الثورة والحرب في الأزمةالسورية

إن التعريف أو الفهم المعاصر والاكثر حداثةً للثورة هو التغيير الكامل لجميع المؤسسات والسلطات الحكومية في النظام السابق لتحقيق طموحات التغيير لنظام سياسي نزيه و عادل ويوفر الحقوق الكاملة والحرية والنهضة للمجتمع .والمفهوم الدارج أو الشعبي للثورة فهو الانتفاض ضد الحكم الظالم.(وكيبيديا الموسوعة الحرة ,الثورة)
إن هذا التعريف يلخص سبب قيام الثورة السورية , فهي بدأت كثورة شعبية سلمية قابلها النظام الحاكم بالقوة , ولكل فعل رد فعل معاكس تحولت الثورة السورية لثورة عسكرية والتي كان هدفها الاطاحة بنظام الحكم , مما شكلت تلك الحالة تداخلات دولية لجانب الطرفين أدت تلك التداخلات الخارجية إلى تحول الثورة عن مسارها الحقيقي لتصبح حرب مباشرة وحرب بالوكالة , وهذا يقودنا لتعريف الحرب بالوكالة (الحرب بالوكالة هي حرب تنتج عندما تستعين قوتين بأطراف ثالثة كبدائل لقتال بعضهم البعض بشكل مباشر)
فالنظام الحاكم عندما عجز عن الوقوف أمام زحف الثوار استعان بشكل مباشر بإيران والمليشيا التابعة لها والمتمثلة بحالش والمليشيات العراقية واتخذت شعاراً لها شعار الدفاع عن الأماكن التي تدعي أنها مقدسة كمقام السيدة زينب في دمشق , وهذه الدعوة لاتختلف عن دعوة البابا أوريان الثاني (1095) عشية انطلاق الحرب الصليبية الأولى والتي جاء فيها (كتب البابا أوربان الثاني عام 1095، عشية الحرب الصليبية الأولى: "بالنسبة لهذه الأرض التي نعيش عليها الآن والمغلقة من جميع الأطراف عن طريق البحر وقمم الجبال فهي ضيقة جدا بالنسبة لهذا العدد الكبير من السكان، بل ونادرا ما توفر الغذاء الكافي للمزارعين. ومن هنا فالناس تقتل وتلتهم بعضها البعض، ومن هنا تشن الحروب، ومن هنا يموت الكثيرين منكم في الحروب الأهلية. اسمحوا للكراهية بالخروج من بينكم ؛ ودعوا نزاعاتكم تنتهي. ادخلوا إلي الطريق المؤدي إلى كنيسة القيامة؛ انزعوا تلك الأراضي من العرق الملعون، وأخضعوها لأنفسكم".
فالحقد الفارسي على العرب وحلمهم باستعادة أمجادهم السابقة لابد من الانتقام من الشعب الذي حطم ملكهم وامبراطوريتهم فاخترعوا النواصب وزعموا أن الوهابية هي العنصر المضاد والمهلك , فكانت حجتهم ياثارات الحسين كما ادعى الصليبيون من قبل حجة أن محمداً هو الذي طعن عيسى بالرمح وأسال دمه بينما كان السبب الحقيقي وراء ذلك هو الجوع والاقتتال الداخلي للشعب الأوروبي , والملالي في طهران اخترعوا النواصب واخترعوا الدواعس والحوالش , والسبب كله وراء تحقيق الحلم وعودة الانتقام من العرب , وهذه الحرب في سوريا إن هي إلا حرب بالوكالة وقودها الناس والحجارة في سوريا ومن الشعب والبناء السوري
فكانت ثورة شعبية ضد الظلم فتحولت لحرب أهلية وحرب طائفية ومذهبية وعرقية وعصابات مافياوية , الوكيل لهذه الحرب الوسخة هو عصابات الأسد ومن معه والذي أقنع مؤيديه أنها ثورة سنية ضد العلوية وحياتكم مرهونة ببقاء حكم آل الأسد , فصدقوه وجروا وراءه واستعانوا بشياطين قم طهران والروس وسلموهم كل شيء في البلاد وهم بين جريح ومقعد ومقتول ومفقود , واستعانوا بقوى لاتحسب لهم أي حساب لاعلى أساس طائفي مذهبي ولا على أساس عرقي لنظرتهم الفوقية للعرب والمشربة بالحقد الدفين عبر آلاف الأجيال
الكل يعلم أننا كشعب سوري نستعمل كوقود وتحت شعارات متعددة والذي يقودنا لهذه المحرقة هو حمار وحوله مجموعة من الكلاب , فمصير كل الطوائف والمذاهب والأعراق مهدد بالانقراض , مالم تتجه كل القوى لاسقاط ذلك الحمار وقتل تلك الكلاب المسعورة والتي تحيط فيه , عندها حتماً ستنتهي الحرب وتنتصر الثورة في العودة لأصالتها والتي انطلقت عليها من البداية.
د.عبدالغني حمدو