الفتحي يعيد افتتاح أبراج التكرير
عرض لكتاب جديد من تأليف الخبير النفطي سعد الله الفتحي


كاظم فنجان الحمامي

في الوقت الذي تكاثرت فيه نقاط التشكيك في عقود تنفيذ مصفى نينوى، يقف فيه خبراء العراق من أبناء نينوى خارج حواجز التهميش المتعمد، وفي مقدمتهم خبير المصافي النفطية المهندس الكبير سعدالله الفتحي، الذي افتتح منذ بضعة أيام أبراج التكرير على صفحات كتابه الموسوعي الجديد (من أبراج التكرير)، من دون أن يحاول مجلس محافظة الموصل الاستئناس بخبرات هذا الرجل المتميز والمتفرد باختصاصه.
صدر الكتاب قبل بضعة أيام عن مؤسسة دار الأيام للصحافة والطباعة والنشر والتوزيع في (أبو ظبي). وقد أمضى المؤلف خمس سنوات في كتابته لكي يضع أمام الأجيال القادمة سجلا شاملاً بما قام به أجدادهم وآباؤهم من انجازات باهرة شيدوها في مجال المصافي التكرير رغم الظروف القاهرة.
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
يستعرض الكاتب (الخبير) الأحداث المهنية والتشغيلية التي مرت بحياته، وبخاصة في عمله بوزارة النفط وصناعة التكرير في العراق، وانتدابه للعمل في سكرتارية منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، ويتطرق في كتابه إلى مراحل النهضة الصناعية التي مرت بها المشاريع النفطية والغازية في العراق منذ ستينيات القرن الماضي، والعثرات الكثيرة التي واجهتها في ظروف الحرب والحصار والمضايقات الدولية الأخرى.
ولد المؤلف (سعد الله عبد الله فتحي مصطفى علي الشمة) عام 1939 في محلة (الخاتونية) بمدينة الموصل، ودرس في مدارسها، ثم أكمل دراسته الجامعية في بريطانيا، فتخرج في جامعة مانشستر عام 1963. عمل بعد تخرجه في معظم القطاعات النفطية العراقية، وتدرج في عمله حتى أصبح مديراً عاماً لمصفى الدورة عام 1976، ثم رئيساً لمؤسسة تصفية النفط وصناعة الغاز عام 1980، وانتدب للعمل في سكرتارية أوبك في فيينا، عاد بعدها إلى العراق ليواصل عمله في تشكيلات وزارة النفط. أحيل إلى التقاعد عام 2002. لكنه مازال يعمل في الخليج العربي بصفة خبير ومستشار لما يتمتع به من خلفية علمية ومهنية وتشغيلية لا يُستهان بها في هذا الاختصاص النادر.
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
المثير في هذا الكتاب أنه يستحوذ على اهتمام القارئ العادي والقارئ المتخصص على حد سواء، فاللغة البسيطة والمفردات العلمية الشائعة، وأسلوب السرد القصصي المسترسل، الذي لا يخلو من العفوية في الطرح السلس، والعذوبة والطرافة، كلها من العوامل التي تغري القارئ بمواكبة الأحداث والوقائع، فتصحبه معها في رحلة جميلة، تصور لنا ما مرت به صناعتنا النفطية من انجازات باهرة وعثرات قاهرة.
تجاوز (الفتحي) الآن عتبة العقد السابع من العمر، لكنه مازال يتمتع بذات الحيوية التي كان يتمتع بها في عنفوان شبابه، ومازال يحمل في جعبته الشيء الكثير ليقدمه إلى الأجيال القادمة. لا شك أنه ينتمي إلى كتيبة الخبراء الكبار، والمهندسين النفطيين الذي يمثلون الطليعة الوطنية المخلصة، الذين كان لهم الفضل الكبير في إرساء قواعد الصناعات النفطية في عموم المدن العراقية.
ويبقى السؤال: أيعقل أن يعمل الفتحي وفريقه العلمي خارج العراق في الوقت الذي نحن في أمس الحاجة إليه، وفي الوقت الذي ينبغي أن نستثمر فيه خبراته للارتقاء بصناعاتنا النفطية نحو الأفضل ؟، ألا يفترض بنا أن نسعى منذ الآن لتكريم الفتحي وجماعته ؟، ثم ألم يأن للذين يعملون في الصناعة النفطية أن يستعينوا بخبرات العمالقة الكبار من أمثال عصام الجلبي، وفاروق عبد العزيز القاسم، وجبار اللعيبي، وفاضل علي عثمان، وسعدالله الفتحي وغيرهم من رموز وأعلام الصناعات النفطية ؟. أمد الله في أعمارهم جميعاً, وحفظهم لنا ذخراً وسنداً.