معارضة أعجب من العجب
الدكتور عزت السيد أحمد
منذ سنة ونصف تقريبا وبالي مشغول بأشخاص وأحزاب وحركات كانت معارضة للنظام بشدة مستفزة أحيانا، تدعونا لنكره المعارضة...
هؤلاء
عندما انطلقت الثورة سكتوا
وبعد تقدم الثورة وقفوا إلى جانب النظام
ومنذ فترة بدأوا يفاوضون باسم النظام وهم مفوضون من النظام!!
هؤلاء في سوريا ومصر ولبنان والعراق والجزائر...
الحقيقة التي انكشفت ويتعذر الطعن فيها هي أنَّ هؤلاء الأشخاص وهٰذه الأحزاب والحركات لم يكونوا في يوم من الأيام طلاب حرية أو عدالة أو ديمقراطية، ولا حَتَّى كرامة، وإنما هم أصلاً وفصلاً لا يعرفون الصدق، ولا قيم نبيلة عندهم، هم متسلقون وصوليون يركبون الموجة التي تحقق مصالحهم وأنانيتهم فقط لا أكثر.
ولذلك سكتوا في بداية الثورة ليعرفوا إلى أين تميل الكفة، ويعرفوا أين يقفوا وماذا يفعلون من أجل تحصيل المغانم الأكبر والمكاسب الأعظم، وعندما تقدمت الثورة خطوة بعد خطوة وجدوا أن حصتهم أقل من طمعهم ولذۤلك وقفوا مع النظام قلباً وقالباً وظلوا يبعبعون ضد النظام بما لا يثير غضب النظام عليهم وعلى رأسهم في سوريا هيئة التسيق وأحزاب الجبهة الوطنية كلها التي لم تخالف النظام في قول أو فعل أو سلوك، ولم تعترض عليه في شيء أبداً. وعندما أحسوا بأنهم صاروا مفضوحين لم يعد أمامهم سوى أن يحاربوا الثورة ويدافعوا عن النظام.
الطريف الغريب في الأمر أنهم يروِّجون سرًّا، ولهم أزلامهم في ذۤلكَ، أنَّهُم لهم كتائب جيش حر، ويدعمون عشرات كتائب الجيش الحر، وأنهم إنَّما يصرحون بما يصرحون به خوفاً من بطش النظام ومن أجل أن يستطيعوا الاستمرار في دعم الثورة، وهٰذا كلام عار من الصحة لا أساس له، لهم بعض الكتائب القليلة بالتأكيد لتكون نماذج عند ضرب الأمثلة، ولٰكنَّ أنا على يقين بأن المتائب التابعة لهم لا تقوم إلا بتخريب عمل الجيش الحر. من يعرف كتائبهم فلينظر فيها وينظر فيما تفعل وتضر الثورة لا تخدمها.
هٰذه الظاهرة ليست اختلاقاً ولا تجنيًّا، وقد كتبت منذ بداية الثورة ذۤلكَ. الذي لفت انتباهي وأثار فضولي هو أنَّهُ كان المتوقع من هؤلاء الأشخاص والأحزاب والجماعات أن يكونوا في طليعة الثورة وأكبر وأبرز قادتها، ولۤكنَّهُم غابوا عن ساحة الثورة غياباً ملفاً وعجيباً، والأعجب من ذۤلكَ أن الذين كانوا بعثيين هم الذين نادوا بسقوط البعث والنظام أكثر من أحزاب المعارضة وأكثر من هؤلاء الأشخاص الذي نفخوا رؤوسنا بمعارضتهم.
هٰذه الظاهرة ليست ظاهرة سورية، فسوريا ليست وحدها مختصة بهذه الوصولية والنفاق وتقديم مصالح الأفراد، أو مصالح أحزاب هؤلاء الأفراد على مصلحة الوطن ودماء آلاف الشهداء... ولا أطيل في قائمة الألم التي لا تغيب عن ذهن أي سوري... سوريا ليست وحدها التي تعيش فيها مثل هٰذه الإشنيات والطفيليات فهي موجودة في العالم العربي كله، ظهر ذۤلكَ بوضوح في مصر وفي العراق وحَتَّى في اليمن... ولا تبتعدوا كثيراً، افتحوا أعينكم وستجدون بوضوح مثل هٰذه الإشنيان والكائنات السيتوبلازمية في كل دولة عربيَّة.
هٰذا يدعونا إلى فتح باب التساؤل عن المعارضة التي تمثل الثَّورة، على أساس أنها تمثل الثورة، من قبيل الموجودين في المجلس الوطني والإئتلاف الوطني... ولا ننسى بعضاً من الهيئات الثورية التي يفترض أنَّها موجودة في الداخل فيما هي ليست كذۤلكَ التي تركب دماء الشهداء وتضحيات الناس...
كثيرٌ من هؤلاء، وليس الجميع بالتأكيد، من قبيل تلك المعارضة، كانوا كذۤلكَ قبل الثورة واستمروا، وقليل نادر من استهدى إلى الصواب. فما الذي يمكن أن نتوقعه منهم؟!
أفتح الباب وأتركه مفتوحاً لأن الكلام فيه غير قليل.
22/12/2013
المفضلات