آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: عنتر - قصة قصيرة - لصلاح ابوشنب

  1. #1
    مشرف المنتدى الإسباني الصورة الرمزية صلاح م ع ابوشنب
    تاريخ التسجيل
    28/08/2007
    المشاركات
    1,241
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي عنتر - قصة قصيرة - لصلاح ابوشنب



    عنتـــــــــــــــــــــــــــــــر

    قصة قصيرة
    لصلاح ابوشنب

    انتشرَ الرعبُ فى الشارع والحارة وفى الشوارع والحوارى المجاورة القاصية منها والدانية حتى شمل حى بحرى بكاملة ، بعدما استفحل أمر " عنتر" وفلسع مُخه على غفلةٍ منه ورغماً عنه.
    كان " عنترُ " يثيرُ الرعبَ فى كل من اقترب منه أو اجترأ على التحدث إليه ناصحاً أو ناهياً، لأن قرنَ غزالهِ كان فى أغلب الأحيان أسبق من لسانه، فهو لم يكن فتوة بحق وحقيق وإنما كان بلطجياً من الطراز الأول وغبى حقير.
    كان الصبيانُ هم الأكثرُ فزعاً حين يطلعُ عليهم " عنتر" مُتدحرجاً من العلواية الترابية الملاصقة لجامع " أبى العباس المرسى " بعد أن يُوصد كوخَهُ الخشبيى ويرتدى قميصه النص كم المقلم بالعرض وقد ترك نصف أزرارهِ مفتوحاً ليستقبل هواء البحر المنعش الذى يطسُّ فى صدره مُباشرةً بلا موانع، تركه عن قصد مُتحملا طسَّات هواء البحر المملوءة بالرزاز المالح من أجل أن تظهر الأفعى المتوحشة التى رسمتها الواشمة الغجرية المحترفة بمهارة من أجل أن يسمح لها بالمرور فى الحتة منادية بصوتها الحيَّانى : أشوف البخت واضرب الودع، واعمل حجاب يوفق الصبية والجدعْ، وادج واطاهر واعمل البدعْ.
    وبينما كان "عنتر" يتوهم بأن وشم الأفعى سوف يجلب له السعادة والحظ ويُلقى فى قلوب أهل الحتة الرعبَ والفزعَ، كان بِنْطَالُه الضيقُ المُقلم بخطوط عرضية مثل قميصه قد جعلآه أكثر شبها بحمار الوحش من فتوة له صولة وجولة مثل فتوات بحرى المشاهير كأبى سجر، ورُوُمة وابو حديد وحميدو.
    كان يمشى مُتدحرجاً ومُمسكاً بعصا مثلما تتدحرج الكرة الشراب فوق كومة من الحصى، يعلو ويهبط حتى يصل الى رصيف البحر فيجلس فوق سوره البازلتى الذى يُعدُّ من معالم وأثار المدينة العريقة، حين يمرُّ بائعُ التَّرمسِ بعربته الخشبية وقلله القناوية وفوله المملح الحار والحلبة أم نُوَّار، يُسارع بخبش كوبشة من الترمس تلوها خبشة من الحلبة الخضراء ذات الرائحة النفاذة والجزور الصفراء، يضعها فى فمه دفعة واحدة، ثم تأتى بائعة الفول السودانى الحبشية السمراء فيتلقى صينية الترمس النحاسية من بين ذراعيها بجسارة وبرود، فيضعها فى حجرة، لا حول ولا حيلة للحبشية المسكينة حيال "عنتر" آكل السحت فقد دأب على الإستقواء على الضعفاء فقط، كلما أخذ من صينيتها كوبشة ابتسمت، فإذا دفعها فى فمه القميىء تصنعت الضحك وضحكت، كاظمة غيظها رغم حُنْقِها، حتى يبينُ بياضُ أسنانِها اللؤلؤية الوضاءة من بين انفراجة شفتيها الغامقتين تلك الأسنان التى يحسدُهَا عليها النسوةُ أصحاب البشرة البيضاء من بنات بحرى.
    أما عم "جعيدى" بائع العرقسوس فيجلس إلى جوار " عنتر" بينما العمامة البيضاء فوق قامته السمراء يهزها هواء الشاطىء فتتبختر.
    يتنفس " جعيدى " الصعدآء " وهو يحاول فك الأحزمة التى تطوقه بقدرة العرقسوس ليتخلص من حَمْلها الثقيل وبرودتها المؤلمة.
    يصب وباً من خمير العرقسوس المنعش الطازج ويقدمه لعنتر، ما أن يُلقيه فى جوفه حتى يكون عم "جعيدى " قد جهز له سيجارة لف مُحترمة ومتختخة تنفرج لها أساريره وتنتفخ لها أوداجُه وينفشخ منها فمه كاشفاً عن أسنان مُتفحمة كقعر حلة مُتعرجة ومحطمة كحطب المتآكل.
    صَرَخَ " عنترُ" ذات يومٍ فى وقتِ العصر مُتحدياً غريمه "أنور الأبيض" بطل مصارعة الحارة، كان التحدى عجيباً، طلب "عنتر" من أنور أن يتنحى عن رتبة الفتوة فأبى، فتحداه "عنتر" بأنه لو كان فتوة بحق وحقيق عليه أن يثبت ذلك بوضع أصابعه الأربعة تحت عجلات الترام، وإلاِّ فهو خِرِع ولا يستآهل أن يكون فتوة التحتة. !!!
    لكن أنور تراجع وقال له : لما أبقى مجنون زيك أبقى اعمل كده.
    فما كان من "عنتر" إلاَّ أن تحداه بكل قوة قائلا له: أنا ححط صوابعى الخمسة تحت عجلها ومش حقول آىْ، ولو انت محطتش إيدك زيىِّ وقلت إنك أنت الفتوة بتاع الحتة ححطك تحت عجلها بشحمك ولحمك.
    صَفَّق كل شباب أهل الحارة وكل بياعين رصيف البحر لعنتر وهم يهتفون: عاش عنتر أكبر فتوة ف بحرى .
    شمر "عنتر" كم قميصه الأيسر وهرول إلى محطة ترام أبى العباس غير مبال.
    بعد أن تحرك الترام وضع أصابعه الخمسة تحت العجل فبترتها عن آخرها.
    سحب "عنتر" يده وهى تتدفق دما ورفعها أمام الناس الذين ألجمهم ما فعله، فمنهم من صاح هاتفاً ومصفقاً، ومنهم من صرخ مُرتعباً ومُستنجداً، ومنهم من دارى وجْهَهُ لعدم قدرته على تحمل المشهد المُريع.
    الغالبية العظمى منهم صاحوا بالهتاف والتصفيق لعنتر عاش عنتر فتوة حتتنا.
    رد "عنتر" وهو يرفع يده ويلوح بها وكأنه لا يشعر بأى ألم : طظ ف أنور عِتَّه ف جِتَّة.
    رد عليه أهل الحتة: طظ ف أنور عته ف جتة.
    توجه "عنتر" إلى عم " سلامة " مُزيِّن الحتة وطلب منه أن يلف كفه بالشاش فامتنع الرجل وقال: دى عايزة دكتور كبير يا معلم عنتر.
    أجاب "عنترُ" فى ثبات ورباطة جأش، وكأنه مُخدرٌ تماماً: اعمل اللى بقولك عليه لحسن اكسرلك مُخك.
    _ عم سلامة : بقولك الموضوع خطر قوى يا معلم، دمك كده حيصَّفى.
    _ حتعمل اللى بقولك عليه والاَّ اخلَّص عليك.
    _ يعنى حتقدر تستحمل اللى حعملهولك ؟
    _ ياراجل يابن الهبلة وهو فيه اكتر من كده حمولة. ؟
    _ حاضر يا معلم : دخل عم "سلامة" الى قهوة " المَلَصْ " وقام بغلى زجاجة زيت فى حلة قديمة وقال لعنتر تقدر يا بطل تحط كَفْ أيدك هنا؟، ولم يتوان عنتر وغمس كَفْ يده فى الحال فى الزيت المغلى، وما هى إلاَّ ثوان حتى سقط مغشيَّاً عليه.
    صفق الناس وقالوا: عنتر مات عنتر مات .. عاش أنور بطل الحتة.
    كان عم "حبيب" البقال قد اتصل بالنجدة سراً خوفاً من أن يبطش به عنتر، جاءت سيارة النجدة أم كابينة خشب، وبرفقتها سيارة إسعاف بكابينة خشب هى الأخرى، وحملوا "عنتر" الى مُستشفى الميرى بحى" المسلة " ومنها إلى مستشفى الخانكة.
    *********
    [/B][/SI
    [/B]ZE][/SIZE]


  2. #2
    أستاذ بارز الصورة الرمزية محمد فؤاد منصور
    تاريخ التسجيل
    10/05/2007
    العمر
    76
    المشاركات
    2,561
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: عنتر - قصة قصيرة - لصلاح ابوشنب

    قصة جميلة تبدو لي من التراث الشعبي ..تؤكد أن قوة العضلات لاتصاحبها بالضرورة قوة العقل وأن الغباء الإنساني يمكن أن يورد صاحبه للهلاك .تحياتي أستاذ صلاح بعد سنوات من غيابي عن واتا .


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •