....وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم نظيف الجسم , يفوح الطيبُ من عرقِه , حدّث عنه صاحبه أنس بن مالك رضي الله عنه فقال «مَا شَمَمْتُ عَنْبَرًا قَطُّ، وَلَا مِسْكًا، وَلَا شَيْئًا أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ رسول الله صلى الله عليه وسلم» .
لقد كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس وأكرمهم وكان يصافحهم ويتواضع لهم فكأن جسده الزكي أبى إلا أن يفيض جودا وعطاء على الناس فيترك بعض أثر الطيب على كل من يلامسه أو يصافحه , ولم يكن ذلك من أثر طيب يضعه أو دهن يمسه بل كانت طبيعته التي طبعه الله تعالى عليها , فقد كان – من حنوِّه وعطفه – يضع يده الشريفة على رأس الصبيِّ فيُعرف من بين الصِّبيان , ويصافح الرجل فتظل رائحة يدِه الزكية صلى الله عليه وسلم تُشَمُّ من يد الرجل طيلة يومه , وهذا صاحبه جابر بن سمُرة رضي الله عنه يحدثنا أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح خدَّه قَالَ: فَوَجَدْتُ لِيَدِهِ بَرْدًا وريحا، كأنما أخرجها من جُونة عَطَّارٍ» .والجُونة – بضم الجيم – سلة صغيرة من الجلد تكون مع العطَّارين .
وقد عاين أصحابه رضي الله عنهم ذلك منه صلى الله عليه وسلم وشاهدوه فكانوا حريصين على التماس آثاره الفوَّاحة حتى جمع بعضهم عرقَه الشريف في قارورة ليطِّيب بها طيبه فكأن - بل إن عرقه صلى الله عليه وسلم طيبُ الطيب ومسك المسك .
نام يوما عند صاحبه أنس بن مالك , وكان نومه على بساط من جلد فعرق أثناء نومه فندِي البساط من عرقه ، فلما قام من نومه جاءت أم أنس رضي الله عنها إلى البساط ومعها قارورة تجمع فيها قطرات العرق الزكي فسألها النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقالت: نَجْعَلُهُ فِي طِيبِنَا وَهُوَ من أطيب الطيب.»
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرَّ في طريق عرف سالك هذا الطريق أن سيده صلى الله عليه وسلم مرّ من ذلك الطريق , فلقد تعطر الهواء من مروره صلى الله عليه وسلم , حدَّث عنه صاحبُه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال :«لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمُرُّ فِي طَرِيقٍ فَيَتْبَعُهُ أَحَدٌ إِلَّا عَرَفَ أنّه سلكه، من طيبه» .
صلى الله عليك يا طيِّب الذكر يا طيِّب الريح يا سيدي يا رسول الله , وددتُ والله لو كنتُ حجرا في طريق مررت فيه فشاهدت نورك البهي وتنسَّمت عبيرك الزكيِّ..
ليس القباب على الركاب وإنما
هن الحياة ترحلت بسلام
ليت الذي فلق النوى جعل الحصى
لخفافهن مفاصلي وعظامي
طبت يا رسول الله وطاب من صحبك ، وسعد من رآك , يقول أحدهم وهو سيدنا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: «أَرْدَفَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ، فَالْتَقَمْتُ خَاتَمَ النُّبُوَّةِ بِفَمِي، فَكَانَ يَنِمُّ عَلَيَّ مِسْكًا» .
طبت حيَّا وميِّتا , نعم ..لقد دخل سيدنا عليٌّ رضي الله عنه – وقد فاضت الروح الطاهرة إلى باريها - دخل ليغسِّلك , قال :
فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ مَا يَكُونُ مِنَ الْمَيِّتِ، فَلَمْ أَجِدْ شَيْئًا فَقُلْتُ: طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا. قَالَ: وَسَطَعَتْ مِنْهُ رِيحٌ طَيِّبَةٌ، لَمْ نَجِدْ مِثْلَهَا قَطُّ» .
فصلى الله عليك
ياخير من دفنت بالقاع أعظمه فطاب من طيبهم القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه في العفاف وفيه الطهر والكرم