التشوهات والكوارث

شمس الدين المعتزلي

إن كنت طلبت منك القيام بفعل وكنت عدمتك الأداة دونه , أكون قد جرت عليك وظلمتك, ولكن إن كنت قد رفعت عنك هذا التكليف لفقدك الأداة ؟. وليس رفع التكليف فقط إن كان أقرانك قد حازوا الأداة تلك , بل وعهدت على نفسي أن أعوضك ثوابا ومكافئة بحيث ترضى عن قصران أداتك, فهل أكون ظلمتك ؟!.

أضف إلى هذا أن البشر لا يتعلمون كثيرا من المنافع إلا من حالات الفساد. على سبيل المثال : كأس زجاجي على طاولة, لم يتغيّر عليه شيء, فلن نتعلم منه شيئا بدوام حاله هكذا, ولكن سقوطه عن الطاولة وتعرضه للكسر, يعلمنا الكثير, لأن الكأس لم يعد يفيدنا ويؤدي غرضه وهو مكسور فيجب أن لا يتعرض للكسر, وأن الكأس إن سقط على صلب وتكسر وتشظى, فقد يجرح يد أو رجل أحد ما وهكذا, ولذلك فالتشوه الذي حصل للكأس الزجاجي هو ما يعلمنا وليس بقاء الكأس صحيحا, ولذلك فمن يظن أن هذه التشوهات الخلقية مثلا لم تفد تطور العلوم الطبية وغيرها فليسأل العلماء, وليعاود حساباته فيما هو شر وظلم وفيما هو غير ذلك.
وهنا نقطة أحب أن أضيفها , ماذا عن طفلي الذي يبلغ أربع سنوات مثلا والذي لا أريد له أن يتعرض لأي شكل من أشكال الأذى : لا أريده أن يسقط عن الدراجة ولا أريد أن تشكه شوكة وردة فتجرح إصبعه ولا أريد مشروبا ساخنا أن يحرق لسانه ولا أريد ولا أريد ولا أريد (( الحل أن تقيده بالسرير !!!!! )) نعم حرية الإرادة والاختيار لهما ثمن وهما القبول بتلك المشاكل والتي بدورها سوف تعلمنا لكي نصبح ناضجين وراشدين.

من الرائع لنا كبشر أن نتعاطف مع المنكوبين والمرضى ولكن الأروع من ناحية إنسانية هو أن نشارك في حل مشاكلهم تلك وأن نخفف من معاناة الإنسانية ( فهذا هو المعنى الحقيقي لكلمة إنسان ).

للعلم من وجهة نظري كمعتزلي فإن الإنسان (سواء كان مسيحي أو بوذي أو ملحد ....) الذي يساعد منكوبي إفريقيا على سبيل المثال سواء بشخصه أو بالمساعدات المفيدة الأخرى أعظم أجرا عند الله من المسلم الصوّام القوّام الذي لا يمد يد المساعدة لأحد.