المهرج الذي أساء لمصر


كاظم فنجان الحمامي

حتى أعداء مصر لم يخططوا في يوم من الأيام لفكرة الاستخفاف بالشعب المصري بهذه الطريقة اللئيمة, التي انتهجها وتمادى بها الطبيب الإعلامي (باسم يوسف) في برنامجه الخطير (البرنامج) من قناة (أم بي سي), وحتى برامج الكاميرة الخفية, التي صُممت تلفزيونياً للإيقاع بالناس في مطبات المواقف المفبركة, لم تكن بهذا السوء, ولم تصل بها النذالة إلى هذه الضحالة الاستعراضية المتعمدة للانتقاص من مكانة الشعب المصري بعبارات تخدش الحياء, وليس هنالك برنامج تلفزيوني واحد في عموم كوكب الأرض مخصص للتهكم على شعب من شعوب الكون, أو مخصص للاستخفاف بهم والتندر عليهم بالأسلوب الفج الذي امتهنه (باسم يوسف) هذه الأيام.
لقد دأب هذا المهرج على رصد اللقطات والأفلام, التي يتحدث فيها عامة الناس عن واقعهم اليومي المعاش, ويعبروا فيها عن همومهم وأحزانهم وتطلعاتهم الوطنية بكلمات وعبارات بسيطة, لا تخلو من الأخطاء اللغوية, وليست بمنأى عن الهفوات العابرة, فتربص بهم (باسم), وراح يسجل زلات ألسنتهم, ثم يجمعها, ليعرضها في برنامجه, ويعلق عليها بتلميحاته وغمزاته وهمزاته ولمزاته.
لم اسمع, ولم أر برنامجاً واحداً يتربص بالناس, ويحصي عليهم أخطائهم الكلامية, ولم أشاهد برنامجاً واحداً يعلن هجومه السافر على جميع القنوات والفضائيات التي تبثها دولة بعينها, فما بالك بمن أختار الشعب المصري هدفا لحملاته الساخرة, وهو الذي يعلم علم اليقين أن الشعب المصري هو الشعب الذي استخف بتقلبات الزمن وضحك على المحن, وهو الذي سخر من الأقزام والمهرجين وفي مقدمتهم هذا المهرج السمج, الذي وصلت به الوقاحة إلى الحضيض, عندما تطاول على الأم المصرية, واستخف بالمواطن المصري الغلبان, وبالشيخ الكبير والطفل الصغير, واستخف بكل العاملين في المجال الإعلامي المصري من كبيرهم إلى صغيرهم, بعبارات نابية لا تخلو من السب والقذف والشتم, وانتهك حرمات الناس بطرق سافرة لا تخلو من الغرور والتعالي.
لا نعرف حتى الآن ما الذي يريده هذا المهرج من مصر, خصوصا بعدما أعلن كراهيته لها ولأهلها, فهو يتهجم على أنصار الثورة ويتهجم على أعداء الثورة في وقت واحد. يتهجم على النظام السابق, والنظام اللاحق من دون أن يفرق بينهما. يتهجم على الفضائيات المصرية كلها من دون استثناء. يتهجم على الحضارة المصرية بكل مراحلها وبكل عصورها. يتهجم على ماضي مصر, وتاريخ مصر, ومستقبل مصر, وأحلام مصر. يتهجم على حسني مبارك, ومحمد مرسي, وعبد الفتاح السيسي, ويتهجم على رموز مصر وأعلامها وزعمائها.
بماذا نصنف برنامجاً بهذا المستوى, وبهذه التوجهات المريبة. لا شك أن هذا (البرنامج) سيء الصيت, يدس السم بالعسل, ويحمل رسالة قرقوزية (أراجوزية) واضحة, هدفها الإساءة لمصر, وغايتها تشويه صورة الشعب المصري, وطمس معالمه التاريخية والفنية والثقافية والعلمية, بأدوات لا تخطئها العين, تبدأ بمعاول التسفيه والتضليل, وتنتهي ببلدوزرات الهدم والنسف والتخريب والفحش.