الضغوط الخارجية وسكوت الرموز عن المواقف الوطنية
صفاء عبد الرزاق

رد الجميل خلق كريم يحكي عن نبل النفوس وطيبها ونقاء القلوب وصفائها. وإنكاره يدل على أفن في الطبائع ولؤم في الأصول، وأنّ التعامل مع الآخر بالحسنى يفرض على المقابل إكبار المعروف من أهله واحترام ذويه، والذبِّ عنهم إذا أضيروا.
بعد الأحداث الأخيرة في العراق وخروج الموصل عن سيطرة الحكومة وصدور فتوى السيد السيستاني أصدر أحد رموز ومراجع السنة (الشيخ عبد الملك السعدي) بيانا اتهم فيه كل مراجع الشيعة بالإفتاء ضد أهل السنة وعدم المطالبة بحقوق أهل السنة، وبعد تعرضه للمعاتبة والاعتراض من قبل بعض أتباع السيد الصرخي الحسني رد الشيخ قائلا: "أخي الكريم نحن نعلم موقف السيد الصرخي ونثمن له هذه المواقف ونحترمها.. ولكن البيان صدر بحق المراجع الذين أفتوا بالجهاد ضد الثوار المجاهدين لرفع الظلم والطغيان عن جميع الشعب.. والعموم في البيان هو عموم العهد أي أل التعريف فيها هي أل العهد، أي العهد الذهني، والعهد الذهني للذين أفتوا بذلك والسيد الصرخي غير مشمول لأنه لم يفتِ بذلك ونعلم أنه لا يقبل بذلك ويرفضه.
وبصراحة فإن هذا التبرير من قبل السعدي لاستثناء السيد الصرخي من بيانه الذي اتهم فيه مراجع الشيعة بالإفتاء ضد أهل السنة مرفوض ومردود لأن عموم الناس فهمت أن الصرخي مشمول بالبيان وكم من الناس ذبحت على أساس أن الشيعة ومراجعها يقولون بهذا الشيء، وكم من الحقد تأصل وظهر عند ناس وذبحوا من الأبرياء ومن العوائل ومن الأطفال ومن المستضعفين من الشيعة على هذا الأساس؟! ولا أدري هل نعتبر هذه طائفية سلوكية عملية متأصلة عند المقابل؟!
ولكن يمكننا التبرير للآخرين وإعطائهم العذر فلا نقول إن الطائفية متأصلة في ذاتهم وفي سلوكهم، فكما نحن عشنا الغربة والبعد التشريد والتطريد ومذكرات الاعتقال التي لاحقتنا، نحن نقول ساعدهم الله فالحكومة لم تأخذ بالنصيحة ولم تتحاور معهم (ليس الآن) ولم تفتح الباب لهم ولم تترك الناس تعبر عما في أنفسها فارتمى العالم الفلاني والشيخ الفلاني في أحضان هذه المخابرات أو تلك وفي أحضان هذه الدولة أو تلك. ماذا يفعل وأين يذهب هل يأتي إلى المقصلة إلى الحكومة فتفتك به وبأهله وبعائلته وبعشيرته وبطائفته؟! إذن هو ذهب هناك وتوجد أجهزة مخابرات تضغط عليه.
ولكن السؤال الذي يلح كثيرا لماذا الرموز السنية والقادة لا تحكي ولا تذكر المواقف الوطنية والإنسانية النبيلة للسيد الصرخي وأتباعه؟! فعلى الأقل من باب الوفاء ورد الجميل لمواقفهم حيث وقفوا مع أهل السنة في البصرة وفي بغداد وفي أي منطقة سنية عندما حصلت الأحداث الطائفية عام 2006م وحافظوا بقدر ما يستطيعون على أموالهم وعيالهم وممتلكاتهم وحتى أن الأعزاء السنة يعلمون ويعرفون هذا ولكن لماذا الرموز لا تحكي؟ لماذا الرموز تخرس؟ لماذا الألسن تقطع؟
وكتبرير يمكننا القول أن السبب وراء ذلك هو وجود ضغط عليهم فلا يوجد تبرير غير هذا، فإما يكون هو إنسان حاقد إلى مستوى القمة في الحقد والطائفية والمذهبية والأنا وإما هو مضغوط عليه فنحن حتى نبرر له نقول هو مضغوط عليه فلا يصرح بهذا الأمر. ولهذا المعنى أشار السيد الصرخي الحسني في محاضرته الأصولية الثامنة عشر: