كل الألة الصهيونية (المُهاجمة) - سلاح الجو والمدفعية وسلاج البحر-، وأنظمة القبة الحديدية (الحامية والمدافعة)، لم تشفع لإسرائيل في رد اعتبارها، ولم تعطي قدراً من أهدافها، ولم تحُل دون تحقيق المقاومة لإنجازات مهمّة، تُسَجّل لها كانتصارات باهرة، عجزت جيوش مختلفة عن تحقيقها، نسبةً إلى مواجهتها العدوان الأشرس، على بقعة صغيرة ومكشوفة لا تكاد تملكها المقاومة بسهولة، سيما وأنه ليس هناك من واقٍ ولا ساتر يمكن ذكره.
إن وضع وإضافة أنحاء حيويّة في إسرائيل كانت بعيدة أو في مأمن، تحت قوة النار الصاروخية القوية والدقيقة التي تميزت بها المقاومة، جعلت إسرائيل تضع يدها على قلبهاـ ليس من الصواريخ ذاتها، أو من حجم الأضرار المختلفة التي تُحدثها، ولكن من حجم التطور الهائل الذي طرأ عليها، والذي مثّل قدرات قتالية مضافة لدى المقاومة بعمومها، وفي مدة وجيزة وخلال الظروف القاسية من الضيق والمراقبة، تضاهي المدّة ذاتها التي تتقدم خلالها الدول.
كما أن التحول إلى اختيار إشعال حرب شُجاعة، فيما وراء خطوط العدو وتنفيذ مهمّات قتالية بمختلف الأسلحة وإيقاع إصابات مؤلمة، والقدرة على جلب جنود – والتي أفرغت سروراً بالغاً لدى الفلسطينيين والعرب بشكلٍ عام- والعودة إلى القواعد بسلام، كان لها الأثر الكبير في بعثرة الجهد العدواني الصهيوني، وشل حركته.
ثمّ إن العقيدة القتالية لدى المقاومة، باتجاه المواجهة على مبدأ الموت أو الانتصار، عملت بلا ريب على إلغاء ميزة التقدّم بسلاسة إلى داخل حدود القطاع، وقد رأينا الكثير من الوقت، قد مرّ منذ إعلان الحرب البرّية، وهي لم تحصل إلى حد الآن كما تم التخطيط لها تماماً، وحتى في حالة تقدمها، فقد كانت نتيجةً لجر المقاومة لها، لإيقاعها في كمائن مُعدة مسبقاً، وفي استقبالها أسلحة متطورة وطرق ومبانٍ مفخخة، باتت إسرائيل بسببها، غير قادرة على إخفاء خسائرها سواء في المعدات أو الأرواح وهي بالضرورة أعظم.
الحكومة الاسرائيلية بعد ورطتها في إعلان الحرب، كونها لم تحقق هدفاً واحداً منذ بدايتها وإلى الآن، فهي في ورطة أدهى وأكبر، بسبب أن ليس لديها خطة للخروج من هذا المأزق الذي دحرجت نفسها بأسفله، سيما بعد فشل المبادرة المصرية، وقد كانت تعلق الآمال الكبار عليها في وقف الحرب وتثبيت تهدئة ما، بعد رفض حماس لها بالكليّة، حيث كانت إسرائيل تأمل بموافقة حماس سريعاً، إن لم تكن رغبةً في درءِ حدوث خسائر إضافية أو خشيةً من هزيمة تلحق بها، أو مخافة من الجانب المصري الذي لا يروقه مشاهدة كيان اسمه حماس قريباً من حدوده، لكنها تفاجأت بأن رفضتها وبكل قوّة ومن دون حساب لأحد، إلاّ من خلال تلبية شروطها، وعلى رأسها فسخ الحصار.
نعم أخي الكريم إسرائيل في ورطة وهي بحاجة إلى من يخرجها من ورطتها قبل أن تتورط أكثر فأكثر إذا اضطرت أن تتعمق وتدخل مناطق أخرى فينكشف ظهرها وتبدأ جهنم تلوح لقطعات جيشها .. ما كانت إسرائيل لتجرؤ على ما قامت به لولا أنظمة الضرار التي تحرس حدود إسرائيل مع شعوب تلتهب كالجمر وهذا من أشد ما يمكن أن ينجم عن مغامرة إسرائيل وجرائمها التي ارتكبتها بحق الأطفال والنساء والناس الآمنين لتزداد عزلة هي والحكام الذين يتحالفون معها ضد المنطقة وأهلها ويسهرون على حماية يهود .. المنطقة تلتهب وحمق إسرائيل وغطرستها أغرقاها في أوحال ليس عسكرية فقط بل سياسية فضلا عن موجة العداء التي ستجدد لها في المنطقة وتزداد النقمة على حلفائها الذين تطلق عليهم "كنوزا استراتيجية" من المخلصين لها ..