آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: الترجمة داخل اللغة الواحدة Intralingual Translation /حسام الدين مصطفى

  1. #1
    - الصورة الرمزية حسام الدين مصطفى
    تاريخ التسجيل
    26/09/2006
    المشاركات
    1,876
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي الترجمة داخل اللغة الواحدة Intralingual Translation /حسام الدين مصطفى

    عندما نتحدث عن الترجمة فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا نقل النص من لغة معينة إلى لغة أخرى، ونستحضر في عقولنا مصطلحي لغة المصدر source language "SL" ولغة الهدف target language "TL" إشارة إلى لغة النص الأصلي، ولغة النص المترجم، لذا فإن الحديث عن الترجمة داخل اللغة الواحدة قد يدفعنا إلى التعجب!!
    إن جملة النظريات التي طرحت حول الترجمة حتى بدايات القرن العشرين كانت تدور في ذات الدائرة الجدلية المفرغة، والتي تطرح التساؤل حول ما إذا كان من الواجب أن تكون الترجمة حرفية (كلمة بكلمة Word for Word) أي تقوم على الاستبدال اللفظي، أم أن تكون حرة ( معنى مقابل معنى Sense for Sense) ويكون الاهتمام هنا بمضمون الكلام لا بألفاظه، وغالبية هذه النظريات نبعت من الاهتمام بترجمة النصوص المقدسة خاصة ترجمة الإنجيل، فالتنظير للترجمة ليس وليد العصر الحديث، وفي منتصف القرن العشرين ظهرت نظريات تتناول الترجمة من منظور علوم اللسانيات، وكان أشهرها ما تتناول المعنى و التكافؤ Meaning & Equivalence متبوعة بنظريات التكافؤ الشكلي والتكافؤ الديناميكي، ثم ظهرت النظريات اللغوية التي طرحت مفهوم التغير shifts بين الأزواج اللغوية من خلال تطبيق مفاهيم اللغويات المقارنة Contrastive Linguistics، وبعدها ظهرت نظريات تناولت الدور الوظيفي للترجمة، وعلى أثر هذه النظريات – الأخيرة- تحولت النظرة القديمة والتي ظلت سائدة حتى الثمانينيات من القرن العشرين والتي تعاملت مع الترجمة بوصفها ظاهرة لغوية جامدة غير متطورة، فحولت نظريات الدور الوظيفي للترجمة هذه المفاهيم إلى اعتبار الترجمة أحد أنشطة التواصل البنيوي الاجتماعي الثقافي، وتطور الأمر بظهور نظرية الهدف Skopos theory التي ركزت على وظيفة النص الهدف في الثقافة الهدف، وتم اعتبارها جزءاً من نموذج الفعل الترجمي translational action، وهذا النموذج ينظر للترجمة على أنها مثل عملية إبرام الصفقة التجارية، حيث يتواصل فيها المنتج، مع المسوق، مع المشتري، مع المستخدم، ولم يعد تقييم الترجمة يتم طبقاً لمطابقة النص المترجم للنص الأصلي، بل باتت الترجمة الجيدة –وفق هذا النموذج- هي التي تعمل على توصيل هدف معين للفئة المستهدفة، ثم أتبع ذلك نظريات تحليل الخطاب، والتنوع اعتماداً على مفاهيم اللسانيات الوظيفية النظمية Systemic functional linguistics، ونظريات النظم المختلطة أو المتعددة، ثم النظريات التي رأت أن الترجمة تمثل نموذجاً للتحول الثقافي وأنها إعادة تأليف أو صياغة، وكذلك نظريات ترجمة ما بعد الاستعمار Post-colonialism وصولاً إلى نظريات الترجمة الفلسفية، ومن بعد ذلك أطل جدل قد يبدو في ظاهره حديثاً إلا أنه قديم جداً، ومرجع هذا الجدل يعود إلى النظرية التي طرحها رومان أوسيبوفيتش ياكبسون Roman Osipovich Jakobson مقسما الترجمة إلى ثلاثة أنواع رئيسية هي:
    1) الترجمة داخل اللغة الواحدة Intralingual Translation.
    2) الترجمة بين لغتين Interlingual Translation.
    3) الترجمة بين نظامين مختلفين للإشارة Intersemiotic Translation.
    يرى ياكبسون أن الترجمة داخل اللغة الواحدة تقوم على استخدام المرادفات لتوصيل الرسالة التي يتضمنها النص الأصلي، موضحاً أنه لا يوجد ما يمكن وصفه بالتطابق التام، ووفقاً لنظريته فإن الرسالة التي يتضمنها النص تكون على مستويين متكافئين يمكن التعبير عنهما برموز لغوية متكافئة، وفي بعض الأحيان قد تقف عملية الترجمة مغلولة اليد حين يصعب إيجاد المكافئ اللفظي، وهذا ما يقودنا إلى استخدام طريقة الاقتراض اللفظي، وقد أدت تلك النظرية إلى ظهور مصطلح آخر يصف عملية الترجمة داخل اللغة بوصفها "شبه ترجمة Pseudotranslation" أو " quasi metatext "، وهذا المصطلح من المصطلحات التي عرفها عالم الأدب حديثاً، ولا يزيد عمره عن بضع عقود، ووفقاً لمفهوم شبه الترجمة، فإنه لا يوجد نص أصلي تمت الترجمة عنه، بل هي عملية تخيلية يدعيها المؤلف، فحينما ينشر عمله بوصفه ترجمة فهو لم يتعامل مع نص قد تم تأليفه مسبقاً، وقام هو بترجمته، بل يرى أنه قد قام بترجمة أفكاره الذهنية إلى كلمات وتعبيرات لغوية وقد يبدو هذا الأمر معقداً بعض الشيء..
    وبنوع من التبسيط فيمكن القول أن الترجمة داخل اللغة الواحدة تعد ضرباً من ضروب الترجمة التفسيرية، التي تقوم على إعادة الصياغة، فعلى سبيل المثال: فحين نعرض إلى ترجمة أبيات مثل هذه الأبيات، وهي أبيات لأبي ربيعة الأفوه .. أقدم شعراء العرب..

    إن تَــــرى رَأسِــــيَ فــيــهِ قَـــــزَعٌ *******وَشَـــواتـــي خَـــلَّـــةً فــيــهــا دُوارُ
    أَصبَـحَـت مِــن بَـعــدِ لَـــونٍ واحـــدٍ *******وَهــيَ لَـونـانِ وَفـــي ذاكَ اِعـتِـبـارُ
    فَـصُــروفُ الـدَهــرِ فـــي أَطـبـاقِــهِ *******خِـلـعَـةٌ فـيـهـا اِرتِـفــاعٌ وَاِنــحِــدارُ
    بَيـنَـمـا الــنــاسُ عــلــى عَلـيـائِـهـا *******إِذ هَـوَوا فـي هُــوَّةٍ مِنـهـا فَـغـاروا
    إِنَّـــمـــا نِــعــمَــةُ قَــــــومٍ مُــتــعَــةٌ *******وَحَـيــاةُ الـمَــرءِ ثَـــوبٌ مُـسـتَـعـارُ

    نجد أنه لابد للمترجم أن يفسرها بالعربية بينه وبين ذاته قبل أن يترجمها إلى لغة غير عربية، وتكون عملية التفسير هذه بمثابة ترجمة من العربية إلى العربية، ومثال آخر بيت الشعر هذا:
    فما يسمى كفنا خسر مسم... ولا يكنى كفنا خسر كاني !
    وهو أعقد بيت شعر قالته العرب ينسب إلى المتنبي وقد قاله في مدح ملك فارس (فنا خسرو)، فحينما نعمد إلى شرح أو تفسير هذا البيت باللغة العربية، والأمر لا يقتصر على الشعر وحده بل هناك نصوصاً نثرية، فهذا جزء من خطبة الحجاج بن يوسف الثقفي يقول فيه:
    "وأطيعوا، وشايعوا وبايعوا، واعلموا أنه ليس مني الإكثار والإبذار والأهذار، ولا مع ذلك النفار والفرار، إنما هو انتضاء هذا السيف، ثم لا يغمد في الشتاء والصيف، حتى يذل الله لأمير المؤمنين صعبكم، ويقيم له أودكم، وصغركم، ثم إني وجدت الصدق من البر، ووجدت البر في الجنة، ووجدت الكذب من الفجور، ووجدت الفجور في النار، وإن أمير المؤمنين أمرني بإعطائكم أعطياتكم وإشخاصكم لمجاهدة عدوكم وعدو أمير المؤمنين، وقد أمرت لكم بذلك، وأجلتكم ثلاثة أيام، وأعطيت الله عهداً يؤاخذني به، ويستوفيه مني، لئن تخلف منكم بعد قبض عطائه أحد لأضربن عنقه. ولينهبن ماله."

    مترجم خبير- محاضر دولي
    رئيس جمعية المترجمين واللغويين المصريين
    مؤسس المدرسة العربية للترجمة

    active5005@yahoo.com
    www.facebook.com/hosam.e.mostafa.771

  2. #2
    - الصورة الرمزية حسام الدين مصطفى
    تاريخ التسجيل
    26/09/2006
    المشاركات
    1,876
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: الترجمة داخل اللغة الواحدة Intralingual Translation /حسام الدين مصطفى

    ولاشك أن هذا النص يحتاج –لدى البعض- إلى تبسيط صياغته بكلمات عربية شارحة مفسرة قبل أن تتم ترجمته إلى اللغة الأجنبية... وحتى في العصر الحديث هناك نصوص يأتي نصها إما مفرط في التعقيد أو مسقط في الركاكة وحين يعرض المترجم إلى التعامل معها عليه أن يعيد صياغتها، فنحن أمام ترجمة داخل لغة واحدة هي اللغة العربية سواء كانت الترجمة على هيئة نص نثري شارح أو بيت شعر منظوم ومقفى
    ويضعنا مفهوم شبه الترجمة أمام إشكالية كبيرة تعصف بما تعارفنا عليه من فوارق تعريفية واضحة بين النص المترجم والنص الأصلي، وقد يتضح ذلك إذا ما راجعنا المحتوى الأدبي في العصور الوسطى، فنجد أننا أمام نصوص لا يمكننا أن نحدد هل هي نصوص أصلية؟ أم تمت ترجمتها من صياغات العصور الوسطى إلى صياغات العصر الحديث؟، ففي الشعر الإنجليزي مثلا ما قاله (ويليام شيكسبير):
    Sonnet 20: A Woman's Face With Nature's Own Hand Painted
    A woman's face with nature's own hand painted,
    Hast thou, the master mistress of my passion;
    A woman's gentle heart, but not acquainted
    With shifting change, as is false women's fashion:
    An eye more bright than theirs, less false in rolling,
    Gilding the object whereupon it gazeth;
    A man in hue all hues in his controlling,
    Which steals men's eyes and women's souls amazeth.
    And for a woman wert thou first created;
    Till Nature, as she wrought thee, fell a-doting,
    And by addition me of thee defeated,
    By adding one thing to my purpose nothing.
    But since she prick'd thee out for women's pleasure,
    Mine be thy love and thy love's use their treasure
    ولننظر إلى ترجمة القصيدة باللغة المعاصرة
    Translation to modern English
    Your face is more beautiful than a woman's because it's been painted by nature and not artificially. You are both master and mistress of my passion. You have the gentle heart of a woman but without the fickleness characteristic of women. Your eyes, that light up the very object that they look on, are brighter than theirs but without their shallow flirtatiousness. You have all the best qualities a man could have. All other men look to you as a model: you catch the eye of men and you amaze women. Nature first intended you as a woman, but as she was making you, she fell madly in love with you and, by adding something, deprived me of you; by adding one thing she made you unattainable to me. But since she equipped you for the pleasure of women, let me have your love and them your body.

    ******************
    ولنأخذ مثالاً آخر بعيداً عن الشعر مثل عبارة
    “Until recently, criminologists could not afford to analyze DNA evidence for all homicide cases.”
    والتي يمكن صياغتها كالتالي : “Crime labs now can use DNA for all murder cases.”
    أو هذه الفقرة:
    The Republican Convention of 1860, which adopted planks calling for a tariff, internal improvements, a Pacific railroad and a homestead law, is sometimes seen as a symbol of Whig triumph within the party. A closer look, however, indicates that the Whig’s triumph within the party was of a very tentative nature.”
    وهذه يمكن صياغتها كالتالي:
    Contrary to many historians, Eric Foner argues that the Republican platform of 1860 should not be understood as an indication of Whig dominance of the party
    إن هذه الأمثلة توضح لنا ما نطلق عليه الترجمة داخل اللغة الواحدة Intra-lingual Translation، ويرى البعض أن القيام بالعملية العكسية (شرح العبارات القصيرة باستخدام جمل عديدة) هو أيضاً نوع من الترجمة داخل اللغة الواحدة ..
    ولنلحظ هنا أن عملية الترجمة الداخلية أو إعادة الصياغة تقوم على استبدال جملة ما بكلمة واحدة، أو أن يتم شرح الكلمة الواحدة باستخدام جملة كاملة، وفي الغالب نلجأ إلى الاختصار، ونعمد إلى استخدام كلمات أقل من عدد الكلمات الأصلية، وقد نحتاج إلى إعادة ترتيب بنية الجملة، كأن نبدأ الجملة من نهايتها مثلاً، وقد نقوم بإعادة ترتيب الجمل التي تتكون من الفقرة، هذا فضلاً عن اعتمادنا على استخدام المرادفات مع مراعاة أن تكون المرادفات المستخدمة تحمل نفس المعنى ولها نفس قوة ودلالة اللفظ الأصلي.

    مترجم خبير- محاضر دولي
    رئيس جمعية المترجمين واللغويين المصريين
    مؤسس المدرسة العربية للترجمة

    active5005@yahoo.com
    www.facebook.com/hosam.e.mostafa.771

  3. #3
    - الصورة الرمزية حسام الدين مصطفى
    تاريخ التسجيل
    26/09/2006
    المشاركات
    1,876
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: الترجمة داخل اللغة الواحدة Intralingual Translation /حسام الدين مصطفى

    إن عملية الصياغة المكافئة تقوم على أحد هذه العمليات منفردة أو مجتمعة: الإضافة- الحذف- إعادة الترتيب- الاقتراض اللغوي- إعادة ترقيم الفقرات والجمل.. ويكون هدف المترجم في هذه الحالة هو إعادة صياغة الرسالة التي يتضمنها النص الأصلي باستخدام ألفاظ وعبارات أوضح وأسلس، ومن بين الصعوبات التي قد تواجهنا عند اللجوء إلى استخدام المكافئ اللفظي ما يتعلق بالبعد الثقافي للمترجم والمفاهيم المرتبطة بوجهات النظر، أو أن يكون هناك قصور في المحتوى التعبيري، أو أن يكون المستوى اللغوي قاصراً عن إيجاد مكافئات لغوية لها نفس القوة، أو يغيب المصطلح المماثل خاصة عند التعامل في نطاق اللغة الواحدة.
    لذا فإن دور المترجم يتمثل في إحداث تأثير مماثل ومطابق للتأثير الذي يتضمنه النص الأصلي، وعليه حينئذ أن يتخطى صعوبات الاختلاف الثقافي وهذه الفوارق الثقافية قد توجد بين أبناء اللغة الواحدة لكنها تظهر جلية بين اللغات المختلفة، والسؤال الذي يطرح نفسه هاهنا ... هل هناك فعلاً ما يسمي (مكافئ لفظي) خاصة عند القيام بعملية الترجمة؟!
    إن أهمية التكافؤ اللفظي تكمن في أن هناك العديد من نظريات الترجمة التي تنظر إليه بوصفه أساس وعماد عملية الترجمة، وجزءاً أساسياً من تعريفها طوال ما يقرب من ستة عقود متتالية، وأطلت علينا في اجتهادات داربلنت، ونيدا، وياكبسون، وبيكر، فنظرياتهم تلك قد اهتمت بتحليل الترتيب الزمني اللغوي، وجملة النظريات التي تناولت هذا الموضوع يمكن تقسيمها إلى مجموعتين: مجموعة اهتمت بالتناول اللغوي للترجمة، وعلى نقيضهم فريق آخر لا يتعامل أو يعترف بأن الترجمة نسق يرتبط بعلوم اللغة.
    وفي استعراض مقتضب لكيفية تناول هذه النظريات للمكافئ اللفظي:
    يرى فينيه و داربلنت Vinay and Darbelnet أن الترجمة هي عملية استخدام للمكافئ اللفظي وتتم من خلال استخدام كلمات مختلفة تماماً لكنها تعبر عن محتوى رسالة النص الأصلي، ويرى كلاهما أن طريقة استخدام المكافئ اللفظي هي أفضل الطرق خاصة عند التعامل مع الأقوال المأثورة، والعبارات الاصطلاحية، والعبارات الموجزة، والتسميات الصوتية للأشياء، ثم جاء رومان ياكبسون فقد طور هذه النظرية طارحاً مفهوم الترجمة داخل اللغة الواحدة مشيراً إلى أن الترجمة هي عبارة عن إعادة صياغة أو إعادة ترتيب للكلمات مشيراً إلى أن ما يقوم به المترجم أثناء الترجمة داخل اللغة الواحدة هو استخدام المرادفات synonyms لتوصيل الرسالة التي يحتويها النص الأصلي...
    أما نيدا وتابر Nida and Taber فقد قسما المكافئ اللفظي إلى قسمين: المكافئ الشكلي formal equivalence و المكافئ الديناميكي dynamic equivalence موضحين أن القسم الأول يركز على الرسالة التي يتضمنها النص الأصلي والاختلاف بينها وبين القسم الثاني المكافئ الديناميكي أن الأخير يهتم بتأثير المكافئ اللفظي، وقد أوضحا أنه قد يصعب في بعض الأحيان إيجاد المكافئ اللفظي بين الأزواج اللغوية، وقد تكتنف عملية استخدام هذا القسم –المكافئ المنهجي- مخاطر كثيرة عند إخراج النص الهدف، وأقرا بأن أوضح هذه المخاطر يتعلق بتغيير النسق النحوي والأسلوبي. أما المكافئ الديناميكي فيركز على المعنى الذي يتضمنه النص الأصلي، وفي منهجه يرى "كاتفورد Catford" أن المكافئ اللفظي يختلف كلية عن ما جاء به نيدا وتابر Nida and Taber، وأقام منهجه على التناول اللغوي للنص وتحدث عما أسماه التحول الترجمي translation shift، ومن هنا فإن الحديث عن الترجمة داخل اللغة الواحدة لا يمكن استيعابه إلا من خلال نظرة شمولية تتضمن علوم اللغة والفلسفة والمنطق.
    يمكننا القول أن الترجمة داخل اللغة الواحدة هي أول مراحل عملية الترجمة من لغة إلى لغة أخرى، فعندما نحاول ترجمة نص ما من لغة إلى أخرى، فإن أول ما يتعين علينا القيام به هو أن نركز على النص الأصلي، ونبدأ في تحليله وتفسير محتواه، وربما إعادة صياغته وفق المعنى الذي يتناوله بغرض التبسيط، أو إزالة اللبس والغموض، وهذه العملية قد لا تتم بصورة ملموسة (تحريرية مثلا)، بل يمكن أن تتخذ طابع العمليات الذهنية، وتتم داخل العقل البشري دون أن تخرج إلى الحيز المرئي (التحريري)، أو المسموع (الشفهي)، فعندما يقرأ أي شخص نصاً ما فإنه يقوم بصورة عفوية لا إرادية بتأويله وتفسيره داخل عقله ليدرك الغاية والقصد من كلماته، ويقف على معنى الأفكار ومضمونها، وقد لا يقوم هذا الشخص بإجهاد عقله ويكتفي بمطالعة النص مكتفياً بما قد وصله من معنى… أما عند المترجم فإن عملية التأويل هذه تتم عن قصد وعمد إذ أن غاية المترجم هي الوصول إلى مقصد الكاتب وهذا يستوجب إدراك الدلالات المختلفة للألفاظ التي استخدمها هذا الكاتب.
    وهنا يحضرني ما قاله الشاعر الفرنسي باول فاليري -Pauls Valéry: "لا يوجد شيء اسمه المعنى الحقيقي للنص، وليست هناك سلطة للكاتب فقد انتهى دوره بكتابة ما كتب، وما أن ينتشر النص فلكل متلق الحق في استخدام هذا النص كأداة وفق ما يحلو له وتبعاً لإمكانياته"، لكن ذلك لا يمنع أن أمانة الترجمة تقتضي من المترجم أن يبذل كل الجهد لتوصيل نفس الرسالة التي سعى المؤلف الأصلي إلى توصيلها...
    إن عملية الترجمة ترتبط بالإنسان منذ بدايات تعلمه للكلام، فحينما يبدأ الطفل الصغير في إدراك الموجودات من حوله ويتعلم الكلمات والمصطلحات فإننا نقوم بتبسيط هذه الكلمات الجديدة والمصطلحات غير المعروفة لديه إلى كلمات بسيطة يمكنه ترديدها واستيعابها وأحياناً نقرنها بأفعال وحركات معينة حتى يمكنه استيعاب معنى هذه الكلمات ويعرف دلالاتها.... وهذا من أبسط النماذج التي يمكننا أن ندلل بها على ما نسميه الترجمة داخل اللغة الواحدة.
    جدير بالذكر أن النظريات التي تناولت عملية الترجمة داخل اللغة الواحدة قد غلب عليها التعامل مع الطبيعة الأدبية للترجمة، فجاءت أفكارهم قائمة على فكرة أن الترجمة نشاط أدبي، وحصروها في أنها وظيفة لغوية فحسب مثلها كمثل باقي صنوف الأدب وقد حاولوا أن يميزوها عن باقي صنوف الأدب بأن أشاروا إلى أن وظيفتها أدبية تخصصية.

    مترجم خبير- محاضر دولي
    رئيس جمعية المترجمين واللغويين المصريين
    مؤسس المدرسة العربية للترجمة

    active5005@yahoo.com
    www.facebook.com/hosam.e.mostafa.771

  4. #4
    شاعر
    نائب المدير العام
    الصورة الرمزية عبدالله بن بريك
    تاريخ التسجيل
    18/07/2010
    العمر
    62
    المشاركات
    3,040
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: الترجمة داخل اللغة الواحدة Intralingual Translation /حسام الدين مصطفى

    جزيل الشكر و وافر الامتنان ،أستاذنا الكريم "حسام الدين مصطفى".
    حفريات قيّمة في قضايا الترجمة لا غنًى عنها لكلّ دارس و طالب.
    جديدة عليّ فكرة الترجمة داخل اللغة الواحدة رغم وعيي السطحيّ بها.قد كفيتَ
    و وفيت ،و عززت الموضوع بالشواهد المغنية و المقارنات الموضحة و الترجمات
    الداعمة .فتحيتي لمنهجيتك الصارمة و لطريقتك الواضحة في التبليغ و لشخصيتك
    الثقافية التي يزينها التواضع و يرصعها التفاني في الإفادة.
    تقديري الفائق.سيدي.

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    29/09/2013
    المشاركات
    27
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: الترجمة داخل اللغة الواحدة Intralingual Translation /حسام الدين مصطفى

    أخي الكريم د. حسام الدين ، اسعد الله اوقاتك بكل خير

    احييك على هذه المشاركة الجميلة التي سلطت فيها الضوء على موضوع مهم في علم الترجمة وذلك بشكل مختصر و جميل ، فلا فض فوك و لا قلمك . أود ، حفظك الباري ، أن أشير الى أمر وهو أن نايدا استبدل مصطلح "المكافئ الديناميكي" ب " المكافئ الوظيفي" . وبالمناسبة فقد نشرت موضوع بعنوان "برغماتية الترجمة" ناقشت فيه مسألة التأثير.


  6. #6
    - الصورة الرمزية حسام الدين مصطفى
    تاريخ التسجيل
    26/09/2006
    المشاركات
    1,876
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: الترجمة داخل اللغة الواحدة Intralingual Translation /حسام الدين مصطفى

    الأديب المبدع / عيدالله بن بريك
    الدكتور الموقر/ بدر عبدالله
    لكما كل التحية والتقدير وأثمن عاليا ما تفضلتما بذكره
    لكما التقدير وصادق الاحترام

    مترجم خبير- محاضر دولي
    رئيس جمعية المترجمين واللغويين المصريين
    مؤسس المدرسة العربية للترجمة

    active5005@yahoo.com
    www.facebook.com/hosam.e.mostafa.771

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •