الكارت الأحمر بيد الشعب



كاظم فنجان الحمامي

نحن ندرك تماماً أن صناديق الاقتراع والآلية الانتخابية المعتمدة في العراق هي السبيل العادل نحو التغيير, وهي المعيار الديمقراطي الذي نقرر به مصيرنا, بمعنى أن مصيرنا تقرره في هذه المرحلة صناديق الاقتراع, وأن الشعب العراقي هو صاحب الحق في تقرير مصيره, وهو صاحب الحق في اختيار ممثليه عبر التصويت الحر, وبالتالي فأن الشعب هو الحاكم والرعية, وهو الحكم والجمهور, وبيده الكارت الأحمر, وهو الذي سيقول كلمته يوم الحسم, فيختار من يشاء, ويرفض من يشاء بمحض إرادته, فأهل البصرة أدرى بشعابها, وأهل الحيرة أدرى بقبائلها, وأهل الكوفة أدرى بشيوخها وأعلامها, وأهل نينوى أدرى بقادتها ورجالها.
نحن هنا نمتلك الحق المطلق في الاختيار, ونرفض التأثير على توجهاتنا ورغباتنا, فالانتخابات هي الحدث الهام في حياتنا, بل الحدث الأهم الذي ترتكز عليه الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية, وهو الذي تتحول بموجبه العهود والوعود إلى التزامات تعمق الثقة بين الجمهور وبين المنتخب الوطني البرلماني.
من هنا لابد من العمل على توسيع رقعة المشاركة, حتى تشملنا كلنا على اختلاف ألواننا وميولنا, ومن دون تفريق بين هذا وذاك, وليترشح للبرلمان من يجدون في أنفسهم الكفاية المهنية والمؤهلات الأكاديمية, وتتوفر فيهم الخصال الوطنية, من دون أن تقصيهم بلدوزرات الإقصاء, أو تستثنيهم مقصات الاستبعاد, فمن حق الشعب أن يختار نوابه, وأن يصنع مستقبله الذي يطمح إليه, وأن يمنح الثقة لمن يستحقها, وأن تكون صناديق الاقتراع هي النافذة البنفسجية الديمقراطية, التي لا يخرج منها إلا الذين أحرزوا أعلى الأرقام, ونالوا أرفع الدرجات.
كم كان بودنا أن لا يغادر المرشحون حلبة التنافس, وأن لا يُستبعدوا من قوائم الترشيح, وأن لا يأتي الاستبعاد قبيل الموعد المقرر للانتخابات, وكم كان بودنا أن يُسمح لهم بخوض الجولة الأخيرة الحاسمة, حتى نقول فيهم كلمتنا يوم الحسم, فيخسر من يخسر, ويفوز من يفوز, لأننا نحن الذين ينبغي أن نحمل شارة الطرد من الملاعب السياسية, وبيدنا الكارت الأحمر, ونحن الذين نعرف من الذي ينفعنا ومن الذي يضرنا.
كانت صدمة كبيرة لنا عندما علمنا باستبعاد الشيخ صباح الساعدي, والوزير السابق الدكتور محمد توفيق علاوي, والدكتور محمد علي صالح زيني, والأستاذ جواد الشهيلي, والأستاذ غسان العطية, والوزير السابق الأستاذ عبد ذياب العجيلي, والأستاذ حيدر الملة, وكانت صدمتنا أكبر وأعنف عندما سمعنا بقرار استبعاد الدكتورة مها الدوري.
لقد خرج هؤلاء من التنافس تاركين وراءهم فراغاً برلمانياً كبيراً, لطالما شغلوه بأصواتهم المدوية, ومواقفهم الوطنية الجريئة, وتفاعلهم الصادق مع همومنا.
ختاماً نقول: نخشى أن يصبح الاستبعاد سنة سياسية قد تتكرر طقوسها في المواسم الانتخابية القادمة, ونخشى أن تتحول تقلباتها المفاجأة إلى متوالية مُنَغِصة, تطاردنا عروضها المأساوية كلما اقتربنا من صناديق الاقتراع.