بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه. أما بعد , فهذه رسالة جمعتها لبيان معنى قول الله تعالى ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون﴾ و ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون﴾ و ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون﴾ ، فأسأل الله أن يشرح لها الصدور، ويوفق الجميع للأخذ بما جاء فيها من الحق. أنه هو السميع العليم.


تفسير ابن كثير رحمه الله للآيات

أولاً : قوله تعالى ﴿ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ﴾ سورة المائدة 44

• قال البراء بن عازب وحذيفة بن اليمان وابن عباس وأبو مجلز وأبو رجاء العطاردي وعكرمة وعبيد الله بن عبد الله والحسن البصري وغيرهم نزلت في أهل الكتاب.
زاد الحسن البصري وهي علينا واجبة.
• وقال عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم قال نزلت هذه الآيات في بني إسرائيل ورضي الله لهذه الأمة بها رواه ابن جرير.
• وقال ابن جرير أيضا حدثنا يعقوب حدثنا هشيم أخبر عبد الملك بن أبي سليمان عن سلمة بن كهيل عن علقمة ومسروق أنهما سألا ابن مسعود عن الرشوة فقال من السحت قال فقالا وفي الحكم قال ذاك الكفر ثم تلا (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون).
• وقال السدي ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) يقول ومن لم يحكم بما أنزلت فتركه عمدا أو جار وهو يعلم فهو من الكافرين.
• وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) قال من جحد ما أنزل الله فقد كفر ومن أقربه فهو ظالم فاسق رواه ابن جرير ثم اختار أن الآية المراد بها أهل الكتاب أو من جحد حكم الله المنزل في الكتاب.
• وقال عبد الرزاق عن الثوري عن زكريا عن الشعبي ومن لم يحكم بما أنزل الله قال للمسلمين.
• وقال ابن جرير حدثنا ابن المثنى حدثنا عبد الصمد حدثنا شعبة عن ابن أبي السفر عن الشعبي ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) قال هذا في المسلمين ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) قال هذا في اليهود ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ) قال هذا في النصارى وكذا رواه هشيم والثوري عن زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي.
• وقال عبد الرزاق أيضا أخبرنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال سئل ابن عباس عن قوله (ومن لم يحكم) الآية قال هي به كفر قال ابن طاوس وليس كمن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله.
• وقال الثوري عن ابن جريح عن عطاء أنه قال كفر دون كفر وظلم دون ظلم وفسق دون فسق رواه ابن جرير.
• وقال وكيع عن سعيد المكي عن طاوس ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) قال ليس بكفر ينقل عن الملة.
• وقال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ حدثنا سفيان بن عيينة عن هشام بن حجير عن طاوس عن ابن عباس في قوله ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) قال ليس بالكفر الذي يذهبون إليه ورواه الحاكم في مستدركه < 2/313 > من حديث سفيان بن عيينة وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.



ثانياً : قوله تعالى ﴿ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ﴾ سورة المائدة 45

قد تقدم عن طاوس وعطاء أنهما قالا كفر دون كفر وظلم دون ظلم وفسق دون فسق.



ثالثاً : قوله تعالى ﴿ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ﴾ سورة المائدة 47

أي الخارجون عن طاعة ربهم المائلون إلى الباطل التاركون للحق وقد تقدم هذه أن هذه الآية نزلت في النصارى وهو ظاهر في السياق.

************************************************** **************************

سئلت اللجنة الدائمة فيمن (يحكم بغير ما أنزل الله) والسؤال كما يلي :

السؤال : من لم يحكم بما أنزل الله هل هو مسلم أم كافر كفرا أكبر وتقبل منه أعماله؟

الجواب : قال تعالى: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون وقال تعالى: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون وقال تعالى: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون لكن إن استحل ذلك واعتقده جائزا فهو كفر أكبر، وظلم أكبر، وفسق أكبر يخرج من المل ، أما إن فعل ذلك من أجل الرشوة أو مقصد آخر وهو يعتقد تحريم ذلك فإنه آثم، يعتبر كافرا كفرا أصغر، وظالما ظلما أصغر، وفاسقا فسقا أصغر لا يخرجه من الملة، كما أوضح ذلك أهل العلم في تفسير الآيات المذكورة.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد, وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو، نائب رئيس اللجنة، الرئيس
عبد الله بن غديان، عبد الرزاق عفيفي، عبد العزيز بن عبد الله بن باز.