أذكر انني ودعت (أويا)* في صبيحة ذلك اليوم،من شتاء عام 2006،بعد أن أفرغت فنجان قهوتي بجوفي،تاركآ ورائي صديقتي،التي كانت جهزت سلة صغيرة،مكتظة بثمار البرتقال،وركنتها بيدين مرتعشتين،إلى قعر صندوق السيارة.وبعينين مغرورقتين،يفيض منهما شوقآ نقيآ،أسكنني الهناءة،رغم الحزن الذي غلف مقلتيها،وكأنها تعلم أننا ربما،لن نلتقي ثانية. وبنبرة مبحوحة،أنطقت:- أتعدني؟
قلت:بم!؟
-أن تأكل البرتقال.
-أعدك-بإذنه تعالى-أن أفعل،وأن أحتفظ بقشوره في حقيبة ملابسي،كي تتطيب برائحته الزكية. واليوم،وبينما كنت أنقب عن بقايا ذلك الحلم،بين طيات الذاكرة،إنقبضت عضلة قلبي.سقطت أنفاسي.قذفت بتنهيدة هائلة،إلى حفرة حسراتي،إذ صحوت على ركام مدينة،حولتها أشباح الموت،إلى أطلال موحشة.لوث البارود سمائها.جرفت آلة الدمار أبنيتها،أحرقت نار الحرب اللعينة،أشجار الزيتون، والبرتقال،ولونت ثمارها بدماء أناس،لا ذنب لهم، سوى أنهم إمتهنوا الحب،في زمن،يبدو ان كل شيء فيه مباح ،إلا الحياة!!




* أويا-الإسم الفينيقي لطرابلس الغرب.




2014.8.5