ثقوب في مصفى نينوى


كاظم فنجان الحمامي

ربما لا يعلم أعضاء مجلس محافظة نينوى أن الخبير الموصلي سعد الله الفتحي يعد اليوم من أشهر وأكفأ خبراء المصافي النفطية في حوض الخليج العربي, لكنهم لم يستشيروه, ولم يستدعوه إلى مسقط رأسه, ولم يستأنسوا برأيه, فمغني الحي لا يُطرِب, ولا يريدون سماع صوته في مسارح الموصل.
وربما لا يعلمون أن فكرة المشروع تعود إلى عقد الستينيات من القرن الماضي, وأن أرشيفنا النفطي في الموصل يضم كل الوثائق والدراسات التي, تناولت المتطلبات الفنية لإنشاء المصافي النفطية, وربما لا يعلمون أن مصافي (بيجي) و(الكسك) و(صلاح الدين) كانت من ثمار الأفكار الوطنية المخلصة التي وجدت طريقها إلى التنفيذ والتشغيل منذ زمن بعيد.
وربما لم تصل إليهم, حتى الآن, أوراق الدراسة التصحيحية المفصلة, التي أعدها حول هذا الموضوع وزير النفط الأسبق الأستاذ (عصام الجلبي), واشترك معه في إعدادها الأستاذ (سعد الله الفتحي) رئيس مؤسسة المصافي, ورئيس دائرة الدراسات في الأوبك (سابقاً), ومعهما الأستاذ (فالح الخياط) مدير عام مؤسسة المشاريع النفطية, ومدير عام الدراسات والتخطيط (سابقاً), والتي تناولوا فيها الهفوات والإخفاقات والأخطاء المرتبطة بتنفيذ مشروع مصفى (نينوى) بصورته المريبة.
لقد تساءلت الدراسة في محاورها الفنية المركزة عن غياب تحديد مصادر النفط الخام, وعن غياب تحديد مواقع الحقول المغذية للمصفى, وتساءلت أيضا عن تحديدات كميات الإنتاج, ونوعيات النفوط المنتجة, وشروط التجهيز وضماناته, والأسس الجيولوجية والجغرافية والبيئية والإقليمية المعتمدة في اختيار موقع المصفى, والبدائل الموقعية المتاحة, ومدى تقاطعها في المستقبل البعيد مع المواقع الكردية المتنازع عليها, فإذا كان المصفى يستمد نفطه الخام من حقل (خورمالة) الواقع تحت سيطرة حكومة كردستان, والذي تديره الآن شركة (كار), فما هي ضمانات استمرار تدفقه من هذا الحقل نحو مغذيات المصفى الجديد ؟, وهل تمتلك نينوى صلاحية شراء هذا النفط من المستثمر في (خورمالة) ؟, أم أنها ستعتمد على نفط الحقول غير المطورة في (مخمور) ؟.
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
وتساءلت الدراسة في محور آخر عن ضرورة توضيح مكونات المصفى, ووحداته التشغيلية, هل فيه وحدة متخصصة بتهذيب (النافثا) من أجل أنتاج الغازولين بمواصفات مقبولة ؟, وهل فيه وحدة لمعالجة النفط الأبيض بالهيدروجين لتخليصه من الكبريت ؟, وهل هناك وحدة لإنتاج الغاز السائل ؟, وهل في المصفى الجديد صهاريج تتسع لاستيعاب وتخزين النفط الخام والمنتجات الوسطية والنهائية ؟, وما هي تحديداتها ومواصفاتها ؟, وهل ضمنت محافظة نينوى تعهد المستثمر بتوفير الخطوط الخدمية اللازمة لتشغيل المصفى, من ماء وبخار وكهرباء وهواء مضغوط ونيتروجين, والتي ينبغي توفرها في أي مصفى مهما كان حجمه ؟, وهل تم الاتفاق على الأبنية الملحقة بالمصفى كالمخازن والسقائف والورش والمواقع الإدارية وغيرها ؟.
من المغالطات العجيبة أن بنود العقد المبرم بين المحافظة والمستثمر أشارت في الفقرة (هاء) من المادة الثالثة إلى: (تستلم المحافظة كافة منشآت ومرافق المشروع المتكامل صالحة للعمل بعد انتهاء فترة العقد باستثناء المصفى وكافة منشآته ومرافقه). بمعنى أن محافظة نينوى لن تستلم المصفى ومنشآته, وان منشآته لن تؤول إليها في النهاية, وكأنها منحت المستثمر حق التشغيل المطلق لحسابه الخاص من دون أن تؤول إليها منشآت المصفى في نهاية المطاف. وكأنك يا أبو زيد ما غزيت.
أو كأننا والماء من حولنا قومٌ جلوسٌ حولهم ماءُ