هل انتهى الملف النووي الإيراني؟
الدكتور عزت السيد أحمد

هل كان من الضروري أن يعلن وزير الخارجية الأمريكي بعد دقائق من توافق إيران مع المجتمع الدولي أن إسرائيل باتت الآن بأمان اكثر بموجب هذا الاتفاق، ثم يتلوه الرئيس الأمريكي ذاته بمؤتمر صحافي خاص يعلن فيه أن إسرائيل الآن بأمان كبير بسبب هذا الاتفاق؟؟؟
ثمة سر لا بد أنه موجود
إن تصريح أكبر رأسين في أكبر دولة في العالم هذا التصريح السريع جداً يوحي للبشرية جمعاء وكان كل هذا التفاوض والصراع كان من أجل إسرائيل وليس من أجل المعايير الدولية والقوانين الدولية والاتفاقيات الدولية... يوحي بأن دول العالم العظمى كلها خدماً لإسرائيل فقط.
الأمر في حقيقته ليس كذلك أبداً.
إسرائيل وجدت لتخدمهم وليس ليخدموها، وخدمتهم لها هي خدمة لأنفسهم لا أكثر. ومن هذا الباب لا مانع من القول إنهم يخدمون إسرائيل.
ولكن أن يعلن كيري وأوباما هذا الإعلان بهذه السرعة يجعل من المجتمع الدولي أضحوكة اللهم إلا إذا كان وراء الأكمة ما وراءها. فما الذي يمكن أن يكون وراء الأكمة؟
إن التسريبات التي وصلت إلينا للمفاوضات الأمريكية الإيرانية على مدار الأشهر الثمانية الماضية يوحي بأن هذا التصريح جاء للفت النظر عن توافقات ضمنية بين إيران وأمريكا حول النفوذ الإيراني في المنطقة ولا شك أن الملف السوري بينها. وحتى لا يلتف المحللون إلى ما قد كان سراً أوحوا بأن الهدف حماية إسرائيل من النووي الإيراني المحتمل.
لقد تمت حماية إسرائيل ولكن ليس من إيران. فإيران لن تكون عدواً لإسرائيل، حماية إسرائيل ستكون من خلال الدور الإيراني الجديد في المنطقة.
قد يرى بعضهم ذلك بعيداً.
لا بأس
لن يكون ذلك ضاراً.
لننتظر التطورات على الساحة السورية خلال الأيام القريبة، وعلى ساحة المنطقة خلال الأشهر القادمة.
لن تتأخر البوادر التي ستجعلنا نقترب أكثر من مضامين المفاوضات السرية بين إيران وأمريكا.
على أي حال يجب أن ندرك جيداً أن ما سمي نهاية أزمة الملف النووي الإيراني ليس إلا وهماً تآمر عليه الجميع، تآمر الجميع على إظهار هذا الوهم على أنه حقيقة. لم يحدث أي توافق حاسم على الإطلاق، كل ما كان نقاط اتفاق سرابية، غامضة، هي نفسها التي تم التوافق عليها منذ أكثر من خمس سنوات. فلماذا سمي هذا نهاية أزمة الملف النووي الإيراني، ولم يكن كذلك منذ نحو خمس سنوات.
المسؤولون الأمريكيون شنوا جملة كبيرة على إدارة الرئيس أوباما التي وافقت على خروج إيران منتصرة وتحقيق مطالبها المرفوضة منذ عشر سنوات. وإيران أعلنت أنها خرجت منتصرة. والحقيقة أنَّ إيران هي التي خرجت منتصرة بكل الأحوال.
انتصار إيران يمكن في أنها لم تقدم أي تنازل حاسم، وأبقت الأمور معلقة، وعلقت الملف والخلاف بضع أشهر ترفع فيها القيود والحصار وتتفرغ للملف السورية بشكل خاص وإعادة ترتيب أوراقها في المنطقة ريثما يتم حسم الملف السوري ومعرفة مصير النظام، وعلى ضوء مصير النظام يكون مخططها للمرحلة التالية.
وعلى أي حال
لا يمكن أن نفهم ما يمكن أن تؤول إليه الأمور إلا إذا أدركنا أمرين:
الأول أن الدهاء الإيراني في السياسة عريق وخطير. ولا يجوز أن يستهان به بحال من الأحوال.
الثاني أن من يظن أن إيران تعادي إسرائيل وأمريكا أكثر من العرب فهو واهم.
وعلى ضوء هاتين النقطتين، وفي سياقهما يجب أن نفهم بنية المفاوضات الأمريكية الإيراينة. على اعتبار الولايات المتحدة الشرطي العالمي الأول إلى الآن.