أصل مأساتنا ضياع البوصلة
الدكتور عزت السيد أحمد
تحية للأخ نايف ذوابه
حقاً إن مأساتنا تكمن في ضياع البوصلة
منذ ما سمي الاستقلال عن الدولة العثمانية والدخول تحت نير الاستعمار الأوروبي ضاعت البوصلة وصرنا كالغراب الذي راح يرى نفسه ببغاء تارة وتارة طاووسا وأخرى حماما حتى لم يعد يستطيع العودة إلى أصله
إن ضياع البوصلة ليس مسألة سهلة أبداً كما قد يظن من يحب الظن. إن قصة الغراب عبرة خطيرة وليست مثلاً سائراً وحسب. فإيجاد البوصلة لا يعني سهولة العودة إلى الأصل. ضياع البوصلة ضياع للمقاييس والمعايير، أي ضياع كل شيء. ألم ترى غير مرة صوصاً مرتميا في حضن هرة، وغزالاً مرتمياً في حضن سبع لا يدري أن في ذلك الهلاك؟
إن مأساة أمتنا منذ مطالع القرن العشرين إلى اليوم هي ضياع البوصلة، وضياع الهوية ليس إلا جزءاً يسيراً من ضياع البوصلة؛ آمنا بالقومية وحاربنا القومية، آمنا بالإسلام وجاربنا الإسلام، آمنا بالعلمانية وحاربنا العلمانية... دخلنا كل المداخل وجاربنا أنفسنا في كل شيء... تناقضات عجيبة أفرزها ضياع البوصلة، صرنا بصراحة كما يقولون في الشام: مثل كلاب مدينة الهامة لا لحقت عرس قدسيا ولا عزاء دمر!!!
من تضيع بوصلته يصير مثل الكلب الذي يركض وارء اثنين كل منهما يسير في اتجاه مخالف للآخر. فلا يمسك هذا ولا يمسك ذاك.
قرن كامل ونحن نلهث وراء كل الاتجاهات معاً وندخلها في صراع مع بعضها معاً، ونعتب على المؤامرة الغربية ضد الأمة، في حين أن نصف هزيمتنا من نفوسنا. الغرب يسعى لتحقيق مصالحه فإلى ماذا كنا نسعى؟
المفضلات