تاريخ آل شعيب
بحث توثيقي
بقلم: وضحة سعيد شعيب / كاتبة لبنانية من بلاد بعلبك.

شعيب, هو إسم عربي قديم ومشهور, من الأسماء الشّائعة بين الكّلّ, الّتي يُكنّى بها الذّكور عند الغالبيّة أو الجميع.
وهو إمّا تصغير لكلمة "شُعب" وهو الطّريق في الجبل أو السّهل أو الأرض الوعرة, أو مُصغّر كلمة "شعب" وبما يعني القبيلة العظيمة أو العائلة الكثيرة العدد والصّدع, أو ترخيم لكلمة "أشعب".
سمّى العرب يه أولادهم الذّكور عبر حقب التّاريخ, وممّن سمّي به شعيب بن ربيع بن مسعود العلمي, وشعيب التّلمساني الأندلسي, وشعيب بن سهل القاضي. وسماحة شيخ الإسلام بمصر والشام والمغرب الإمام طلحة بن مدين بن شعيب التلمساني, المتوفى بمصر المحروسة سنة 631 من الهجرة النبوية المباركة. ويتّصل نسبه بأهل البيت عليهم السّلام. وهو العارف بالله والقطب النبوي الشريف شيخ الإسلام طلحة أبا سعيد التلمساني خادم السنة المحمدية والأسرار الهاشمية والمتصل نسبة الشريف إلى الإمام أبا عبد الله الحسين سبط رسول الله صلى الله علية وآله وسلم وإبن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهة ورضى الله عنه...

وهو في التّاريخ المُوثّق, إسم نبي جاء ذكره في التّنزيل القرآني, وله عدّة مزارات في لبنان (نيحا الشّوف) وفلسطين...
وهو إسم عدّة قبائل من العرب في اليمن وقلب الجزيرة العربيّة والعراق والشّام ومصر وشمالي أفريقيا.
وهذا اللقب هو اسم لمجموعة من قبائل عبيده وهم: ال سليمان الحرقان و ال سلمان الحرقان وال علي وال زيدان ... وقد اطلق هذا اللقب مجموعة من هذه القبائل المذكوره والتي استوطنت القعم في منطقه يقال لها ( العقده ) بوادي يعوض. وقد استمد هذا الإسم او اشتق من كلمات محليه ( اشعبني وأشعبك ) اي انفعني وانفعك وقرروا ان تكون دعواهم دعوى بني شعيب الا ان هذه الدعوى عمت تلك القبائل لاحقا. وقاطني العقده بني شعيب هم كل من آل سليمان الحرقان: وتضم ال سعران و ال حجراف و ال زاهر و ال مهمل و بن عتمه... أمّا آل سلمان الحرقان فتضم ال خلبان و ال سمير ومنهم بن شاره وبن سلطان... وأمّا ال علي فتضمّ و منهم إبن ساره وابو حاوي وبن دلقم... وآل زيدان فتضم ال سمره و ال دبيس و ال سره...
وبني شعيب في ولاية تيسمسيلت بالجزائر هم تاريــــخ طويل وثــــورة تطــور وتنميــة. وهم إمتداد لعرش بني شعيب نسبة إلى شعيب الأب الأول لأولى القبائل التي تأسست بهذه المنطقة في حدود القـرن الثالث عشر ميلادي والمعروفة حاليا بفرقة بـني دزولي نسبة إلى أحد أبنائه المستقرين هنا بالمنطقة حتى الآن ، وبعد تأسيس العرش قدمت إلى المنطقة عدة قبائل وعشائر من جهات مختلفة من الوطن مكونة بذلك 10 دواوير حاليا.
وقد تميزت العلاقة بالتجانس بين أفراد العائلات الأصلية والعائلات النازحة بما يسمى (المرابطين) الذين كانوا يتمتعون باحترام وتقدير الأخرين مما أكسبهم نفوذا في أوساط قبائل العرش.
ولقد شارك بالجزائر في المقاومة ضد الإستعمار الفرنسي عدة مواطنين من المنطقة احتضنوا ثـورة الأمير عبدالقادر الجزائري الذي إستقـر لبعض الوقت بالمنطقة وأقام عيادة بمنطقة البوازرية مازالت أثارهـا ماثلة لحد الآن لمداواة الجنود الجرحى المصابين في المعارك ،كما إنخرط في الحركة الوطنية ضد الإستعـمار الفرنسي عدة مواطنين من المنطقة إنخرطوا في حزب الشعب الجزائري نذكـر منهم : بعلى عبد القادر المدعو البوعبدلي ـ شنـــة عبدالقادر ـ الإخوة بابو ـ عبور غالم وغيرهم..........
ولقد ثار سكان عرش بني شعيب خلال حرب التحرير ضد الإستعمار الفرنسي وكانت مجمل دواوير ومناطق بني شعيب محررة من الوجود الإستعماري، إذا لم يستطع المستعمر إقامة أي مركز عسكري (محتشد) بكامل تراب بني شعيب التي إعتبرت منطقة محرمة على الإستعمار، ومن أهم المعـارك التي قادها مجاهدو ثورة التحرير ضد الإستعمـاربالمنطقة معركة بوعظم ـ معركة الصمك ـ معركة الكساس ـ معركة أولاد بوضياف ـ معركة مزيدة ـ معركة القلعة ـ معركة عراق ـ معركـة الدومية ـ معركة النحاحلة. كما أن أكبر معلم تاريخي يتعلق بذاكرة المنطقة
في مقاومـة الإحتلال والذي مازال مجهولا من طرف السلطات الرسمية لحد الآن ، ويتعلق الأمر بمغارة الكسكاس التي هي عبارة عن خندق أرضي إتخذه المجاهدون كمـأوى لهم إبان الإحتلال، وقــام جيش الإحتلال بتدميره بمن فيه بواسطة قنابل النابالم ، حيث لم يتم لحد الآن إستخراج الكثير من جثث الشهداء الذين قضو نحبهم في تلك المغارة...

وقبيلة الشعيبي توجد منها في اليمن واصولهم يرجع الي الحسينين والمتواجدون في اليمن يرجع اصولهم الي قحطان, كما يقال وفي الاصل هم من المشايخ والاعيان ورجال الدين وتوجد في محافظة إب المعروفه ببلاد الشعيبي وفي بعدان واغلبيتهم من القضاة كما يتواجدون في محافظة الضالع مديرية الشعيب ومن أعلامها الاستاذ الدكتوريحيي محمد الشعيبي والذي يشغل منصب وزير الدوله أمين العاصمه والشيخ حسن بن علي عبده مصلح سعيد الشعيبي احد مشايخ بعدانوالشيخ عبداللطيف الشعيبي والشيخ امين الشعيبي والاستاذ الدكتور محمد سعيد الشعيبي عميد شؤن جامعة تعزوالمؤلف محمد الشعييبي وغيرهم كما يتواجدون في صعده والجوف وذمار في الحداء ويرجع اصلهم علي انهم بطن من بطون حمير سكنوا في الشام وهاجروا الي مصر والمغرب منهم فارع مصلح سعيد الشعيبي وايضا سكنوا في السعوديه في القصيم ومكه وخرجوا الي مناطق في الجزيرة العربيه وسلالتهم ممتده...
والشعيب : مركز إداري من مديرية وصاب السافل وأعمال ذمار. وحصن الشُعيب: بالجانب القبلي من وادي دوعن شمالي الخريبة. وآل شُعيب : من أهالي شبام حضرموت. منهم الشيخ أبو بكر بن شعيب صاحب التصنيف المشهور في الفقهه, وله شرح على المنهاج. وكان أقام بمكة ولعله توفي بالحرمين. وليس لهم اتصال بآل شُعيب المسفلة , فجد أهل المسفلة, الشيخ العارف محمد بن علي بن سعيد شعيب الخطيب ,انتقل من تريم وهم مشهورون بآل شعيب الخطيب ,ومنهم بنو عقيل بالريدة. ومن آل شعيب المسفلة : بنو عيسى. وجبل شعيب : هو جبل حضور في غربي صنعاء وفي قمته قبر يُذكر أنه قبر النبي شعيب بن مهدم من ولد حِمير بن سبأ, وهو غير النبي شُعيب صاحب موسى , وإليه يُنسب المؤرخ والباحث الأستاذ محمد الشعيبي.
وآل شعيب :من قبائل حَجُور اليمن. وبلاد الشُعيبي :من مديرية السَبرة وأعمال إب . إليها يُنسب المشائخ آل الشعيبي , منهم الشيخ محمد عبد القوي الشعيبي شيخ السَبرَة في القرن الرابع عشر الهجري. الشَعيَبهْ :بفتحتين فسكون . من وديان غَيل بن يُمَيْن في بلاد الشحر من ساحل حضرموت.
ينتسب السّادة الأشراف آل شعيب في الجزيرة العربيّة إلى سلالة السّيّد شعيب بن ناصر بن صالح بن زيد بن علي بن محمّد بن قاسم بن أحمد إبن الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة بن سليمان بن حمزة بن علي إبن الإمام حمزة بن أبي هاشم (النّفس الزّكيّة) الحسن بن عبد الرّحمن بن يحي بن عبدالله بن الحسين إبن الإمام القاسم الرّسّي رضي الله عنه...
وفي لبنان هو إسم أسرة مشترك بين المسلمين والمسيحيين, يتوزّعون على العديد من القرى والبلدات, في جبل عامل بالجنوب اللبناني بالشّرقيّة وبرج رحّال وكفرصير. وفي بلاد بعلبك وشمالها بوادي فعرة والهرمل وبعلبك والجديدة ورأس بعلبك. وفي زحلة وكرك نوح في البقاع الأوسط. وفي جبل لبنان ببياقوت والقماطيّة ودير القمر. وفي بيروت وضاحية بيروت الجنوبيّة بصحراء الشّويفات وحيّ السّلّم بمدينة الكرامة. وأنحاء أخرى من البلاد.
هذا وتضمّ أسرة آل شعيب في بلاد بعلبك عائلات أخرى, تحمل صفاتا وألقابا وسماتا حازتها تاريخيا لحوادث جغرافيّة وإجتماعيّة بارزة ومتداولة كمرويات شعبية, تتطلّب البحث والتّمحيص والتنقيح والتّوثيق, وهي تشكّل فيما بينها عائلة واحدة متكاملة ومتضامنة, تعود لأرومة واحدة وجدّ واحد حسب المرويات عند بعض كبار السّنّ... هذا وتكنّى بعض الأسر ومنها أسرة آل شعيب وفروعها في بلاد بعلبك, بالعوائل الإبراهيميّة الّتي يتفرّع منها العديد من أسر وعائلات أخرى في بلاد بعلبك... أبرزها آل حيدر وآل المنذر وآل الأشهب وآل بدرا وآل خير الدّين وآل الحاج يونس وغيرهم...
المسلمون الشّيعة من آل شعيب في بلدة الشّرقيّة التّابعة للنّبطيّة في جبل عامل, وأقرباءهم وصلات أرحامهم في بلدة وادي فعرة في البقاع الشّمالي الغربي, هم أخوة وأبناء عمّ وأقرباء من سلالة أعيان بني شعيب, الّذين كانوا يقيمون ويحكمون في "عرقة" التّاريخيّة, أو محلّة "علاّقة" القريبة من مدينة طرابلس, ويتحدّر منهم محمد آغا آل شعيب الّذي تولّى طرابلس سنة 1523 للميلاد. من أوّل من عُيِّن والياً على طرابلس في بدايات زمن الدولة العثمانية وهو "مصطفى بك إبن اسكندر باشا الخنجرلي". وإن السّلطان سليم الأوّل قبل ان يتوجه الى مصر, عهد ببلاد طرابلس الى مصطفى بك ابن اسكندر باشا. في زمن البدليسي, وهو كاتب، وقاضٍ عالم، يُدعَى "أبو الفضل محمد بن إدريس البدليسي الكردي". وأن البدليسي كان محرراً أي كاتباً ومنظّماً للضريبة المالية، وقاضياً بطرابلس وغيرها، وهو من برّأ إعتداء العسافيين والسّيفيين من فعلتهم وظلمهم بقتلهم زورا وعدوانا محمّد آغا آل شعيب وإبنه بجامع طيلان أمام قاضي المدينة البدليسي. وكان محمّد آغا آل شعيب يقوم بتأجير النّواحي في جبل لبنان, كسروان وجبيل وغزير وغيرها للمقاطعجيّة في ذلك العصر ومنهم آل عسّاف التّركمانيين وآل سيفا الأكراد...

فيما يذهب البعض من المؤرّخين إلى أنّ آل شعيب, هم مصريّون جاؤوا من مدينة بور سعيد إلى فلسطين فلبنان. وعلى الأرجح وإستنادا لبعض الوثائق التّاريخيّة المتوفرة لنا, أنّ آل شعيب هم من الأشراف ومن الأسر الفاطميّة الّتي نزحت مع من نزحوا من شمالي مصر تحت ضغط سلطة المماليك وجورهم عليهم, ولجؤوا إلى ثغور لبنان وجباله, وسكنوا جبّة المنيطرة وكسروان وجبيل في الصّوانة وعين سنديانة ومشّان والمغيري, ومنها تمدّدوا شمالا وأنتقلوا إلى عرقة أو علاّقة شمالي شرقي طرابلس وأقاموا بها وحكموها وسهول طرابلس... ويستدلّ على ذلك, رجوعهم إلى هذه الأمكنة بعد قتل رائدهم محمّد آغا آل شعيب على يد العسّافيين وآل سيفا بجامع طينال بحضور وموافقة قاضي مدينة طرابلس "البدليسي" الّذي تآمر عليهم مع آل عسّاف وآل سيفا وآل حبيش... ومن قرى أعالي جبيل وكسروان الّتي لجؤوا إليها بعد حادثة طرابلس توزّعوا في أنحاء لبنان, فمنهم من قصد الجنوب اللبناني ونزلوا في ضيافة آل الصّغير الّذين صاهروهم وإقطتعوهم بلدة لهم تسمّى الشّرقيّة. ومنهم من قصد جبال لبنان الشّرقيّة وأقاموا خفية في حصن بقدّانا بين بريتال وحام, وهناك محلّة تسمّى بــ "الشعيّبة" نسبة لهم, ومن حصن بقدّانا نزحوا إلى البقاع الشّمالي الغربي ونزلوا بضيافة حلفائهم آل حمادة في الهرمل ثمّ في ضيافة آل الحرفوش حكّام بلاد بعلبك, الّذين يقيمون في نبحا القدّام, والّذين أحسنوا وفادتهم وأكرموهم وصاهرهم الحرافشة, وإقتطعوا لهم وادي فعرة ليقيموا بها, ومنها توزّعوا في القرى والبلدات المجاورة...
برز من آل شعيب في الجنوب اللبناني, العديد في مجالات عدّة, ومنهم على سبيل المثال لا الحصر: العلاّمة محمّد كامل شعيب (1897 – 1980 ) والمؤرّخ الدّكتور علي شعيب, الأستاذ في الجامعة اللبنانيّة, وسامي شعيب المدير العام لوزارة الدّاخليّة سابقا, والشّاعر الزّجّال زين شعيب, والدّكتور وهبة شعيب... وبرز منهم في بلاد بعلبك على سبيل المثال أيضا لا الحصر: علي محمّد شعيب, رئيس جهاز أمن مطار بيروت سابقا, وجميل شحادة شعيب كوجه إجتماعي مميّز في بلاد بعلبك الشّمالي, والمرّبي الأستاذ محمّد عبّاس شعيب, ونعمة رياض شعيب رئيس بلدية وادي فعرة, وكان منهم أوّل شهيد بتلّة برغز الجنوبيّة سنة 1979 للميلاد وهو علي حسين شعيب.
المسيحيّون من آل شعيب, يذهب بعض المؤرّخين إلى أنّهم في رأس بعلبك فرع من أسرة شاهين, نشأ من قدمائهم القسّ روفايل الّذي كان رئيسا لبعض الأديار ومدبّرا, وقدم منهم نفر إلى زحلة, ومنهم المحامي يوسف بن موسى شعيب, ونفر ذهب إلى القماطيّة عرف منهم عادل شعيب, ونفر نزح إلى دير القمر, ومنهم سليم شعيب, الّذي كان مديرا ماليا لزحلة في زمن العثمانيين, وملحم ابراهيم شعيب مسجّل الصّكوك في محكمة المتن, والدّكتور جان شعيب طبيب أسنان في دير القمر, وإسبيريدون شعيب الّذي أنشأ أوّل مسرح عمومي في الحديقة الحميدية بساحة البرج لتمثيل الرّوايات.
هذا, وأسرة آل شعيب هي من الأسر اللبنانيّة القديمة والعريقة, كان مقرّها الأساسي في البترون وجبيل, وفي سنة 1573 للميلاد جرت حادثة بينها وبين أمراء آل سيفا التّركمان, أدّت إلى قتل والي طرابلس, وهو كبير هذه الأسرة مع نفر من أبناء الأسرة, ومن ذاك العهد تشتت الأسرة المذكورة في أطراف لبنان, وهي الأسرة المعروفة بإسم شعيب من المسلمين الشّيعة, وأغلب الأبحاث التّاريخيّة والوثائق المتوفّرة, تذهب بالفكر التّحليلي إلى أنّ الظّنّ, بأنّ الأسرة بمسيحييها ومسلميها هي من أرومة واحدة وتعود لجدّ واحد...
قبسات تاريخيّة تتعلّق بحكم آل شعيب في القرن السّادس عشر الميلادي في طرابلس لبنان.
بعد معركة مرج دابق سنة 1516 للميلاد, وفوز السّلطان سليم الأوّل بالمعركة والفتح وإنتصاره على الآخرين, ثبّت السّلطان سليم الأسر الّتي قدّمت له الطّاعة في أماكنها, فأبقى أمراء البلاد على حكمها, وحافظ على أمراء آل سيفا في جبال عكّار, في حين بقيت مدن وقرى السّهل خاضعة لسيطرة آل شعيب, المتمركزين في عرقا, والّذين عرفوا آنذاك بأصحاب عرقا, وليس عكّار, وكان منهم محمّد آغا آل شعيب, وهو رجل من أعيان وحكّام عرقا, والّذي ضمن طرابلس من ملتزميها ووُلّي عليها من قبل مصطفى بك إبن اسكندر باشا الخنجرلي, الّذي ولاّه السّلطان سليم سنة 1516 للميلاد على طرابلس. فإستناب عنه محمّد آغا آل شعيب, عام 1523 للميلاد, وهو أحد أعيان عرقا, وكان يلتفّ حوله ويؤازره عصبة من قومه. وكان ذلك في زمن قاضي مدينة طرابلس إبن إدريس البدليسي.

بعدما تولّى محمّد آغا آل شعيب طرابلس, وإلتزمها من من قبل مصطفى بك إبن اسكندر باشا الخنجرلي, في زمن قاضي مدينة طرابلس إبن إدريس البدليسي, ولأسباب سالفة, أضمر الحقد والشّرّ لبني سيفا خصومه, ولا سيّما بعد أن إزداد قوّة وصولة, فأخذ رجاله ومحازبوه يسيئون معاملة رجال محمّد باشا سيفا ومعاونيه, ومن هم من غرضه, إمّا ظلما وإزلالا, وإمّا إنتقاما وتشفّيا, فوقعت الفتنة بين الطّرفين. حيث رضخ آل سيفا على مضض في باديء الأمر, وكان لا بدّ أن ينتهي الأمر, بين أسرتين متنفّذتين إلى التّنافر والتّقاتل. ولمّا تمادى بنو شعيب في التّعدّيات على السّيفيين نفذ صبرهم. وأعلنوا الحرب عليهم في العام 1928 للميلاد.

وهكذا في العام 1528 للميلاد وقعت النّفرة بين بني شعيب من عرقا وبين آل سيفا أمراء التّركمان في عكّار, وإتّصلوا إلى الصّدامات فيما بينهم, ونشب قتال بين آل شعيب حكّام عرقا وطرابلس وأمراء بني سيفا حكّام عكّار, نتيجة تضارب مصالحهما الإقطاعيّة, ولكن إستحال الظّفر ببني شعيب لكثرتهم, فإضطّرّ السّيفيون للهرب من وجه بني شعيب, وإرتحل بنو سيفا من بلاد عكّار إلى الباروك, وإستجاروا بالأمير فخر الدّين الأوّل, حاكم الشّوف, ولجؤوا إلى حمى الأمير قرقماز بن معن, ولم يكن ليستجب لهم, إلاّ بإغراء من الأمير منصور العسّافي التّركماني, وأخذ الأمير منصور العسّافي التّركماني, يناصر بني سيفا, وأرسل معهم ثلاث مئة رجل مسلّح, فكبسوا بني شعيب في مركزهم بعرقا, وقتلوا البعض من رجالهم, ففرّ أكثرهم ومّمن تبقّى منهم إلى طرابلس, وتولّى آل سيفا بلاد عكّار.

بقي محمّد باشا آل شعيب في طرابلس, وقد ملأ الحقد نفسه, فحنق محمّد آغا آل شعيب حاكم طرابلس على الأمير منصور عسّاف التّركماني, إذ كان يحكم كسروان وجبيل وغيرها بأمر منه. فلم يجد أفضل من أن يرسل ويطالبه بالمال المستحقّ عليه إنتقاما وتشفّيا. وإدّعى عليه بمال, فعمد حينئذ وأرسل إليه الأمير منصور العسّافي, عبد المنعم يرافقه الشّيخان سليمان ويوسف حبيش ومعاونيه وبصحبتهم نحو من خمس مئة رجل, لمحاسبته, كمنوا عند حارة الحصارنة بطرابلس. وطلب معتمدوا الأمير إجراء المحاسبة على المال المطلوب, وإجتمعوا بحضرة قاضي المدينة في ذلك الزّمن, إبن إدريس البدليسي. مع محمّد آغا شعيب في جامع طيلان.

فلمّا دخل عبد المنعم الجامع ومعه أولاد حبيش, وثب عبد المنعم وإبنا حبيش على محمّد آغا آل شعيب فقتلوه, وكان إبنه معه, فألحقوه به. وأصلحوا أمورهم مع قاضي مدينة طرابلس إبن إدريس البدليسي. القاضي (المرتشي), فأفتى بأنّهم أبرياء وهم قتلة, وسلّمهم تقريرا بأنّهم أبرياء من قتل محمّد آغا آل شعيب وولده (المغدورين ظلما وعدوانا)...

ومع مقتل محمّد آغا آل شعيب, تلاشت سلطة بني شعيب في الشّمال, وإنتهى حكم بني شعيب لطرابلس وعرقا بزوال قوّة بني شعيب ورحيلهم من طرابلس, فإمتدّت إمارة بني سيفا إلى السّهل, وباتوا أمراء السّهل والجبل دون منازع...

كان العثمانيون يتدخّلون في شؤون الفئات الإقطاعيّة جميعا, ويثيرون الخلافات بين رؤسائها, ليتاح لهم التّدخّل بينها, والإفادة من التّناقضات الّتي تظهر لتنفيذ مآربهم, وإحكام سيطرتهم على المتنازعين كما على أرضهم. وهذه هي إحدى الثّوابت السّياسيّة الدّهائيّة, الّتي إعتمدها العثمانيون في بلادنا, فكانوا أن غرسوا بذور التّحاسد والطّائفيّة والتّعصّب, وكل ما يتسبّب في النّزاع والتّقاتل فيما بين أبناء الأسرة الواحدة...

جامع طينال, يقع هذا المسجد بظاهر مدينة طرابلس, بالقرب من باب طينال, ذكره إبن بطّوطة في رحلته إلى طرابلس, وهو من أهمّ جوامع طرابلس وأروعها. كان كنيسة صليبيّة, وعندما إستولى السّلطان قلاوون على المدينة حوّلها إلى مسجد في العام 736 للهجرة, وتاريخه منقوش على بابه الخارجي. بينما ذكر البعض من المؤرّخين أنّ الأمير سيف الدّين طينال نائب طرابلس هو من شاده في العام 1359 للميلاد.

محمّد بن شعيب, هو من أعيان مدينة عرقا أو علاّقة, الواقعة شمالي شرقي مدينة طرابلس, وقد إندثرت اليوم. إستأجر ولاية طرابلس من نوّاب الدّولة العثمانيّة, وراح يُلزّم توابعها للأمير منصور عسّاف التّركماني حاكم غزير.

الخنجرلي, هو أوّل من عُيِّن والياً على طرابلس في الدولة العثمانية وهو "مصطفى بك إبن اسكندر باشا الخنجرلي". وإن السلطان سليم الأوّل قبل ان يتوجه الى مصر عهد ببلاد طرابلس الى مصطفى بك ابن اسكندر باشا.

البدليسي, هو كاتب، وقاضٍ عالم، يُدعَى "أبو الفضل محمد بن إدريس البدليسي الكردي". وأن البدليسي كان محرراً أي كاتباً ومنظّماً للضريبة المالية، وقاضياً بطرابلس وغيرها، وليس والياً.

مرج دابق, هو اسم معركة قامت في 8 آب 1516 للميلاد بين العثمانيين والمماليك قرب حلب في سوريا، قاد العثمانيين السلطان سليم الأول, وقاد المماليك قانصوه الغوري. وتمزق جيش المماليك بسبب الخلافات الداخلية.
السّلطان سليم الأوّل, هو تاسع سلاطين الدولة العثمانية وخليفة المسلمين الرابع والسبعون، وأوّل من حمل لقب "أمير المؤمنين" من آل عثمان. حكم الدولة العثمانية من سنة 1512 حتى سنة 1520. يُلقب "بالقاطع" أو "الشجاع" عند الأتراك نظرًا لشجاعته وتصميمه في ساحة المعركة، ويُعرف بالغرب بأسماء سلبية، فعند الإنگليز مثلا سمي "سليم العابس", نظرًا لما يقوله بعض المؤرخين بأنه كان دائمًا متجهم الوجه. وعند الفرنسيين عرف باسم سليم الرهيب.
وصل سليم إلى تخت السلطنة بعد انقلاب قام به على والده، "بايزيد الثاني"، بدعم من الإنكشارية وخاقان القرم، ونجح بمؤازرتهم بمطاردة إخوته وأبنائهم والقضاء عليهم الواحد تلو الآخر، حتى لم يبق له منازع في الحكم. وفي عهده ظهرت السلالة الصفوية الشيعية في إيران وأذربيجان، ونشبت بينها وبين العثمانيين حرب ضروس انتصر فيها السلطان سليم، ومن ثمّ حوّل أنظاره نحو السلطنة المملوكية فغزا أراضيها وقضى عليها نهائيًا بعد أن استمرت 267 سنة.
يتميز عهد السلطان سليم الأول عما سبقه من العهود بأن الفتوحات تحولّت في أيامه من الغرب الأوروبي إلى الشرق العربي، حيث اتسعت رقعة الدولة اتساعًا كبيرًا لشملها بلاد الشام والعراق والحجاز وتهامة ومصر، حتى بلغت مساحة أراضيها حوالي مليار فدّان يوم وفاته. وكان من نتيجة فتوحات السلطان سليم أن ازدهرت الدولة العثمانية في أيام خليفته، "سليمان الأوّل"، بعد أن أصبحت إحدى أهم دروب التجارة البريّة: طريق الحرير ودرب التوابل، تمر في أراضي الدولة، ولاكتسابها عدد من المرافئ المهمة في شرق البحر المتوسط والبحر الأحمر.

طرابلس كانت سنة 1523 للميلاد بيد النّوّاب للدّولة العثمانيّة وفي غياب الدّولة كان يُضمّنها محمّد آغا آل شعيب من أهالي وحكّام عرقا, ومن تحت يده, كان يُضمّن بلاد جبيل والبترون وجبّة بشرّي والكورة والزّاوية والضّنّيّة للأمير منصور عسّاف التّركماني, الّذي إستقدم الشّيخ يوسف حبيش وأخاه الشّيخ سليمان حبيش. وأعطى بلاد جبيل للشّيخ هاشم العجمي, وبنى لإبن عمّه عبد المنعم بن سيفا برجا كبيرا في غزير وجعله دهقانا على أملاكه.

وكانت عكّار في بداية العهد العثماني مقسّمة إلى إقطاعين كبيرين بين آل شعيب في السّهل وآل سيفا في الجبل, وقد نتج عن هذا التّقسيم تنازع دائم بين هاتين العائلتين, عندما سعت كلّ واحدة منها إلى توسيع رقعة إقطاعها على حساب الأخرى, فلجأت إلى تقوية نفسها وتدعيم قوّتها, بعقد تحالفات مع عائلات إقطاعيّة أخرى مجاورة لها. فتحالف بنو سيفا مع بني عسّاف في جبيل وكسروان والأمير قرقماز في الشّوف, حتّى تمكّنوا, مجتمعين, من طرد بني شعيب من عكّار, وإقتسام مقاطعتهم من بعدهم, فأخذ بنو سيفا سهل عكّار, وآلت طرابلس إلى بني عسّاف.
من المرجح أن العرب دخلوا عرقة مع فتح مدينة طرابلس سنة 635م على يد سفيان بن مجيب الأزدري. وحوالى سنة 1070 م, استقل حكام طرابلس, بنو عمّار, عن سلطة الفاطميين في مصر, باسطين نفوذهم من مدينة جبيل جنوباً حتى مدينة طرطوس شمالاً بما في ذلك كامل منطقة عكّار. وفي هذه الفترة ستكون عرقة جزءاً من التحصينات الشمالية لمدينة طرابلس. وهي قد بقيت قلعة حصينة قيل فيها أنها: “مميزة بموقعها, وجدرانها وأبراجها العالية”.
سنة 1099 وصلت الجيوش الصليبية الى الساحل اللبناني. وقام الكونت ريمون دو سان جيل بعد إحتلاله لحصن الأكراد بحصار فاشل لمدينة عرقة. ولم يحتل الصليبيون المدينة إلا سنة 1108 وهي كانت حينها تحت حكم أتابكة دمشق. وهم كلّفوا إحدى رهبانيات الفرسان بالإعتناء بقلعتها. ويذكر حصول عدد من الزلازل على الساحل اللبناني حوالى سنة 1170, أدى الى خراب ودمار عرقة مرتين.
وبقيت عرقة من أعمال كونتية طرابلس الصليبية من سنة 1108 وحتى سنة 1267 تاريخ إحتلالها من قبل المماليك على يد السلطان بيبرس. والأدلة الأثرية العائدة لنهاية الحقبة الصليبية المملوكة في عرقة, أظهرت تدميراً وهدماً منظمين, مع فقدان كامل لحجارة الأبنية والجدران. ويعتبر ذلك دليلاً حسياً على ما قام به المماليك من تحويل كامل مدينة عرقة الى مقلع للحجارة ومصدر للمواد الأولية.
بعد هذا الدمار, دخلت مدينة عرقة عالم النسيان, الذي بقي يلفّها حتى وصول علماء الآثار لينفضوا الغبار عن تاريخ المدينة المجيد.
ومع بدايات القرن الخامس عشر سكن آل شعيب عرقة المسمّاة علاّقة, وأقموا فيها وأعمروها لفترة زمنية انتهت برحيلهم عنها... في أواسط القرن السّادس عشر...

المراجع: تاريخ حمص لمنير عيسى أسعد. دواني القطوف لعيسى إسكندر المعلوف. القاموس العام لحنّا أبي راشد. تريخ الأزمنة للبطريرك أسطفان الدّويهي. تاريخ الأمير فخر الدّين المعني الثّاني لعيسى إسكندر المعلوف. تاريخ سوريا الدّيني والدّنيوي للمطران يوسف الدّبس. تاريخ طرابلس لعمر التّدمري. تاريخ عكّار الإداري والإجتماعي والإقتصادي لفاروق حبلص. تراجم علماء طرابلس وأدبائها لعبدالله حبيب نوفل. تاريخ المقاطعة الكسروانيّة للخوري منصور حتوني. طرابلس في التأريخ لمحمّد كامل البابا. لبنان في عهد الأمير فخر الدّين المعني الثّاني لأحمد الصّفدي الخالدي. المقاطعة الكسرواني للأب منصور حتوني. أخبار الأعيان في جبل لبنان. طنّوس الشّدياق. تاريخ سوريا للمطران يوسف الدّبس. مجلّة الباحث. الغرر الحسان للشّدياق. تاريخ الطّائفة المارونيّة للدّويهي. تاريخ التواريخ، لمصطفى نوري باشا، ويُسمَّى: تاريخ الوقوعات- نشْر نشأت صاغاتي- بأنقرة. دراسات في تاريخ العرب في العهد العثماني للباحث فاضل بيّات العراقي. تاريخ طرابلس الشام من أقدم أزمانها الى هذه الأيام، لحكمت بك شريف. تاريخ طرابلس الاقتصادي في النصف الأول من القرن التاسع عشر, الدكتور يوسف إسبر البيطار. تاريخ الأمير فخر الدين المعني الثاني, الباحث والمؤرخ المعروف عيسى اسكندر المعلوف. أخبار طرابلس شام منذ الفتح (العثماني) الى ظهور مصطفى آغا بربر", نوفل نعمة الله نوفل. الكتب التّاريخيّة لكل من: عيسى اسكندر المعلوف، وجرجي يني، والدكتور أسد رستم، والأب أغناطيوس الخوري، والسفير الدكتور عادل اسماعيل، وسميح الزين، ومارون عيسى الخوري، والدكتور يوسف إسبر بيطار، وميشال أبي فاضل، والدكتور جان نخول، وغيرهم.