آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: أضواء على زيارة البابا وأوهام الاستقلال

  1. #1
    كاتب وناشط سياسي الصورة الرمزية نايف ذوابه
    تاريخ التسجيل
    04/05/2007
    المشاركات
    2,434
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي أضواء على زيارة البابا وأوهام الاستقلال


    من عايش وتابع أجواء العاصمة الأردنية بالأمس وما أعدته من برنامج لاستقبال البابا ولقائه مع عشرات الآلاف من الناس الذين تقاطروا على الأردن من كل أقطار العالم ليشاهدوا البابا وليشهدوا الصلاة (القداس الإلهي) التي أقامها في المدينة الرياضية .. من شاهد هذه الاحتفالات وما أعد من ترتيبات وفقرات فإنه قد يظن أن الأردن بلد تعيش فيه أقلية من المسلمين وسط أغلبية متسامحة من غير المسلمين من النصارى ولدى متابعتي لبعض ما كتب بعض الكتاب اعترف أحد الكتاب الصحفيين بأن هناك مبالغة كبيرة في الإعدادات لاستقبال البابا والاحتفاء بزيارته وزيارة حجّه كما روج في الإعلام.. لا يخالج إنسان شك أن أمس كان ظاهرة فريدة في تاريخ الأردن أعطى انطباعا قويا وصارخا بأن النظام الأردني يهمه رضا الغرب وخاصة عميد الفاتيكان البابا ويريد أن يثبت لهم بالأفعال قبل الأقوال أن النظام الأردني يعنيه أمر النصارى في الأردن حتى لو خالج الإنسان ظن أنه في بلد اسكندنافي وليس في الأردن الذي يعيش فيه 97% من المسلمين إلى جانب نحو 3% من جيرانهم النصارى ولكن يهيمن النصارى على البلد ويتمتعون بحقوق لا يتمتع بها عامة الناس وكل ذلك إمعانا في إرضاء الغرب وكأن النصارى في الأردن جزء من الغرب وليسوا جزءًا من الشرق الإسلامي وحضارته ونسيجه الاجتماعي وثقافته وتاريخه .. لقد كان أمس يوما أسود في تاريخ الأردن لأنه أساء إلى النصارى قبل المسلمين وأساء إلى الأردن لأنه صوره وكيلا للغرب وخادما للبابا زعيم الغرب الروحي الذي لا يخجل من اعتبار المسيحية هي الأساس الحضاري له حتى لو كان رأسماليا وديموقراطيا وحتى لو تجلبب بفكرة فصل الدين عن الحياة وعن الدولة، ولكنه يستدعيها في كل نائبة تحيط بالغرب أو تكاد تطيح به ولا سيما في حروبه الاستعمارية مع الشرق الإسلامي فهو يتذكر ما يستقر في مفاهيم أعماقه من عداوة للإسلام وصراع أبدي معه والحيلولة دون عودة سلطانه بعودة دولة الإسلام حاضنة الإسلام والمسلمين ..

    هذا مقال قديم كتبته قبل نحو عشر سنوات أو يزيد .. تذكرته في يوم الاستقلال الذي يحتفل به الأردن(وبمناسبة زيارة البابا أيضا) بأوساطه السياسية وأجهزته الأمنية وجوقة النفاق التي تهتف للتجزئة وتهتف لبقاء المنطقة مفتتة ومقسمة لا يجمع بينها سوى صور زعمائها في مؤتمراتهم التي تعكس خيبة عملهم وخيبة مساعيهم لإبقاء المنطقة تحت هيمنة الغرب ونفوذه فيما هم أدواته في تفتيتها وإضعافها وقتل روح الوحدة بين أهلها والسعي بكل سبيل لحفر خنادق من العداء بين أهلها حتى لا ينعقد بين هذه الدول جسر للوحدة ..


    ما زلتُ أبحثُ في وجوه النّاس عن بعضِ الرّجالْ

    عــن عصـبـةٍ يقـفـون في الأزَمَات كالشّــمِّ الجـبالْ

    فــإذا تكلّـمتِ الشــفـاهُ سـمـعْــتَ مــيـزانَ المـقــالْ

    وإذا تـحركـتِ الـرّجـالُ رأيــتَ أفــعــــالَ الـرّجــالْ

  2. #2
    كاتب وناشط سياسي الصورة الرمزية نايف ذوابه
    تاريخ التسجيل
    04/05/2007
    المشاركات
    2,434
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: أضواء على زيارة البابا وأوهام الاستقلال

    أوهام الاستقلال...!!




    نايف ذوابه


    في مطلع القرن العشرين حينما كانت بريطانيا العظمى الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، وتتربع على عرش عصبة الأمم، وتجثم على صدر العالم، وتصنع الأحداث فيه، كانت أساطيلها تجوب العالم شرقاً وغرباً تحمي نفوذها بالقوة العسكرية، وبالنشاط الاستخباري الذي كان ينخر في جسم دولة الخلافة الإسلامية (الدولة العثمانية) لتمزيقها، وتفتيتها. وبالغزو الثقافي والفكري وتشجيع الفكر الباطني ورعاية التصوف والحركات الصوفية، ومن خلال بعث القوميات واستعداء كل قومية على الأخرى, و بعث المشاعر الوطنية والمناداة بما يسمى بـِ(الاستقلال الوطني) وتشجيع الحركات الانفصالية التي عملت على ضعضعة دولة الخلافة وإضعافها وتمزيق أوصالها.
    في هذه الفترة دعا رئيس الوزراء البريطاني حينئذ إلى مؤتمر سُمّي بمؤتمر "الطاولة المستديرة"، طرح على المدعوين والمؤتمرين فيه( سياسيين، ومؤرخين، ورجال اقتصاد، ورجال دين، وفلاسفة، وعلماء اجتماع ...) سؤالاً يدور حول الأخطار التي تتعرض لها بريطانيا العظمى؛ لتحديد مكمن الخطر ووجهته، فأجمع المؤتمرون على أن الخطر الذي يهدد الإمبراطورية البريطانية يأتي من الشرق، وحُدّد مكان الخطر ومكمنه بالجزيرة العربية خاصة و ما حولها؛ لأنهامنطقة تضم نسيجاً بشرياً متجانساً في العقيدة والأفكار والمشاعر، ونوّهوا بأن هذه المنطقة -بالإضافة إلى ما تمتلكه من مقومات فكريّة- تمتلك مقومات ديموغرافية واقتصادية هائلة، وعبّروا عن ذلك بقولهم: إن هذه المنطقة مستودع من المال والرجال!!
    وهكذا توجّهت أنظارهم إلى هذه المنطقة يرقبون فيها كل حركة، ويرصدون كل تطور أو تغير على إيقاع الأحداث فيها، وقد عزموا على تمزيقها إلى قطع فسيفسائية صغيرة وضعيفة لا تقوم لها قائمة، ولا يجتمع لها شمل، بتقسيم المجزّأ وتجزئة المقسّم، وجعلوا في كل منطقة مشكلة تستدعي وجودهم الدائم لتهدئتها، والتوسط لحلها، بحيث يضمن ذلك لهم إحكام السيطرة على المنطقة وأهلها، ويمكّنهم من نهب ثرواتها.
    وهكذا لم ينصرم عقدان –تقريباً- من القرن الماضي بعد هذا المؤتمر حتى تمت تجزئة المنطقة من خلال اتفاقية سايكس بيكو وغدر الإنجليز المشهور للشريف حسين وأبنائه، ثم المؤامرة الكبرى والجناية على أمة الإسلام بهدم خلافتهم، وانفراط عقدها بإلغاء الخلافة العثمانية، وقطع الرابطة والرحم الحميمة بين تركيا حاضرة الخلافة، وبين المسلمين في كل أقطار الأرض، وفعلاً أصبح المسلمون -منذ ذلك اليوم الأسود- أيتاماً على مآدب اللئام، لا يرقب فيهم أعداؤهم إلاًّ ولا ذمة، ولا يتورّعون عن الإمعان في إذلالهم وتجويعهم، واصطنع المستعمر الماكر ثورات استقلال، قادها أناس جندهم لخدمته، حملوا أفكاره، وتشبعوا بمثله وقيمه وجعلوه قدوة لهم.
    واستقلت هذه الأوطان في الظاهر بينما كانت في حقيقتها تحمل الولاء له، وترتبط بمعاهدات سرية ترتهن فيها البلاد والعباد لهذا المستعمر؛ فخرج الاستعمار من الباب وعاد من الشباك، من خلال دمًى خلّفها على الأوطان التي صنعها، ومنحها علماً ونشيداً وطنياً، وسن لها دساتير تحاكي دساتيره لكنها تحمل كل تناقضاتها ومثالبها، واستثنى من هذه الدساتير الوضعية كل قانون يمنح المواطن الحرية أو الكرامة أو الإنسانية.
    ولم ينس المستعمر الداهية الذكي أن يجعل لكل قطر من هذه الأقطار يوما للوطن سمّاه "عيد الاستقلال" يحتفل الناس فيه بيوم إذلالهم وغربتهم في أوطانهم، وتجزئتهم، واستعداء بعضهم على بعضهم، ويحتفون بصور الهوان التي يعانيها كل مواطن عربي حين ينتقل من بلد إلى بلد، ومن حد إلى حد، وممّا سُمّي دولاً، وبعضها لا يملك مقوّمات الدولة، ولولا مساعدات الأجنبي لما كُتب لها الحياة شهراً واحداً، ولكن المستعمر أرادها دولة بل مخفراً يحرس التجزئة ويحول دون الوحدة، ثم تطور الدور الإقليمي ليكون توفير الحماية لكيان يهود، والسهر على أمنهم وراحتهم!!
    ولا نعرف عمّن استقل هذا الوطن الأشم، إلا إذا كان حقاً قد استقل عن أخيه وجاره، عن الوحدة الحقيقية التي كانت تجمع المسلمين في ظل دولة واحدة بعد أن نجح الكافر المستعمر في أن يجد ضالته في فئة حاربت إلى جانبه، حاربوا دولة الخلافة، وأدخلوا الذئب إلى الحظيرة ليفترس ويسرق كما يشاء، وليفرّق بين الأخ وأخيه، بل ليجند الأخ لقتال أخيه باسم الاستقلال، برعاية جيوش كان يقودها لورنس العرب، الذي حرث البلاد العربية في مطلع القرن الماضي، وهو يتنقل فيها ضمن حملة للتنقيب عن الآثار، بينما كان في الحقيقة يضع علامات لترسيم الحدود الجديدة بين شعوب المنطقة؛ استعداداً للحظة التي تلفظ فيها دولة الخلافة الإسلامية العثمانية أنفاسها، ويتحوّل المسلمون الإخوة إلى أعداء يتصارعون على الحدود التي وضعها الأجنبي بينهم، حراساً للتجزئة!!
    هكذا تحولت الأمة الواحدة التي ألّف الله بين قلوبها وجمعها على حبّه وحبّ رسوله، و حب كتابه الكريم، وحبّ المؤمنين إلى أمساخ تستقوي بالأجنبي، وتصطف معه وتواليه، ثم ترفع رايات الاستقلال عن الأجنبي ادّعاءً وسفهًا، ويلبس الرجال الرجال أوسمة ونياشين البطولة احتفاءً بتمزيق أمتهم، وإذلال شعوبهم، بينما الثعالب تسرق وتنهب وتصفق للمغفلين!!
    أما الشعوب المغلوبة على أمرها فاكتفت بلعق جراحها، وكظم غيظها، وغطت عيونها ووضعت أصابعها في آذانها، وأطبقت على الأسى والهوان أفواهها!!
    وأضربت هذه الدول "المستقلة" عن حب الله ورسوله وكتابه لتتفانى في حب الوطن... حب الوثن الذي صنعه المستعمر، ولتتفانى في حرب الله ورسوله وحرب أوليائه من المؤمنين المخلصين العاملين لوحدة الأمة، المحاولين لاستنقاذ الحمى المُستباح، الداعين لاستئناف الحياة الإسلامية، وتوحيد المسلمين تحت راية واحدة، وفي ظل كيان واحد!!
    وفي مطلع القرن الماضي بعد أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها، وبعد أن انتصر الحلفاء في الحرب زار تشرشل وزير المستعمرات البريطاني حينئذ القدس، والتقى الأمير عبد الله بن الشريف حسين بن علي ليتداول معه شؤون المنطقة، ولينقل له تصور الحكومة البريطانية لخارطة المنطقة بعد أن اتفقت مع فرنسا، وقد أبلغ تشرشل الأمير عبد الله بأن على أخيه فيصل أن ينسحب من سورية، ويتوجه إلى العراق ليصبح ملكًا عليها، وأن على عبد الله نفسه أن يصبح أميرًا على الأردن، ولما أبدى الأمير اعتراضه قائلاً: إن عرش العراق يقرّره أهل العراق!! مصّ تشرشل غليونه ونفخ الدخان في وجه الأمير عبد الله!! هذا ما ذكره ناصر الدين النشاشيبي في كتابه "من قتل الملك عبد الله"، وطبعاً الإنجليز هم الذين قتلوا الملك عبد الله بعدما بدأ يبدي تبرّمه بهم، ويعزف عن استشارتهم والاتصال بهم.
    هكذا صُنعت هذه الأوطان؛ بإرادة المستعمر الأجنبي، ولخدمته وحراسة نفوذه، ومن لا يصدق فليتابع تصريحات الزعماء الإسرائيليين الذين يبدون دهشتهم من تهافت الزعماء العرب على التطبيع مع إسرائيل واستجداء رضاها، والاصطفاف في الطابور الطويل ليحجزوا لهم دوراً لزيارتها على الرغم من أن إسرائيل تستخدم أبشع أساليب العنف في إبادة الفلسطينيين!!
    وقد عبّرت وزيرة العدل الإسرائيلية تسيفي ليفني عن هذه الدهشة بقولها: " حتى عندما كان يتملكني التفاؤل، وأقع أسيرة أحلامي الوردية لم أكن أتصور أن نُفاجأ بهذه المؤشرات على الرغبة العربية بالتطبيع معنا على الرغم من الحرب التي لا هوادة فيها التي تشنها حكومتنا على الفلسطينيين لإخماد انتفاضة الأقصى...!!
    ومن لا يصدق، ويستعصي عليه فهم معنى الاستقلال في بلاد العرب فليتابع دور مصر والأردن في فك الارتباط بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ولينتبه إلى ما طلبته إسرائيل من مصر أخيراً بالسماح للجيش المصري للتواجد في مناطق كان محظوراً عليه التواجد فيها وفق اتفاقيات كامب ديفيد، وهذا التواجد(بناءً على طلب إسرائيل) ليس استعادة للسيادة، ولا صوناً للاستقلال والكرامة، بل لمراقبة الحدود المصرية الإسرائيلية مراقبة صارمة لتوفير الحماية والأمن للإسرائيليين!!
    العالم كله يتجه للوحدة، والعالم العربي والإسلامي المنكود يتجه لمزيد من الاحتراب والتجزئة!
    أوروبا تصوت للدستور الأوروبي، وهي التي يمزّقها تاريخ من الحروب والدماء، ويفصل بينها خنادق من العداء المستحكم تعقد فوق هذه الخنادق جسور الوحدة، والسياسيون في العالم العربي يهتفون للتجزئة، ويسعون إليها بأرجلهم وأيديهم وقلوبهم سعياً حثيثاً!!
    باسم الاستقلال يشربون أنخاب التجزئة!
    ونقول فليحي الوطن!

    ما زلتُ أبحثُ في وجوه النّاس عن بعضِ الرّجالْ

    عــن عصـبـةٍ يقـفـون في الأزَمَات كالشّــمِّ الجـبالْ

    فــإذا تكلّـمتِ الشــفـاهُ سـمـعْــتَ مــيـزانَ المـقــالْ

    وإذا تـحركـتِ الـرّجـالُ رأيــتَ أفــعــــالَ الـرّجــالْ

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •