وهم التشكيل الفسيفسائي السوري
الدكتور عزت السيد أحمد
منذ زمن ونحن نسمع عن التشكيل الفسيفسائي في سورية وخطورة هذه الفسيفسائية، وخصوصية هذه الفسيفسائية، وضرورة مراعاة هذه الفسيفسائية...
لقد بدا التصوير وكأن سوريا استثناء تاريخي لا نظير له في العالم. وكأن سوريا هي الوحيدة في هذا التشكيل الفسيفسائي.
والحقيقة أن هذا التصوير ذاته هو الوهم التارخي الأكبر الذي ساهم في صوغه فكر لئيم قذر.
سوريا لا تختلف عن أي بلد عالم على الإطلاق، بل إن سوريا تكاد تكون هي الأقل تنوعاً في العالم إذا ما قورنت بالدول الأخرى، فإذا وقفنا عند الناحية الاثنية أو العرقية وجدنا ما يلي:
العرب 91%
الكورد 8 %
آخرون 1 %
أين الفسيفسائية العرقية في سوريا؟
إذا قارنا هذه النسب مع معظم دول العالم وجدنا أن سوريا من أقل دول العالم تنوعاً عرقياً على الإطلاق، انظروا إلى أي دولة أوروبية والتنوع العرقي فيها، أليست سوريا هي الأقل؟ انظروا إلى كثير من الدول الآسيوية والعربية ومعظم دول القارتين الأمريكيتين ولا أتحدث عن كندا والولايات المتحدة فالتنوع فيها منقطع النظير... أليست سوريا هي الأقل تنوعاً عرقياً؟
أي دولة من كل هذه الدول تراعي حقوق الأقليات التي يريدون فرضها على سوريا والدول العربية؟؟
أي دولة هي التي يثار فيها حديث عن الأقليات؟
لماذا سوريا والعالم العربي فقط هم من تثار فيهم هذه الأحاديث؟
المجتمع الدولي لئيم لا يريد الخير لنا. هذا صحيح. ولكن لماذا يكون أبناء مجتمعاتنا أداة غبية لهذا اللؤم ويسيرون مع تفتيت المجتمع والدولة؟
قد يقول قائل هنا إن المشكلة عي في التنوع الطائفي والديني وليس العرقي.
حسناً. ما الذي يوجد تحت باب التنوع الطائفي؟
إذا نظرناً غلى المجتمع السوري من الناحية الطائفية وجدنا أن التشكيلة الطائفية السورية لا تختلف أبداً عن أي تشكيلة طائفية في معظم دول العالم. لا تختلف بالمطلق والعام، ولكن إذا نظرنا إليها من ناحية النسب سنجد أنهها من أقل دول العالم تنوعاً طائفياً يدعو إلى الخلاف والدخول في أي سجال حقوقي.
يتألف المجتمع السوري من التركيبة السكانية التالية من الناحية الطائفية:
السنة 80%
العلويون 8 %
المسيحيون 8 %
الدروز 3 %
آخرون 1 %
بماذا تختلف سوريا عن دول أوروبا وأمريكا وآسيا وأفريقيا من ناحية التركيب الطائفي؟
هناك دول أقل من سوريا في هذا التوع، ولكن سوريا هي أقل من معظم دول العالم في هذا التنوع، وخاصة من الجانب الذي يستدعي الإرباك أو الاختلاف في تحديد هوية الدولة. فأي دولة في 80 بالمئة من السكان من طبيعة واحدة مثل سوريا؟
أستثني القليل من الدول، ولكن بالتأكيد سوريا من أقل دول العالم تنوعاً يستدعي الخلاف في تحديد الهوية من الناحية الطائفية، وهذه دول العالم أمامناً وتركيباتها أمامنا.
فلما يجب على سوريا أن تمزق هويتها إرضاء للغرب أو الشرق أو الأغبياء؟
لماذا سوريا فسيفساء وليست إيران ولا الباكستان ولا أمريكا ولا كندا ولا فرنسا ولا الهند...؟؟؟؟
سؤال سنظل نكرره: الآخرون يريدون لنا نتمزق فلماذا نساهم في تمزيق وطننا؟
هنا قد يوجد من يتفزلك ويقول: أنت نظرت إلى الأمر من زاويتين العرقية مستقلة عن الطائفية. ماذا لو دمجنا الأمرين معاً ألن يكون هناك تنوع كبير وخطير؟
هنا أيضاً وهم جديد
من دون أي تفصيل في الموضوع نحن أمام هوية صريحة للمجتمع السوري لا تختلف، في أسوأ تقدير، عن أي معظم دول العالم من الناحيتين العرقية والطائفية أو الدينية. ومع ذۤلكَ لا يوجد أي تشريعات أو محاصصات طائفية ولا عرقية في هٰذه الدول كلها. توجد دولة مواطنة، دولة قانون.
نحن لا نريد أي محاصصة في دولتنا، ولن نقبل بأي محاصصة. نحن نريد دولة المواطنة والقانون.
نشر أول مرة في 19 تموز 2012
المفضلات