أما بعد،
فعسى إذْ خرجتم تَبغون الفتنة أن تستنهضوا الهممَ، فلا تلقَون إلا رجالا مُقبلين غير مُدبرين، يُدعَون فيجيبون. أحدُّ عزما، وأعلى هِمما، وخيرٌ مددا، وأعزُّ نفرا. يَفِدون عليكم من كل ثغر، ويأتونكم من كل قفر، فيكون يومٌ له ما بعده. فانْأَ بنفسك عما لا تُحسنه! وألجِمْ عصائبَ الشرّ! فلقد عرفنا أن الخيانة دينكم، والنذالة دَيْدنكم. تُفتون بكفّ اليدِ عن العلوج وتألّبون على المؤمنين! ولقد شهدتْ بغدادُ فتوى الخسّة حين وجبَ الجهاد، والنزَقَ حيث وجبَ التروّي وإصلاحُ ذات البين. ألا بئس الفقهُ فقهكم!
اعلم أيها الأخرقُ أن الرِّفق يُمْن والخُرْق شُؤم، وإن الذي تُظاهِرون لَهُو العدُوّ المبين. ولا تزالون تُناصرون المالكي رأسَ الفتنة حتى يُرديكم المهالك. ولقد كان حريّا بكم أن تضربوا على يده ليُحقّ الحق ويُبطل الباطل. كان حقا عليكم أن تُلزموه العدلَ الذي هو أساس المُلك. أما وقد رضيتُم باطلَه، وحميتُم ظهرَه، ومالأتُم على منكَره، ثم نفرتُم نفرَكم، وأعددتُم عُدّتكم، فتحسّسوا مصارِعَكم، وعُدّوا قتلاكم! فأنّى لأهل التّطبير والمتعة أن يُجاروا الأشاوس؟ وأنّى لأهل المناحات أن يصدّوا القدَر؟
والسلام على من اتبع الهدى
17 شعبان 1435 ه