أما بعد،
فلا يَغررك أنْ آلتِ الأمور إليك فإن الأيام دُوَل. وما كنتَ تُنازل غيرَ أفواهٍ صارخة وأكفٍّ ضارعة. وما كنت تُردي غيرَ عَبْرى وذات كبِدٍ حرّى، وأرملةٍ وثكلى، ولطيم ويتيم. وانظرْ أيّ الناس قتلتَ في رابعة! وانظر الفسادَ الذي عَثوت! فكأنك تُثخن الأعداء، تقربا إلى ربّ السماء. هذا والقومُ سلاحهم قرآن ودعاء، وأدرعُهم هَتْف ورجاء، ورصاصُهم صلاة وصيام، وصَوارمُهم ذِكر وقيام. وما كانت ساحاتِ وغى وإنما هي أسواق وزُقاق، وبيوت ومَحاجّ. ولا يناجزُ الفارسُ النبيل إلا الشّاكَّ الكَمِيّ.
لا يَسُرّنّك أيها الخَبُّ الحقير أن صارت مقاليدُ الأمور بيدك، كيف وقد أخذتَها عَنوة وغصبا؟ لا والله ما كانت شورى ولا بيعة وإنما غَلبةً وقهرا، وإذلالا وقسرا. كيف وقد جاءت على دماء أُهدِرت، ورؤوس أُندِرت؟ حدّثتَ فكذبت، ووعَدتَ فأخلفت، وخاصمتَ ففجَرت، وللناس عندك وَتْر لا دِيةَ له إلا رأسك، وعند الله القصاص الحق. لا يَغرّنّك أنْ ألفيتَ من بعض الأعرابِ عونا ومددا، فستُنفق ما قبضتْ يداك ثم يكون عليك حسرات. لا يغرّنّك أن وجدتَ ممن باعوا دينهم بعَرض من الدنيا سندا، فلتَحمِلنَّ أوزارَك وأوزار من نصرَك.
أخطأَتْكَ الشهامةُ أنْ قتلتَ الأعزلَ والحاسِر، ألا وإن الصّائل يُدفع. فعسى الله أن يأتيَك برجال ذوي بأس شديد، ولا يفلّ الحديد إلا الحديد.
والسلام على من اتبع الهدى
22 شعبان 1435 ه