إختلاجات

بقلم: حسين أحمد سليم (آل الحاج يونس) البعلبكي
مُفكّر, باحث, مؤرّخ, مهندس تشكيلي ومخترع.
عربي لبناني من قرية النّبي رشادة البقاعية, نجمة هلال بلدات غربي بعلبك الشّمالي.

غفرانك إلهي...
حملتني نفسي الضّعيفة, المخلوقة في مكنون جسدي المسنون الحمأ, وإرتحلت بي عنوة قهر وكفر, ترتحل بي على أعواد راحلتها إلى حيث لا أدري...
نفسي الضّعيفة الفقيرة الحقيرة, الأمّارة بكلّ الشّرور وسوءات الأشياء, يُحرّضها الوسواس الخنّاس على ذاتها, تعصف بها كلّ الشّهوات, وتجتاحها عبادات الأنا النّرجسيّة...
حملتني نفسي هذه على ذِمّتها المحدودة, وغرّرت بي مستفيدة من جهلي, كما غرّر الشّيطان بجهلها, ورمت بي غريقا في لجج المستنقعات...
ومن حيث لا أدري, سكنني ما يُوسوس في صدري, وأنا لا علم لي بما يتربّص بي في المتاهات, وصرت أكابد المنايا في وحول الخطايا...
وغدوت في متاهات وضياع غربتي, وحيدًا فريدًا لا معين له, أتخبّط في عواصف أمواج المذلّة, وتتقاذفني مذلّتي حيث لا حول لي ولا قوّة...
راودتني نفسي على ذاتها إستكباراً, ووسوست لي في شيطانيّاتها, فأبعدتني عن ذكرك يا إلهي, فإضطّربتُ وقلقتُ وتملّكني الخوف الشّديد والرّعب العظيم, وسكنتني المسكنة, وشعرت موات نفسي في حطام ذاتي ورميم كينونتي, وبدأت أتصاغر أمام تعاظم ما إقترفت يداي من شرور وجنايات...
إلهي وخالقي وموجدي...
إليك أتوحّه ضارعا مستغيثا, مناجيًا متهجّدًا باكيًا, قانتًا راكعًا ساجدًا, راجيًا إحياء قلبي وإطمئنانه بذكرك وبالتّوبة عليّ منك, يا أمل من لا أمل له غيرك, ويا بغية من لا بغية له إلاّك, ويا منية من لا منية له سواك...
فوعزّتك وجلالك يا مالك الملك, يا غافر, يا عفو, يا توّاب, يا مجيب, يا غفّار... من غيرك لذنوبي غافرًا, ومن غيرك لكسر نفسي جابرًا...
إنّي عبدك الفقير, المحتاج إليك وإلى رحمتك وعدالتك وغفرانك... واقف أحفّ ببابكَ ألتجيء إليك تائبًا, فلمن غيرك ألتجيء وألوذ, إن طردتني من بابك, وبمن أعوذ, إن رددتني عن مودّتك ورحمتك يا أرحم الرّاحمين...
إنّي خضعت منيبًا إليك, وعنوت مستكينًا لديك, أسألكّ الرّحمة لي وبي, وأنت أنت الرّحمن الرّحيم, الملك, القدّوس, السّلام, المهيمن, العزيز, الجبّار...
فيا خجلتي الكبرى ممّا وسوست لي نفسي من شرور وسوآت, ويا لإفتضاحي ممّا روادتني عليه ذاتي المفتقرة للرّحمة, ويا بليغ أسفي من سوء عملي وفعلي...
إليك دون غيرك تعتلج نفسي, ولك وحدك تختلج روحي, وفي حُبّك وعشقك يتشاغف قلبي... فغفرانك غفرانك إلهي وربّي... غفرانك يا من لا يغفر الذّنوب إلاّك... ي إلهي وخالقي وموجدي...