شخصيّة يُمن محمّد الأحمد الفنّيّة

بقلم: حسين أحمد سليم

تحمل يُمن محمّد الأحمد في كينونتها حبّا لا ينتهي للرّسم والتّشكيل, ينعكس ذلك على شخصيّتها ونتاجها الفنّي... حيث للرّسم دور هام في حياتها منذ البدء, أثرى ثقافتها وأعطاها المزيد من الثّقة, وشكّل لها ميزة ذاتيّتها عن غيرها من بنات جنسها...
ترود هدأة ذاتها مطمئنّة النّفس هادئة البال تُنشد الرّاحة, لتحضير وإنجاز مشهديّتها الفنّيّة في سكينة ما حولها, لِتعكس إحساسًا معيّنًا يُؤثّر في نفسيّة المُتلقّي... فهي عندما تتراءى لها إيحاءات الأفكار, تنتحي زاويةً من غرفتها لتجسيد ما يتراءى لها من الخلق والإبتكار, تسكب ثراء وجدانها وخيالها بلوحةٍ تؤفل بالإبداع تحقيقًا لمبتغاها الفنّي...
محبّة يُمن للرّسم على مختلف أنواعه حالو مولودة معها منذ الطّفولة, وهي تُكنُّ المحبّة والإحترام للرّسم والفّنانين الّذين من حركة إبداعاتهم تستمدُ التّجدّد للعطاء, ومن معينهم المعطاء تنهل لتبدع بشخصيّتها المنفردة... وهي تسبر التّاريخ الفنّي وتجول به لتكشف أسرار التّعبير التّرميزي عند كبار الفنّانين...
يُمن محمّد الأحمد مُتأثّرة ببيئتها القرويّة, وتجاربها في الرّسم وليدة تفاعليّة مع بيئتها الّتي طلعت منها, وهي بما تحاول من إنتاج فنّي يتراءى للمتلقّي أنّ للبيئة الشّماليّة حيث نشأتها التّأثير الفاعل في تشكيل مشهديّاتها, رغم محاولاتها في حركة فعل الإرتحال أبعد من قريتها مغامرة في جمع ودمج عناصر لوحتها كخليط خاص بها, وهي تتعامل مع الألوان بشفافيّة لتكوين عملها, معتبرة أن في كنه الألوان يكمن السّحر, ذلك الّذي تنشده في صقل جماليات معالم اللوحة...
من حضن الطّبيعة الّتي تعيشها يُمن محمّد الأحمد, والّتي تتراءى لها في خيالاتها ووجدانها, ترى نفسها من حيث لا تتفكّر أو تدري منقادة لرسم كل شيء من حولها, كالورود والأشجار والوجوه والأماكن والأشياء, وكلّها تُلهمها وتُؤثّر فيها لتُنمنم عناصر لوحاتها من مخزونها الطّبيعي الّذي إكتنزت به بقبسات منتقاة من جماليات بلدتها مشتى حسن...
تمارس يُمن الرّسم بشكل يومي وترسم دائمًا ما يتراءى لها في أبعاد الخيال, وهي تعمل ما بوسعها وبشكل دائم لتخطّي كلّ العقبات الّتي تُعيق مساراها في لعبة الرّسم, وتُحاوب ألاّ تتأثّر بها سلبًا حتّى لا تعيق سيرها في دروب الرّسم والتّشكيل... كونها ترسم من وحي عشقها وشغفها للخلق والإبداع, لتعيش دقائق لوحتها وهي تخطو خطواتها العمليّة في الرّسم والتّشكيلِ...
الحياة تعني ليُمن الكثير, وتعتقد أنّ قصر الحياة يدفع بالعاقل كي يعيش دقائقها بجدٍّ ونشاطٍ وعطاءٍ, وعلى الفنّان أن يتعلّم من أسرار الحياة ليتحرّر من غالبيّة القيود المفروضة عليه... ومن هذا المنطلق فالرّسّامة يُمن محمّد الأحمد تعيش الحبّ في مكنونها وتتفاعل مع العشق في دواخلها, ولا تستطيع العطاء إن لم تكن مكتنزة بالحبّ والعشق...
حملت يُمن محمّد الأحمد موهبتها من عمر الطّفولة, تلك الموهبة الّتي كانت ملفتة في زمن الصّغر, وهي اليوم تبذل قصارى جهدها رغم قهر الحياة وضغوطاتها, أن تعيش الفنّ في كلّ عناصره, وأن تندمج بفاعليّة مع عالم الرّسم... توكيدًا لما تحمل في دواخلها من أفكار وأحاسيس تدفعها لحياة الفنّ بالرّسم...
كما تتعامل الرّسّامة يُمن محمّد الأحمد مع الرّيشة واللون والورق المقوّى والخامات لتحقيق تجاربها الفنّيّة كذلك تتعامل مع آلة التّصوير الّتي تلتقط فيها المشهديّات الجماليّة المميّزة, الّتي تعمل على توظيفها في رفد وإثراء رسوماتها بكلّ ما تحمل من معاني الجمال... معتبرة أنّ الفنّان مغاير لغيره ممّن حوله بما حباه الله من ومضات حركات فعل الخلق والإبداع لتجسيد حالات الجمال... ويُمن تعمل جاهدة للتّكامل بين ما تحمل في مضامينها وما تنحى به لتوكيد هوايتها في الرّسم... ويتراءى لها في خيال وجدانها العمل على تجسيد ماهية الطّفولة والأطفال في سلسلة من اللوحات والمشهديات إستكمالا لتكليفها التّربوي بالفنّي...
الرّسّامة يُمن محمّد الأحمد تحمل في طواياها عشقًا آخر للرّسم والّتشكيل, وتحمل أيضًا بعدًا آخر يناجيها للقفز فوق كل العوائق, كي ترفد المجتمع الّذي تعيشه بعطاء حرٍّ وبلا قيود, ساعية بكلّ ما أُتيت من قوّة في الرّسم والتّشكيل لتتفانى من أجل تجاربها الفنّيّة تحقيقًا كاملاً لرؤاها الّتي تُحاكيها في البعد المرتجى كالأمل المأمول...