خير ما يفعله الأخوان المسلمون
الدكتور عزت السيد أحمد


خير ما يفعله الأخوان المسلمون هو حل الجماعة واعتزال العمل السياسي والدعوي... ولا بأس من اعتزال العبادة تأكيدا في الضمانات للمجتمع الدولي، آسف، للأنظمة العربية. لأن الأنظمة العربية تنفق عشرات مليارات الدولارات شهرياً لمحاربة الإسلام تحت مسمى الأخوان المسلمين، خوفاً من وصول الأخوان المسلمين إلى السلطة...
لا نريد هٰذه المليارات فقد قد أساساً تنفق في مواخير الدعارة والقمار سابقاً. نريد أن يعود إنفاق هٰذه المليارت إلى تلك المواخير، لا نريدها أن تنفق في دمار أوطاننا بذريعة محاربة الإرهاب... ذۤلكَ أنَّ الأنظمة العربية تفعل في محاربة الإسلام ما تعجز عنه، وتخشاه، ولا تجرؤ عليه أيُّ دولةٍ غير عربية أو غير مسلمة. ولذۤلك يجب سحب ذريعة وصول الأخوان المسلمين إلى السلطة...
على الأخوان المسلمين أن يبادروا إلى خطوة الانسحاب من الحياة السياسية كي يبرؤوا أنفسهم أمام المجتمع العربي والإسلامي لا أمام الله، ويضعوا المسلمين أمام مسؤلياتهم...
الحقيقة التي يجب أن يدركها الجميع، أعني جميع المنتسبين إلى الإسلام، أن محاربة الأخوان المسلمين التي تصاعدت في الأشهر الأخيرة وخاصة من بعد الانقلاب السيسي في مصر على السلطة... لم تكن مفاجئة ولا طارئة، وإنما كانت الخطوة المنطقية والتاريخية بعدما تمت شيطنة القاعدة شيطنةً تامَّةً، وصار تنظيم القاعدة في المجتمع الإسلامي عاراً يجب التبرؤ منه والقضاء عليه. ويبدو واضحاً كيف أن الشباب العربي الحضاري الماجد الواثق لا يقبل تنظيم القاعدة ويحاربه بكل الوسائل والسبل الإنترنتية والعسكرية والنفسية.
بعدما وصل المجتمع الدولي بزعامة الأنظمة العربية والإسلامية إلى حشر تنظيم القاعدة في الزواية والانتهاء منه نظرياً صار لا بُدَّ من الانتقال إلى خطوة أكثر تقدماً في شيطنة الإسلام من خلال شيطنة الإسلاميين الذين لهم حضورهم في المجتمع العربي. فكانت الحرب على الأخوان المسلمين التي بدأت تظهر بوضوح منذ فوزهم في الانتخابات في مصر، وظهور فوز الإسلاميين في أكثر من دولة عربية وخاصة دول الربيع العربي...
لقد جمع الإعلام العربي/ العبري بَيْنَ كلِّ الإسلاميين أو حَتَّى المتدينين تحت إحدى عباءتين؛ إمَّا القاعدة أو الأخوان. هناك إسلاميون ليسوا من هنا ولا من هناك، ومع ذۤلكَ فإنَّ الإعلام العربي/ العبري يخاطبهم أو يخطب عنهم بوصفهم أحد الفريقين: القاعدة أو الأخوان...
في هذا السياق تتم محاربة الإسلام جهاراً نهاراً بكلِّ وقاحةٍ، وكلِّ وضوحٍ، وكلِّ صراحةٍ، (اللي استحوا ماتوا)، لم يعد من داعٍ للحياء، الحرب على الإسلام من قبل حكام المسلمين واضحة صريحة لا لبس فيها. لقد هدمت المسافات بَيْنَ المسلم والإسلامي، بَيْنَ المسلم والمتطرف، وصاركلُّ متدين إمَّا قاعدياً أو أخوانياً. ولا حل ثالث لمتدين، ولا تصنيف آخر للمتدين. ولا بُدَّ من محاربة كل شخص أو جهة أو فئة تريد أن تصل إلى السلطة باسم الإسلام مهما كانت صفته وشكله وطوله وعرضه واعتداله وتطرفه... وصارت العلمانية والدولة المدنية هي الحل الوحيد للمجتمع العربي، الدولة المدنية هي الحل، بدلاً من الإسلام هو الحل. وصار الإسلام في مقابل العلمانية...
من طرائف الدنيا وعجائبها أن الأنظمة العربية (المسمية على الإسلام) التي حاربت العلمانية عشرات السنين لأنها العلمانية ضدَّ الإسلام، صارت اليوم تشجع العلمانية وتتحدث عن مناقبها وأهميتها وحضاريتها... وبقدرة قادر صارت العلمانية أنموذج الحكم المثالي، أنموذج الدولة المثالي. الإسلام أنموذج التخلف والرجعية والانغلاق، والعلمانية أنموذج الرقي والحضارة والتقدم...
لا بُدَّ هنا أن أسال سدنة هٰذه الأنظمة العربية الماجدة، وهي نفسها لم تتغير: لماذا كنتم تحاربون العلمانية عشرات السنين الماضية؟ ألم تهدروا من طاقات الأمة وقدراتها وقيمها ومستقبلها عشرات السنين من الصراع العبثي؟
إذا كنتم جاهلين ما كنتم تفعلون، وهٰذا مستبعد، أفلا يحتمل أنكم ما زلتم في جهلكم؟
إذا كنتم جاهلين وحكمتم عشرا السنين بجهلكم فالأولى أن تتركوا لأنه لا يحق لكم أن تتابعوا.
ولكن، ماذا لو كنتم تعلمون ما تفعلون من افتعال حروب لا غاية لها إلا تدمير مستقبل الأمة؟