غداً آتي
من بواكير التجربة الشعرية
1960

د. لطفي زغلول

غداً آتي.. غداً آتي
معي أقمارُ ليلاتي
ونجماتٌ معي سَهرت
رصدتُ بروجَها.. وقطفتُها لكِ..
من فضاءاتي
معي عشقٌ..
يحاصرُني.. يقيّدُني أسيراً في مداراتي

غداً آتي..
فلا تترجّلي عن صهوةِ العشقِ..
الذي غنّيتُهُ يوماً بأشعاري
وكوني أنتِ أنتِ كما قرأتُكِ..
ذاتَ يومٍ جنَّتي
من تحتِها تنسابُ أنهاري
وكوني أنتِ أغنيَتي وقيثَاري
غداً آتي
معَ الأنسامِ تحملُني..
إليكِ على جناحَيها
تحطُّ رحالَها ظمآنةَ..
الشفتينِ والعينينِ والقلبِ
لعلّكِ تلتقينَ ركابَها في آخرِ المشوارِ والدربِ
لعلّكِ تُمطرينَ بها الحبيبَ بوابلِ الحبِّ

غداً آتي
ولكنّي غداً سأعودُ..
حيثُ بدأتُ مشواري
فلا تتصوّري أنّي..
هجرتُ حقائبي.. وسلوتُ أسفاري
فإنّي شاعرٌ.. إن لم تجيئيني..
بكلِّ صبيحةٍ وعشيّةٍ..
تروينَ للسمّارِ.. أخباري
وأنّي فارسٌ.. مُهري..
تشدُّ رحالَها في مطلعِ الفجرِ
وإن عادت فرشتُ لها..
الرؤى الشمّاءَ في ساحاتِ أقماري
وأنّي عاشقٌ للعشقِ والعشّاقِ..
قد شرّعتُ أسواري
ولستُ لغيرِهم يوماً
أبوحُ ببعضِ أسراري

غداً سأعودُ.. حيثُ بدأتُ مشواري
وحيثُ أنا أميرٌ.. تاجُ مملكتي
متوّجةٌ جوانحُهُ بإكليلِ منَ الغارِ
وحيثُ هناكَ لي شمسي.. ولي قمري
ولي بحري ولي برّي ولي روضي ونوّاري
هناكَ أنا فضاءاتي.. صباحاتي.. مساءاتي
هناكَ أنا.. موشّاةٌ بإجلالٍ وإكبارٍ عباءاتي
هناكَ أنا.. إذا قلبي اشتَكى من غُربتي يوماً
قذفتُ بهِ إلى النارِ