ما سر البروتوكول الغامض ؟


كاظم فنجان الحمامي

هلا سألتم أنفسكم عن اسم الرجل الخارق الذي كتب البروتوكول الحدودي الجديد المعقود بين العراق والكويت ؟, من فيكم يعرفه ؟, من فيكم يعرف جنسه أو جنسيته ؟, هل هو رجل أم امرأة ؟, عراقي أم كويتي أم أجنبي ؟, من فيكم يعلم أين كتبه ؟, ومتى كتبه ؟, وكيف كتبه ؟, ومن فيكم قرأه أو أطلع على مواده وفقراته وبنوده ؟.
كلكم تعرفون أن الذين كتبوا بنود الاتفاقية الحدودية, لتقسيم الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا عام 1916, هما الفرنسي (فرانسوا جورج بيكو), والبريطاني (مارك سايكس), فأطلقوا عليها اتفاقية (سايكس – بيكو), فالذين يكتبون مسودات المعاهدات, ويضعون نصوص الاتفاقيات, ويرسمون الخطوط العامة للبروتوكولات لابد أن يكونوا من الفقهاء في القانون الدولي, أو من السياسيين الموهوبين القادرين على تحقيق النصر المؤزر في حلبات التفاوض, وبالتالي لابد أن يكونوا من الخبراء المعروفين المعرّفين العارفين, ولهم حق التفاخر بما يسطرونه من أحكام عادلة منصفة, أو يكون مصيرهم في مزابل التاريخ بما يدسونه بين السطور من تنازلات مخجلة وانتهاكات مُذلة, نزولا عند تطبيقات القاعدة النبوية التي تقول: من سن سنة حسنة له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة, ومن سن سنة سيئة عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة.
وهكذا كان البرازيلي (روبرتو أزيفيدو) هو الذي فاز بصياغة المسودة القانونية للاتفاقية العالمية التي تبنتها منظمة التجارة الدولية, وكان الزعيم السوداني (الصادق المهدي) هو الذي فاز بكتابة مسودة ميثاق أكتوبر 1964 الذي اجتمعت عليه القوى السياسية في الخرطوم, بينما لا نعرف نحن حتى الآن اسم (العبقري الملهم), الذي كتب الاتفاقية الحدودية المبرمة مع الكويت لتقسيم المسطحات البحرية بيننا وبينهم. هل هو من العراق أم من الكويت ؟, من البصرة أم من بغداد ؟, هل يفهم بالشؤون البحرية ؟, وهل يفهم بالتقسيمات الأرخبيلية الفاصلة بين البلدان البحرية المتشاطئة ؟.
الشيء بالشيء يذكر أن الدعوى القضائية التي أقامها السفير المصري إبراهيم يسري (مساعد وزير الخارجية الأسبق), لإلغاء اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص, أثارت العديد من التساؤلات حول إهدار حقوق مصر في ثلاثة حقول غازية في البحر الأبيض المتوسط, حصلت إسرائيل على اثنين منها, وحصلت قبرص على الحقل الثالث, انتهت مؤخراً بإصدار مجلس الشورى تقريراً رسمياً بإعادة ترسيم الحدود البحرية لضمان حقوق مصر, فاستعانت القاهرة بخبرائها البحريين والقانونيين, وتشاورت معهم لتحديد منطقتها الاقتصادية الخالصة الفاصلة بينها وبين اليونان, وبينها وبين تركيا, فخاضت حتى الآن خمس جولات مع اليونان, وخمس جولات مع تركيا, لكنها توقفت بسبب الخلافات القائمة مع تركيا, واستعانت مصر أيضاً بمراكزها القومية المتخصصة بعلوم البحار لتعزيز موقفها في جولاتها القادمة لترسيم حدودها البحرية.
أما نحن فلم يستعن بنا أحد, ولم يتشاور معنا أحد, ولم يلبي مطالبنا أحد, ولم يسمع نداءاتنا أحد, على الرغم من امتلاك العراق لأكفأ الخبراء البحريين في كافة الاختصاصات الملاحية والمينائية والقانونية والتجارية والهندسية. لكننا مازلنا نغرد في البصرة خارج السرب.
ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين