الهدي النبوي في تربية الأبناء والشباب


الحمــد لله رب العالمين والصـــلاة والسلام على أشـرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محــــمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد:
فقد تحدثنا في دراستنا السابقة عن الشباب وانحرافهم وتأثرهم بالثقافة الأجنبية المسمومة ومسؤولية حمايتهم وتحصينهم وتوبتهم ، ولأهمية هذا الموضوع في حياة المسلمين عامة نتحدث هنا عن المنهج النبوي الشريف – خير قدوة - في تربية أبنائنا وشبابنا لما فيه من فائدة كبيرة ، مستفيدين مما ورد في المصادر والمراجع الدينية ومما كتبه علماؤنا الأفاضل في هذا المجال ومن الله التوفيق .
بداية نشير إلى أن التعليم مهمة من مهمات الأنبياء وأتباعهم ، وهي مهمة شريفة عليَّة الرتبة ، بها يرتفع شأن صاحبها ، ويعظم أجره ، ويعم خيره . قال الله تعالى : ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ )(الجمعة:2) . عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله لم يبعثني معنِّتاً ولا متعنتاً ، ولكن بعثني معلماً ميسراً " رواه مسلم . وسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم مليئة بالمواقف المضيئة ، التي ترشد إلى هديه في تعليمه ، وتعامله مع الجاهل وطالب العلم برفق وحكمة وستر ونصح . عن أنس رضي الله عنه ـ قال :" بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد ، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَهْ مَهْ (ما هذا) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تُزْرِموه (تقطعوا بوله) دعوه ، فتركوه حتى بال ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له : إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر ، إنما هي لذكر الله عز وجل والصلاة وقراءة القرآن ، فأمر رجلا من القوم فجاء بدلو من ماء فشنه (فصبه) عليه " رواه البخاري (1) .

التربية عند العرب قبل الاسلام

لم تعرف المجتمعات العربية قبل الإسلام مؤسسات تعليمية يتعلم فيها الأبناء والبنات وخاصة في مسألة التربية، فقد كانت المجتمعات العربية هي المدرسة الأولى التي يتعلم فيها أبناؤهم، فما يحتاجه التكوين البنيوي لهم من المكارم والأخلاق وكريم الشيم، إنما كانوا يكتسبونها من بيئتهم الاجتماعية سواء كان ذلك البيت أم المجتمع. أما فيما يخص تعلم العلوم الطبيعية، الخاصة بالنجوم والأنواء وعلم الأثر، إضافة لعلوم الكهانة والعرافة والطب والشعر والخطابة، التي كانت تنفعهم في حياتهم المادية، فكان تعلمهم لهذه العلوم يأتي بشكل ذاتي، دافعهم لذلك الاستفادة من هذه العلوم في حياتهم اليومية التي يعيشونها(2).
فضلا عن ذلك امتازت التربية في هذه المرحلة ببساطتها ، وكان هدفها الاساس والمنشود هو اعداد جيل قادر ومؤهل للحصول على ضروريات الحياة وحفظها ، وبحكم البيئة الصحراوية لشبه الجزيرة العربية ساد ذلك النوع من التربية القائم على التقليد والمحاكاة والتدرب على القيام باعمال الكبار بغية تمكين الفرد من كسب العيش والمحافظة على حياته بالدفاع عن نفسه وعائلته وقبيلته ضد اعدائه من بني جنسه وضد الوحوش الضارية . واحتلت الاسرة البدوية دورا كبيرا في عملية التربية واعتبرت من اهم الوسائل في ذلك العصر اضافة الى دور العشيرة الواضح في هذه المهمة والتي يمكن اعتبارها صورة مكبرة للاسرة ، وتقوم العشيرة والاسرة بتدريب اطفالها منذ نعومة اظفارهم على بعض الفنون والصناعات الضرورية لهم كرمي الرماح والسهام واعداد ادوات الحرب ، ولم يكن لدى عرب البادية معاهد او محلات مخصصة للتعليم بل كانت المحلات العامة والمجالس والاسواق والبيوت هي الاماكن التي يحصل بها الناس على بعض العلوم والمعارف كالتنجيم والفلك والطب .
اما التربية عند الحضر فقد امتازت بكونها منظمة تنظيما يتفق والمستوى العمري للدارسين حيث يدرس الاطفال في المرحلة الاولى بعض المواد الدراسية المحددة كالهجاء والمطالعة والحساب وقواعد اللغة ، وهي اشبه بمرحلة التعليم الابتدائي وفي المرحلة الثانية التي تشبه التعليم العالي حاليا كان الطلبة يدرسون علوما تتناسب ومستوى قدراتهم العقلية وقابلياتهم واستعداداتهم كالهندسة العملية وعلم الفلك والطب وفن العمارة . اما طريقة التدريس فقد اتخذت طابع التدريس الفردي حيث كان المعلم يخصص جزءا من وقته لكل تلميذ (3).
وبشكل عام كان العرب ، قبل الإسلام ، يتبعون أساليبا معينة في التعليم معظمها خاطئ، مثل التأنيب والعقاب والاستهزاء بالآخرين، وكانت تأخذهم حميَّة الجاهلية، قال الله تعالى :(إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمْ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ)(الحجرات: 26) .
تلك هي أبرز ملامح العصر الذي سبق عصر النبوة ، فجاء الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ليخرج البشرية من الظلمات إلى النور، قال الله تعالى: (الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيد)(إبراهيم :1)، وقد استخدم صلى الله عليه وسلم في نشر دعوته وتعليم البشرية جمعاء أفضل الأساليب التربوية والتعليمية ، تلك الأساليب تتوافق مع أحدث النظريات التربوية التي يؤكد صحتها عدد كبير من العلماء اليوم.

المنهج النبوي في التربية

ربى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه على تزكية أرواحهم وبناء شخصياتهم وتحمل مسؤولياتهم الدينية والدنيوية، وأرشدهم إلى الطريق التى تساعدهم على تحقيق ذلك بحثهم على التدبر فى كون الله ومخلوقاته، وفى كتاب الله تعالى، حتى يشعروا بعظمة الخالق وحكمته سبحانه وتعالى، وكذلك بالتأمل فى علم الله الشامل وإحاطته الكاملة بكل ما فى الكون، لأن ذلك يملأ الروح والقلب بعظمة الله، ويطهر النفس من الشكوك والأمراض.
كما أرشدهم إلى سبل الإخلاص فى عبادة الله عز وجل، وذلك لأنه من أعظم الوسائل لتربية الروح وأجلها قدرا، إذ العبادة غاية التذلل لله سبحانه ولا يستحقها إلا الله وحده ولذلك قال سبحانه: ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا أياه)(لإسراء: 23) ، ولم يكتف صلى الله عليه وسلم بالحث على العبادات الظاهرة، بل ربى أصحابه كذلك على مكارم الأخلاق بأساليب متنوعة، فالمتدبر للقرآن المكي يجده مليئا بالحث على مكارم الأخلاق وعلى تنقية الروح وتصفيتها من كل ما يعوق سيرها إلى الله تعالي، ورسولنا عليه الصلاة والسلام القدوة الكاملة والمربى الناصح للأمة كان فى غاية الخلق، فعن عائشة رضى الله عنها عندما سئلت عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: " كان خلقه القرآن" مسند أحمد . وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعرض الأخلاق مع العبادة والعقائد فى وقت واحد، لأن العلاقة بين الأخلاق والعقيدة واضحة فى كتاب الله تعالى(4) .
وقد اهتمت التربية النبوية بتربية اصحابه على تنمية قدراتهم فى النظر والتأمل والتفكر والتدبر، لأن ذلك هو الذى يؤهلهم لحمل أعباء الدعوة إلى الله، فالعقل يعتبر إحدى طاقات الإنسان المهمة، وقد جعله المولى عز وجل مناط التكليف، كما يعتبر العقل نعمة من الله على الإنسان يتمكن بها من قبول العلم واستيعابه، ولذلك وضع القرآن الكريم منهجا لتربية العقل سار عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم لتربية أصحابه(5) .
فالمتأمل في منهج نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في التربية والتعليم يجد فيها الأسوة والقدوة في كل مجال من مجالات الحياة ، سواء في مجال العبادة والعقيدة والأخلاق والمعاملات، وكذلك في طريقة التربية والتعليم. بالإضافة إلى رفقه ولينه، وحلمه وسعة صدره في تعليمه، فإنه علَّمنا أساليب رائدة في التعليم، ولفت الانتباه والجمع بين الإقناع العقلي ، والتأثير العاطفي ، وحول ذلك يقــول معاوية بن الحكم السلمي : " بأبي هو وأمي ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه، فو الله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني" رواه مسلم . فما أحوجنا اليوم جميعا : معلمون وآباء ومربون ومثقفون ومسؤولون عن تربية أبنائنا إلى التعلم من آدابه وأخلاقه ، وأساليب تعليمه صلى الله عليه وسلم . لقد أكرمنا الله بنعمه الكثيرة وحذّرنا من الافتتان بها، فقال جلا وعلا :(إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)( التغابن :15) ، وانــتدبنا لنأخذ بحُجَز أهلـينا عن الـنار فقـال جلا وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا )( التحريم :6) وذلك من حقّ أهلينا علينا، وتمام رعايتنا لهم ، وكلنا راعٍ ومسؤول عن رعيته كما في الحديث ، ولأداء أمانة الرعاية لا بدّ للأبوين من الحرص والعمل على تعليم الأبناء و تربيتهم ، ولا يفوتهما أنهما محاسبان على التهاون والتقصير في ذلك، والتربية السليمة تبدأ منذ نعومة الأظفار (6) .
وقد تنوعت اساليب منهجه وهديه صلى الله عليه وسلّم عن التربية ، لنرى مدرسةً متكاملة المناهج ، راسخة الأصول ، يانعة الثمار، وافرة الظلال في التربية والتنشئة الصالحة ، حيث أعتنى بهم بنفسه ، وأوصى بهم خيراً في العناية والرعاية ، ومما ورد أيضا في منهجه صلى الله عليه وسلم :
1. فمن عنايته صلى الله عليه وسلم بتعليم الابناء دعاؤه لهم بالعلم النافع كما في مسند أحمد ومستدرك الحاكم بإسناد صححه ووافقه الذهبي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال :" إَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَضَعَ يَدَهُ عَلَى كَتِفِى ،‏ أَوْ عَلَى مَنْكِبِى شَكَّ سَعِيدٌ ، ‏ ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ في الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ "‏ رواه البخاري (7) .
2. ومن هديه صلى الله عليه و سلم في تربية الابناء والشباب : تشجيعه على طلب العلم ، وإفساح المجال أمامه لمخالطة من يكبرونه سنّاً في مجالس العلم . روى مسلم في صحيحه : " أن سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ رضي الله عنه قال : لَقَدْ كُنْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غُلاَماً فَكُنْتُ أَحْفَظُ عَنْهُ فَمَا يمنعني مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ أَنَّ هَا هُنَا رِجَالاً هُمْ أَسَنُّ مِنِّى " ، وقد جاء عن الحسن البصري والسلف الصالح رحمهم الله أنهم كانوا يقتدون بهدي نبينا صلى الله عليه وسلم في التربية والتعليم ، ومن ذلك أنهم كانوا يحثون أولادهم ، إذا جالسوا العلماء ، على السمع أحرص منهم على الكلام وعلى تعلّم حسن الاستماع كما يتعلمون حسن الكلام (8) .
3. ومن هديه صلى الله عليه و سلم في مجال التربية : تهيئته لما ينبغي أن يكون عليه الطفل، أو يصــير عليه في كبــره كالقـيادة والريــادة والإمامة ، وكفى دليلاً على ذلك تأمير رسول الله صلى الله عليه و سلم أسامة بن زيد ذي السبعة عشر ربيعاً على جيش يغزو الروم في بلاد الشام ، وفيه كبار الصحابة كأبي بكر وعمر رضي الله عنهم أجمعين ، وبعثِه معاذ بن جبل رضي الله عنه أميراً على اليمن وهو في التاسعة عشرة من العمر(9) .
4. ومن هديه أيضا في تربية الأطفال : المداعبة والتعليم بطريق اللعب ، وهما من الوسائل التي تعتبرها المدارس الغربية في التربية اليوم من أنجع الوسائل ، وأهمها وأقربها إلى نفس الطفل وأنفعها له ، رغم أن الهدي النبوي سبق إلى ذلك ، وقرره وشرع فيه صاحبه صلى الله عليه وسلّم بالفعل ، في مواقف كثيرة من أشهرها ما رواه الشيخان و غيرهما من حديث أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ : " كَانَ النبي صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ النَّاسِ خُلُقاً ،‏ وَكَانَ لي أَخٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو عُمَيْرٍ -‏ قَالَ أَحْسِبُهُ فَطِيمٌ -‏ وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَالَ :‏ يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ ؟‏ .‏ نُغَرٌ كَانَ يَلْعَبُ بِهِ ،‏ فَرُبَّمَا حَضَرَ الصَّلاَةَ وَهُوَ في بَيْتِنَا ،‏ فَيَأْمُرُ بِالْبِسَاطِ الذي تَحْتَهُ فَيُكْنَسُ وَيُنْضَحُ ،‏ ثُمَّ يَقُومُ وَنَقُومُ خَلْفَهُ فَيُصَلِّى بِنَا ".‏ ومداعبته صلى الله عليه و سلم لأبي عمير رضي الله عنه درسٌ عظيم يرسم منهجاً في تربية الأطفال وتعليمهم وآباءهم بأسلوب التشويق والتودد لهم ، ولذلك اهتم العلماء بهذا الحديث أيّما اهتمام (10).
5. ومن هديه في تربية الأطفال والابناء : الضرب والتأديب بالضوابط الشرعيّة في التعليم . وقد وردت في هذا الباب أحاديث كثيرة منها : ما رواه أحمد في مسنده بإسناد حسن عَنْ مُعَاذٍ رضي الله عنه قَالَ أوصاني رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَشْرِ كَلِمَاتٍ .‏ قَالَ : " ‏لاَ تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئاً وَإِنْ قُتِلْتَ وَحُرِّقْتَ وَلاَ تَعُقَّنَّ وَالِدَيْكَ وَإِنْ أَمَرَاكَ أَنْ تَخْرُجَ مِنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ وَلاَ تَتْرُكَنَّ صَلاَةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّداً فَإِنَّ مَنْ تَرَكَ صَلاَةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّداً فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَلاَ تَشْرَبَنَّ خَمْراً فَإِنَّهُ رَأْسُ كُلِّ فَاحِشَةٍ وَإِيَّاكَ وَالْمَعْصِيَةَ فَإِنَّ بِالْمَعْصِيَةِ حَلَّ سَخَطُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِيَّاكَ وَالْفِرَارَ مِنَ الزَّحْفِ وَإِنْ هَلَكَ النَّاسُ وَإِذَا أَصَابَ النَّاسَ مُوتَانٌ وَأَنْتَ فِيهِمْ فَاثْبُتْ وَأَنْفِقْ عَلَى عِيَالِكَ مِنْ طَوْلِكَ وَلاَ تَرْفَعْ عَنْهُمْ عَصَاكَ أَدَباً وَأَخِفْهُمْ في اللَّهِ "‏.‏ وما رواه الشيخان عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ‏ أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ‏ رضي الله عنها ، وَهْىَ خَالَتُهُ ، ‏ قَالَ فَاضْطَجَعْتُ عَلَى عَرْضِ الْوِسَادَةِ ،‏ وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَهْلُهُ في طُولِهَا ،‏ فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ ،‏ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَلَسَ ،‏ فَمَسَحَ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ ،‏ ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ آيَاتٍ خَوَاتِيمَ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ ،‏ ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا ،‏ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ،‏ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّى .‏ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ ،‏ ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ ،‏ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رأسي ،‏ وَأَخَذَ بأذني الْيُمْنَى يَفْتِلُهَا بِيَدِهِ ،‏ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ،‏ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ،‏ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ،‏ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ،‏ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ،‏ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ،‏ ثُمَّ أَوْتَرَ ،‏ ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ ،‏ فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ،‏ ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ (11).
6. كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعوّد الشباب والأبناء على فعل الخيرات وصلاة الجماعة. روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قوله : " حافظوا على أبنائكم في الصلاة ، وعوّدوهم الخير فإنّ الخير عادة " رواه الطبراني في الكبير، وروى ابن ماجة بإسناد صحيح عن مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِى سُفْيَانَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ :" ‏الْخَيْرُ عَادَةٌ وَالشَّرُّ لَجَاجَةٌ وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ "(12) .‏
7. وقد ورد في السنّة ما يدل على مشروعية تعويد الصغار على الصيام واصطحابهم للحج صغاراً و من ذلك : روى الشيخان عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ أَرْسَلَ النبي صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلَى قُرَى الأَنْصَارِ "‏ مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِراً فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ ،‏ وَمَنْ أَصْبَحَ صَائِماً فَلْيَصُمْ "‏ .‏ قَالَتْ فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعْدُ ،‏ وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا ،‏ وَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ ،‏ فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ عَلَى الطَّعَامِ أَعْطَيْنَاهُ ذَاكَ ،‏ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الإِفْطَارِ . وروى مسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي رَكْباً بِالرَّوْحَاءِ فَقَالَ :"‏ مَنِ الْقَوْمُ ؟ قَالُوا : الْمُسْلِمُونَ .‏ فَقَالُوا : مَنْ أَنْتَ قَالَ : رَسُولُ اللَّهِ ‏ .‏ فَرَفَعَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا فَقَالَتْ أَلِهَذَا حَجٌّ قال : نعَمْ وَلَكِ أَجْرٌ " ، وروى ابن خزيمة في صحيحه والترمذي وأبو داود بإسناد صحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعي إلى طعام فأكل منه ثم قال: " قوموا فلنصل بكم. قال أنس: فقمت إلى حصير لنا قد أسود من طول ما لبس، فنضحته بالماء، فقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصففت عليه أنا واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا، فصلى بنا ركعتين ثم انصرف " (13) .
8. ومن هديه عليه الصلاة والسلام أيضاً ربط الأبناء بالمساجد وتوجيههم إليها ، بل كان يذهب أكثر من ذلك فيتجوز في صلاته مراعاة لحال الصبية الذين تصطحبهم أمهاتهم إلى المسجد . روى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِى قَتَادَةَ رضي الله عنه عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ : "‏ إني لأَقُومُ في الصَّلاَةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا ،‏ فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصبي ،‏ فَأَتَجَوَّزُ في صلاتي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ "‏ .‏ وروى النسائي بإسناد صحيح عن عبد الله بن شدّاد رضي الله عنه قال : بينما رســــول الله صـــــــلى الله عليه وسلم يصلي بالناس إذ جاءه الحسين فركب عنقه وهو ساجد ، فأطال السجود بين الناس حتى ظنوا أنّه قد حدث أمر فلما قضى صلاته ، سألوه عن ذلك ، فقال عليه الصلاة و السلام : " إن ابني ارتحلني ، فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته " . فالمساجد إذن روضة يجتمع فيها الصغير والكبير ويرتادها الرجل والمرأة ، وإن كان بيت المرأة خير لها ، وقد كان السلف الصالح رضوان الله عليهم في ارتيادها يستبقون الخيرات فيذكرون ربهم ، ويأخذون العلم عن نبيهم الذي قال : " من جاء مسجدنا هذا يتعلم خيراً أو يعلمه ، فهو كالمجاهد في سبيل الله " وهذا حديث حسن بشواهده : أخرجه ابن ماجة وأحــمد وابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك . لذلك كان المسجد المدرسة الأولى والجامعة الأم التي تنشر العلم ، وتشيع المعارف بين الناس ، وهو المكان الأفضل والأمثل لهذا المقصد العظيم ، وقبل اصطحاب الطفل إلى المســــجد يحـــــــــــــسن تعليمه
وتأديبه بآداب دخول المساجد.سئل مالك عن الرجل يأتي بالصبي إلى المسجد أيستحب ذلك ؟ فقال : إن كان قد بلغ مبلغ الأدب وعرف ذلك ، ولا يعبث فلا أرى بأساً ، وإن كان صغيراً لا يقَر فيه ، ويعبث فلا أحبّ ذلك(14) .
9. ومن نهجه الشريف: " أن يؤذن في أذن المولود اليمنى، ويُقيم في أذنه اليسرى، ليكون أول ما يصل سمعه تلكم الكلمات النيرات ، تعظيماً لله تعالي، وتوحيدا له، واعترافا برسالة وشعائر وشــــرائع رسوله محمد صلى الله عليه وسلم . فعـــــن أبي رافع رضي الله عنه ، قال : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن في أذن الحسن حين ولدته فاطمة" " الترمذي (15) .
10. وكان صلى الله عليه وسلم يوجه الأمة بقوله :" إذا سميتم فعبدوا" رواه الطبراني والبيهقي ، فحُسن اختيار الاسم (عبد الله، وعبد الرحمن الخ) ، وإن كان ذلك يبدو أمراً بسيطاً إلا انه قد يترك أثرا تكوينياً شخصياً مستمرا ـ إيجابياً أو سلبياً. ويضفي ظلالا قاتمة إذا لم يتم وفق ذلكم الهدي الشريف. فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: " وُلد لي غلام فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فسماه إبراهيم ، فحنكه بتمرة ودعا له بالبركة، ودفعه إلي " صحيح البخاري (16) .
11. وكان صلى الله عليه وسلم يُعوّذ الحسن والحسين رضي الله عنهما. فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين رضي الله عنهما، ويقول: " إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة " صحيح البخاري(17) .
12. وعن نهج عنايته ورعايته بالصبيان ليلاً، يروي جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا استجنح الليل أو كان جنح الليل فكفوا صبيانكم فإن الشياطين تنتشر حينئذ فإذا ذهب ساعة من العشاء فخلوهم وأغلق بابك واذكر اسم الله " صحيح البخاري (18) .
13. وعن تعليم الغلمان كيفية آداب الطعام والشراب، يذكر عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما فيقول: كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :" يا غلام: سمّ الله وكل بيمينك، وكل مما يليك " متفق عليه، وهو عند مسلم والبخاري (19) .
14. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا بني: إذا دخلت على أهلك فسلم يكون بركة عليك وعلى أهل بيتك " الترمذي (20).
15. كان صلى الله عليه وسلم يوجّه بان يؤمر الأولاد بالعبادة منذ السابعة من أعمارهم :
" مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع " رواه الحاكم، وأبو داود، من حديث ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما. ويقاس على الصلاة الترويض على صوم أيام ،عند الاستطاعة ، والتعويد على شعائر الحج إذا كان الأب يستطيعه(21) .
16. كان صلى الله عليه وسلم حريصا على النهي عن النظرة السلبية للناس، والتي فيها احتقارهم وازدراؤهم والترفعُ عليهم، واعتبارهم مخطئين وخاطئين ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ". قَالَ رَجُلٌ إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً. قَالَ " إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ " صحيح مسلم . والكبر : معناه التكبر على الحق فلا يقبله والغمط : الاحتقار والاستهانة (22) .
17 . حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل ما يخنق الشخصية السوية ويعيق نموها ، ومن ذلك الحرص على جمع المال وغيره من صور دنيوية لا تؤدي وظيفتها التي خلقت من أجله، واعتبارها : الغاية والهدف والقيم، التي يتم السعي إليها. ومثل هذا قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة ، تعس عبد الخميلة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وأنتكس ، وإذا شيك فلا انتقش‏.‏ طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله ، أشعت رأسه، مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة، كان في الحراسة، وإن كان في الساقة، كان في الساقة، إن أستأذن لم يؤذن له، وأن شفع لم يشفع" ‏في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه (23) .
18 . أبرز الهدي النبوي الشريف قيمة الوقت وبخاصة عند الأبناء والشباب، والحرص عليه، وعدم إضاعته، والمؤمن المكلف يُحْسِن إدارة الوقت واستغلال كل دقيقة منه، وجعله الإطار الذي يُنَمّى فيه الإبداع. وفي بيان أهمية هذه القيمة الثمينة يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به " رواه الترمذيّ بإسناد صحيح . فالهدي النبوي يربي الوعي بقيمة الزمن، ويدعوه إلى المسارعة إلى اغتنام هذه القيمة، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك، وشبابك قبل هرمك، وقوتك قبل ضعفك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك" رواه الحاكم في المستدرك، وصححه الألباني في صحيح الجامع من حديث ابن عباس رضي الله عنهما (24) .
19. حرص النبي صلى الله عليه وسلم على الاهتمام باليتيم وذوي الحاجات الخاصة وتوفير سبل وإمكانيات التربية والتعليم والأمن النفسي لهم ، لذا نجد الإسلام ينهى عن الإساءة إليهم والانتقاص من حقوقهم، يقول تعالى: (فأما اليتيم فلا تقهر) (الضحى:9) ويقول تعالى: (وآتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم إنه كان حوباً كبيراً) (النساء:2) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : "خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يُحسن إليه وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يُساء إليه، ثم أشار بإصبعيه السبابة والوسطى: أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين" رواه البخاري(25) .
20. وكان من نهجه الحرص على نجاة غير المسلمين، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض الغلام فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقال: " يا غلام أسلم قل لا إله إلا الله فجعل الغلام ينظر إلى أبيه فقال له أبوه قل ما يقول لك محمد صلى الله عليه وسلم فقال لا إله إلا الله وأسلم فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه صلوا عليه وصلى عليه النبي" المستدرك(26) .
21. ويبقى انه حال انقطع عمل المرء فسيبقي ما ترك من عمل صالح يجدد له ويرفده بعمل جديد بعد الممات: ففي الحديث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مات ابن آدم أنقطع عنه عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعوا له "رواه مسلم(27) .
22. كما حرص النبى صلى الله عليه وسلم على تربية أصحابه جسديا واستمد أصول تلك التربية من القرآن الكريم، بحيث يؤدي الجسم وظيفته التى خلق لها من دون إسراف أو تقتير، ودون محاباة لطاقة من طاقاته على حساب طاقة أخرى. فالقرآن الكريم أرشد إلى ما أحله الله من الطيبات: وحثهم على اجتناب ما حرم الله من الخبائث، وأنكر على أولئك الذين يحرمون أبدانهم من تلبية حاجاتها على الوجه المشروع، قال تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)( الاعراف:32)، ولا شك أن الإنسان عندما يلبى حاجاته البدنية فبإمكانه بعد ذلك أداء وظائفه التى كلفه الله بها فى الدنيا من عبادة الله، واستخلاف فى الأرض، واعمار لها، وتعارف وتعاون مع بنى جنسه على البر والتقوى، ولذلك ضبط القرآن الكريم حاجات الجسم البشري، من الطعام والشراب والملبس والمأوى والزواج والتملك والسيادة والعمل والنجاح(28) .

معالم الاهداف الاجتماعية لتربية الابناء والشباب

مما ذكرناه عن الهدي النبوي في تربية الابناء والشباب تتضح معالم الاهداف الاجتماعية السامية التي كان صلى الله عليه وسلم يحرص عليها وابرزها (29) :
1. بناء العلاقات الاجتماعية الحميمة بين أفراد الأسرة المسلمة على أساس تقوى الله من الحب والمودة والعطف والتضحية والتسامح والبر .
2. الحث على بر الوالدين والإحسان إليهما .
3. الحث على العمل والإسهام في تطوير الفرد والمجتمع من خلال العمل الشريف .
4. تنمية الإحساس بروح المسؤولية الفردية والجماعية والتأكيد عليهما في بناء الأمة .
5. العمل على إعداد الإنسان إعداداً متوازناً يشمل كل جوانب حياته العقلية والاجتماعية والخلقية والانفعالية دونما إفراط ولا تفريط .
6. بناء البيت المسلم بناء صحيحا ، فبهديه صلى الله عليه وسلم كان البيت المسلم الذي أقامه الرعيل الأول قد جعل منهجَه الإسلام قولا وعملا، وصبَغ حياته بنور الإيمان، ونهَل من أخلاق القرآن، فتخرج من أكنافه نماذجُ إسلامية فريدة، كتبت أروعَ صفحات التاريخ وأشدَّها سطوعاً. فالبيت نعمةٌ لا يعرف قيمتَه وفضله إلا من فقده، فعاش في ملجأ مُوحش، أو ظلماتِ سجن، أو تائه في شارع أو فلاة، قال تعالى: (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا)( النحل:80) .
أحبتي في الله : نكتفي بهذا القدر، من هديه صلى الله عليه وسلم في تربية الابناء والشباب ونكل إتمام البحث إلى عزائمكم وأنتم أهل للبحث والمتابعة كما يظن بكم ، وصلى الله وسلم على نبيّنا محمد وآله وصحبه أجمعين .
هوامش
(1) محمد ، الرسول المعلم واساليبه في التعليم ، منتديات ملك العرب .
(2) ابتسام جعفر جواد كاظم الخفاجي ، اصول تربية (التربية قبل الاسلام والتربية الاسلامية ) موقع كلية التربية الاساسية / شبكة جامعة بابل .
(3) ابتسام جعفر جواد كاظم الخفاجي ، اصول تربية (التربية قبل الاسلام والتربية الاسلامية )، المصدر السابق .
(4) د. علي جمعة ، المنهج النبوي في تربية الامة ، المصدر : الاهرام اليومي ، موقع الاهرام الرقمي .
(5) عبدالكريم السمك ، علوم التربية والتعليم عند العرب ، الالوكة الثقافية ، ثقافة ومعرفة .
(6)دكتور وحيد حامد عبد الرشيد ، الاساليب التعليمية في منهج خير البرية ، منتدى نصرة رسول الله .
(7)و(8)و(9)و(10)و(11)و(12) دكتور احمد عبدالكريم نجيب ، الهدي النبوي في تربية الابناء ، ورقة مقدمة الى ندوة : أطفالنا في الغرب التي عقدت في دبلن يوم السبت 9/3/ 2002
(13) امانة الرعايا ، شبكة روض الرياحين ، الريحانة الاسلامية .
(14)امانة الرعايا ، شبكة روض الرياحين ، المصدر السابق .
(15) السنة التاذين في اذن المولود فقط ، اسلام ويب / مركز الفتوى .
(16) نهج النبي العدنان، صلى الله عليه وسلم ، في تربية وتعليم الغلمان، منتديات الجلادي للاثاث .
(17) كيفية رُقية الطفل ،كما كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يرقي الحسن والحسين رضي الله عنهما ، منتدى نصرة رسول الله .
(18)و(19)و(20)و(21)و(22)و(23)و(24)و(25)و(26)و(27) أ. د. احمد ناصر سنه ، التربية بالحب ، موقع صيد الفوائد .
(28) د. علي جمعة ، المنهج النبوي في تربية الامة ، المصدر : الاهرام اليومي ، مصدر سابق .
(29) أساليب تربوية في منهج النبي خير البرية، موقع الأستاذ الدكتور ابراهيم عبدالله المحيسن. الموقع الرسمي .