آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: ليلى محمّد طه

  1. #1
    عـضــو الصورة الرمزية حسين أحمد سليم
    تاريخ التسجيل
    10/08/2007
    العمر
    71
    المشاركات
    271
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي ليلى محمّد طه

    ليلى محمّد طه
    فنّانة تشكيليّة سُوريّة مُبدعة ومربّية متألّقة
    تتماهى في عالم فنّيّ يجمع مفردات التّراث الشّرقي بحلّة معاصرة
    تغمس فرشاة ألوانها في عمق التّاريخ الّذي تحمله أوغاريت بين ثناياها
    وتمارس رسالتها التّربويّة بتكليف إنسانيّ إجتماعيّ علميّ في مجتمعها

    بقلم: الحسين أحمد سليم (آل الحاج يونس)
    كاتب وفنّان تشكيلي متجدّد من بلدة النّبي رشادة البقاعيّة نجمة هلال غربي بعلبك

    الفنّانة التّشكيليّة ليلى محمّد طه, هي معاصرة من القطر العربي السّوري الشّقيق, ومن مواليد العام 1964 للميلاد, في رحاب بلدة الحفّة, من قلب ريف محافظة اللاذقيّة السّاحليّة, المدينة التّاريخيّة العريقة...
    موهبتها الّتي حباها بها الخالق والّتي برزت مبكّرة, ومراحل وحيثيات ظروف حياتها الشّخصيّة, تضافرت معا وتفاعلت في كينونتها الإنسانيّة, ومكّنتها عبر زمن قدريّ, من صقل موهبتها الفنّيّة التّشكيليّة المميّزة. بحيث شاء لها قدرها ما شاء, وبدأت رحلتها الفنّيّة التّشكيليّة, عبر الدّراسة الخاصّة, في معهد إعداد المدرسين والمعلّمين ومركز الفنون التّشكيليّة بمدينة اللاذقيّة. وتخرّجت في العام 1996 للميلاد, وبدأت مسيرة الحياة الفنّيّة, كمُدرّسة للفنون, وفنّانة تشكيليّة, ومن خلال مشاركاتها الفنّيّة الدّائمة, ومنذ تخرّجها, لمعارض الدّولة الرّسميّة الجماعيّة والفرديّة, وإقامة مجموعة من المعارض الفردية داخل المحافظات السّوريّة وفي مدن البلاد العربيّة, إستطاعت بناء عالمها الفنّي التّشكيلي, لتتماهى إلى جانب نتاجاتها التّشكيليّة, بما يعكس شخصيّتها المميّزة في مسارات هذا العصر...
    الفنّأنة التّشكيليّة ليلى محمّد طه, هي عضوة ناشطة في إتّحاد الفنّانين التّشكيليين في سّوريّة, وعضوة فاعلة كذلك في بيت التّشكيليّين في جدّة بالمملكة العربيّة السّعوديّة، وعضوة لافتة أيضا في جمعية أصدقاء دمشق للفنون... وتعتبر الفنّانة طه من أكثر الفنّانات التّشكيليّات, نشاطا ووجوداً في إمتدادات مساحة العروض والمعارض الفنّيّة من جهة, وغزارة الإنتاج الفنّي التّشكيلي اللاّفت من جهة أخرى...

    شاركت الفنّانة التّشكيليّة ليلى محمّد طه في العديد من المعارض الجماعيّة في داخل سوريا وخارجها, وفي المملكة العربيّة السّعودية ودولة مصر.. وأقامت معرضا فرديّا لها بصالة بيت التّشكيليين بجدّة في المملكة العربيّة السّعوديّة, وعدة معارض فرديّة في مدن, دمشق واللاذقيّة وبعض مدن محافظات سوريا, ومنها: معرضها الفردي في المتحف الوطني في مدينة اللاذقيّة عام 1996‏ للميلاد, ومعرضا فرديّا لها في المركز الثّقافي الرّوسي بمدينة دمشق عام 2000‏ للميلاد, ومعرضا فرديّا لها في صالة الشّعب بالعاصمة السّوريّة دمشق عام 2001‏ للميلاد, ومعرضها الفردي الحادي عشر في صالة المركز الثّقافي العربي في أبو رمّانة بمدينة دمشق وذلك في رحاب شهر نيسان من العام 2008 للميلاد، ومعرضا لها في صالة تمرحنة في مدينة دمشق القديمة, القيمريّة عام 2009 للميلاد.
    ونالت الفنّانة التّشكيليّة ليلى محمّد طه, عدة شهادات وتنويهات تقديريّة فنّيّة من جهات رسمية وأهليّة. ومجموعات من أعمال الفنّانة طه مقتناة في كلّ من, المتحف الحربي السّوري, ومديرية الثقافة السّوريّة, ووزارة الداخلية في سوريا, وفي دولة مصر والمملكة العربيّة السّعودية, ودول, بريطانيا وفرنسا وكندا والسويد والمانيا...
    من اللاذقيّة, من تلك المدينة التّاريخيّة الرّابضة والنائمة بأوابدها السّاكنة على إمتدادات جزء واسع من السّاحل العريي السّوري, المدينة العريقة والشامخة بتاريخها الموغل في حقب القدم, وبعد أن أهدت البشريّة جمعاء أبجديّتها الأولى وخطابها الإنسانيّ الأوّل, لخلق حوار حميميّ بين الأمم بعد أن جابت بمراكبها الفينيقيّة شواطيء البحر الأبيض المتوسّط... هناك وُلِدت الفنّانة التّشكيليّة ليلى محمّد طه, لتتعملق فنّا تشكيليّا في فضاءات مدينتها وبلدتها وباقي فضاءات سوريا ومنها إمتدادا لفضاءات العالم العربي فالعالم...
    بدايات الفنّانة التّشكيليّة ليلى محمّد طه تحكي أنّها كانت منذ الصّغر تُعبّر بالفرشاة والألون عن مكنوناتها، الّتي كانت تتفاعل في دواخلها, كأنثى مغايرة لطينة أمثالها من بنات جنسها, وأكسبها تشجيع الأهل لها, الإطمئنان النّفسيّ, وزاد في الثّقة الّتي مكنّتها من تطوير قدراتها الذّاتيّة, عبر تجربتها الشّخصيّة، ثم شعرت بقيود التّصوير، وشعرت أيضا بما لا بد من كسر هذه القيود وتحطيمها وإختراقها, فبدأت تجمع عناصر لوحاتها ومشهديّاتها من روابط تستمدّ من روح الفكرة وتشاغف العاطفة ونبل الإحساس ورؤى الوجدان في البعد, وليس من الواقع المجرّد وحسب، وأدركت الفنّانة طه بفطنتها ونباهتها, ويوما بعد يوم أنّ في الفنّ بشكل عام, لا يقيّده إلاّ الصّدق والوفاء والإخلاص، فأتت تفاصيل العناصر جامدة, وغالبا ما كانت قاصرة في التّعبير, رسمتها الفنّانة طه بعين فنّيّة ثاقبة جديدة, فإعتمدت على عناصر الخطوط في كافّة سِماتها, وإمتطت صهوة فلسفة الأشكال الهندسيّة المجرّدة, والّتي تضجّ بالحيويّة والإنتعاش, لتنسخ منها لوحة فنّيّة تشكيليّة مترابطة...
    اللوحة التّشكيليّة عند الفنّانة طه, تبدأ من فكرة تتراءى لها في البعد الخيالي, تتناهى لوجدانها كما الرّذاذ الممزوج ببعض الإنفعالات الإنسانيّة الداخلية، ثم تهيم نفسيّا لتتخيّل العمل كشكل في الفراغ أو ككتلة ما، ثم تغوص في أبعاد ما تكتنز في وعيها الفنّي وعرفانها التّشكيليّ الذّاتيّ, لتبحث عن علاقات وأواصر متجانسة متماذجة, تربط عناصر الأجزاء بالكتلة الرّئيسيّة, وتعطيها مسحات من تصوّرات روحانيّة وإنسانيّة, عبر حركة بدائيّة أولى, لمسارات الخطوط المختلفة, الّتي تأخذ خصائص التّماثل والتّناظر والإنتظام، ثم تحملها في لمسات أناملها الحانية الدّفء, ممسّدة شعيرات ريشتها عازفة على أوتار الألوان, لتحلّق بعيدا في فضاءات الرّوح, وتسبح هياما بجماليّات لا متناهية...
    الفنّانة التّشكيليّة ليلى محمّد طه هي بنت البيئة الرّيفيّة ووليدة المجتمع القروي العصامي، ويُعتبر الفنّان فلسفة وصفيّة, إبن بيئته الّتي ولِد ونشأ بها, الغنيّة بالموروثات الشّعبيّة والحضاريّة... إعتمدت الفنّانة طه على هذا الموروث الشّعبي, وضمنت حركة فعل تشكيل عناصر مشهديّاتها, أفكارا ومعاني إنسانيّة واجتماعيّة, وعبّرت عن واقع يكمن وراء هذه المعاني والرّموز, والّتي هي موجودة في عناصر لوحاتها بدلالاتها التّرميزيّة ومظاهرها الشّكليّة، والّتي تتراءى فيها مادّة خصبة, تستحق أن يقف عندها المشاهد والمتلقّي، وقدّمتها الفنّانة بلغة تشكيليّة جميلة ولافتة, تعكس بصدق روح الأصالة العربيّة...
    المتابع لنتاجات الفنّانة التّشكيليّة ليلى محمّد طه, يتلمّس من إيحاءات لوحاتها ومشهديّاتها الفنّيّة والتّشكيليّة, أنّ الفّنانة طه لا تنتمي إلى أيّ مدرسة معيّنة وأعمالها هي مزيج بين مدرستين وإتّجاهين، التّجريد الزّخرفي والرّمز الّذي لا تحدّه الفكرة، والّذي يعكس التّصوّرات الدّينيّة والرّوحيّة والآمال, وذلك عن طريق مزج الأفكار بالمشاعر وخلق ما هو جديد، والفنّانة طه فيما ذهبت إليه في تشكيل عناصر إبداعاتها الفنّيّة, تكون قد كسرت الشّكل التّقليدي والجمود الموجود في الزّخرفة, وجعلتها متحرّكة ومفتوحة لتنطلق من ثوابت طرحها على اللوحة الفنّيّةبعفويّة، تلك المنظومة الواسعة من فنون الزّخرفة, وجدت الفنّانة طه فيها مساحة للتّأمّل من أجل الوصول لأقرب نقطة للمطلق هذا من جهة، ومن جهة أخرى, ركّزت الفنّانة طه مؤكّدة على دور الزّخرفة في التّعبير عن المشاعر, وولاء الإنسان وإرتباطه بأرضه، أحيانا تضيف الفنّانة طه بعض الرّموز في التّشخيص كالكرسي مثلا, لتحقيق التّوازن, وتستخدم مصطلح الصّندوق رمز الحفاظ على القيم والمثل، وهي دعوة صادقة للحوار الفكري اليقظ بين الموروث والمتلقّي...
    تناولت الفنّانة ليلى محمّد طه الموروث والرّموز الشّرقيّة المأخوذة من العمارة العربيّة والإسلاميّة، ومنها راحت تصوغ عناصر لوحتها وتشكيليّاتها, بطريقة زخرفيّة قابلة للحياة وقادرة على التّعبير، وهذا الإرث كما المطر يتمدّد بإستمرار في كلّ دفعة تعجّ بالرّؤى والأحلام، وأخذت من المصادر مُكوّنات البيت العربي الذي وجدت فيه ضالّتها لتسجيل الحياة اليوميّة، ومن المصادر الّتي إعتمدتها الفنّانة طه أيضا الحصان العربي, وذلك عبر رؤية معادلة للزّمن الرّاهن، الحصان الثّائر يصهل وكأنّه جريح, يبحث عن فارسه المفقود ولا يقبل التّرويض الدّوني، وهو بكلّ ألمه ما زال يحتفظ بجموحه وكبريائه، ومن المصادر الّتي إعتمدتها أيضا السّلالم، دلالة على الصّعود والإرتقاء بلا حدود، ومن المفردات راحت تصوغ الحرف العربي بطريقة تعبيريّة, تأخذ الإنحناءات وهي تزرع الإحساس بالدّفء وهي خصوصيّة الأنثى الفنّانة وخلق الإحساس المعادل بينها وبين الرّجل، وتجسيد توقها للعيش في فضاءات من الحرّيّة المفتقدة أمام المفاهيم والعادات، ممّا أثبتت من خلالها أنّها رمز الجمال الّضي تبحث عنه داخلها وفي دواخل وكوامن الآخرين، ومن مصادر الفّنانة أيضا الأشكال الهندسيّة في العمارة, كالمربّع والمثلّث والدّائرة، فالمربّع هو وحدة بناء بتحوّلاته, حيث يؤلّف ويتآلف عبر التّسامي والسّموّ في شكل المثلّث والدّائرة للدّيمومة...
    وتناولت الفنّانة طه في الكثير من أعمالها عناصر البيت العربي, الّذي هو مساحة للتّأمّل وإستنباط الذّاكرة لتعتمد على التّناسق والتّرابط، وفيها إستحضار للقيم الرّوحية والإنسانيّة المتوارية خلف مساحات اللون وحشود الكرّاسي الفارغة, وهي الوجه الآخر للغربة وللصّمت المتعب والمتفجر معا, والمفتقدة للأنس والأضواء ولمّة الأهالي تلك الكراسي الّتي لا يجلس عليها إلاّ الهواء وبعض أصص الزّهور كتعويض عن الآخر، الهارب من مساحة اللون والحلم من أجل التقاط نبض المكان, ولمس الجوهر وتعريتها من قشورها الخارجيّة لمعرفة خفايا الرّوح التي صنعتها...
    الفنّانة التّشكيليّة ليلى محمّد طه لكيّ ترسم نفسها كإنسانة وفنّانة تشكيليّة في لوحة الحياة, تغمس ريشتها الحالمة في عمق التّاريخ الّذي تحمله أوغاريت، تلك الحضارة النّائمة بأوابدها على السّاحل السّوري، الّتي أهدت البشريّة أبجديّتها وخطابها الإنسانيّ ليكون حواراً حميميّاً بين الأمم، إنّها فلسفة الفنّ يتدفّق المضمون من الفكرة ومجبولة بدفء الذّات الّتي هي أصل الإبداع، وتنهض لخلق صورة مغايرة للواقع... الفنّانة طه من مصداقيّة حبّها وعشقها للآخرين جعلتهم في مفردات أعمالها وفي رائحة أزهارها, فنّانة إمرأة مغايرة, من حوّاء أتت ولكنّها لا تشبه بنات جنسها, فهي تحب الطّموح والقوّة, لذلك رسمت الحصان العربي، تحب الصّدق والأصالة, فرسمت الموروث، تحب الألفة فرسمت البيت، ترسم الأحزان بألوان تعكس الفرح الّذي تنتظره من زمن بعيد، تفرد دموعها على المساحة التي تجمع المطر بالعطش والإنسان بالتّراب، تهرب من لوحة إلى لوحة ومن نفسها إلى نفسها وتخلق باللون، لتوكيد الفكرة الّتي تنبض بها أعمالها...
    الفنّانة التّشكيليّة ليلى محمّد طه, تحاول بما تكتنز به من وعي ثقافيّ فنّيّ وعرفان تشكيليّ ذاتيّ, وبما يسكن كينونتها من جرأة في البوح, وإنعتاق من القيود التّقليديّة وتحرّر من الشّكليات, تحاول بقدراتها الّتي أسكنها الله في صدرها ووجدانها وخيالها وعقلها وفكرها, وما تحمل من مفاهيم منفتحة على الإنسانيّة, أن تبعث من جديد وتخلق من تحت الرّماد, طائر الحياة المتجدّد, فينيق الأسطورة التّاريخيّ, لخلق أبجديّة بصريّة خاصّة بها, وبتلك البقعة الجغرافيّة من العالم, لتهديها عبر أعمالها الإبداعيّة الفنّيّة, المولودة من رحم هذه المدينة القديمة الحديثة, مؤكّدة من خلال بحثها البصريّ العميق والمتجذّر, على أننا مازلنا كأسلافنا, نمتلك روح الإبتكار والخلق والإبداع والعطاء...‏
    المُتبحِّر في أعمال الفنّانة التّشكيليّة ليلى محمّد طه, يتكتشف أنّه أمام فنّانة ذات موهبة رفيعة, تمتلك روحا شفّافة ودفق حميمي ينبض بذاكرة التّراث العربي, وهي تصهل كمهرة عربيّة أصيلة, لتعيد صياغة هذا التّراث والمخزون الإنساني, برؤية معاصرة مؤكّدة على أهمّيّة الغوص في التّراث والنّهل من مفرداته ودرره الثّمينة والأصيلة، لتعلن وبكل جرأة على إستعدادها للمغامرة اللونيّة في كلّ عمل فنّي جديد لإكتشاف كلّ ما هو مثير من حيويّة وجمال في مفردات تراثنا العربيّ الغنيّ بمادّته وروحه...
    ‏العناصر والرّموز والمصطلحات والمفردات والعناصر, الّتي إستخدمتها وتستخدمها الفنّانة التّشكيليّة ليلى محمّد طه في تشكيل مكوّنات لوحاتها ومشهديّاتها, متعددة وكثيرة, نستطيع أن نحدّد بعضها, كالحصان العربي, والسيف, والمنمنات, والمشرّبيّات, والمآذن, والقباب, والكتب القديمة, والدّلاّل, والقناديل وغيرها.. وكذلك تعتمد الفنّانة طه على جملة من الأشكال الهندسيّة بمدلولاتها الحسّيّة والرّمزيّة والميثولجيّة, كالمربّع والمثلّث, والدّائرة, والمعين وأشكال أخرى... وكلّها أجزاء من المفردات التّشكيليّة الّتي تعزف عليها الفنّانة طه بمهارة العارف لأسرار الفنّ, عبر تناغمات درجاتها اللونيّة والشّفافة على السّلّم الموسيقي البصري, ملامسة بريشتها أوتاره الحسّيّة والبصريّة, وبكلّ شاعريّة لتفجّر إشعاعها اللوني والحضاري والرّوحي والمتوسّطي ضمن مساحة اللوحة....‏
    يستطيع المتابع النّاقد التّحليلي أن يستخلص من نتاجات الفنّانة التّشكيليّة ليلى محمّد طه, أنّ ذاكرة الفنّانة البصريّة غنيّة بمخزونها الثّقافي على صعيد المفردات والمدلولات والصّياغات اللونية المتعدّدة, حيث تعتمد على تداعيّات الأشكال عبر الزّمن, لتخرج عن حدود نطاقه الضّيّ, والآني, ليأخذ بعداً مكانيّاً وزمانيّاً عبر الذّاكرة البصريّة الموروثة والمكتسبة, لتفصل بذلك الزّمان عن مضمونه الفيزيائي...‏
    أستطيع من خلال دراستي لنتاجات الفنّانة التّشكيليّة ليلى محمّد طه, أن أستكشف أنّ هناك صبغة عامة تميّز أعمال الفنّانة طه, أختصرها بالإعتماد على حركة وفعل الدّسامة اللونية والمشبّعة بطبقات الألوان, وصولاً إلى النّافرة منها, مستفيدة من أساس اللوحة وكثافة الطّبقات اللونية المتراكمة, تلوحي للمشاهد بأنّها تمثّل أحقاب جيولوجيّة إنسانيّة نابعة من تأثّر الفنّانة بالطّبيعة المحيطة بها, من بحر وجبال وسهول وفضاءات مفتوحة إلى اللامدى...‏
    أعود لبعض أعمال الفنّانة طه التّشكيليّة, والّتي تناولت فيها الحصان العربي الأصيل , وذلك عبر رؤية لهذا الرّمز العربي, والذي يصهل وكأنّه جريح أو أنّه يبحث عن فارسه المفقود بكل كبرياء وجموح, وأرى في بعض أعمالها الأخرى, أنّها تناولت صياغة الحرف العربي بطريقة تعبيريّة, ضمن هندسة زخرفيّة شرقيّة الرّوح, تعتمد على الإنحناءات الحنونة للحرف العربيّ, والأحرف توحي في بعض أعمالها الفنّيّة الحروفية للمشاهد, وكأنّها تحدّد لحظة إنفجارها الحميميّ والعاطفيّ واللغويّ في آن واحد, عبر الوميض اللوني المشعّ في الفراغ, ضمن مساحات اللوحة, لتعلن تمرّدها وخروجها عن المعنى المحدّد لمدلولها الصّوتي, ثمّ تعود لتحتضن بعضها البعض من جديد, عبر تعشّقات اللون الفستقي فالأخضر الحشيشي فالغامق...‏

    [frame="2 80"][align=center]حسين أحمد سليم آل الحاج يونس
    أديب, شاعر, ناثر, رسام هندسي,فنان تشكيلي, وصحافي حر
    عضو إتحاد الكتاب اللبنانيين تحت رقم 749 وعضو نقابة المحترفين التشكيليين
    مهندس مساح محلف لدى المحاكم. عضو نقابة الطبوغرافيين اللبنانيين تحت رقم 138
    أمين عام روّاد كشّافة الرّسالة الإسلاميّة في لبنان[/align][/frame]

  2. #2
    عـضــو الصورة الرمزية حسين أحمد سليم
    تاريخ التسجيل
    10/08/2007
    العمر
    71
    المشاركات
    271
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي قراءات في فنون ليلى محمّد طه

    قراءات في فنون ليلى محمّد طه

    الفنّانة التّشكيليّة السُوريّة المُبدعة والمربّية المتألّقة في إدارة مدرستها بمجتمعها
    إبداعاتها الفنّيّة التّشكيليّة نرسم شخصيّتها المميّزة

    بقلم: الحسين أحمد سليم (آل الحاج يونس)
    كاتب وفنّان تشكيلي متجدّد, لبناني من بلدة النّبي رشادة البقاعيّة نجمة هلال غربي بعلبك

    عالم الفنّانة التّشكيليّة ليلى محمّد طه, هو عالم ذاتي خاصّ, مشبّع ومفعم بالأحلام والشّاعريّة والشّفافيّة، عالم يسمو في لغته البصريّة إلى مخاطبة الحسّ العام إلى درجة التّوحّد والإنصهار فيه, ضمن رؤية صوفيّة للّون وللمفردة التّشكيليّة في بناء اللوحة, ليفرض هيبة الخلق التّشكيلي على المتلقّي, عبر النّور المشعّ روحيّاً من خلال تناغمات الأخضر والأصفر والأحمر, وكأنّ الحياة قد عادت من جديد إلى مفردات التّراث الشّرقيّ, بحلّة عصريّة جديدة ومواكبة لتطوّرات الحركة التّشكيليّة العربيّة عموما والسّوريّة خصوصاً...‏
    تتمحور توجّهات الفنّانة التّشكيليّة ليلى محمّد طه في العديد من لوحاتها إلى معطيات منظومة الفنون الحديثة والمعاصرة. حيث تتناول الفنّانة طه في تشكيل عناصر مشهديّاتها, الموروث الشّعبي في إطار فنّيٍ متجدّد مع المحافظة على الأصول, ويبرز من خلال دقائق تشكيلاتها تمسّكها بالعناصر الأساسيّة الأصيلة من التّراث الحضاري, مؤكّدة على حرصها في تجاوز الأنماط المستهلكة. وهي في ما تذهب إليه في تشكيل عناصر إبداعاتها, تعتمد على عناصر وأساسيّات الفن الهندسي المعماري الإسلامي, مزاوجة بينها وبين ما يتراءى لها عصرنة, بإضافة روح العصر والحداثة إليها...

    مجموعة من لوحات الفنّانة التّشكيليّة ليلى محمّد طه تحكي سيرة وتاريخ عناصر البيت الدّمشقي، البيت الّذي يُعتبر مساحة للتّأمّل وإستنباط المشاعر والإنفعالات الّتي تعتمد على التّناسق والتّرابط والتّكامل داخل إطار اللوحة وخارجها. والفنّانة طه في مكنون مجموعة لوحاتها هذه, أرادت تناول عناصر البيت العربي عموماً، والبيت الدّمشقي منه خصوصاً، من أجل إلتقاط نبض المكان، وتلمّس جوهر تشكّلها الأساسي، وتعريتها من قشورها الخارجيّة لمعرفة خفايا الرّوح الّتي صنعتها...

    الألوان في لوحات الفنّانة التّشكيليّة ليلى محمّد طه موسقات ودندنات وترانيم, تكشف بالضّوء عن الأحلام والحب والعشق، وترسم بضربات فرشاتها النّجوم والكواكب والأساطير والموروث الإسلامي، وتعطيها أبعاداً إنسانيّة، تضيع مع الغيم وتتساقط كحبّات المطر لترفد الحركة التّشكيليّة بإبداع عميق المضمون...
    الفنّانة التّشكيليّة السّوريّة ليلى محمّد طه، المُبحرة على الدّوام في تجلّيات الأمكنة السّوريّة وذاكرتها البصريّة المشغولة بالجمال. ودمشق القديمة خصوصاً، الّتي تجد فيها ضالّتها المنشودة لتسجيل رؤى ولقطات بصريّة، لتجلّيات يوميّة حاشدة بيوميّات مُستعارة من محيطها البيئي الدّمشقي. ومُخيّلتها العامرة بصور ومشاهد متوالدة من معماريّة البيت الدّمشقي في هندسته النّمطيّة، وارفة المساحة والغرف والمفروشات، وطوابقه المشرّعة للشّمس، والمزهوّة ببحيراتها المائيّة، ونوافيرها الرّطبة الّتي تُضفي على الورود والأزهار والأشجار متعة بصريّة مُضافة...

    تجد الفنّانة في البيوت الدّمشقيّة، وهندسة عمارتها أجوبة كافية لدهشتها، ملوّنة على سطوح اللوحات وقماش الخامة. تُعيد صياغة الأمكنة المرئيّة على طريقتها التّقنيّة الخاصّة. تستقوي بالتّاريخ وشواهده المتناثرة داخل جدران الأحياء، المُكحّلة بلمسات واضحة متناسلة من جعبة الفنون العربيّة الإسلاميّة، مأخوذة بالزّخارف النّباتيّة والحيوانيّة والهندسيّة على وجه التّخصيص. تفتح سجل الشّرفات والنّوافذ والأزهار والكراسي، والمفروشات والسّجاجيد التّراثية، وأصص الورود على مصاريعها، تنسج علاقات مودّة من طبيعة بصريّة خاصّة...

    تجمع الفنّانة العواطف بالأمكنة، من خلال توظيف فعّال لمفرداتها التّشكيليّة الّتي تنثرها أنسام الهوى الدّمشقي، ورمزيّة المشاعر وحساسيّتها العارمة التي تسكن جوارحها. تجمع من خلال لوحاتها أشتات حلم وفكرة وقيم روحيّة وخيال واسع، متأمّلة عمق المدينة التّاريخي، وجمال الصّنعة في تقنيّات مفتوحة على التّنوّع الشّكلي، ومتناغمة مع مكوّنات التّرابط والتّجانس المنطقي ما بين الرّموز والعناصر التي ولّدتها موهبتها المُعبّرة عن ذاكرة المكان الدّمشقيّة البصريّة. في لوحات تضجّ بحركة الخطوط والملوّنات، وأشبه بقصص شكليّة لمغناة دمشقيّة، خرجت للتّو من مختبر الفنّانة مصحوبة بصدق تفاعلها مع مكانها. لا نجد في لوحاتها وجوهاً وشخوصاً آدميّة كما هي الحال في اللوحة الواقعيّة التّسجيليّة، بل هي متوارية داخل أروقة الجدران والنّوافذ والعناصر المرصوفة في أسوار كلّ لوحة من لوحاتها. تورية بصريّة بلاغيّة مقصودة، تجعل الحديث للطّبيعة الصّامتة الّتي تحمل حكايات الورود والأزهار مع أصحابها، والنّوافذ المزخرفة المنتظرة أحبابها بعد غياب، والكراسي التي تتأهّب لإستقبال عشّاقها في ليلة دمشقيّة جامعة للعائلة والمُحبين.
    البنية التّقنيّة الّتي تتبعها الفنّانة في رسم معالم لوحاتها الواقعيّة التّسجيليّة المشوبة بلمسات تعبيريّة، تقوم على مجموعة متدرّجة من الخطوات موزّعة ما بين الرّسم المباشر، والمُستحضر من صور ومشاهد عابرة في دورة الحياة. تخطّها رسوما سريعة منتشرة على سطح اللوحة، كبناء أوّلي، ثم تبدأ عمليّة الرّصف المُلون والتّوازن الشّكلي، والإنتقاء والإختصار، وتمازج الملوّنات وصولاً إلى الفكرة المشتهاة. تدور ملوّناتها في حلبة الملوّنات الرّئيسة (الأحمر، الأصفر،الأزرق، الأبيض، الأسود) ومشتقّاتها المتشعّبة والمفتوحة على درجات متجانسة الإيقاع والبنية اللونيّة. تجعل من عناق الكتلة والفراغ، والأبعاد المنظورة داخل بنية التّكوينات، والموزّعة ما بين العناصر والمفردات الأساسيّة والمساحات الخلفيّة. معزوفة جماليّة حافلة بخصوصيّة الوصف والتّأليف التّقني، ودلالة معنويّة ورمزيّة موحية ومُعبّرة على جذور العلاقة الحسّيّة والجماليّة ما بين الفنّانة إبنة محافظة اللاذقيّة ومدينة دمشق...

    تتعامل الفنّأنة بشكل حرفيّ ومتّقن مع المنمنمات الشّرقيّة، مستلهمة التّراث ومفردات البيت العربي التّقليدي بكلّ مكوّناته المعماريّة، وبإستخدام الألوان الحانية والأزاهير الجميلة الّتي عرفت بها باحات البيوت العربيّة...

    تقدّم الفنّانة في أعمالها الفنّيّة التّشكيليّة الرّموز الشّرقيّة، وتؤكّد من خلالها عشقها للبيوت العربيّة القديمة والحارات الضّيّقة الّتي تتوحّد في جدرانها وشرفاتها بهذا الدّفء المشعّ من نوافذها، الّذي أعطاها خصوصيّتها، استلهمتها في أعمالها مستعينة بإحساسها السّابق الّذي أسّس لهذا الإستلهام مع إعطائها فرصة وجود جديدة. قدّمت في أعمالها ما يحمل إشارات، وإسترجاع للذّكريات تتوالى على جدران البيوت العتيقة...

    وإستعملت أصص الأزهار في عدد من أعمالها الفنّيّة، كونها تدلّل على الخصوبة والعطاء والإحتواء، وتعكس حالات الفرح والإنتظار. تجمع الإنسان بالتّراب والمطر بالعطشى والأهل بالبناء، في عالم متكامل من الرّموز والخصوصيّة. قدّمت حكاية شرقيّة في منمنمات وألوان رسمتها بالزّيتي مع تقنيّات بارزة على سطح اللوحة حيث ينسجم البروز اللوني مع الوحدة الزّخرفيّة التي عملت عليها. أمّا الألوان فكانت وليدة اللحظة وليدة الأمل والتّحدّي، فهناك اللون الأحمر الواحد وهناك الألوان التي تعبّر عن المعاناة والإعتزاز، ولذلك جاءت ألوانا حارّة حسب الحدث والواقع والرّمز...
    ليلى محمّد طه فنّانة عشقت التّراث ففاضت بين كنوزه تلملم مفرداته المبعثرة هنا وهناك من أرض الوطن، لتكوّن منه محطّات إبداعيّة تنطلق من خلالها إلى آفاق رحبة في عالم التّشكيل واللون، معتمدة الزّخرفة التّراثيّة والبيئة الشّعبيّة والعمارة القديمة هدفا ساميا لها في تكوين لوحة إبداعيّة تحمل شفافيّة وغنى التّراث العربي الأصيل ضمن صياغات وتكوينات معاصرة، فيها الحداثة والتّلوين ومتانة التّكوين، ممّا يبعث في النّفس شعورا جماليّا صوفيّا يأخذنا بعيدا في عمق التّاريخ...
    الفنّ معايشة وإرتباط بالشّعور، يعبّر عن الجمال، والوجدان والعاطفة وهو لغة خاصّة تعبّر عن صاحبه من أجل تحقيق نوع من النّشاط الإبداعي، وهو نسيج إنساني دافيء مشحون بالإنفعالات العاطفيّة للنّفس البشريّة والإنسانيّة بإضطّراباتها وردود أفعالها الظّاهريّة الدّفينة حيث تتكامل فتخضع للتّوازن والتّحولات الباطنيّة بإعتبارها تكشف عن واقع كامن وراء المعاني معادل للرّوح والعاطفة من جهة والعقل والتّفكير من جهة أخرى...
    يكشف الضّوء في أعماق الفنّانة العتمة المختبئة في أعماقها ونفسها وأحلامها، وهو فسحة للأمل تستردّ من خلاله التّوازن النّفسي وتهرب به من ضغوط الحياة عبر صور لا حدود لها، منارة باللمسات والضّربات والحركات اللونيّة الخطّيّة منتظمة التّقابل, فبين المظلم والمضيء مساحة للتّأمل... فألوان الفنّانة مشتقّة من لون الشّمس والأرض والتّراب والمنظر الطّبيعيّ,

    وهو المصدر الّذي ننهل منه الدّفء والإشراق وهو المكان الّذي نتواصل من خلاله وهو معجون بتراب الأرض والطّبيعة، ولهذا ترى الألوان الدّافئة والحارّة موجودة في جميع لوحات الفنّانة وهي إحدى محددات الهوية والتّفرّد والخصوصيّة...
    ليلى محمّد طه فنّانة تشكيليّة مميّزة فمختبرها الفنّي يعتمد على معطيات الفنون المعاصرة حيث تتناول الموروث الشّعبي الّذي تمليه مغامرة التّداعي الحدسي في إطار متجدّد متمسّكة بالعناصر الأصيلة من التّراث الحضاري , متجاوزة الأنماط المستهلكة بإعتمادها على الفنّ المعماري الإسلامي وإضافة روح العصر والحداثة إليها...
    الفنّ هو لغة البحث عن الجمال والغوص في أعماقه الذي يحكي حكاية اللون والخطوط وهي بنت الرّيف السّوري الفنّي بطبيعته وموروثه الشّعبي الذي يجمع على الألفة والسّلام، وطموحها أن تصل بلوحتها إلى قلب الأشياء وتعريتها من قشورها كي تصل إلى النّور، وعندها تدعو لزرع الآمال المرتجاة وجديدة المزهرة في أرض خصبة حيث تنمو وتتوالد...
    يحتاج الفنّان إلى فعل الإحساس الضّمني بالتّوازن الدّاخلي والخارجي لكينونته, كي يتأقلم مع عقله ووجدانه وروحه وجسده، ويشعر بالطّمأنينة والانسجام والتّماذج... والإحساس بالحرّيّة عند الفنّان هو سرّ الإبداع حيث تولد المشاعر الشّفيفة والأحاسيس السّامية...
    أعطت الحداثة الفنّان حرّيّة الخلق والإبداع، وحفّزته ألاّ يقف عند مدرسة فنّيّة معيّنة, وألاّ تقيّده مدرسة تشكيليّة من مدارس عصر النّهضة، كما أنّها أعطت الفنّان حرّيّة ليقدّم رؤية خاصّة, ويستخدم عناصر ورموز خاصّة به, والّتي تخدم الموضوع الّذي يطرحه على نسيج لوحته، أي يضيف ويحذف ويختصر ما يراه مناسبا له, لا يقيّده أيّ إتّجاه معيّن، كما أنّ الحداثة فتحت أبواباً على إتّجاهات كثيرة يقدّم من خلالها الفنّان تقنيّات متنوّعة ومختلفة تواكب العصر الذي رسمت فيه ولأجله...
    ليس هناك من فروقات في نوعيّة الألوان, فكلّها ألوان يمكن التّعبير بها على إحتلاف أنواعها ومادّتها, وهذا يعود للفنّان نفسه، ويعود للفنّان ذاته أن يرى نفسه في أيّ مادّة يستخدمها في عمله, ويعبّر بها عن أفكاره حسب أسلوبه في التّعبير... فكلّ لون يحمل في مادّته شحنات وإنفعالات وإشارات وتداعيات نفسية، وإحساس الفنّان بكنه اللون, حسب الإتّجاه الّذي يعبّر عنه, وفي الألوان الزّيتيّة مادّة طيّعة وحرّيّة في التّعبير على نسيج اللوحة...
    أيّ عمل فنّي هو خط ولون وشكل, وإحساس يجمع بينهما، وللّون دور أساسي في التّعبير عن مضمون اللوحة، ويعود هذا الأمر للفنّان في إختياره للألوان لأنّ اللوحة هي إحساس يتولّد من خلال الألوان المستخدمة فيها, وهو الّذي يشدّ المتلقّي، ويشعره بإرتياح دون عمل آخر, ويعتمد اللون على الضّوء ومصادره...
    الفنَانة التَّشكيليّة ليلى محمّد طه, القادمة من رحاب وأرجاء ريف منطقة اللاذقيّة السّاحليّة, تعتمد في نسائج أعمالها الفنّيّة التّشكيليّة على حركة بعث التّراث, والتّركيز على منظومة المضامين وعناصر التّفاصيل, لتقدّمها للمشاهد والمتلقّي في شكل موزاييك تشكيلي متكامل, مع زخرفة لونيّة منسجمة مع مضمون التّراث...
    الفنّانة التّشكيليّة ليلى محمّد طه, تناولت في رسوماتها الفنّيّة التّشكيليّة, عناصر البيت العربي عموماً والبيت الدّمشقي منه خصوصاً، وذلك من أجل إلتقاط نبض المكان وتلمّس جوهر تشكّلها الأساسي وتعريتها من قشورها الخارجية لمعرفة خفايا الروح التي صنعتها...

    أخذت الفنّانة ليلى محمّد طه الموروث الشّعبي, وعملت عليه لتقدّم حياة جديدة، رؤية جديدة لحياة واقعيّة أو كامنة وراء هذه المعاني والرّموز، فاعتمدت على الزّخرفة الشّّرقيّة، ومنها البيوت الدّمشقية وقدّمتها بعد أن تأمّلتها بمختلف تفاصيلها من النّوافذ والأبواب والأواوين والفسحة السّماويّة وغيرها, ومن ثمّ أخرجتها من شكلها التّقليدي المعروف... وهي لم تأخذها كما هي وشكلتها بل تأمّلتها وأضفت لها المشاعر الّتي تولّدت في دواخلها, وهي مشاعر إنسانيّة وقيم علاقات إلفة وودّ معها ومع التّراث بشكل عام...

    كلّما تعمّقت الفّنانة التّشكيليّة ليلى محمّد طه وسبرت أبعاد الموروث الشّعبي, كلّما وجدت نفسها عائدة إلى الوراء زمنيّاً أكثر فأكثر, تغوص في الماضي باحثة عن الجذور, ورويداً رويدا يتبلور لديها طموح بالمتابعة أكثر, والغوص بالماضي الذّهبي, وهي محاولة لا تهدف فيها الفنّانة إلى إستنساخ الماضي ولا إلى نسخه, بقدر ما تهدف إلى إستخلاص روحه الحيّة, الّتي لم تمت والّتي لم تزل تنبض, وتنطق بصوت عال عبر أعمال فنّيّة تراثيّة مبدعة, تُغنّيها الفنّانة طه على وقع موسقات شعيرات ريشتها وترانيم فيض ألوانها, ممزوجة بومضات من ثقافة العصر الحديث.. .
    جعلت الفنّانة التّشكيليّة ليلى محمّد طه من عناصر الزّخرفة ومكوّنات النّقوش, أنغاماً يصغي إليها القلب المموسق بالحب للفنون, ويخشع أمامها الفكر المعقلن بالتّشكيل, قبل إبصار العين الرّافلة للجمال.. .
    الفنّانة طه, تحمل المتلقّي إلى ولوج عالم الرّؤى الفنّيّة, النّافذة إلى لغة العالم الجماليّة, ومدى مغزى التّشكيل الفنّي, فالزّخرفة الشّرقيّة العربية, تعتبر من أجمل معالم الفنون, ومن أفتن وأحسن معالم الجمال عند غادة حسناء... فللزّخرفة عزف من الموسيقى الحالمة غير المسموعة إلاّ ممّن يمتلك نعمة التّجلّي السّمعي, كما أنّ للخط أيضاً ضرب من موسيقى الحرف, لا يسمعها إلاّ من ترفل عينه للجمال الحروفي... والخط يتشكّل إنسيابيّا وجماليّا وفق قواعد وأسس بالمشق وأنامل الفنّان, كما يوحى إلى النّحل في تسديس بيوته, وكأن التّناغم الموسيقيّ الّذي يصوغه الوحي في بيوت النّحل, هو هو كما يصوغه الوحي في حروف الخطّ... وهكذا يشتبك الخطّ بالزّخرفة عند أطراف شعيرات ريشة الفنّانة طه, وهو الفن الجميل بإمتياز, وذهبت الفنّانة طه إلى أبعد من الشّكل الفيزيائيّ, وراحت تعمل وتجتهد, كما حركة فعل الفنّانين المسلمين, لتحويل الفنّ التّشكيلي تجريديّا, ليتماهى على موسيقى سابحة في فضاء الرّوح, واعية في ذاتيّتها إلى أنّ رهافة الحسّ تتّصل بالنّفس المرهفة...
    لغة الفنّ التّشكيلي لدى الفنّانة التّشكيليّة ليلى محمّد طه, تعتبر لغة جماليّة لرسالة فنّيّة سامية, تترجمها الفنّانة طه وتبلورها في ممارساتها الّتي تفرّغ فيها مصداقيّها, وتجسّد تشخّصها من حركة فعل خلجات قلبها, ومن رحم ملكات تفكّر عقلها... حيث تعمل على تحريض فعل اللون والشكل الذي يحقق كامل طاقته عندما يتواصل مع الروح 0 فالعناصر لديها تتحول وتزدحم لتملأ جسد اللوحة بمفردات مكثفة تختزن بيئتها المشاهد البصرية والمفاهيم الروحية بشفافية مرهفة .

    [frame="2 80"][align=center]حسين أحمد سليم آل الحاج يونس
    أديب, شاعر, ناثر, رسام هندسي,فنان تشكيلي, وصحافي حر
    عضو إتحاد الكتاب اللبنانيين تحت رقم 749 وعضو نقابة المحترفين التشكيليين
    مهندس مساح محلف لدى المحاكم. عضو نقابة الطبوغرافيين اللبنانيين تحت رقم 138
    أمين عام روّاد كشّافة الرّسالة الإسلاميّة في لبنان[/align][/frame]

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •