطلسي ، وليكن معلوماً لديك بأنني لا أريد أن تكون حليفاً لي بل يكفي أن تكون صديقاً لي وتقطع صلتك بالعثمانيين ، فهذا كل ما أريده منك".

    فكان تعليق خير الدين على الرسالة بقوله :
    "صار كارلوس يتصرف بطريقة يائسة ، ذلك أنه أراد التغرير بي ؛ إذ عرض علي خيانة بلدي وسلطاني وديني وقومي فبعث إلي رسالة جاء فيها..." وبلّغ خير الدين رسالة كارلوس للديوان السلطاني ، فكان رد الصدر الأعظم – رئيس الوزراء العثماني – لطفي باشا أن طلب من خير الدين أن يظهر لكارلوس موافقته المبدئية ليلهيه ويشغله عن غزو شمال افريقيا خاصة الجزائر ، وفعلاً صنع ذلك خير الدين وأرسل رسالة لأندريا درويا يبلغه فيها بقبوله المبدئي للعرض فانطلت الحيلة على أندريا ، وبلغ كارلوس الذي أرسل رسلاً للجزائر للتفاوض مع حسن باي ابن خير الدين – وكان والياً على الجزائر – بشأن عرض خير الدين ؛ ومضت مدة في المفاوضات طُرد على إثرها الرسل وعلم كارلوس بما جرى فأرسل رسلاً إلى حسن باي يعرض عليه الخيانة وأن يكون ملكاً على الجزائر فأعلم حسن باي أباه خير الدين بهذا فطلب منه أبوه أن يظهر لكارلوس قبوله بالخيانة وأنه سييسر فتح أبواب الجزائر أمام جيش كارلوس إذا جاء ، وحصل هذا فعلاً ، وابتلع كارلوس الطعم بينما قام خير الدين بدعوة الأسطول العثماني من اسطنبول ، وكان الأسطول الأوروبي مكوناً من 516 سفينة ، واثني عشر ألفاً ومائتين وثلاثين بحاراً ، وثلاثة وعشرين ألفا وتسعمائة جندي من القوات البرية.

    وكان على رأس هذه الحملة المتجهة إلى الجزائر أشهر نبلاء وأمراء اسبانيا وألمانيا وإيطاليا ، وفي دلالة واضحة على صليبية الحملة أصدر البابا يوحنا الثالث بياناً نشره في بلاد أوروبا كلها ، أعلن فيه أن تلك الحملة هي حملة صليبية ، وأن واجب كل مؤمن بالمسيح مخلص للنصرانية أن ينضم إليها ، وأن يشارك في محاربة الكافرين".

    وعلم حسن باي بالحملة فأبعد أسطوله الصغير من مدينة الجزائر ، ولم يكن معه سوى ستمائة بحار تركي وألفي فارس عربي متطوع للجهاد.
    وأرسل كارلوس رسالة بالتركية إلى حسن بن خير الدين يقول له فيها :
    "إن القوة التي تراها اليوم ليس أنت فحسْب بل إن سيدك الكبير – يقصد أباه خير الدين – لا يقدر على صدها ، فإذا كانت لك عينان مفتوحتان وتملك ذرة من العقل ألق سلاحك واربط رأسك بمنديل وأتني بمفاتيح قلعة الجزائر ، وإذا قدمت علي ، وقبلت الأرض بين يدي فسوف أعفو عنك ، فأنا ملك اسبانيا ونابولي وصقلية وهولندا وبلجيكا وأمريكا وامبراطور ألمانيا ، إن أباك وسيدك بربروس فرّ فزعاً مني بتونس لا يلوي على شيء ، فحذار أن تفقد عقلك وتشهر السلاح في وجهي ، لأنك إن فعلت ذلك فإنني أقسم بعيسى بأني سوف أمزقك ، وأعلق أشلاءك على أبراج الجزائر".

    فأجابه حسن بقوله :
    "إن قلعة الجزائر ليست ملكاً لي حتى أسلمها لك ، ولن أمكنك من بلد مولانا السلطان سليمان لأبوء بخسارة الدنيا والآخرة ، وليكن معلوماً لديك بأن قلبي لا يحمل ذرة خوف منك ، فأنت قد أمضيت حياتك في تلقي هزائم شنيعة أمام والدي خير الدين باشا ، وأنا على يقين بأن الله تعالى سوف ينصرني عليك".
    الله أكبر ، فالرد رائع ، ولا غَرْو فذلك الشبل من ذلك الأسد.

    أنزل كارلوس – شارل الخامس - بعض فرقه العسكرية لمهاجمة القلعة لكنه لقي مقاومة باسلة من جنودها القلائل الذين صمدوا ببسالة ، ثم لما حل الليل أرسل حسن باي جنوده العارفين بلغة الإسبان جيداً إلى معسكر الاسبان وألبسهم ملابس الجنود الاسبان ، وهؤلاء الجنود المسلمون يعرفون الإسبانية جيداً بسبب أنهم كانوا أسرى وبعضهم قضي عشر سنوات في الأسر يجدف سفن الاسبان !! فوجدوا أن المعسكر الاسباني مليء بمئات الجرار من الخمر وأن كثيراً من الجنود ثملون ، فأعلموا حسن باي بهذا فأنزل قواته خلف قوات العدو ، وذلك بأن سلك طريقاً جبلياً وعراً ، وساعدهم غياب القمر خلف الغيوم ، والأمطار المنهمرة بغزارة ، والعاصفة الشديدة التي هبت تلك الليلة ،
    وعلق على ذلك خير الدين بقوله في مذكراته :
    "يا من جلّت قدرتك : أنت الذي تلطفت بنصرة فئة قليلة من عبادك المجاهدين بهذه العاصفة التي تعبث بالكافر كارلوس وأسطوله لتتقاذفه الأمواج المتلاطمة ، إن ذلك لدليل لطفك ورحمتك" وفي أثناء ذلك كله تساقط البرد الكبير ، وهاج البحر وماج ، وفي منتصف الليل أغار حسن باي على معسكر العدو وأعمل السيف في رقابهم فأخذوا يصرخون مذعورين : "لقد عاد بارباروس من اسطنبول ، لقد جاء التركي الكبير!" وقتل ثلاثة آلاف من بحارة كارلوس ، وفي الصباح كان كالورس – شارل الخامس أو شارلكان - شديد القلق من ظهور الاسطول العثماني في أي لحظة ، والنذر المناخية كانت تشتد فأمر كارلوس أندريا دوريا والجنود بالعودة إلى الأسطول ، لكن شدة البحر أجبرت كارلوس على إنزال نصف أسطوله إلى البر لكنه لم يتمكن من ربط بعضها ببعض حتى لا تجرفها المياه ، وهنا قام العرب البدو والمتطوعة المجاهدون بجر هذه السفن إلى الجزائر العاصمة ، واستولوا على جميع ما خلّفه كارلوس من ذخائر ومعدات حربية ، واندفع آلاف البدو الذي فرحوا بانسحاب كارلوس وجنوده وسط البحارة الاسبان ليسلبوهم ما معهم ، وقد كانوا من قبل يلحون على حسن باي بتسليم المدينة إلى الاسبان لما رأوا هول ما جاؤوا به !! وكانت التقديرات عقب المعركة بأنه قضي على عشرين ألف من جيش الكفار إما غرقاً أو تحت ضربات السيوف ، ومن نجا من الجند الذين نزلوا على الساحل أُسر ، ووقع عدد كبير من الجنرالات والأميرالات – القادة البحريين – والدوقات والأمراء والأميرات والنبلاء والفرسان في الأسر ، ولم يتمكن أندريا دوريا قائد الأسطول من الفرار إلا بصعوبة بالغة ، وذبح كارلوس فرسه ليأكل لحمها !! وذُبح أربعة آلاف فرس من أجود أنواع الأفراس ليأكل الجنود لحمها لشدة جوعهم ، وألقى كارلوس تاجه في البحر أثناء هروبه من شدة غيظه ، وكان لتلك الهزيمة المذلة دوي عظيم في أوروبا.

    ووصل الامبراطور إلى بجاية في حالة صعبة يُرثى لها ، وأمضى معظم وقته في الصلاة والابتهال على طريقتهم الضالة المبتدعة ، وأمر بإبقاء الكنائس مفتوحة ليلاً ونهاراً للعبادة ، وأخذ في الصوم ، وجمع اليهود في بجاية فاسترق بعضهم وباعهم في أسواق أوروبا وقتل بعضهم ، ومكث أربعة عشر يوماً في بجاية ثم عاد إلى بلاده مخذولاً.

    أما خسائر الجيش الصليبي فقد بلغت مائتي سفينة منها ثلاثون سفينة حربية ، ومائتي مدفع ، واثني عشر ألف مقاتل بين قتيل وغريق وأسير ، وكل عتاد الحملة وتموينها ، وأما المسلمون فقد كانت غنائمهم عظيمة عبر عن عظمها أحد المؤرخين المسلمين بقوله :
    "بقيت الجزائر كالعروس تختال في حليها وحللها من رخاء الأسعار ، وأمن الأقطار ، ولم يبق لهم عدو يخافون منه ، وشاعت هذه القضية في مشارق الأرض ومغاربها ، وبقي رعب المسلمين في أعداء الدين مدة من الزمن بأمن الملك العلام ، وخلّف اللعين – أي الامبراطور – لأهل الجزائر ما ملأ أيديهم غناء ، وكسبت البلاد من ذلك أموالا ًطائلة ، وفّرج الله على أوليائه المسلمين".

    يقول خير الدين في مذكراته :
    "بعد هذه المعركة بمدة قصيرة وصلت إلى الجزائر ، وقمت بجولة في أرض المعركة ، لقد كان سبب تأخري يعود إلى أني لم أكن أتوقع هجوم الملك كارلوس على الجزائر بهذه السرعة ... إن أوروبا لم تعش منذ عصور طويلة على وقع هزيمة مدوية لملك كبير كهذه... إن كارلوس هذا هو نفس الملك الذي سبق أن انتصر على ملك كافر كبير مثل ملك فرنسا المدعو فرنسوا الأول ، وأخذه أسيراً بعد معركة لم تدم سوى بضع ساعات...
    وقال أيضاً :
    إن هذا الظالم العائد إلى بلاده بجر أذيال الخيبة قد قام بإحراق آلاف البشر في العالم الجديد – يريد أمريكا – فأراد هذا الملعون أن يتسلط على الجزائر لأنه ظن بأنها مثل العالم الجديد ، الويل لبلدة مسلمة تقع في يد هذا الظالم ترى كيف سيكون مصيرها ، لقد ضرب لنا الكافر مثل السوء في ذلك في تونس قبل سنوات مضت".

    ولما علم السلطان سليمان بنتائج هذه الحملة فرح وقرأ رسالة حسن بن خير الدين بنفسه على خلاف الأصول المرعية ، وأمر بهدايا لرؤساء البحرية وعين حسن بن خير الدين بيلر باي على الجزائر – أي والياً عليها – وأنعم عليه برتبة الباشوية فصار في رتبة أبيه نفسها ، وأرسل له السلطان هدايا عظيمة ، وصار اسمه الرسمي الغازي قارة حسن باشا ، ومن اللطائف أن ولد خير الدين أرسل إلى أبيه خمسمائة أسير هدية لكن أباه وهبهم للدولة.

    وقام خير الدين عقب حملة شارل الخامس وأندريا دوريا على الجزائر بحملة على روما نفسها واستولى على ثغرها أوسيتيا ، وارتعدت العاصمة الكبيرة في عقر دارها فرقاً ، وكان الباب بول الثالث على علاقة حسنة بفرانسوا الأول حليف اسطنبول فاتفق مع خير الدين على الرحيل عن أوسيتيا ، وأبحر خير الدين إلى طولون التي كفت أجراس كنائسها عن الدق طوال مدة بقاء خير الدين فيها احتراماً له وتعظيماً.
    وخرج خير الدين بعد هذا بمدة في حملة ليطهر بلدان فرنسا الجنوبية من الاحتلال الاسباني بناء على استنجاد ملكها فرنسوا الأول به ، وذلك أثناء الحرب الإيطالية وإعلان اسبانيا الحرب على فرنسا. فعسكر في مرسيليا التي تنازل عنها الفرنسيون للعثمانيين خمس سنين ، وجرى بسبب ذلك ضجة عظيمة في أوروبا ، وتمكن من طرد الاسبان من تولوز ونيس، ومن نابولي أيضاً في إيطاليا ، وكان ذلك سنة 950/1544.

    يتبع

    عن موقع التاريخ


  4. #4
    عـضــو الصورة الرمزية نبيل الجلبي
    تاريخ التسجيل
    28/01/2009
    المشاركات
    5,272
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي سيد البحار خير الدين بارباروس/د.محمد موسى الشريف/ق4 والأخير

    سيد البحار خير الدين بارباروس

    الدكتور محمد موسى الشريف

    القسم الرابع والأخير



    عقب انتصارات خير الدين العظيمة ، وإذلاله امبراطوراً كبيراً مثل شارل الخامس ، وغزواته الكثيرة في البحر ، وتمكينه للعثمانيين في البحر الابيض المتوسط تمكيناً لم يسبق من قبل اصاب الأوربيين الخوف الشديد من خير الدين - رحمه الله تعالى - ولنعرف مقدار الخوف الذي أصاب الأوروبيين من خير الدين عقب هزيمة شارل الخامس أو شارلكان أو كارلوس بتعبير خير الدين فإني أسوق هذا النص الوارد في مجلة تاريخ وحضارة المغرب العدد 6 :
    "طغى شبح خير الدين على العامة والخاصة حتى أصبح الناس إذا رأوا ]... [([1]) عن بُعد نسبوه إلى خير الدين ، فيتصاعد الصراخ ويكثر العويل ، ويفر السكان من ديارهم ومن حقولهم ومتاجرهم ، وإذا حطمت الزوابع مركباً توهم الناس أن خير الدين بارباروس هو الذي أثار البحر وهيجه وأغراه على سفنهم ، وبلغ الخوف من قادة الجزائر – خير الدين ومن معه – أقصى درجة حتى أصبح أهل اسبانيا وإيطاليا إذا ما حدثت جريمة ، أو سرقة ، أو وقع فساد أو تخريب ، أو مرض أو وباء أو قحط قالوا : خير الدين وأصحابه هم السبب في ذلك !! وكانوا في عويلهم يرددون :

    بربروسّه بربروسّة
    أنت صاحب كل شر
    ما كان من ألم أو عمل
    مؤذ وجهنمي مدمر
    إلا والسبب فيه
    هذا القرصان الذي لا نظير له في العالم"

    رضي الله تعالى عن خير الدين وأين مثله الآن فما أحوجنا إلى من يخيف أعداء الإسلام اليوم حتى لا يفعلوا بنا ما يفعلونه اليوم من انتقاص لأرضنا ، وانتهاك لعرضنا ، وسرقة لثرواتنا ، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
    - وهكذا أمضى خير الدين جُل حياته في البحر مجاهداً في سبيل الله تعالى ، فلله كم أرغم الله به أنوف الكفار من ملوك وأمراء وفرسان ونبلاء ، فلله الحمد والمنة.

    صفات خير الدين :
    كان خير الدين – رحمه الله تعالى – شجاعاً مقداماً لا يهاب الموت ولا يتردد في مهاجمة الكفار في البحر ، وقد سبق من أخباره ما يوضح هذا كل التوضيح.

    - وكان كريماً ينفق من الأموال التي يأخذها من الكفار ، ينفقها في الفقراء والمحتاجين ، ولماّ زار أهله في جزيرة ميديلِّي بعد مدة طويلة فعل أفعالاً كريمة هو وأخوه عروج ذكرها بقوله :
    "أقمنا وليمة كبيرة دامت سبعة أيام وسبع ليال أطعمنا خلالها فقراء الجزيرة ، وقمنا بتختين الأطفال ، وزوجنا العذارى اللاتي لم يكن لهن أزواج ، ولكي ندخل السرور على قلوبهن أقمنا لهن احتفالات كبيرة وخِطنا لهن أثواباً جديدة. أدخلنا السرور على قلوب الأرامل والعجزة والمعاقين".
    وكان كثيراً ما يوزع القمح الذي استولى عليه من الكفار على الفقراء مجاناً في تونس وغيرها ، وتبرع مرة بسفينة قمح كاملة للفقراء.

    وقال في نص آخر يوضح زهده في الدنيا هو وأخوه عروج :
    "لم نكن نحب الاحتفاظ بالمال ، ولذلك فقد أنفقنا جميع ما ربحناه على تجهيز سفننا بشكل جيد ، والذي بقي قاسمناه بحارتنا ".

    وقام مرة بجمع اليتامى والذكور والإناث في مدينة الجزائر وضواحيها الذين بلغوا سن الزواج فزوجهم ، وختن الأطفال ، وأعطى كل واحد ما يحتاجه من المال ، ومسكناً لمن لا بيت له ، وعملاً للعاطل منهم ، وكان يقول في إنفاقه هذا :
    "لقد كنت موقناً بأن الله يكافئ عن كل إحسان نقوم به بأضعاف ما نبذله ، لقد رأيت هذا وعايشته بنفسي طوال حياتي ، فكلما أنفقت من ثروتي شيئاً كان الله يعجل بأضعاف مضاعفة لما أنفقه في سبيله".

    - وقد كان من بارز صفاته الحزم في مواضع الحزم ، واللين والمداراة والتحمل في مواضعها ، وهذا من أبرز صفات القادة ، فقد كان لا يتردد في قتل المؤذين والمنافقين والخونة ، لكنه أيضاً يعفو إذا رأى مصلحة غالبة في العفو.

    - وقد كان حسن التدبير لملكه ، فقد كان يسوس مملكته الواسعة في الجزائر سياسة حسنة ، ويطلع على أحوال أعدائه ، ومن حسن تدبيره ما ذكره في سياسته مع الأسرى الأوروبيين ، فقد قال :

    "كان من عادتي أن أدعو ضباط الكفار والقباطنة – جمع قبطان – والولاة والرهبان والفنانين الذين وقعوا في الأسر للمثول بين يدي ، وأتبادل معهم أطراف الحديث ، ولم أكن أطرح عليهم الأسئلة لانتزاع المعلومات منهم بل كنت أتحدث معهم مثلما يتحدث الصديق إلى صديقه ، بهذه الطريقة كنت أحصل منهم على معلومات مهمة جداً ، بل كنت أقف على أسرار القصور التي لا تُعرف حتى في أوروبا ، والحقيقة التي يجب أن أشيد بها هنا هو أنه كان لي في كل بلدان البحر المتوسط جواسيس تابعون لي ، إلا أن الجلوس مع الأسير والتحدث معه أفيد في الحصول على المعلومات".

    وفي سنة 952/1546 توفي خير الدين وقد قارب الثمانين من عمره المبارك ، بعد حياة حافلة بالجهاد وجلائل الأعمال ، ودفن في اسطنبول بمحاذاة مضيق البوسفور - الذي كان يحبه ويعجب به ويراه كأنه قطعة من الجنة !! - في باشكتاش في مكان اشتراه بنفسه وأوقفه لكي يدفن فيه ، وهو الآن معروف ماثل للعيان ، رحمه الله تعالى ورفع درجته في عليين.

    - وقد أكمل خير الدين العمل العظيم الذي ابتدأه شقيقه عروج الذي بينت بعض معالم سيرته في الحلقتين السابقتين ، وما أحسن ما قاله المؤرخ شارل اندري جوليان في كتابه "تاريخ الشمال الأفريقي" في عروج وأخيه :

    "هكذا انتهت هذه الحياة المجيدة في ميدان المغامرة ، إنه هو الرجل الذي أنشأ القوة العظيمة لمدينة الجزائر وللبلاد البربرية ، إنه بنظرة صادقة لا تخطئ وهي نظرته المعتادة – قد أدرك مدى ما تستطيع أقلية عاملة تحقيقه في وسط مليء بالمنافسات بين مختلف الإمارات المغربية لكي يؤسس على حساب تلك الإمارات دولة إسلامية قوية لا تستطيع أن تنالها بسوء هجمات النصارى... إنما كانت مأثرته هذه تتلاشى وتضمحل لو لم يتلقفها ويحتضنها باليمين شقيقه خير الدين الذي سار بها في طريق النجاح والكمال".

    وقال المؤرخ بيشو في كتابه "تاريخ شمال افريقيا" :
    كان للشقيقين عروج وخير الدين من الإقدام والجرأة مقدار يفوق المتعارف عند الرجال ، وكان لهما من الدهاء السياسي الخارق للعادة ما يجعل الناس مشدوهين من وجود مثله عند رجلين لم تؤهلهما ثقافتهما البدائية ليقوما بهذا الدور العظيم ؛ دور قيادة الشعوب".([2])

    الهوامش:
    ([1]) كلمة لم يتبين لي معناها.
    ([2])المصدر الرئيس لهذه الدراسة هو مذكرات خير الدين بارباروس التي ترجمها إلى العربية د.محمد دراج ، وكذلك كتاب "خير الدين بارباروس والجهاد في البحر" للأستاذ بسام العسلي ، ومصادر أخرى.

    المصدر : موقع التاريخ


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •