النظام السوري أجج الثورة في البداية وما زال
الدكتور عزت السيد أحمد

لا أخفيكم سرا
منذ بداية الثورة تمنيت أن يصالح النظام الشعب
ولو ضحت الثورة بنصف طموحها وأهدافها
في كل مرحلة كانت زمام المبادرة بيديه
ولكنه في كل مرحلة كان يتجاوز كل الحدود والآفاق التي توحي بأنه يريد أي حل أقل من التصر الساحق على الشعب ولو قتل كل المعارضين والموالين ودمر كل سوريا
في كل محطة من محطات الثورة كان النظام يقفز إلى الأمام عشر خطوات فارضاً على الشعب أن يصعد ثورته ليستطيع اللحاق بسقف النظام
وما زال النظام إلى هذه اللحظة يسبق السقوف دائما بعشر خطوات ويريد من الشعب أن يرجع مئة خطوة إلى الوراء.
في ختام جولة جنيف 2 الأولى أنكر وليد المعلم في مؤتمره الصحافي الأخير وجود شيء غريب في سوريا: لا يوجد براميل لا يوجد صواريخ لا يوجد دمار لا يوجد ثورة لا يوجد شهداء... لا يوجد أحد ضد النظام... لا يوجد شيء في سوريا، ومل الأمور تسير على أحلى ما يرام ويرتجى..!!!
واليوم الثاني من شباط 2014م، أي مع اقتراب تمام الثلاث سنوات على انطلاق الثورة
رئيس الوزراء السوري يقول:
ما يحدث في سوريا سحابة صيف وانتهت!!!
إذا كان مقتل أكثر من خمسمئة ألف على الأقل
وأكثر من مئتي ألف معاق إعاقة تامة
ونحو مليون مصاب بإعاقة جزئية وما شابهها
وتشريد أكثر من خمسة ملايين سوري خارج سوريا
وتشريد أكثر من ثمانية ملايين سوري ضمن سوريا
وتدمير أكثر من نصف عمران سوريا دماراً إداريا
وتدمير أكثر من ثلث عمران سوريا تدميراً تاماً
وتوقفت الصناعة السورية كلها توقفاً شبه تام
وتوقفت الزراعة السورية كلها توقفاً شبه تام
.
.
فكيف سيكون الحال لو كانت زوبعة خفيفة لا إعصاراً بسيطاً؟؟
ارحمونا يكفينا ما فينا
إن مثل هذه التصريحات تعطي مؤشراً صريحاً على عدم جدية النظام أبداً في أي مصالحة، وفي أي إصلاح، وفي أي أمان... ومثل هذه التصريحات الإنكارية والمنفصلة عن الواقع هي التي فرضت الثورة على الشعب فرضاً...
كتبت في الأشهر الأولى من الثورة وقلت: النظام هو الذي يفرض الثورة على الناس. كل ما يقوم به النظام يدل على أنَّهُ يجعل الناس أمام خيار وحيد هو الثورة ولا شيء إلا الثورة.
ما الذي كان في باله حَتَّى يفعل ذۤلكَ؟
يصح هٰذا السؤال في تلك الأيام. ولٰكنَّ الذي يبدو أن النظام ما زال يستسخ سياسته ذاته منذ أول الثورة. ألم يتغير شيء في كل المعادلات حَتَّى يستمر السلوك ذاته بنسخة غير قابلة للتعديل أو التحديث؟؟
منذ البداية ونحن نقول: النظام السوري حتى هذه اللحظة لم يقدم أي بل أدنى بادرة حسن نية يمكن أن تجعل الشعب يثق به أدنى حدود الثقة... منذ البداية قلنا ذلك وما زلنا نكرره. لأنه النظام ما زال حتى هذه اللحظة التي تقترب من نهاية السنة الثالثة من الثورة يكرر الكلام ذاته والاتهامات ذاتها بالطريقة ذاتها بالأفكار ذاتها والمفردات ذاتها...
عندما يهاجم إعلام النظام من يعترض على النظام بأي طريقه قائلاً: إنهم ناكروا الجميل، لا يستحون، النظام علمهم في المدارس، النظام فتح لهم المشافي، النظام زفت لهم الطرقات... وما إلى ذلك من سخافات وترهات.
ألا يدل ذلك على أن رجال النظام يعدون أنفسهم مالكي سوريا وينفقون علي سوريا والسوريين من جيبوهم، وأن الشعب عاطل عن العمل، ويعيش عالة على رجال النظام وليس الدولة الذي يطعمهم ويعلمهم ويعالجهم...؟؟
هل وجد عبر التاريخ كله نظام يقول لشعبه هذا الكلام أو مثله؟!
أليس في هذا التصور وحده ما يفرض على الشعب أن يثور ثورة لا رجعة فيها؟