Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2968

Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958
عشرون سؤالا في القصة القصيرة جداً

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: عشرون سؤالا في القصة القصيرة جداً

  1. #1
    أديب وناقد
    عضو القيادة الجماعية
    الصورة الرمزية مسلك ميمون
    تاريخ التسجيل
    27/08/2007
    المشاركات
    796
    معدل تقييم المستوى
    10

    افتراضي عشرون سؤالا في القصة القصيرة جداً


    عشرون سؤالا في الق الق جداً
    طرحت على الأستاذ د مسلك ميمون



    السلام عليكم أستاذي د مسلك ميمون إليكم الأسئلة المقدمة من أصدقاء صفحة.... :"المقهى الأدبي للقصة القصيرة جداً بمراكش " الأستاذ حسن قرى
    ==================================================

    (1) ــ ألا يخشى أن يتحول التنظير للققج إلى نمطية ترفض الإبداع، وثقافة الإختلاف، ولو داخل الجنس الأدبي الواحد؟ وهو ما يترتب عليه إقصاء كفاءات بدعوى عدم احترام خصائص الجنس الادبي؟

    ج ــ التنظير واجب و أساسي ، في كلّ عمل إبداعي، و ذلك درءاً لكلّ تسيب أو فوضى ، و لا يعني الحدّ من عملية الإبداع أو حصرها في نمطية معينة ، لأنّه ليس بالضرورة تقعيدا ، بل هو كعلامات الطريق، يوجه، و يحذر، و للمبدع كامل الحرية في إطار تلك التّوجيهات و التّحذيرات.. علماً أنّ التنظير لا يأتي من فراغ ، و ليس اسقاطاً ، أو ارتجالاً ... فالمنظر لفنّ ما ينطلق من جرد علميّ للمتون : مقارنة و تشبيها، و إحصاء و موازنة .. فينتهي به ذلك إلى تحديد عناصر الاشتراك ، و التّقاطع ، و التّباين و الاختلاف ... بل يهتــم بالعلاقــات الرّابطة بين القصة القصيرة جداً و النّكتة و الحكاية و النّادرة و الخبر و الشّعر، و قصيدة النّثر ، و التّشكيل و اللّقطة السينمائية و المشهد المسرحي ..و ضروب اللّغة و تشاكلها ، و الانزياح و المفارقة و القفلة ، و التناص والتّرميز و الادهاش ، و الايجاز و التّكثيف...فكلّ هذا و غيره وُجد في الق الق جداً ، فهل نغمط المُنظّر حقّه إذ استخلص ذلك و وضحه ، و ركّز عليه و بينه ، حتّى أصبحت الصّورة واضحة ، إذ ليس من الضّروري أن يكون النّص متضمناً لكلّ هذا و غيره ، بل النّص و ما يوظفه القاص كأداة من أدوات التّعبير و هو حرّ في ذلك، و ليس في هذا نمطية ، بل إبداع، و منافسة في بلورة الإبداع ، و فضلا عن ذلك الحفاظ على خصوصية الجنس الأدبي ، و عدم الوقوع في الفوضى ، كما حدث في الشّعر.

    (2) - في الققج، هل الأهم الإحتفاء بالفكرة، أم باللّغة والصّياغة؟

    ج ــ الق الق جداً كغيرها من فنون السّرد تعتمد اللّغة القصصية ، التي تختلف عن اللّغة المعيارية المباشرة ، و التي أساسها الحكي ، فلا قصّة بدون حكي . و ما دام الأمر كذلك ، فلا بدّ للنّص من فكرة/حدث/موضوع و لا بدّ لإيصال ذلك للمتلقي من لغة فنّية خاصّة . إنّما المعادلة الصّعبة التي يواجهها القاص، ألا يكون أحد أطراف المعادلة أقوى و أظهر لدرجة الهيمنة، بمعنى لا ينبغي للّغة و صياغتها أن تخفي الفكرة ، و لا أن تستحوذ الفكرة على النّص فتخفي الأثر اللّغوي، و هنا تظهر ملامح الاستفادة من علاقات التّقاطع بين الق الق جداّ و الفنـــون الأخرى ، و القاص البارع يدرك أن دوره فنّيّ و ليس إخباريا .. لهذا عنايته بالفكرة تكون في إطار التّلميح و على المتلقي أن يستشفّ من خلال المؤشرات Les indicateurs فكرة النّص أو تُمكنه الأدوات الإشارية من قراءة أو تأويلٍ ما ، و في ذلك متعة القراءة ..

    (3) ــ هل هناك من مواضيع محرم تناولها في الققج؟ وهل هناك أدبيا خطوطا حمراء في الإبداع ؟ أم يجب كسر كل شيء؟ لحد الكتابة في الجنس و الإلحاد وتمجيد التطرف والتباهي بالطغيان ؟ أم هناك حدود أخلاقية لذلك ؟

    ج ــ لا ، الق الق جداً ، تتسع لكلّ المواضيع و بدون استثناء ، و في ذلك روعتها ، إنّما يشترط احترام حجمها ، و خصائصها التّركيبة، و الأسلوبية ، فإذا كانت الرواية و القصة الطويلة تتسعان لأكثر من جيل، و تنوع في الأمكنة و الأزمنة و اختلاف الشّخصيات ، و تعـــــدّد القضايا .. فهذا أمر متاح في فضائهما الرّحب ، و لا غرو في ذلك . بينما الق الق جداً فهي تأخذ موضوعها في لمحة مقتنصة ، و لحظة عابرة ، و لغة مقتضبة ..و عموماً ليس هناك مواضيع تشكل (طابو) لا تعالجها الق الق جداً ..
    أمّا الخطوط الحمر في الإبداع ، فهي التي تستوجبها عقيدة، و ثقافة، و أخلاقيات المبدع .. يمكن أن يكتب في الجنس ، لا إشكال ، و لكن تبقى طريقة المعالجة، و أسلوب الكتابة هو الفارق و المميّز ، لقد ورد ذكر الجنس في القرآن الكريم في سورة يوسف ، و لكن طريقة ذكره ، و عرضه ، ليس فيها إباحية، و لا إثارة غرائز، وحشا لله أن يكون ذلك في كتابه الكريم . أمّا ( ..الإلحاد وتمجيد التّطرف والتّباهي بالطّغيان ) فإذا كان الأمر دعوة مباشرة ، فذاك من صبيانية الفكر ، و ضحالة الثّقافة ، و الجهالة الجهلاء .. و بالتالي لا يعتد به . فإن كان في إطار فنّي إبداعي يُناقش و يُردّ عليه ، و لقد ظهرت إبداعات في القصة و الرّواية ذات حمولة فكرية متطرفة و إلحادية..تعكس معتقدات أبطالها كالذي نجده في "أولاد حارتنا" لنجيب محفوظ ، و "وليمة أعشاب البحر " لحيدر حيدر ، و " وداعاً أيتها السّماء " لحامد عبد الصّمد...أمّا الأخلاق في الفن و الإبداع فالبعض يعتبرها قيداً ، و إجهاضاً و ممانعة ..و يدعو إلى الحرية المطلقة ، و أرى في ذلك الفوضى .إنّ العملية الإبداعية ، خاضعة برمتها لأخلاقيات المبدع ، فكتابته و مقدار تبنيه لأفكارها، تعكس أخلاقه ، و معتقداته...و كلّ ذلك رهين بالنّقد و النّقاش ..

    (4) ـ ماهي المعايير التي يجب بالضرورة تواجدها في النص الققجي ليكون ناجحا؟

    ج ــ قد يطول الكلام ، و لكن أنصح بالإطلاع علي ما كتبته في مقالة في هذا الشأن
    تحت عنوان : " مكونات الإبداع في القصة القصيرة جدا " ، لكم الرابط :
    http://www.wata.cc/forums/showthread.php?77383-

    (5) ــ ما علاقة الققج مع الشّعر، والنكتة، والطرفة، والحكمة ؟

    ج ــ هي علاقة استفادة، و تعايش، و تقاطع ، و الأجناس الأدبية لا تتمتع باستقلال ذاتي يغنيها عن غيرها ، فحالها حال الانسان ، لن يكون إنسانا إلا في وسط إنسانيّ يحقّق فيه ذاته و شخصيته
    فالمقومات، و المكونات..التي تشكل بنية القصّة القصيرة جداً نجد مماثلها في الشّعر كالصّور الاستعارية و الكنائية ، و اللّغة الشّعرية ،و الحمولة الغنائية ، و المفارقة ، فالشعر كان سبّاقاً لتوظيفها و الاحتفاء بها...أما مسألة (النكتة و الطرفة و الحكمة ..) فقد يحدث التقاطع و لكن على مستوى ما فيهم من روح الدّعابة، و السّخرية ، و الباروديا La parodie .. لكن الذي حدث ــ و هذا أعتبره سوء فهم ليس إلا ــ أن يعمد القاص لنكتة أو طرفة أو نادرة أو حكمة رائجة شفهياً ، أو موثقة كتابياً فينسج على منوالها ، فهو بذلك استنسخ ما هو موجود ليس إلا وذلك ليس اقتباساً و لا تناصاً ..


    (6) ــ هل الققج فرضها التّحول السّريع في التكنولوجيا والعلم والقيم والسلوك الإنساني؟ أم فرضها التطور الطبيعي للأدب العربي، بموازاة تطور الادب الغربي؟

    ج ــ كل ذلك صحيح سرعة العصر ، لم تعد تتيح للقارئ أن يقرأ عدّة صفحات كما كان في الزّمن الماضي ، بل أصبح في عجالة من أمره يريد ــ بضغط اجتماعي و مؤسساتي ـ أن ينهي أشياء كثيرة في وقت وجيز، و لهذا أصبح الميل كلّ الميل إلى كلّ ما هو موجز و مختصر .. و بخاصّة مع ظهور و سائل الاتصال و التّواصل ..و انتشار النّص التّرابطي Hypertexte و النّص الشبكي Cybertexte .. كما أنّ الأدب العربي نفسه كباقي الآداب الإنسانية تحول و تغير بفعل التأثير و التأثر ، و لم يَجد غضاضة في تبني الق الق جداً كنوع سردي ، لأنّ في تراثنا الأدبيّ العربيّ ما يشبهها إلى حدّ كبير.

    (7)ــ ماذا نعني بالفعلية في الققج ؟ هل نعني توالي الجمل الفعلية ، أم المتتاليات الفعلية ؟

    ج ــ الق الق جداً أو القصيرة حين تكثر أو تتوالى جملها الفعلية ، فهذا عمل مقصود من القاص يدل على أنّه يرغب في خلق ديناميكية و حركية في النّص ، على اعتبار أنّ الجملة الاسمية سكونية ، و تناسب كلّ وصف أو سرد هادئ ، علماّ أنّ اللّغة العربية تتميز عن غيرها من اللّغات الغربية/ الأوروبية بأنّ الفعل يسبق الفاعل و هذا ليس نقصاً لأنّ في العربية أيضا نجد الجملة الاسمية و ذلك "لتقسيم الكلام حسب مواضعه " على حدّ تعبير محمود عباس العقاد.و وجود الجملتين معاً يدل على غنى التّراكيب العربية ، فهناك فرق معنوي في قولك : " ليلى نجحت " و " نجحت ليلى" فالجملة الاسمية الأولى يؤتى بها إذا كنا ننتظر خبراً عن ليلى أو نجاحها . أمّا الجملة الفعلية الثانية فيؤتى بها إذا كنا ننتظرفقط من قام بالفعل أي : الفاعل سواء كانت ليلى أو فاطمة..إلخ ،وهذه ميزة ــ كما يقول العقاد ــ في اللّغة العربية .

    (8) ــ ما أهمية علامات التّرقيم في تأثيت نص الققج؟

    ج ــ علامات التّرقيم ضرورية في كلّ عملية كتابة.فما بالك إذا كان الأمر يتعلق بكتابة فنية ، تستوجب الاستفهام ، و التّعجب ،و الجمل القصيرة ، و الأقواس ، و الفواصل و النّقط ..
    و في اغلب ما أقرأ ، يستوقفني غياب علامات التّرقيم ، أو اللا مبالاة في وضعها فبدل الفاصلة يضع نقط الحذف ، بلا موجب لذلك ، و كأنّ هذه تعوض تلك . و بدل الفاصلة يضع النقطة أو العكس .. و هذا يدل عن جهل بوظائف علامات التّرقيم ، وقيمتها في تحديد معنى الكلام ، و المسألة ــ حسب رأيي ــ تعود لإهمال قديم يعود لأيّام الدّراسة ..

    (9) ــ مسألة الحجم في الققج ؟

    ج ــ لقد أشرنا إلى هذا في مقالنا السابق " مكونات الابداع في القصة الق الق جداً "
    فبالنسبة للحجم ، فهناك خلاف كبير.
    فحين أقرأ ما كتبته نتالي ساروت من قصص قصيرة جداً في كتابها( (انفعالات)،أجد القصة عندها طويلة نسبياً دون أن أقول : و رقة . و لكن حين أقرأ للقاص و الروائي الكبير ارنست همنغواي ،أجده قد كتب يوماً قصة قصيرة جداً في خمس كلمات و هي(للبيع، حذاء أطفال، غير مستهلك )، وأن بعض المواقع الأدبية أعلنت عن مسابقات للقصّة القصيرة جداً بشرط أن تكون كلماتها محصورة بين كلمتين إلى ثلاثمائة كلمة . بل و أجد رأياً آخر يحصر القصّة القصيرة جداً في ستين كلمة، و ينصح الكاتبَ لكي يحافظ على المجموع أو أقل بقليل ،ينبغي أن يضع ستين سطراً مرقماً على أساس أن يتضمن ـ أثناء الكتابة ـ كلّ سطر كلمة . و في هذا خلاف .....
    فالقصة القصيرة جداً إن جاءت في نصف صفحة.أو في فقرتين من ثلاثمائة كلمة، أو أقل كمائة كلمة ، أو ستين، و بدون شطط، و لا زيادة غير مرغوب فيها؛ فهذا جميل . و عموماً التّكثيف، و الإيجاز، و اللّغة الشّعرية.. كلّ ذلك لا يسمح بالاستطراد، و الشّطط،والإطناب . و من تمّ أجد مبدع القصّة القصيرة جداً؛ من المبدعين البلغاء . فهو إن لم يكن بليغاً و متمكناً من ضروب البلاغة،لا يمكنه أن يأتي بالحدث في إيجاز بليغ فنيّ ، و إن حاول ذلك مـراراً.

    (10) ــ هل هناك فرق بين التناص و اللإقتباس ؟ ومتى يكون عملا إبداعياً متميزاً ؟ ومتى يكون سرقة أدبية ممجوجة؟

    ج ــ لقد وضح مفهوم مصطلح التناص L intertextualité عام 1966 العالم الروسى " ميخائيل باختين " M.Bakhtine ولكنه ظهر بشكل أوضح على يد تلميذته "جوليا كريستيفا"، البلغارية، التي انطلقت من مفهوم الحوارية عند "باختين" كما اعتنى به نقاد غربيون مثل : رولان بارت، ومارك أنجينو، وليون سمفيل ، وجيرار جينيت وغيرهم...
    تقول "كريستيفا" بأنّ التناصية هي (أن يتشكل كلّ نص من قطعة موزاييك من الشّواهد، وكلّ نص هو امتصاص لنص آخر أو تحويل عنه) وقد اعتنت به مناهج متباينة : كسيميولوجية و بنيوية و الأسلوبية و التفكيكية . إنْ مفهوم التناص في النقد الحداثي الغربي يعني تلاقح النصوص .
    و من تمّ يصبح الاقتباس (الذي هو أخذ كلمات أو عبارات قرآنية مع التغيير فيها بما يناسب السياق دون قولك قال الله تعالى )، و كذلك التّضمين ( الذي هو أخذ كلمات أو آيات بنصها دون التغيير فيها ) و المعارضة ، و تداول المعاني و الإشارة .. ضمن التناص و كلّ ذلك يتوحد في إطار نص جديد هو تركيبة متجانسة. تشكل الفكر الأصلى، وفكر النص المنسوخ منه و قد ربط د عبد المالك مرتاض بين التناص و ما يعرف في النقد العربي القديم بالسرقات، كما ربط د عبدالله التطاوي في بحثه "المعارضات الشّعرية ... أنماط وتجارب"، ربطاً متواشجاً بين المعارضات الشّعرية والتّناص. و يجمع د محمد مفتاح بين مفهومي السّرقات و المعارضات و التّناص..
    و التناص يكون عملا إبداعياً و متميزاً ، حين ينسجم ونص الاستقبال فيتماهى و أفكاره في شكل وحدة نصية متكاملة ، و في غير هذا يكون جسما دخيلا يفقد النص وحدته و انسجامه و تناسقه .

    (11) ــ متى يكون التكرار في نص الققج محمودا ومرغوبا ؟ ومتى يكون إضعافا للنص ؟

    ج ــ التّكرار، لا يجوز في الق الق جداً ، إذ لا يعقل ، أن نكتب نصاً في غاية الإيجاز و الاضمار و الحدف .. و نسمح بتكرار المعنى، أو اللّفظ، و لربّما الجملة ... إلا في حالة إذاما كانت فكرة النص تتطلب ذلك . كما يستحسن في هذا الاطار تجنب التّرادف، و الجمل التّفسيرية ، و الاعتراضية ، و الاستدراكية ، و الحشو .

    (12) - هل في الأفق المنظور، مستقبل للققج ؟ أم ستنحسر موجتها من كم الاستسهال الذي أصيبت به؟

    ج ــ لما أجد نقاداً ، و روائيين، و قاصين، و شعراء، و مسرحيين و رسامين تشكيليين ، و مهندسين و أطباء .. تعاطوا كتابة الق الق جداً . أقول: إنّ هذه الغواية ليست بالأمر السّهل ، و الغريب أنّ كلّ من اقترب منها ، و اطلع عليها .. إلا وسقط في هواها حيث لا يستطيع منها فكاكا ..فهذا يمنحني انطباعاً أنّها من فنون الحاضر، و المستقبل ، في مجال السّرديات..
    أما مسألة الاستسهال ، فهي حقيقة دامغة ، لا يمكن غضّ الطرف عنها. فكثير ممن استهوتهم استسهلوها ،فكتبوا ، و وجدوا من يغرقهم في الثّناء، و الرّياء، و المجاملة .. و بخاصّة في المنتديات الالكترونية ، و في غياب الّنقد و التّوجيه .. اعتقد كلّ من دبج جملتين ثلاثــة قـد أصبح قاصا ُ...فبادر ــ دون استشارة ــ إلى جمع ذاك الرّكام المتهافت، في مجموعة ورقية . يعتقد المبتدئ أنّها فعلا مجموعة قصصية . و هي لا تساوي في ميزان القصّة شيئاً يذكـــــــر ..فأغلب ما ينشر مجرد نصوص نثرية ، في أحسن هي أقرب إلى الخاطرة أو الشذرة أو النكتة ... و أبعد ما تكون من الق الق جداً. لأنّ الذين تجشموا الكتابة ، لم يقرؤوا نصوص الق الق جداً ، و لم يحفلوا بدراسة مكوناتها الأساسية، و لم يعرضوا نتاجهم على ذوي الاختصاص و النّقد ، و كأنّي بهم عملوا بالنّصيحة الرّائجة خطأ : "ارم بنفسك بين الأمواج ستتعلم السّباحة " ، فلا هم تعلموا السّباحة ، و لا هم نجوا بأنفسهم...

    (13) ـ هل كاتب الققج النّاجح، يجب أن يكون قد تمرس طويلا بألوان الكتابات السّردية، قبل التّصدي للقصيرة جدا، أم أن المبتدئ هو من يتميز فيها ؟

    ج ــ هذا الفن الجميل يبرع فيه من كان قاصاً أو كاتباً سردياً ، و لنا المثل في ذلك بنجيب محفوظ ،و هو الروائي الشّامخ ، فحين كتب الق الق جداً أواخر حياته جاء بنصوص جيدة و رائقة، و كذلك يوسف إدريس المسرحي و القاص .. فليس من خَبِرَ السّرد و ضروبه كمــن يتعاطاه لأوّل مرّة ، و مع أصعب نوع سردي : الق اتلق جداً .
    و لكن لنا شواهد يمكن الوقوف عندها هناك أطباء و مهندسون .. أوّل ما كتبوا كتبوا الق الق جداً، و برعوا فيها مثل د شريف عابدين و د محمد فؤاد منصور و د كرم زعرور .. و لكن تفوقهم لم يكن عبثاً أو عفواً فكلهم كانوا و مازالوا للدرس و التفحص و مواظبة قراءة النصوص ،و تأمّل ما يكتب عنها من نقد و تعليق فاستفادوا و كان لهم نتاج مشرف ..
    إذا المسألة في الدّراسة و التّمحيص ، و الاستماع الجيّد لنبضات النّقد ، و من لا يؤمن بالنّقد فليكتب لنفسه، و ينسى ما كتب ، لأنّ ما كتبه لا يستحق قراءة الآخــر ..

    (14) ــ ما أهمية السرد في الققج؟

    ج ــ و هل نستطيع أن نتخيل قصة بدون سرد ؟
    فعن طريق السرد يتضح الحدث، كيف بدأ ، و تبلور و تشكل و كيف أصبح عقدة /حبكة و كيف بدأت مؤشراته الدلالية تلمّح بالحل ، أو تساعد على التّأمل و التّأويل ، أو فتح مجال القراءات المتعددة ...كما تتضح الشخصيات بغرائزها و نزواتها و رغباتها و علاقاتها و سلوكاتها ،و آمالها ، و إحباطها ، و نجاحاتها ... و تعاملها مع الحدث سلبا أو إيجاباً.. فمن لا يملك السرد لا يملك القدرة على الكتابة Le pouvoir d’écrire .


    (15) ــ هل لابدّ من توفر حكاية في الققج ؟

    ج ــ ما دامت القصّة لا غناء لها عن السّرد ـ كما رأينا ــ فالسّرد لن يكون إلا من أجل حكاية ما .فعدم وجود حكاية ،ينعدم الحكي ،و تغيب السّردية ..و يصبح المكتوب مجرد كلام أبعد ما يكون عن الحكاية..و من تمّ كثير من النّصوص قد تكون أي شيء و لكن ليست قصة. كالذي يأتي بحكمة، أو نادرة، أو مثال ، أو شذرة ...فكل هذه الأشياء لها قيمتها في مجالها الخاص ، و لكن لا يمكن في غياب مقومات الحكي و الحكاية اعتبارها ق ق جداً .

    (16) ــ هل تساند من يتوجه لكتابة الققج باللّغة العامية ؟ كما كُتبت القصة القصيرة ، وكذا الرواية ؟

    ج ــ إن الق الق جداً تكتب بجميع اللّغات ، و ليست قاصرة على لغة دون باقي اللّغات ، و من باب التّسامح أقول:قد تكتب بالعامية ، و قد كتبت فعلا ، كما كتبت ببعض اللهجات الاقليمية ..
    و لكن ما الفائدة ؟ أنْ تصبحَ نَصّ المجال الضّيق . و اللّغة العربية أرحب و أوسع ..قد يكتب النص في المغرب و يقرأه من في قرية من قرى اليمن ، فلماذا الخوض في إناء ماء ضحل والخوض الحقيقي لا يكون إلا في بحر بامتداده و اتساعه ...وعموماً كلّ الكتابات بالعامية لم يكتب لها النّجاح في مجال القراءة ، فالمسرح بالعامية ينتهي بإسدال الستارة ، و الزّجـــل و الملحون ينتهي بانتهاء الالقاء أو الإنشاد رغم ما فيه من فنية و إبداع.. أمّا القصة و الرواية بالعامية ، فلا نجد لهما ذكر يذكر، رغم طباعة بعض المحاولات، في إطار مغامرة جريئة. لم تحسب عواقبها ، و لم تحدد أهدافها ...

    (17) ــ هل كلّ ما ينشر ورقياً من مجموعات قصصية، يستجيب للمعايير المطلوب توفرها في الق الق جداً ؟

    ج ــ كمهتم، و متتبع لهذا الفن منذ أواخرالسّبعينات و إلى الآن ،أقول : إنّ جلّ ما ينشر ورقياً لا صلة له بالق الق جداً ، الكثير اسْتسهل هذا الفن ، و يكتب عن غير بصيرة و لا هدى... و قد اغترّ جمع غفير بالحجم القصير ، و التشجيع اللا مسؤول . إنني لأقرأ المجموعة الورقية تتكون من ثمانين نصا أو ما يفوق ذلك .. ولا أجد إلا أقلّ من عشرين ما يستحق القراءة ، و أقل من عشرة ما يستحق الاستحسان ، و أقل من خمسة ما يستحق الإعجاب.
    و المسألة مادية، فكلّ من يملك القدرة و الاستطاعة المالية، يفرض مجموعته الورقية بالقوة ، فلو كانت هناك لجنة قراءة نقدية، لتوقف هذا الغثاء و السّيل العرم ، لأنّ الكلّ يصبح مطالبا بإعادة النظر فيما كتب . و تصبح الجودة هي الأساس ..و لكن غياب النّقد النّزيه ، و تفشي تعليقات المجاملة و المحاباة ، و الضّحك على الذقون... كلّ ذلك شجع ( اللا قصّة ) على الظّهور ، و الانتشار .. و لكن أومن أنّ البقاء للأصلح .

    (18) ــ هل جلبت الققج قراء جدداً، ومهتمين جدداً، أم أنّ المبدعين فقط من يقرؤون لبعضهم؟

    ج ــ الق الق جداً، كفن جديد مبهر جذبت قراء جدداً، من باب التّعرّف و فضول المعرفة . أمّا المبدعين ــ و هذا من الغرائب ــ فهم أقلّ قراءة لبعضهم البعض . علماً أنّ القاص ( لغلبه و قلّة حيلته ) يوزع مجموعته مجّاناَ في الملتقيات ،و أمله ، و مناه.. أن ( يغلط ) أحدهم فيقرأ مجموعته ، و ربّما يتكرم و يكتب شيئاً عنها .. فلا هذا و لا ذاك ، يأخذ المجموعة مجاناً ، و لا يقرأها ، و إن تسامح و تكرّم سيتصفحها ليتحدث عنها ، و ليت شعري كيف يتحدث عن ما لم يقرأه قراءة جادّة ؟ !

    (19) ــ هل تصلحُ الققج لأن تدرج ضمن المقرّرات الدّراسية في الابتدائي والإعدادي وكذا الثانوي التأهيلي من أجل إنشاء جيل يكتب و يقرأ؟

    ج ــ بعض أنواع الق الق جداً تصلح للإعداد ، لأنّ بعض القاصين يكتبون بأسلوب بسيط ، و ذاك دأبهم ، و اهتمامهم ، ما يعرف بالسّهل الممتنع ، فهذه النصوص أقرب إلى إدراك تلاميــذ الاعدادي ..
    أمّا النّوع الثاني، و هو الذي يعتمد التّرميز، و الأسطورة، و الحذف، و التّضمين ،و الكناية و الاستعارة ، و التكثيف اللّغوي .. فهو أنسب أن يدرّس في الثانوي و الجامعي ، بحكم أن الطلبة يكونون قد امتلكوا رصيداً معرفياً،و بخاصّة في مجال البلاغة ، و التّحليل السّردي ..
    أمّا الابتدائي فلا يجوز لنص وضع للكبار بلغة تعمد إلى الايجاز و الرّمز ، أن يدرس لأطفال هم في حاجة للتّخلص من هفواتهم الإملائية، و الصّرفية ، و النّحوية ، و اللّغوية .. و عموماً أنسب إليهم ،" أدب الأطفال " لذي يراعي فئاتهم العمرية . و هو ما نكاد نفتقده ، و إن كان اللبنة الأولى في إعداد أديب الغد ، و قاص المستقبل .

    (20) ــ ما نظرتكم للمهراجانات التي تقام على شرف الققج عبر ربوع مدن المغرب؟ هل تساهم في تطوير الققج ؟ أم تغيب عن هذه المهرجانات وتحضر أشياء أخرى؟

    ج ــ و لو أنني استجيب ، و أحضر بعض هذه المهرجانات الخاصّة بالقصّة القصيرة جداً داخل و خارج المغرب ، تلبية لدعوات كريمة من منظمين أكنّ لهم كامل الاحترام و التّقدير ..غير أنني غير راضٍ عن ذلك. لأنّ ما ألاحظه في هذه المهرجانات لا يخدم القصّة القصيرة جداً، و لا يفيد القاص في شيء . و ما نريده هو أن تصبح هذه المهرجانات ملتقيات للدّراسة و البحث، و إعداد التوصيات العملية البنــاءة ، القابلة للتطبيق .. بعيداً عن جو الفرجـــة ، و الاحتفالية الفلكلورية ، و القراءة و سط الضّجيج ، و بكاء الأطفال الصّغار، و اللّغط ...
    القصّة القصيرة جداً لها جمهورها الخاص ، و الخاص جداً ، فلا يستدعى كلّ منْ هبّ ودب ، فتملأ القاعة بالمهتم ،و غير المهتم ، في جو يطغى عليه التّشرذم و الفوضى .. و الكلام في كلّ شيء و لا شيء ...
    كنت دائماً أصبو إلى مهرجان يحضره ( المَهمومون) و المهتمون بهذا الفن الجميل ، لا من أجل قراءة نصوصهم فحسب ،و لكن ليتداولوه فيما بينهم ، في شكل ورشات علمية تطبيقية ، و عروض مركزة معرفية ، و ندوات و نقاشات ..
    كلّ ما استفدته من المهرجانات أنني ألتقي بوجوه طالما اشتقت لرؤيتها ، و أنْ أعود إلى بيتي بمجموعات ، و كتب أقتنيها من معرض المهرجان ليس إلا ...
    أعتقد أن على منظمي المهرجانات أن يعيدوا النظر في منهجية و فلسفة المهرجان، ليس في المغرب فحسب ، و لكن في كل أقطار الوطن العربي .

    د مسلك ميمون

    [align=center]http://www.hor3en.com/vb/images/smilies/004111.gif[/align]

  2. #2
    طبيب، أديب وشاعر
    تاريخ التسجيل
    08/07/2010
    المشاركات
    14,211
    معدل تقييم المستوى
    28

    افتراضي رد: عشرون سؤالا في القصة القصيرة جداً

    .. قرأتُ هنا ، وعلى عجل ٍ ، وانتشَيتُ ،

    وأردتُ أن أحيّيكَ ، أستاذنا الكبير د. مسلك ،

    وسيكونُ لي عوداتٌ للقراءّة ِالمُتأنِّية ِ .

    تحياتي واحترامي .


  3. #3
    أديب وناقد
    عضو القيادة الجماعية
    الصورة الرمزية مسلك ميمون
    تاريخ التسجيل
    27/08/2007
    المشاركات
    796
    معدل تقييم المستوى
    10

    افتراضي رد: عشرون سؤالا في القصة القصيرة جداً

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كرم زعرور مشاهدة المشاركة
    .. قرأتُ هنا ، وعلى عجل ٍ ، وانتشَيتُ ،

    وأردتُ أن أحيّيكَ ، أستاذنا الكبير د. مسلك ،

    وسيكونُ لي عوداتٌ للقراءّة ِالمُتأنِّية ِ .

    تحياتي واحترامي .
    العزيز د كرم زعرور
    السلام عليكم

    يسعدني مرورك و اطلاعك ،
    هذه أسئلة حاصرني بها أعضاء :" المقهى الأدبي للقصة القصيرة جدا في مراكش ، "
    خلال دعوة كريمة وجهوها إلي .. فأبيت إلا أن تكون الاستفادة عامّة ...و بخاصة لأعضائنا في ( واتا )
    دمت للوفاء و دمت مهتماً و مبدعاً ...

    تحياتي/ مسلك

    [align=center]http://www.hor3en.com/vb/images/smilies/004111.gif[/align]

  4. #4
    أديب وكاتب الصورة الرمزية سعيد نويضي
    تاريخ التسجيل
    09/05/2007
    العمر
    68
    المشاركات
    6,488
    معدل تقييم المستوى
    23

    افتراضي رد: عشرون سؤالا في القصة القصيرة جداً

    بسم االله و الحمد لله و سلام الله على الدكتور الأديب الفاضل مسلك ميمون...

    هو تنظير غني بالمفاهيم شكلا و مضمونا أتحفتنا به دكتورنا الفاضل لنستضيء به أكثر في دروب القراءة و الكتابة على السواء...
    هي أسئلة رائعة و أجوبة أروع...

    فجزاك الله عنا كل خير و متعك الله بالصحة و العافية...

    تحيتي و تقديري المتواصل...

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    {فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى }الأعلى9
    افتح هديّتك و أنت تصلّي على محمّد رسول الله
    http://www.ashefaa.com/islam/01.swf

    جزى الله الأخ الكريم خير الجزاء على هذا التذكير.
    اللهم صل على محمد و على آل محمد كما صليت على إبراهيم و على آل إبراهيم و بارك على محمد و على آل محمد كما باركت على إبراهيم و على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •