حسين فيلالي
قد يبدو العنوان استفزازيا،فمصطلح الاستشراف له دلالته المعروفة والتي تعني في ابسط تعريفاته : دراسة كافّة البنى الثّقافيّة للشّرق من وجهة نظر غربي . وإذا كنا لا ننكر أن المستشرقين قد قدموا للثقافة العربية خدمات جليلة من خلال تحقيقهم للعديد من المخطوطات العربية القديمة، فإن ذلك لا ينفي ارتباط اسم بعض المستشرقين بدراستهم المغرضة للقرآن الكريم . لقد وجدنا على سبيل المثال رجيس بلاشير،و جاك بيرك يبذلان أقصى ما يملكان من الجهد من أجل إثبات تاريحانية القرآن الكريم،ونفي صفة الوحي والديمومة عنه،والتعامل معه على أنه مجرد نص بشري، يمكن دراسته بالمناهج الأدبية المعاصرة.
وقد بدأت تنتشر – للأسف-هذه النظرة الاستشراقية في جامعاتنا العربية فوجدنا بعض الأكاديميين العرب من لا يجد حرجا من القول بدراسة التناص في سور كذا . هؤلاء المستشرقون العرب الجدد يجهلون،أو يتجاهلون أبسط تعريف للتناص ،وخلفيته الفلسفية،وينسون،أنهم بدعوتهم هذه، يؤكدون ما ذهب إليه جاك بيرك،ورجيس بلاشير من أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد جمع القرآن الكريم من الشعر القديم وكتب قديمة أخرى ( الإنجيل والتوراة).
ومن المستشرقين العرب الجدد من وجدناه يطبق السيميائية السردية على القرآن الكريم،ولا يجدد حرجا في وصف ذات الله بالناص،أو السارد...ومنهم من وجدناه يدرس الزمن في سورة الكهف مع أن الزمن في السورة الكريمة إذا أخذناه بالمقياس الرباني لا نجد فيه تناقضا،فالله سبحانه وتعالى هو المتحكم في الزمن مصداقا لقوله تعالى:(ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال) ،فالله سبحانه وتعالى إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون .أما إذا طبقنا المناهج النقدية الأدبية المعاصر فقد يؤدي بنا المنهج إلى الكفر لأن الزمن قد يبدو أسطوريا.